الثلاثاء، 28 أكتوبر 2014

هذه هي مواقفهم من الإسلام فما هو موقفنا منها ولماذا هذه الحرب


إن الصراع بين الحق والباطل حقيقة معروفة عبر التاريخ ، يجسدها المتتبع للمواجهة بين المؤمنين وأعدائهم الكافرين ، الذين يقفون بكل تبجح أمام الحق وأهله ، فدول الكفر بما تملك من أسلحة متطورة ، تقف بكل صلف ضد أي توجه إسلامي يقوم في أي بلد مسلم مثيرة الشبهات ضده ، والإساءات المتوالية لكل منتم إليه  بدعاوى الرجعية والتطرف والإرهاب ، لهدم ذلك التوجه والتخويف منه بالكذب والتزوير .
وقد جاء في القرآن الوصف الدقيق لأمثال هؤلاء فقال تعالى :}وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ، ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون{.البقرة 11
فهم لا يقفون عند حد الكذب والخداع ، بل يضيفون إلى ذلك السفه والإدعاء ، وما أكثر الذين يفسدون أشنع الفساد ، ويظلمون ويبطشون ويّدعون انهم مصلحون وخاصة في أيامنا هذه ، لأن الموازين مختلفة معتلة في أيديهم  فقد وصلوا إلى درجة من الاستعباد والظلم تعذّر عليهم أن يشعروا بفساد أعمالهم ، لأن ميزان الخير والشر والصلاح والفساد في نفوسهم يتأرجح مع أهوائهم الذاتية ، ولا يستند إلى أسس شرعية مقنعة . 
والمراقب المنصف للأحداث ، يرى أن الإسلام هو بداية الغيظ والرعب لأعداء هذا الدين وخصوم المنتمين له ، وهذا ما يؤذيهم ويخيفهم لأنه من القوة بحيث يخشاه كل مبطل ويرهب كل باغ  ويكرهه كل مفسد لما فيه من حق ومنهج قويم  فهو مضاد للباطل والبغي والفساد ، لهذا لا يطيقه المبطلون والبغاة والمفسدون ، لذا يرصدون أهله ليفتنوهم عنه ، إن صورة هذا العداء السافر ، لم تتبين بشكل واضح كاليوم ، في الحرب الشعواء التي تشن على أهل الإسلام , مما يدل على أن موقفهم من الإسلام موقف حياة أو موت   وخوفهم هذا من عودة الإسلام ، يرجع إلى خوفهم على أنفسهم لكثرة ما طغوا وبغوا  وأفسدوا في البلاد ، فكم أذلوا و استباحوا ؟ وكم أساءوا وما يزالوا بدعوى المحافظة على الأمن والأمان ؟ إن الهجمة على الإسلاميين تعتبر هجمةً على كل المسلمين ، لأن الاعتداء على أي  مسلم هو اعتداء على كل المسلمين ، لأن المسلمين يسعى بذمتهم أدناهم وهم يدٌ على من سواهم .
والإسلاميون هم بعد الله عز وجل الأمل الباقي لهذه الأمة ، بالرغم من كل هوانهم واستضعافهم وتفرق كلمتهم ، فإن الأمل بالله معقود على توحد كلمتهم ، وتبدل ضعفهم وذهاب هوانهم . بعد أن سقطت كل الأقنعة والوعود الكاذبة التي أفسدت على الناس دينهم ودنياهم ، وهتكوا كرامة خير الأمم أمام إذلال أذل الأمم  وقد برهنت الأحداث على أن فئةً كبيرةً من المسلمين  دون مستوى المسؤولية ودون مستوى الكلمة حتى انهم لم يثلجوا صدر الأمة بموقف سياسي أو عسكري أو اقتصادي فاعل لنصرة الحق وأهله  بعد أن اتضح لنا أن أعدائنا يحاربونا بالدين وللدين  ويُحارب الدين وأصحابه في أكثر بلاد المسلمين ، وقد بدا ذلك واضحاً بعد أن ألقى الكفار في وجوه المسلمين قناع السلام والوئام  وأظهروا ملامح التحرش وأنياب النهش والانتقام  بتحد سافر لكل الأعراف والقوانين ، الأمر الذي يدعو المسلمين إلى إعداد العدة من وجهيها المادي والمعنوي ليتحقق لهم النصر بإذن الله ، ولا يظن أحد من المسلمين ، أن تزول هذه التحديات بمجرد الاقتصار على الصلوات ورفع اليد بالدعوات ، لأن حكمة الله تأبى أن تتعطل سنةُ الأسباب لمجرد أن المسلمين مسلمون والكافرين كافرون قال تعالى : }ولو يشاءُ اللهُ لانتصر منهم  ولكن ليبلو بعضَكُم  ببعض{.محمد4
وقد خلق الله الأسباب والمسببات ، ويشترط علينا لكي يسخِّر لنا الأسباب أن نُسخِّر له أنفسنا  ونعِّدها له متبعين لرضوانه مبتعدين عن كل ما لا يليق بأولياء يطلبون نصره وضعفاء يستنـزلون تأييده  وعندها فلا علينا لو تداعت أمم الكفر لمحاربتنا قال تعالى :  } الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ، فانقبلوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سؤ واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم { .آل عمران 173 .
وقال تعالى : } إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم
مؤمنين
{. آل عمران 175
فالشيطان هو الذي يضخم من شأن أولياءه الكفار ، ويلبسهم لباس القوة والقدرة ويوقع في القلوب أنهم ذو حول وطول ، ليحقق بهم الشرَّ في الأرض وليُخضع لهم الرقاب ويُطوع لهم القلوب ، فلا يرتفع في وجوههم صوت بالإنكار 
وتحت ستار الخوف والرهبة ، وفي ظل الإرهاب والبطش ، يفعل أولياء الشيطان ما يُقِرُّ عينه في الأرض ، فيخفتون صوت الحق والعدل ، دون أن يجرؤ أحد على جلاء الحق الذي يطمسونه .
إن الأحداث في العالم بعامه وفي المناطق الإسلامية بخاصة ، تشي بأن الإسلاميين قد وُضعوا من حيث يدرون أو لا يدرون ، ومن حيث يريدون أو لا يريدون في وسط الصراع الدائر في أكثر بقاع العالم ، فما من منطقة توتر في الدنيا إلا وضع الإسلاميون طرفاً أساسياً في النـزاع فيها  فكثيراً ما يجد الإسلاميون أنفسهم في صدر الأحداث وفي صفها الأول ، وهم غير قادرين على تقدير قوة أعدائهم ، ولا تقدير قوة أنفسهم  حيث أن قوتهم تفوق قوة أعدائهم لو وجد الاتفاق والوفاق والتناصر والتناصح ، ووجد الأخذ بقوانين القوة وأسباب التمكن وعوامله  الذي وعد الله به عباده ولو كانوا مستضعفين قال تعالى : } وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفهم في الأرض {  .
جاء الوعد في الآية بالاستخلاف والتمكن ، فهل نحن مستعدون لتحقيق ذلك ؟ والسؤال هنا ليس سؤالاً عن الاستعداد بالسلاح والعتاد ، ولكن السؤال عن الاستعداد بحيازة أسلحة النصر الربانية  فهل لنا من أفعالنا وأقوالنا وأحوالنا ما نستنـزل به رحمات الله وتأييده الذي يؤيد به أولياء ؟
أم أننا ما زلنا نحتفظ بحقوق الفشل وعلى رأسها التنازع والتدابر والتنافر ؟  ومهما بلغت بلاغة المتحدثين عن أسباب ضعفنا وهواننا ، وقلة حيلتنا وطول عجزنا أمام الأعداء ، فلن تصل إلى الوصف الجامع البليغ في القرآن حيث حذرنا الله فقال : } وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكُم واصبروا إن الله مع الصابرين { . الأنفال 46 .
إنه التنازع فماذا يبقى بأيدي الإسلاميين عندما ينـزع بعضهم عن بعض أسباب القوة
 والاحترام ؟
 لن يبقى إلا الفشل بالطبع ، حيث يكون هذا الفشل هو الإنجاز الأكبر ، وعندها ما عليهم إلا أن يتقاسموه فيما بينهم ، لأنه الثمرة الطبيعية التي تصنعها أيدي الغافلين .   قال تعالى : } أفمن زُين له سوء عمله فرآه حسناً فإن الله يُضل من يشاء ويهدي من يشاء فلا ذهب نفسك عليهم حسراتٍ إن الله عليهم بما يصنعون {. فاطر 8 .
 إن ما ذكرته الآية ينطبق على ما يقوم به الكفر وأعوانه ، الذين عميت قلوبهم حتى حسبوا أن كل خطوة يخطونها فيها الخير والصلاح ، مع أنها في الحقيقة تحمل للبشرية الدمار والخراب ، وإن دول الكفر بالنسبة لقضايانا هي الخصم والحكم  ورحم الله أبا الطيب المتنبي الذي قال :

   ومن نكد الدنيا على الحر أن     يرى عدواً ما من صداقته بد

وكم من المتابعين للأحداث يرون المواقف الداعمة لإسرائيل من دول الكفر ، يدور في خلدهم معنى هذا البيت من الشعر ، مما يدل على أن الكثيرين من بني جلدتنا آمنوا بالهزيمة النفسية ، حتى باتوا يتعاملون مع الواقع كما لو أنه قدر لا مناص منه  وعملوا على الاستسلام له ، ووافقوا ونادوا بالسلام ، لكنه سلام هش ، كراعٍ قال لغنمة كش هذا يتمتع وذاك يتمتع والكل منه يجرّع . وهنا نتسائل : هؤلاء الذين يأكلون ويشربون ويلبسون من كدّ شعوبهم ولاؤهم لمن ؟
وهل يمكن أن نعتبر ولاءهم وسيرهم في ركاب الغرب الكافر نوع من أنواع الاستعمار لا بد أن يحمل عصاه ويرحل ، وقد رحل وقد اعتبر يوم رحيله عن كل بلد عيداً قومياً تعطل فيه الدوائر أعمالها  لكنه رحل وترك عصاه يحركها بالتحكم عن بعد .
أما الشعوب فتعيش على أعصابها من جراء الحرب الإعلامية ، وقد أصيب الكثير من المسلمين بداء التلقي من الغرب والثقة العمياء بما يقولون ، مع أن بعض المفكرين والمؤرخين الغرب فضح الزيف الذي دأب الغرب على ترويجه ، يقول المؤرخ البلجيكي  سيجفريد فيربيكا في لقاء له مع جريدة البيان الإماراتية : إن غالبية وسائل الإعلام الأوروبية تقع تحت سيطرة لوبي صهيوني اقتصادي سياسي قوي ذي نفوذ لا أستطيع إنكاره ، وسرعان ما تتهم هذه الوسائل الباحثين والدرسين والمؤرخين الحياديين لحقائق التاريخ بالكذب  وتصفهم بالتطرف والإرهاب في حالة إعلانهم لتفاصيل وشواهد تثبت وجهة نظر مخالفة لهم ، أو تظهر حقائق تكشف أكاذيبهم .
لقد أصبح الإرهاب مصطلحاً مهماً في قاموس السياسة ، فاعتبروا مقاومة الاحتلال إرهاباً ، أما الممارسة الإرهابية التي تفرض على الشعوب فليست إرهاباً . إن ما نراه اليوم من غطرسة الأعداء  وانجراف المسلمين في التعامل مع الكفر وأعوانه جرّ على امتنا الذل والهوان ، مما وسّع حجم الخسائر على كافة المستويات ، من الهوان والذل إلى التنازل الذليل ، إلى ضياع الأرض وانتهاك الحرمات وتدفق الدماء .
والدعم والولاء منقطع النظير ، وامتنا في النهاية هي الضحية وهي الخاسرة ، قد تكون الغاية التي تتطلع إليها دول الكفر ، هي السيطرة الكاملة على أهم المواقع الإستراتيجية في العالم ، ويبدو أننا نحن المسلمين دولاً وشعوباً قد وقع الاختيار على أراضينا لتكون أحد مرتكزات هذه السيطرة  وأهم أدواتها المسخرة ، فهي تواجه منافسيها في العالم وليس بينها وبين أكثر هؤلاء المنافسين حدوداً مشتركة ، ومع ذلك فهي تخوض الغمار إليهم لتنازلهم في عقر دارهم ، انطلاقاً من قعر دورنا في أكثر من موقع ، إن لهذه الدول  تطلعات حالية ومستقبلية للتسلط والتنافس في مناطق عديدة من العالم ، بدءاً من الصين والقارة الهندية ومروراً بآسيا الوسطى وروسيا ووصولاً إلى شرق أوروبا ووسطها وانتهاءً بالشرق الأوسط والقرن الأفريقي ، وإذا كانت الأطماع ليست قاصرة على بلداننا الإسلامية ، إلا أن كثيراً منها تقع في أماكن تماس من بلدان وشعوب البلاد الإسلامية تفضل دول الكفر أن تتخذ منها ظهوراً وطيئة للركوب ، توصل للمطلوب بأقل مجهود وأثمن مردود ، وإذا احتاجت لقواعد فمرافقنا جاهزة للقعود ، إن هذا الأخطبوط يلف الآن ببطء بذراعه السياسي في الأمم المتحدة  وذراعه الاقتصادي في صندوق النقد الدولي هذا بالإضافة إلى الأذرعة الأخرى المتنوعة  التي يمكن أن تلف على العديد من المناطق الحساسة في العالم  ليدخلها في سلاسة أو يحشرها بشراسة ، داخل قوقعته المسماة بالعولمة حيث الاستسلام أو الموت فهي تريد أن تمكن لنفسها ، وتؤمن موقعاً مستقراً لتحرم روسيا من أحلام العودة إلى مصاف القوى العظمى ، حتى تتفرغ لمواجهة الصين التي تشير الدلائل بأنها ستحتل مكان روسيا في التسبب لأمريكا بالقلق الدائم ، والشعوب الإسلامية هي الضحية .

      

           

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق