استقبال
شهر رمضان
الأحد، 12 أكتوبر 2014
استقبال شهر رمضان
رمضان شهر دواء النفوس والأرواح ، شهر
تربية الضمائر والتزود بالتقوى ، التي أخبر الله بأنها خير زاد فقال تعالى :{وتزودوا
فإن خير الزاد التقوى}البقرة 117 .
شهر نور وضياء وبركة ، شهر أمن وإيمان ومغفرة ورضوان ، شهر هداية ورشاد وانفاق وعطاء
وبرٍّ وإحسان ، شهر طاعةٍ وعبادة وصلوات وتسبيح ، شهر قيام وصيام واستغفار ودعاء
ورجاء ، شهر تراحم وتعاطف ، وتزاور وتآلف ، شهر الصبر والجهاد ، وقراءة القرآن
والتوبة والغفران ، إنه ربيع المؤمنين ، ومرتع الصالحين ، فمرحباً برمضان ضيفاً
كريماً على المسلمين ، إنه أكرم الشهور ، لأنه نزل فيه القرآن قال تعالى :{شهر
رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدىً للناس وبيناتٍ من الهدى والفرقان}البقرة 185 ألا ليت المسلمين يستقبلونه كما يجب ، أو
يعاملونه كما ينبغي ، ليتهم يعلمون أن الله يتجلى فيه على عباده بفضله وكرمه فيعملوا
الصالحات ويتوبوا عن المنكرات .
إنه شهر تبنى فيه الضمائر ، وتربى فيه
العزائم .
ألا ليت المسلمين ، يرجعون فيه عن غيهم وضلالهم
، ويبتعدون عن كل منكر وقبيح وليت العصاة
فيه ، يطرقون باب التوبة والإنابة ويسألون
الله الصفح والغفران ، ويتحببون إليه بالطاعة والعبادة ، ويتوددون إليه بكل برٍّ
وإحسان ، ويتفانون في طلب رحمته ورضاه
ليتهم يُحيون فيه ما مات من كتاب الله وسنة نبيه ويتذكرون ما نسوه من دينه وشريعته .
ها نحن بانتظار شهر رمضان ، شهر البركات وتكفير
السيئات ، الشقي من حُرم فيه رحمة الله عن
سلمان الفارسي قال " خطبنا رسول الله (ص) في آخر يوم من شعبان ، وأول يوم من
رمضان فقال: ( أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم مبارك ، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر
جعل الله صيام نهاره فريضة ، وقيام ليله تطوعاً من تقرَّب فيه بخصلةٍ من الخير ،
كان كمن أدى فريضة في غيره ، ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه
، وهو شهر الصبر والصبر ثوابه الجنة ، و شهر المواساة وشهر يزاد في رزق المؤمن فيه ، من فطر فيه
صائماً كان ذلك كفارة لذنوبه ، وعتقاً لرقبته من النار ، وكان له مثل أجره من غير
أن ينقص من أجره شيئا ، فقالوا يا رسول الله ؟ ليس كلنا يجد ما يفطر به الصائم ،
فقال عليه السلام يعطي الله هذا الأجر ، من فطر صائماً على تمرة أو شربة ماء أو
مزقة لبن ، وهو شهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة ، وآخره عتق من النار ، من خفف عن
مملوكه فيه ، كان كفارة لذنوبه فاستكثروا
فيه من أربع خصال : خصلتين ترضون بهما ربكم ، وخصلتين لا غناء بكم عنهما : فأما
الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم فشهادة
أن لا إله إلا الله وتستغفرونه ، وأما الخصلتان اللتان لا غناء بكم عنهما فتسألون
الله الجنة ، وتستعيذون من النار ، ومن سقى فيه صائماً شربة ماء ، سقاه الله من
حوضي شربة لا يظمأ بعدها حتى يدخل الجنة" رواه ابن خزيمة في صحيحه .
ها هو رمضان يهل علينا بأجوائه العبقة
بالإيمان ففيه عبادة نحن في مسيس الحاجة
إليها لتستريح فيها ضمائرنا ، ولتطمئن نفوسنا ولنقبل على تلاوة القرآن ، ونعطي
التلاوة حقها ، فقد كان النبي (ص) يكثر من تلاوة القرآن في رمضان قال تعالى:{الذين
آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوة أولئك يؤمنون به}البقرة 121 . فكأن من لم يعط
القرآن حقه في الأداء ، لا يتمكن الإيمان وحلاوة القرآن من قلبه ، ويؤكد النبي (ص)
حقيقة إعطاء القرآن حقه في الأداء بقوله : (لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث) رواه أبو داود .
أما كيف نعيش مع القرآن ونعطه حقه ليعطينا
حلاوته ؟ فذلك يكون بمراعاة أمورٍ منها
التعرف على معانيه وما يريده الله من عباده . قال تعالى :{أفلا يتدبرون
القرآن أم على قلوب أقفالها}محمد24 وعلينا أن نقبل في شهر رمضان على الاستماع إلى
المواعظ ، لأن النفوس إذا ما أصابتها القسوة والغفلة ، وابتعدت القلوب عن الله ،
وتعلقت بالدنيا وما فيها ، واقترفت الذنوب والمعاصي فإنها بحاجة إلى التذكير والوعظ ، وقد كان
النبي (ص) يهتم بالموعظة ، وكان كثيراً ما يذكِّرُ أصحابه ويرقق قلوبهم .عن العرباص
بن سارية قال :" وعظنا رسول الله (ص) موعظة ذرفت منها العيون ، ووجلت منها
القلوب فقلنا يا رسول الله كأنها موعظة مودِّع
فأوصنا " رواه أبو داود والترمذي .
وقد أخبر الله تعالى عن عباده المتقين أنهم
بحاجة إلى تعاهد النفوس ، ورعايتها فقال {والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم
ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ، ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يُصرُّوا على ما
فعلوا وهم يعلمون}آل عمران 135 .
إذا كانت هكذا نفوس المتقين الذين
بلغوا المنازل الرفيعة ، فكيف بمن هم دون ذلك بكثير ؟
كيف بنا اليوم ونحن نعيش عالماً مليئاً
بالفساد والمنكرات ؟ ناهيك عن الاستغراق في فصول المباحات والوقوع في المشتبهات .
وإذا كان الرعيل الأول بتعاهدهم نبيهم
(ص) بالوعظ والتذكير ويتخولهم بها ، فكيف بجيلنا نحن؟. عن أبي جعفر بن علي قال : (
كان رسول الله ( ص ) إذا استهلَّ شهر رمضان استقبله بوجهه ثم يقول : اللهمَّ
أهلَّه علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام ، والعافية المجللة ، ودفاع
الأسقام ، والعون على الصلاة والصيام وتلاوة القرآن ، اللم سلِّمنا لرمضان وسلِّمه
لنا وتسلَّمْه منا ، حتى يخرج رمضانُ وقد
غفرت لنا ورحِمْتَنا وعفوت عنا ) .
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق