قال
تعالى :{زُينَ للناسِ حُبُ الشهواتِ من النساءِ والبنينَ والقناطيرِ المقنطرةِ من الذهب
والفضة} أل عمران14 . النساءُ والبنون شهوةٌ من شهوات النفس الإنسانية ، ذكرها
القرآن ثم قرّرَ قيمتها الحقيقية ، لتبقى في مكانها هذا ، ولا تطغى على غيرها ، قال تعالى :{ذلك متاع
الحياة الدنيا} ..
إلا
أن فريقاً كبيراً من الناس ، أقبلوا على الترف والعمل على تلبية رغباتهم الدنيوية
، ولو على حساب دينهم ، في الوقت الذي تحتاج
فيه الأمة إلى شحذ العزائم ، واستثارة الهمم ، والتذكير بواقع الأمة المؤلم
، وما تلاقيه من الذل والهوان من قبل
الأعداء ، الذين تداعَوا لإلحاقِ الهزيمة بأمتنا وتحقيق مطامعهم ، واحتلال أجزاء من بلاد
المسلمين ، مما جعل الجهاد فرض عين على كل مسلم
في الوقت الذي يُرَوَّجُ فيه للمهرجانات الغنائية ، الخليعة الماجنة ،
وإجراء لقاءاتٍ تافهة، مع نساءٍ شبهِ عارياتِ ،
وذلك يُعْرَضُ في تحدٍ سافر لمشاعر المسلمين ، عَبْرَ شاشات التلفزيون ،
لتزيين حياة اللهو والمجون والعبث ، الأمر الذي يشكل دعايةً مسمومةً
خبيثةً ، لأساليب الحياة الغربية ، إضافةً إلى ما يُعْرَضُ من أفلام ومسلسلات ، بهدف دفع كثير من
شبابنا إلى أحضان الرذيلة ، منساقةً إليها بالقدوة السيئة ، والدعوةِ الملحة ،
لإثارة الغرائز البهيمية ، وجعلها تتحكم في حياة الناس.
إن
هذه المهرجانات والأفلام والتمثيليات تعتبرُ
من حيث الفكرة والأسلوب ، نمطاً من الدعوة لحياة الدول الغربية ، مما يدل
على أن منظمي هذه المهرجانات ، ومنتجي
الأفلام الخليعة الماجنة هم من
الإباحيين ، الذين يسعون لإفساد الأمة
وكذلك المجلات الفاجرة ، التي
تَعْرِضُ مفاتن النساء ومحاسنهنَّ ، بقصد إثارة الغرائز السافلة وتلقين دروس
الغواية ،ِ للغافلين والغافلات من الشباب والشابات , إن امتنا إزاء هذه الأوضاع الفاسدة ، بحاجة إلى ما
يُذْكي فيها روح الجهاد واستعذاب الموت من أجل أهدافها السامية ورفع شأن الأمة ، في الوقت الذي يحاول أعداء
الأمة ، إلهاءها بهذه التوافه ، عن المهمة المطلوبة منها ، بقصد تحطيم المبادئ
الإسلامية ، التي تمنع الاختلاط ،وتُنَفِرُ من الفاحشة والتحلل الخلقي ولن يُخَلِص الأمة من هذا الضياع ، والذل والهوان، والهبوط المسف ، إلا
الإيمان الذي يقف في وجه هذه التحديات ،
ورفع راية الجهاد لاسترداد الحقوق ، والقضاء على أعداء الأمة ومنع كل ما يمس دينها وعقيدتها ، من أفلام وتمثيليات ، وصحافةٍ خليعة ، وكل ما يتنافى مع
القيم والفضائل الأخلاقية ، النابعة من
تعاليم ديننا الحنيف .
إن
دول الكفر لا تحارب أمة الإسلام بالأسلحة الحديثة فقط ، بل تعمد إلى وسائل أخرى
خبيثة كالحرب بالألسنة والأفلام ، أو المؤسسات التي يبدو في ظاهرها البراءة ، وفي
باطنها العذاب الأليم كمراكز التعليم ،
والمخابرات التي تشتري الصحف والضمائر الميتة ، وتربي الرجال الذين تعتمد عليهم في
المهمات القذرة .
ولا
يمكن أن يوقف هذه الدول عند حدها إلا الإسلام ، الذي يتولّى قيادة الشعوب ، إلى شاطئ
السلام والأمان ن وتحريرها من كل أشكال الاستعمار ، وألوانه الخبيثة ومسالكه
الخفية ، التي تكيد للإسلام وأهله .
إن
أُمتنا مدعوةٌ اليوم ، أكثر من أي وقت مضى بعد أن ثبت عجز النظم المعاصرة ، عن حل
مشاكل الإنسانية , إلى أخذ زمام المبادرة وقيادة الإنسانية من أرباب الظلم ،
والانحراف والفساد وقد وعدها الله بذلك ، ولن
يخلف الله وعده قال تعالى: {وعد
الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات
ليستحلفنهم في الأرض كما
استحلف الذين من قبلهم ،
ولَيُمَكِنَنَ لهم دينهم الذي ارتضى لهم ولَيُبدِلَنَّهُمْ من بعد خوفهم أمنا}النور
55 .
إن
أمتنا مكلفةٌ بتحقيق الاستحلاف في الأرض
لأنها أمة الفضائل ، وأمةُ الدعوة إلى الخير ، أمةُ صيانةِ الأخلاق ، و
أمةُ العدلِ والإحسان ، وسيتحقق ذلك إن شاء الله ، وسيبلغُ هذا الدين ما بلغ الليل والنهار .
إن
الجهود والمواعظ الفردية ، التي تسمع من هنا وهناك ، لا تكفي ولا تجدي نفعاً ، إلا
إذا قامت الدولةُ بواجبها في تطبيق منهج الله ، وتربية الأمة على الالتزام بالأوامر
والنواهي ، التي جاءت بها شريعة الله ،
وتطبيق العقوبات الرادعة على المخالفين ، لأن أهمية الدولة تأتي من أنها تمثل
القوة التي لا بديل عنها ، لردع المخالفين
المنحرفين ، وإسناد الحقوق إلى أصحابها ورد المظالم ، وتحقيق الأمن والسعادة
والسلام لبني الإنسان .
إن
الأمة بحاجةٍ إلى دولة ، تخضع فيها النظم والقوانين إلى الشريعة السماوية ،
وأن تكون وظيفتها شاملةً سياسياً واقتصادياً وأخلاقياً وحضارياً ، باعتبارها
ممثلةً لاتجاهات الحياة البشرية ونشاطاتها
لأن الحياة كلٌّ لا يتجزأ وفصل الأجزاء ، يعني زعزعتها ، الأمر الذي
يُلْحِقُ الضرر بالأمة ، كما هو الحال هذه
الأيام . إن أي دعوى تدعوا إلى حصر وظيفة الدولة
بناحيةٍ معينة في الحياة ، تجانب الفطرة والصواب ومن هنا فإن تربية الأجيال
، يحب أن تُبنى على الأسس التي قررها
الإسلام ، وأي دعوى تدعو إلى إبعاد الإسلام ، عن مجالات الحياة المختلفة ترتكب
خطأً جسيماً، بل جريمةً كبرى في حق الأمة ، لأن هذه الدعوى تقف عائقاً أمام
تربية الأمة حسب الشريعة السماوية ، التي استوعبت الحياة
الإنسانية في كلّ المجالات .
إن
القول بترك التمسك الكامل ، بأحكام الإسلام ، يعني أن قسماً كبيراً من المبادئ
الإسلامية سيتعطل عن التطبيق ، حيث لا يجد
المسلم ، الجوَ الذي يستطيعُ فيه تنفيذ أمر الله والتقيد بأحكام شريعته.
وإذا
ما ادَّعى جاهل أو متجاهل ، بأن المشاكل الحضارية قد تعقدت ، بحيث لا يستطيع معها
الإسلام ، أن يقدم حلولاً تتوافق مع روح العصر
إن من يقول ذلك لا يفهم أصول الإسلام ، ولم يكلف نفسه دراسة شريعته ، وسرَّ
خلودها وحتى لم يطلع على الأقل ، على الدراسات الحديثة التي عرضت
الإسلام من مصادره الحقيقية ، فأثبتت فعاليته العظمى ، في إمداد الحضارة بكل خيٍر
وفضيلة وتأمين اتزانها واستقرارها .
لقد
أثبتت الشريعة الإسلامية صلاحيتها ، لتحكم ثلاثة أرباع العالم ،كنظام قانوني شامل
، ولم يكن انحسار مجال تطبيقها ، راجع إلى قصور في أحكامها ، بل إلى أسباب منها ،
ما قام به الغرب من فرض قوانينه ، وإحلالها محل الشريعة الإسلامية .
إن
امتنا بحاجة إلى إصلاح جذري شامل ، ولن
يكون ذلك على أيدي أفراد متحللين متفسخين
بل على أيدي أبطال يتحسسون أمال الأمة ويسترخصون البذل من أجل عزتها ورفعتها
وحسبنا في ذلك قول الله تعالى { إن الله لا يغيرُ ما بقوم حتى يغيروا ما
بأنفسهم ....}الرعد 11.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق