الثلاثاء، 28 أكتوبر 2014

ما الفرق بين الإسلام والمسلمين


إن الإسلام اسم للدين الإسلامي ، أي اسم للقرآن والسنة النبوية ، والمسلمون هم الذين يعتقدون هذا الدين ، ويفعلون ما يؤمرون من الطاعات والصالحات ، ويطبقونه على أنفسهم ويدْعون سواهم إلى العمل به ، وتطبيقه بالحكمة والموعظة الحسنة .
قال تعالى : ) ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين ( . فصلت 33 إن من يتربى التربية الإسلامية ، يكون أقدر على احتمال التبعة ، وأكثر جداً في أخذ الأمور وتصريفها ، لأن له من ضميره عاصماً ، ومن دينه سنداً ، ومن قرآنه هادياً ، قال تعالى : ) إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ( الإسراء 9
إن  الإسلام عقيدة ينبثق منها سلوك المجتمع ويقوم عليها نظام الحياة ، ويحكم علاقات الإنسان في كل الميادين ، ويضع الشرائع التي تنظم هذه العلاقات ، فكان لا يمكن الفصل بين العقيدة والشريعة التي تحكم الحياة لأن الشريعة لا تقوم إلا على أساس العقيدة .
إننا تلاحظ أن علماء المسلمين ومفكريهم يفكرون ويكونون الآراء ، ويطلقون الأحكام وينظرون للأشياء والوقائع والأحداث ، بعيداً عن أحكام الإسلام ، وهذا ما نجح العرب في تحقيقه بدليل رضاء المسلمين بالحلول الوسط ، وأنصاف الحلول ، حتى أن المسلم أصبح يشعر بأنه يعيش في جو فقد مقياس الحلال و الحرام ، لأعماله وتصرفاته ، والذي استبدل بمقياس المنفعة أو المصلحة حتى أصبح المجتمع في بلاد المسلمين لا يسهم بتحقيق القيم التي يحتاجها ، والتي تضمن رفعته وسعادته ، بل اتبع خطى الغرب الذي جعل القيمة المادية هي الأساس . وقد وجد من بين الشباب ، من يستحي من الانتساب إلى الإسلام ، أو يكره أن يُرى وهو يقوم بشيء من شعائره خصوصاُ بين طبقات المثقفين بالثقافة الغربية ، والذين وصلوا إلى درجة الحكم والنفوذ ، وإدارة المناصب العليا .
لقد زلزل الغزو الثقافي ، ثقة فئة كبيرة من الشباب بدينها ، حتى أصحبت مسلمة بالاسم فقط ، إن العقلية التي زرعها الكفار ، هي التي أوصلت الناس إلى هذا الحد ، حتى أن الأمة أصبحت تتبع ذليلة خطى الغرب ، وتسلم له بحل قضاياها ، وتستبعد الإسلام عن مشاكل الحياة وعلاقات المجتمع ووجد في هذه الأمة من يفصلوا بين الدين و الحياة ، وكأنه ليس هناك حساب و لا عقاب .
أنه ليس من طبيعة الإسلام أن يعوق سير الحياة ويسد الطريق على الآخرين بأسباب الوجاهة و الجاه ، ومن الظلم أن يفهم الدين بهذا الفهم بل من الخيانة لدين الله ، أن تكون للإسلام هذه المنزلة في الحياة .
لقد أصيب المسلمون بعلل أفسدت حياتهم أنزلتهم منازل الهوان في دنيا الناس حنى تصور فريق من الناس ، بأن الدين هو السبب فيما وصلنا إليه من تأخير ، ونظروا للدين المحال تغيير الحال ، إلا برد الاعتبار في كل شئون الحياة .
هذا هو الحال المخدوعين بالغرب وحضارته ، فما هو حال بعض الفئات الإسلامية الأخرى ؟ إننا تجدهم وكما أشرت أكثر من مرةٍ ، يركزون اهتمامهم على الأحكام المتعلقة بالفرد ، كالصلاة والصوم والزكاة والوضوء ، والصفات الأخلاقية والسنن والمندوبات ، وغيبوا أحكام نظام الحكم و النظام الاقتصادي والاجتماعي والتعليم وأحكام السياسة الخارجية ، والتفاصيل المتعلقة بذلك كله ، وكما نرى الكثيرين يركزون على اللحية وحكمها والدخان والطهارة وآداب الأكل ، ودخول المساجد ، وآداب دخول الخلاء وما يقال عن لبس الثياب الجديدة وعند النوم حتى أنهم لم يتركوا شيئاً متعلقاً بالفرد ، إلا فصلوه ودققوا فيه ، او بحثوا كل جوانبه ، وأهملوا الأحكام المتعلقة بأنظمة المجتمع ، وفروض الكفاية المطلوبة من الأمة .
إن العقلية التي غرسها الكفار ، منذ أن احتلوا بلاد المسلمين ، جعلت مفهوم المنفعة ، من المفاهيم التي جعلت الأنانية وحب الذات وهي الطاغية في المجتمع ، مما قضى على الروح الجماعية التي أرادها الإسلام ، وعبرت عنها النصوص الشرعية . كقول رسول الله r : ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) . وقوله : ( من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم ) .
كما جعلت المسلمين ، يقصرون حياتهم على الركض وراء حياة يقذف لهم فيها بالفضلات مما فاض على موائد المترفين والمسرفين ، بل وصل الحد بالبعض ، إلى تقديم الروابط المنحطة من رابطة قبلية أو عائلية أو وطنية أو مصلحيه ، على رابطة المبدأ وما تتطلبه الآية القرآنية : ) قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين ( . التوبة 24
إن الأمة الإسلامية ، أمة مبدأ يحمل في باطنه السعادة للبشرية ، والهناء والاستقرار ، وهي مكلفة بإيصال هذا المبدأ إلى الناس ، والعمل على تحرير البشرية من عبودية العباد إلى عبودية الله وعلى تنظيم حياة البشر بالعدل ، وما يحقق لهم الخير ، ويجنبهم ويلات الفتن والحروب . إن الأمة مكلفة أن تنقذ نفسها بإتباع الهدى الرباني و العمل على إنقاذ البشرية من التيه و الضياع ، وإخراجها من الظلمات إلى النور من القهر و الإذلال والاستعباد ، إلى العز والسلام . إن سياسة تمويت الإسلام وخاصمة أهله والافتراء عليه ، ومحاربة دعاته وإعمال القتل والتعذيب والملاحقة لمعتنقيه ، لم يحقق الأعداء الإسلام رغباتهم ، فلا الإسلام مات ، ولا قرآنه باد ، ولا لأهله هلكت ، وإذا أصابهم الذي أصابهم إنما ذلك حين ، ولا بد من استئناف المسيرة إن تابوا من تقصيرهم وثابوا إلى رشدهم . إن سياسة تمويت الإسلام لا بد من إفشالها ولن يكون حظ الصليبية الجديدة ، بأحسن من حظ سابقتها القديمة ، وإن طال الزمن أم قصر لأن الله تكفل بحفظ دينه ، ونصر أتباعه  ) ولينصرن الله من ينصره ( .





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق