الاثنين، 27 أكتوبر 2014

عـيد الفطر


  كل الناس يستقبل العيد ، لكن ليس كل الناس  يدرك أن العيد الحقيقي في الإسلام يكون بإقامة دولة الإسلام . ويوم تسري في دنيا الأمة روح  اليقظة الإيمانية والحركة الواعية للعودة الصادقة إلى الحياة الإسلامية . فان الناس يرون في ظل ذلك   نموذجاً للمجتمع المسلم ، والأمة المسلمة  التي تقوم على عقيدة الإسلام وشريعته  وأخلاقه ومفاهيمه . إن العيد في واقعه الإسلامي ، ليس عيد الّلاهين عن أمتهم   وبلادهم وإنسانيتهم إنما هو عيد أولئك الذين تثقل كواهلهم  هموم الأمة  وتملأ قلوبهم ، خشية الله  وتقود تصرفاتَهم ، أخلاق الرجولة المؤمنة  إن أمتنا تتطلع إلى ذلك الوعي الرّباني الذي يؤصل في الفرد  معاني العبودية لله فلا يلتفت إلى هنا وهناك  ولا يُسْتَعْبَدْ  من قبل هؤلاء أو أولئك  .
يا  عيد أقبلت والمأساة ما برحت     ترجو الخلاص وخيط القهر ممدود
وأمتي لم تزل يا عيـدُ في كمدٍ        قتلٌ ونهبٌ وإحراقٌ وتشريــد
وأمتي لم تزل في الذلّ غارقـةً        بيعٌ وحبـسٌ وإرغامٌ وتعبـيـد إننا ونحن نقضي هذه الأيام مدعوون لأن نُفَكِرَ على مستوى الأمة ، ونتحرك على صعيد العبودية لله , ونزن الأمور بموازين الهدى ، الذي لا يطيقه ضعفاء النفوس , ولا يرضى به مرضى القلوب  ألا أن الدعوة إلى الاستجابة لله والرسول  قائمة ودائمة ، ما دامت السماوات والأرض قال تعالى :  ]يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم [ الأنفال 24 .  إن هذا اليوم يوم عيد وسرور لمن صحت نيته  وقُبِلَ صيامه وقيامه  يوم عفوٍ وإحسانٍ لمن صَبَرَ وَغَفَر   فيه تتوزّعُ الصدقات   ويتزاور الأهل والأصدقاء ، فيه يُطلبُ من المسلم ، وهو يستعد للعيد لتأمين مستلزمات أهله ، أن يُضيفَ إلى ذلك استعداداً آخر أكرم عند الله  وهو التفريج عن كُرْبةِ من حوله  وأن يذكُرَ وهو يقبل أولاده ، ويأنس بزوجته  يتامى لا يجدون ابتسامه الأب وأيامى لا يجدن حنان الزوج . ليتَذكَرْ المسلم ، أن العيد ليس لمن تمتع بالشهوات  ولبس الجديد  وقلبه مظلم  معلق  بالباطل والزور والبهتان والفجور وليس العيد لخائنٍ غشاش ،كذّاب مغتاب نمْام   يسعى بين الناس بالأذى والفساد   ليس العيد لمتكاسل مرتاب ، لا يعمل لأمته ودينه ، ولا لنفسه وبلاده ، ليس العيد لمن طغى وبغى  وأعرض وتكبر ، وآثر الحياة الدنيا ، ليس العيد لمن عق والديه ، وقطع أرحامه . لقد شُرعً العيدُ  ليجدد فيه المسلمون ، عهد الصفاء والإخاء ، ولا يليق فيه الخصام والانقسام  والغل والبغضاء ، ولا الحقد والحسد والإيذاء . وليس العيد ، لمن  تزود بطيب الطعام والشراب وهو فاقد لزاد التقوى   وهو خير زاد قال تعالى : ]وتزودوا فان خير الزاد التقوى [ وليس العيد   لمن تباهى باللباس الجديد  وهو عارٍ من لباس التقوى قال تعالى : ] ولباس التقوى ذلك خير[ فليتصافح المسلمون في هذا  اليوم  وليُحيي بعضُهم بعضا  وليتبادلوا التهاني  في سرورٍ وانشراح .
كيف السرور وأرض المسلمين لظى كيف الهناء وأقصى الشرق موؤد والأرض ترجُفُ من عُهرٍ ومن دَنسٍ    أما الديـار فتنـصيرٌ وتهـويـد   اللهم إنا قد فارقنا صيام شهرنا وقيامه  على  تقصير  وأدينا فيه من حقك قليلٌ من كثير فلا تردنا يا ربنا خائبين ولا من رحمتك آيسين واجعل عملنا مقبولا وحظنا من هذا الشهر المبارك موفورا  وتوفنا مسلمين وألحقنا بالصالحين   وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. وكل عام وأنتم بخير .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق