الأحد، 26 أكتوبر 2014

خطورة مؤتمرات المرأة العالمية


إن المؤتمرات على تنوع طروحاتها ، وتعدد أساليبها ، ترمي إلى أشكال جديدة ، من الحياة الاجتماعية والاقتصادية ، تتعارض مع القيم الدينية ، وتعمل على نشر الإباحية باسم الحرية ، وتشجِّع على التحلل باسم التحرر .
لقد عُقِدَتْ سلسلةً من المؤتمرات ، التي اتخذت طابعاً عالمياً ، من أجل تدمير الأسرة وتفككها ، حتى أن الناظر لواضعي هذه البرامج لهذه المؤتمرات ، يجد انهم لم يلتقوا عند حد التشكيك في اعتبار الأسرة هي الوحدة الأساسية للمجتمع ، ومطالبة الوالدين بالتغاضي عن النشاط الجنسي ، غير المشروع للمراهقين ، لكنهم قفزوا فوق الكثير من الضوابط ، والقيم الدينية الأخرى ، ليقرروا بأن مفهوم الأسرة ، بالمعنى الذي يشرعه الدين ، ليس إلا مفهوماً عقيماً ، وقيداً على الحرية الشخصية ، لأنه لا يتقبل العلاقات الجنسية الحرة بين مختلف الأعمار ، ويشترط أن تكون بين ذكر وأنثى فقط ، وضمن الإطار الشرعي ، ولأنه لا يمنح الشواذ حقهم في تكوين أسر بينهم ، ويتمسك بالأدوار الطبيعية التي يقررها الإسلام للأبوة والأمومة ، والعلاقات الزوجية ضمن الأسرة ، معتبرين أن ذلك مجرد أدوار وأشكال لا تخرج عن كونها مما اعتاده الناس ، ودرجوا عليه وألفوه ، حتى دخل في طور التقاليد المتوارثة .
لذلك حاولوا الترويج لأنماط أسرية بديلة ، دون أدنى اعتبار للنواحي الشرعية والقانونية والأخلاقية  مثل زواج الجنس الواحد ، والمعاشرة بدون أزواج ، وإعطاء الجميع حقوقاً متساوية ، ووضع سياسات وقوانين ، تأخذ في الاعتبار تعددية أشكال الأسرة ، إضافة إلى الدعوة إلى تحديد النسل باسم تنظيم النسل ، وتشجيع موانع الحمل ، وتيسير سبل الإجهاض  .
إن الأسرة في الحضارة الغربية ، قد تحللت من كل القيود ، والضوابط الخلقية ، والروابط الاجتماعية والعلاقات الأسرية والزوجية على حد سواء ، حتى لقد وصلت إلى مستويات ترقى عنها وتأنف منها بعض فصائل الحيوانات غريزياً ، إلى درجة يمكن معها ، أن ينال سجلُ الفضائح الجنسية ، أكبر الرؤوس وأعلى المناصب ، حتى بات الاعتراف بالزنى والخيانات الزوجية ، والتبجح بذلك في التلفاز وأجهزة الإعلام ، على مرأى ومسمع من الناس أمراً طبيعياً ، وأصبح لتجارة الجنس ودور الدعارة مؤسسات عالمية ، تجاوزت البالغين المراهقين ، والشاذين من الجنسين ، بسبب ما الحقت من إصابات مرضية رهيبة ، والتي أصبحت تهدد البشرية كالإيدز والأمراض الجنسية الأخرى . 
 أما قضية ملايين المرضى والشواذ ، فحدث ولا حرج ، حتى اعتبر مؤلفا كتاب أمريكا التي تخيف لا تخيف ، أن أحد الألغام الاجتماعية الكبرى ، التي سوف تنفجر عاجلاً أو آجلاً ، فتقضي على كل شئ ، هي قضية الجنس التي تعمل داخل المجتمع الأمريكي بقوة ، وتقترب من حافة الانفجار .
إن هذه المؤتمرات ، أو بعبارة أخرى هذه المؤامرات على الإسلام والمسلمين ، تعنى بالدرجة الأولى إلى استهداف الأسرة المسلمة ، لأنها تعتبر من أواخر الحصون الإسلامية ، سواء على المستوى الثقافي أو الاجتماعي أو القانوني ، لذلك لا بد من إسقاطها ، وإغراقها في الممارسات التي سقطت فيها الأسرة في الحضارة الغربية ، لذا نرى آثار هذه المؤتمرات على الأسرة في الغرب ، يكاد يكون معدوماً لانعدام وجود الأسرة تقريباً بالمفهوم الإسلامي .
إن الأسرة المسلمة هي المقصودة ، لأنها ما تزال متميزة ، وبعيدة عن التناول والتحكم . قال تعالى :{ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونوا سواء}النساء 89 .
كما أن الأسرة المسلمة هي ميدان المواجهة ، ومن هنا لن تتوقف هذه المؤتمرات عن التخطيط لتدميرها ، والذي سيفشل إن شاء الله ، لتأكيد الله بقوله :{لن يضروكم إلا أذى}آل عمران 111 . وذلك لن يتحقق إلا بالعزيمة الصادقة ،لحمل لواء الجهاد ، للدِّفاع عن هذا الدين ومبادئه .   
ومن الملاحظ أن مثل هذه المؤتمرات ، قد بدا تحوّل انعقادها ، إلى عواصم بلاد المسلمين في القاهرة واسطنبول ، وطرح الكثير من المفاهيم ، التي كانت تبدوا مستغربةً ومنكره ، كما تمارس عملية التطبيع والقبول ، لمفاهيمها وطروحاتها ، والأخطر من ذلك كله ، محاولات تسويغ الإنتاج الفكري الغربي إسلامياً ، وإضفاء الصفة الإسلامية ، على الفكر الناتج عن عقل لا يؤمن بالإسلام ، وكيف يمكن أسلمة فكر له منطلقاته وأهدافه ، وعقيدته ومناهجه وممارساته ، ممن يقومون بتلك المحاولات  من تلامذة الفكر الغربي نفسه ؟
 لقد كثرت ندوات وجهود الحوار ، التي تساند الفكر الغربي ، والتعبير عن الإسلام الوسطى ، واتهام الإسلام والمسلمين بالتعصب والتطرف ، والعنف والأصولية والإرهاب ، حتى أن كثيراً من المثقفين دعوا إلى تسويغ الفكر الغربي واعتماده ، وأن ذلك هو معيار الاعتدال ، وطرح أي فكر يخالف ذلك هو التطرف والأصولية من وجهة نظرهم .
لقد افتقد العالم اليوم أخلاقه ، حتى بات الإنسان ذئب الإنسان ، بعد أن قرر الدين أن الإنسان أخو الإنسان ، وغابت الرحمة التي من أجلها جاءت النبوات ، واصبح 80./. من ثروات العالم الطبيعية تتحكم فيها وتستهلكها 20./. من سكانه ، و20./. من أغنى أغنياء العالم ، يمتلكون 80./. من العائد ، بينما 20./. من أفقر فقراء العالم ، يمتلكون  1.5 في المائة فقط ، وأصبحت النتيجة أن 40.000 شخص يموتون كل يوم من سؤ التغذية والمجاعة .
إن الدول الكبرى المسيطرة سياسياً وإعلامياً ، والتي تعاني من نقص السكان ، والخوف والهجرة   هي التي عملت على إغراق الدول النامية بالديون ، لتبقى تعيش على المساعدات ، ولا نقوم لها قائمة  وتكون مستعدة لكل الحلول المطروحة .
لقد اشتدَّ الهجوم من أعداء الإسلام عليه ديناً ، بعد نجاحهم في ضربه دنيا ، مما أدى إلى توهين قوته  وخفض رايته ، فأغراهم ذلك بالهجوم عليه في عقيدته ، وبثوا أفكارهم وثقافتهم ، في طول بلاد المسلمين وعرضها ، من خلال قنوات عديدة ، مسموعة ومرئية ومقروءة ، فأحدثوا غشاً ثقافياً في ميدان الدين ، من خلال تفوقهم في علوم المادة ، فانصاع لذلك من لهم عقول الطفولة الفجة     الذين اعتنقوا آرائهم ، وراحوا يدافعون عنها ، ويقاتلون دونها ، ويحاولون أن يؤسسوا دعائمها في المجتمع المسلم .
إن الخلاص لا يكون إلا بالرجوع إلى دين الله ، كشرط للتغيير . { إن الله لا يغير ما يقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم } .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق