الاثنين، 27 أكتوبر 2014

عيد الأضحى

                         
للإسلام منهجه الخاص في استقبال الأعياد والاحتفال بها ، وهو في هذا لا يخرج عن طابعه الأصيل الذي يجعل العبد موصولاً بربه ، في أحوال سروره ، وفترات تطلعه بالاستمتاع بأنعم ربه ، فليس فيها مجال للتمتع الرخيص ، الذي يقوم على طغيان الشهوة ، وتمرد النزوة وإشباع الغريزة .
 والانحراف عن حدود القصد ، والاعتدال في الأكل والشرب واللبس ، حتى في الكلمة التي يملأ بها فراغ هذه الأيام المباركة ، فلا بد من التكبير والتهليل ، ورفع الصوت بالحمد على إتمام النعمة  وعلى رأس هذه الأعياد يوم الجمعة ، شرعه الله لجمع آحاد الأمة ، في لقاء يتجدد عن قرب    حتى تظل الرابطة بين الجماعة المسلمة قوية ومتينة 
  ولنا عيدان سنويان ، أولهما يربطنا بذكريات بدء الدين ، وهو عيد بعد صيام رمضان ، الذي ابتدأ نزول القرآن في النصف الثاني منه ، وثانيهما يومنا هذا عيد النحر ، الذي يذكرنا بتمام الدين  حيث نزلت فيه تلك الآية في يوم عرفة ، ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي  ورضيت لكم الإسلام دينا ) المائدة 3 .
 ولا بأس في الأعياد من المرح ، واللعب في صورته المباحة ، والغناء الحسن العفيف . روى البخاري عن عائشة قالت : ( دخل رسول الله علي و عندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث فاضطجع على الفراش و حوّل وجهه ودخل أبو بكر  فانتهرني
وقال مزمارة الشيطان عند النبي فأقبل عليه و قال : ( دعهما فلما غفل غمزتهما فخرجتا و في رواية قال : يا أبا بكر إن لكل قوم عيداً وإن اليوم عيدنا ) .
 إن أعيادنا الإسلامية الأصيلة ، لا صلة لها بالأشخاص مهما بلغت منزلتهم ، لا بولادتهم ولا بولايتهم ، ولا بتخليد موقعه من الوقائع ، أو ذكرى من الذكريات .
إن شعائر أعيادنا ، لم يطرأ عليها تغيير و لا تحرير  نشيدٌ علويٌ سماوي ، الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ، الله أكبر و لله الحمد ، وصلاةٌ جامعة محددةُ المعالم ، ثابتةُ الأقوال والأفعال ، وخطبتان مناسبتان .
إن من شعائر الإسلام في أعيادنا ، التطهر والتزين والتطيب ، ولبس أجمل الثياب ، لأن الرسول أمرنا في العيدين ، أن نلبس أجود ما نجد  وأن نتطيب بأجود ما نجد .
 إن أعيادنا الإسلامية أعياد عامه ، لا تصطبغ بصبغةٍ فرديةٍ ولا محليةٍ ، إنها للصغير والكبير وللأمة قاطبة ، ترتسم الابتسامة فيها على كل شفة ، تتقارب فيها القلوب على الود ، وتجتمع النفوس على الألفة ، وَتُطَهَرُ النفوسُ من الضغائن والأحقاد ، وتتصافح الأيدي بعد طول انقباض  ويتناسى الناس ما بينهم ، طلباً لرضى الله   2ويقول المسلم لأخيه ما كان يقوله أصحاب رسول الله ، تقبل الله منا و منك .
 والأعياد في الإسلام شُرعت لتأليف القلوب  والتقائها في صعيد واحد ، يتبادل فيها المسلمون التهاني والتعاطف ، والتوادد والتراحم ، ويتقربون من الله بتوزيع الصدقات ، وإطعام الفقراء والمحتاجين وصلة الأرحام ، حتى يتساوى الجميع أغنياء وفقراء ، في الاستمتاع ببهجة العيد وفرحته  والشعور بالأخوة الشاملة أيام العيد .
إن هذا اليوم يوم الخيرات ، وموسم الربح والعطيات ، فلقد أنزل الله على رسوله يوم عرفة (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ) المائدة 3 .
2فكان نزولها للمسلمين عيداً ، فاههنأوا بما أنعم الله عليكم ، وأقيموا شعائر الله بصلاة عيد الأضحى والتضحية ، امتثالاً لأمر الله {إنا أعطيناك الكوثر فصلي لربك وانحر} واعملوا بسنة نبيكم في الأضاحي ، فما عُبد الله في هذه الأيام بشيءٍ أفضل من إراقة الدماء .
ولتكن الأُضحية خاليه من العيوب ، ومن أجود النعم . قال تعالى : {لن تنالوا البرَّ حتى تنفقوا مما تحبون } وقد جعل الله علامة محبة العيد طاعة الله ، واتباع سنة نبيه (ص ) ، قال تعالى :{قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفورٌ رحيم}آل عمران 31 .
 وقال (ص ) : ( إنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأُمور فإن كل محدثةٍ بدعه وكل بدعةٍ ضلاله ) .
وإن من البدع القبيحة ، والعادات السيئة في الأعياد ، زيارة النساء للقبور ، علماً بأنه لم يثبت قط أن النبي  (ص ) زار قبراً ، بل قال في عيد الأضحى ، أول ما نبدأ به في يومنا هذا ، أن نصلي ثم نرجع فننحر ، من فعل ذلك فقد أصاب سنتنا . فما أجمل التضحية وما أعظم شأنها ، إنها رمز الصبر والمصابرة ، وعلامة الأمن والأمان .
2وما أحوج المسلمين اليوم إلى الاعتصام بحبل الله  في هذه الظروف التي يعاني فيها المسلمون أشدّ أنواع البطش والاضطهاد ، في أماكن مختلفة من العالم .
2إن أيام العيد أيام تسامح وسرور ، فأطعموا الطعام وصلوا الأرحام ، وأكرموا الأرامل والأيتام وتزاوروا وتصافحوا ، يَذهبُ الغل من قلوبكم  اجعلوا من يوم عيدكم ، سبباً للتصافي والتواصل واعطفوا على الفقراء والمساكين ، وتواصلوا وتواصوا بالحق والصبر .
وكل عام وأنتم بخير .

                                  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق