الثلاثاء، 28 أكتوبر 2014

نتائج العبث والفساد والتآمرعلى الأمة


لقد أصبح كل ذي بصيرة ورأي يلمس ويحس ما تعانيه الأمة من الضياع الذي يساهم في تعطيل كثير من الفعاليات ، وشل الكثير من النشاطات   فقد عم البلاء وضاعت ثقتنا بأنفسنا وحاضرنا ومستقبلنا وإيماننا ، فعميت البصيرة وحبط الكثير من العمل ، وفقدنا سبل النجاح مما نحن فيه   حتى أن الجامعات ودور التعليم والتثقيف لم تؤد الرسالة المطلوبة منها فاعتراها ما اعتري غيرها من فراغ وضياع .
ورد في إحصائية : أن في فرنسا كلها ثلاثة آلاف محامٍ ، بينما تقذف جامعاتنا السوق كل سنه بعشرات الألوف من الأدباء والمحامين والصحفيين   أما العلماء فالعدد ضئيل جداً ، الأمر الذي يؤدي إلى البطالة ، ويكثر أنصاف المتعلمين الذين لا يجدون لهم مجالاً في المجتمع . بينما نجد عدونا يعمل على اجتذاب المتعلمين والمفكرين والعلماء لأنهم يخططون للغد ويرسمون آفاق المستقبل فيتقدَّمون بقدر ما نتأخر ويبنون بقدر ما نُدَمِّر. 
فقد وضعوا سياسة تعليمية للدول النامية ، تؤدي بها إلى عدم الانتفاع بأبنائها المبدعين ، أو فتح المجال لهم لتنمية قدراتهم ، فينتقلوا إلى الدول الغربية حيث تُعرض المغريات المادية على من يظهر نبوغاً ، فتجنده لمصلحتها ويُعطى الجنسية ويُصبح واحداً منها ، فيرتد تخصصه خيراً على دول الأعداء وشراً على الدول التي ولد وتربى فيها .كما نلاحظ في بلادنا فئةً لا تشعر بالمسؤولية   وإذا شعرت بها لا تستطيع ممارستها   وآخرون يضعفون أمام المغريات ، وكثير ممن ذهب إلى دول الغرب لمتابعة الدراسة ، يعود إلينا بلا دين ولا إيمان مغسول الدماغ ملوث العاطفة   لأن الأكثرية من الأساتذة الجامعيين الذي أنشأوا الدراسات الشرقية وتولوا تدريسها هم يهود  ويتلقى على أيديهم طلابنا الأدب العربي والتاريخ العربي والحضارة الإسلامية ، ناهيك بما يزيفون ويحرِّفون فتعود العقول على جانب عظيم من ألزيغ والضلال تتنكر لرسالتها ودينها .
إن أمة هذا بعض حالها تخدع ابنائها وتكذب على نفسها وتتآمر على قضاياها ، فمن عبث القادة الى فساد السياسة ، ويزيد الطين بلة بطانات السؤ وألسنة الضلال التي تحف بالقادة فتزين لهم المغامرة والإنحراف ، والأقلام المأجورة التي لا تعرف إلى الحق سبيل  .
فهذا الدكتور نديم البيطار يقول في كتابه من النكسة إلى الثورة : " إنه يرفض شعار الوحدة الوطنية ضد الغزو الإسرائيلي ، ويفضل الحرب ضد الدول العربية الرجعية على الحرب ضد إسرائيل لأن العدو هو الدين الإسلامي وليست إسرائيل ". وشعاره الذي يرفعه في كل صفحه من كتابه هو الحض على محاربة الإسلام .
بهذا المنطق الساقط يعبِّر هذا الوغد عن نواياه . وما أكثر الأوغاد في مجتمعنا اليوم ؟ وما أكثر من باعوا قلوبهم للشيطان ، وأسلموا عقولهم للأعداء   حتى أصبحنا نعايش أمة تغمض عينها كيلا ترى مصيرها الأسود.
أمة ليس أجرأ منها في معارك المهاترات والمناورات ، ولا أخسأ منها في معارك الشرف والبطوله والاستشهاد ، امة جعلها الله بالإسلام خير أمة اخرجت للناس وجعلها بلا إسلام أحقر أمةٍ على الإطلاق ، فلو أفاقت من غفلتها وعادت إلى دينها ، ووضعت طاقاتها المادية والمعنوية في خدمة قضاياها لما احتاجت إلى الاستجداء   ولكن لو تفتح عمل الشيطان .
إننا نعيش في زمن نبرر تقاعسنا وتخاذلنا بالقاء اللوم على الآخرين ، ونحن وحدنا الملومين لأننا نلهث وراء السراب ، إذ نؤمن بعدالة الدول الكبرى وقدسية ميثاق الأمم المتحدة ، ونتصعلك على عتبة البيت الأبيض . والمنطق يقول : إن لم تكن ذئباً أكلتك الذئاب ، وما أخذ اقتداراً لا يسترد إلا اقتدارا ، ذلك هو منطق التاريخ في دنيا مجنونة ، وكل منطق خلافه جبنٌ وانحلال  اسمعوا ما قيل عنا في الصحف يوماً ، قال انتوني ناتنغ في الصنداي تايمز "إن مصيبة العرب الكبرى هي فرديتهم ، فأنت لو جمعت خمسة منهم في غرفة مغلقة ، لخرجوا بستة أحزاب سياسية" .
لقد أصبحنا من الهوان بحيث يحكم في أمة الإسلام من لايخشى الله ، ومن لا يخاف الله قد يصبح خائناً ومجرماً وعميلاً ، لأن الدين رداع وحافز  وحين يذهب الدين تهون كرامة الإنسان ، ولا يبقى إلا خراب الضمير وعفن النفوس ، وقد تناست الأمة أن أمضى الاسلحة مع الأعداء هو الايمان ، ولا معنى لصراعنا مع عدونا بدون أن نوطن أنفسنا بسلاح التقوى واليقين والايمان على حرب طويلة أزلية بين الصليبية والإسلام ، فلا نستسلم ولا نتخاذل حتى يأتي أمر الله ، فأعدائنا يخططون لسنوات آتية ونحن نمضغ ذلنا ، وقد دمرت أمتنا الكراهية  ولوثت نفوسنا الأحقاد  وإذا لم نعد إلى ايماننا بالله وبأنفسنا فلن يثبت الله أقدامنا في صراع البقاء ، وكاني اسمع منادي الجهاد ينادي : تعالوا نأخذ مكاننا في الصابرين ونتلمس طريقنا إلى الخير من جديد ونهتف كما هتف أسلافنا : الله أكبر والعزَّة للمؤمنين .
لقد شدد الإسلام على الوفاء بالأمانة وجعل عقوبة الجماعة عامة بما يقع فيها من شرّ إذا هي سكتت عليه ، روى الامام احمد عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله :
( لما وقعت بنوا اسرائيل في المعاصي نهتهم علماؤهم فلم ينتهو فجالسوهم في مجالسهم وواكلوهم وشاربوهم ، فضرب الله بعضهم ببعض ، ولعنهم على لسان داود وعيسى بن مريم وكان الرسول متكتماً فجلس فقال : (لا والذي نفسي بيده حتى تأطروهم على الحق أطرا ) .
إن أعداء الأمة الإسلامية يدركون أن سرَّ حياة المسلمين وسرَّ قوتهم هو في اعتصامهم بالقرآن يلتقون حوله ويتخذونه مصدراً لسن جميع الأنظمة التي ترعى شئونهم وتعالج مشاكلهم  ويدركون أن كتاب الله وسنة نبيه e هما الطريق إلى نهضة الأمة وحصانتها من المفاهيم الغربية   وإن أعداء الأمة الإسلامية ، يدركون أن سرَّ حياة المسلمين وسرَّ قوتهم إنما هو في  اعتصامهم بالقرآن يلتقون حوله ويتخذونه مصدراً لسن جميع الأنظمة التي ترعى شؤونهم وتعالج مشاكلهم  ويدركون أن الكتاب والسنة هما الطريق إلى نهضة الأمة وحصانتها من المفاهيم الغربية ، لذا يعملون على زعزعة الثقة بالإسلام وأحكامه وأفكاره    مما صعب مهمة الدعاة في العمل على إعادة هذه الثقة ، لأنهم حركوا كثيراً من العقول في العالم الإسلامي وأثاروا النفوس ضد أفكار الإسلام وأحكامه حتى يتم اقتلاعها من عقول المسلمين .
كما عملوا على الصاق مختلف الاتهامات الزائفة بالدعاة ، بقصد تنفير الناس منهم وإبعاد تأثيرهم عليهم فصوروا للناس أنهم اصوليون ومتطرفون وإرهابيون . مما يحقق لهم هدفهم من الخطط والأساليب للقضاء على تمسك المسلمين بقرآنهم وسنة نبيهم ، وإن ما يعانيه المسلمون من الضعف والتشرد والتجزئة ، وما يقاسونه من نهب لثرواتهم وامتهان لكرامتهم ، وما يجري في كثير من بلاد المسلمين من تقتيل وتعذيب وعدوان على البلاد والعباد وغير ذلك من صنوف المكر والخداع .
إن كل ذلك ناتج عن عدم التمسك بحبل الله الذي أمر المسلمين أن يعتصموا به فقال :
) واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا( .
ومن الأساليب التي اتخذها الأعداء لتفتيت وحدة المسلمين والحيلولة دون إعادة هذه الوحدة : زرع إسرائيل في فلسطين .
 يروي التاريخ القريب أن الدول الاستعمارية طلبت من بريطانيا أن تدرس بدء اليقظة في منطقة الشرق الأوسط ، فانتدبت اللورد كامبل لعمل الدراسة المطلوبة ، وتقديم تقرير .
ومما جاء في ذلك التقرير " هناك شعب واحد متصل يسكن من المحيط إلى الخليج لغته واحدة ودينه واحد وأرضه متصلة وماضيه مشترك وآماله واحده وهو اليوم في قبضة أيدينا ، ولكنه أخذ يتململ ، وتسائل كامبل : ماذا يحدث لنا إذا استيقظ العملاق ؟ ثم يقول : يجب علينا أن نقطع اتصال هذا الشعب بإيجاد دولة دخيلة تكون صديقة لنا وعدوة لأهل المنطقة   وتكون بمثابة الشوكة التي تخز العملاق كلما أراد أن ينهض ".
لقد عمل الاستعمار بهذه التوصية وزرع الكيان اليهودي في قلب البلاد العربية من العالم الإسلامي   كما يمكن القول أن ما يحصل في بلاد الإسلام من ضيق ، إنما هو صنع دول الغرب وتخطيطها  وما تقديم المساعدات الإنسانية للشعوب المنكوبة نتيجة صراعاتها إلا أسلوبا آخر من أساليب استعمار هذه الشعوب وتدخلهم في شئونها ، وقد حققت هذه المساعدات من المصالح ما لم تحققه الحروب الاستعمارية ، كما عملت هذه الدول على منع الدول النامية من التحول من دول مستهلكة إلى دول منتجة كي تبقى أسواقاً لها . إن أعدائنا يعرفون على مدار تاريخهم الطويل   أنه لم يغلبهم إلا هذا الدين يوم كان يحكم الحياة وإنهم غالبو أهله طالما لم يحكِّموه في حياتهم   لذا ندعو باسم الإسلام إلى إيقاف ذلك المد المسيء لديننا وقيمنا والذي بلغ حداً لا يحتمل وندعو في الوقت نفسه إلى تطبيق شرع الله حتى نكون من المؤمنين قال تعالى ) : فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم (


    

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق