لقد تكفل الله بالمحافظة على الإسلام وكتابه الخالد فقال
تعالى :{إنا
نحن أنزلنا الذكر وإنا له لحافظون}الحجر 9 . وقد بقي
الإسلام موجوداً منذُ بعث الله محمداً ﷺ وحتى الآن ، وعلى أساسه تكونت الأمة الإسلامية ، وتم بناء
دولتها التي بقيت حتى سقوط الخلافة العثمانية ، وهي باقية في دلالات نصوص الإسلام
وكامنة حتى يبعثها الله . بخلاف كثير من النظم التي وُجدت في العالم واندثرت ، كما
حصل مع الإشتراكية التي انتهت حين تخلت عنها الشعوب التي كانت تعتنقها .
أما الإسلام فهو
موجودٌ وسيبقى موجوداً إلى الأبد وإن لم تكن هناك دولة تطبقه ، لأن الأمة
الإسلامية على إختلاف شعوبها ، ظلت تعتنقه رغم إبعاده عن حياتها ، ورغم غياب وجود
دولي له ، إلا أنه كمبدأ إلهي ظل موجوداً في العالم .
أما النظام الرأسمالي الذي تتبناه دول الكفر ، والتي عملت على
أن يكون أساس العلاقات والأعراف والقوانين الدولية ، والتي تعمل على محاربة
الإسلام لخوفها منه ، وطمعها في ثروات بلاد المسلمين من مواد خام ضرورية لصناعتها
، ولوجود الإحتياطي الضخم من النفط الخام في بلادها .
وإن كبرى هذه الدول تعتبر الإسلام خطراً عليها ، لذا تعمل على
إضفاء الشرعية الدولية على الإجراءات التي تراها ضرورية ، سواء كانت سياسية أو
إقتصادية أو عسكرية ، وإستغلال وسائل الإعلام لترويج شعاراتها وتشويه صورة الإسلام ، واستعداء العالم على
المتمسكين به ، ووصفهم بالتطرف والأصولية والتشدد والعنف والإرهاب وهم منها براء .
يساعدهم في ذلك المنافقون والمرتزقة والإنتهازيون والنفعيون
الذين يلهثون وراء المناصب الدنيوية
مخالفين مفاهيم الإسلام وأحكامه ، بتطبيق أنظمة الكفر وعقد إتفاقيات
ومعاهدات مع دول الكفر وما يصاحب ذلك من البطش والقمع بالمخلصين من أبناء المسلمين
، وتطبيق شعارات الرأسمالية كالديمقراطية
التي تعني أن يحكم الشعب نفسه بنفسه ، بالنظام الذي يضعه لنفسه ، مخالفين
بذلك شريعة الله ، واتباع تشريعات المخلوقين ، كالديمقراطية التي ينادون بأن من
مبادئها المساواة والعدل والمحاسبة ، وهي إنتقائية وإن حصلت حالات شاذة بخلاف ذلك .
أما التعددية : وهي من شعارات دول الكفر للقضاء على الإسلام ،
والتي تسمح بوجود الأحزاب والحركات التي تبيح ما حرم الله ، كاباحة الشذوذ الجنسي
، وتحلل النساء .
أما ما يسمى بحقوق
الإنسان : وهي نظرة الرأسمالية لطبيعة الإنسان ، والعلاقة بين الفرد والجماعة وواقع المجتمع ووظيفة الدولة ، وقد اعتبرت
الإنسان خيِّرٌ بطبيعته وليس شرّيراً ، وأن سبب الشرّ تقييد ارادته فنشأت فكرة الحريات ، بخلاف الإسلام الذي يعتبر
الإنسان مهيا للخير والشرّ معاً ، وأنه يختار أيهما بإرادته قال تعالى : {
ونفسٍ وما سوّاها فألهمها فجورها وتقواها ، قد أفلح من زكّاها وقد خاب من دسّاها } الشمس 10 .
وقد قدموا مصلحة الفرد على مصلحة المجتمع بخلاف الإسلام الذي جعل للفرد حقوقا وللجماعة
حقوقا وقد رتب على كل طرف واجبات تجاه الآخر
وأن على الدولة تأمين التوازن بينهما ، وفي وصف العلاقة بين الفرد والجماعة
قال رسول الله ﷺ : (مثل
القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضُهم
أعلاها وبعضُهُم أسفلها ، فكان الذين في
أسفلها إذا استقوا من الماء مرّوا على من فوقهم فقالوا : لو أنا خرقنا في نصيبنا
خرقاً ، ولم نؤذ من فوقنا ، فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً ، وإن أخذوا على
أيديهم نجوا ونَجَوْا جميعا ) .
والحريات عند الغرب : هي الأساس الذي إنبثق عنه (حقوق
الإنسان) وهي أساس البلاء في المجتمعات الرأسمالية التي تحولت بسببها إلى وحوش
غابات يأكل القوي فيها الضعيف ، وينحدر الإنسان فيها إلى درْك الحيوان نتيجةً
لإطلاق العنان لغرائزه وحاجاته .
كما أن الناس في المجتمعات الرأسمالية أشبه بالبهائم همهم التمتع بأكبر قسط من المتع الجنسية ،
ويُعْتَبَرُ ذلك قمة السعادة في النظام الرأسمالي ، مع أنها في الحقيقة مجتمعات لا
تعرف للسعادة طريقاً بل ، يعمها الشقاء والإضطراب والقلق الدائم .
وأما حرية العقيدة : فلا وجود لها بالنسبة للمسلمين لأنهم ملزمون بإعتناق عقيدة الإسلام .
وأما حرية الرأي : فإنها تعني السماح للمنافقين وأعداء
الإسلام بالدعوة ضد الإسلام ، وهدم كيان الأمة
والسماح لهم بالدعوة لأفكار الكفر التي تُروج لانحلال النساء والفساد ،
بخلاف الإسلام الذي أشترط أن يكون الرأي منبثقاً عن العقيدة الإسلامية أو مبنياً
عليها
وأما حرية التملك : فللفرد عندهم أن يتملك كلّ شئ ما أُحِلَّ
تملّكه وما حرِّم ، ويتصرّف بما يملكه كما يشاء سواء تقيد بأوامر الله ونواهيه أو
لم يتقيد .
وأما الحرية الشخصية : فإنه لا يجوز لمسلم أن يقبل بها لأنها
تُبيحُ ما حرَّم الله ، كحرّية الزنا والشذوذ الجنسي والتهتك وشرب الخمر ، وما إلى
ذلك من آفات هذه الحريات التي دعا اليها المبدأ الرأسمالي .
أما من يدعو لها من المنتمين للإسلام ، فهو إما جاهل أو فاجر
، ومن لا يدرك تناقض (حقوق الإنسان) مع الإسلام فهو جاهل ، ومن يعرف التناقض مع
الإسلام ويدعوا له عصياناً فهو فاجر ، أما من يؤمن بها بإعتبارها منبثقة عن عقيدة
فصل الدين عن الحياة ويدعو لها على هذا
الأساس فإنه كافر ، لأنه بهذا لا يعتنق عقيدة الإسلام .
أما سياسات السوق :
وهي تطبيق لحرية التملك على العلاقات التجارية بين الدول ، ويقصد بها تخفيف أو
إنهاء تدخل الدول في النجاره بوجه خاص وفي الإقتصاد بوجه عام ، لذا نرى أن كبرى
دول الكفر تعمل على رفع الحواجز الجمركية والقيود أمام التجارة الدولية ، وفي
الإقتصاد بوجه عام .
إن الهدف من فرض سياسات السوق على الدول هو تحويل العالم إلى سوق حرَّة ، وفتح أسواق
هذه الدول أمام الاستثمارات الأجنبية ، وجعلها تتخلى عن دورها في إدارة إقتصادها
بحملها على خصخصة القطاع العام .
لقد قامت كبرى دول الكفر لتحقيق ذلك بعقد إتفاقيات دولية ،
وإنشاء تكتلات إقتصادية كالناتا والسوق الأوروبية المشتركة وايباك ، والغات : وهي
الإتفاقية العامة للتجارة والتعرفة الجمركية المرجعية للتجارة الدولية والتي أوجدتهها أمريكا ، ولما كانت غير كافية لتحقيق
أغراضها ، عملت على إيجاد إتفاقية بديلة لها على هيئة منظمة سمتها (منظمة التجارة
العالمية) وميزتها أنها تُبيح للدول الرأسمالية الغنية والنافذة وعلى رأسها أمريكا
، التدخل في الشؤون التجارية والإقتصادية للدول الملتزمة بها ، من خلال الأنظمة
التي تضعها للدول النافذة ، كما تهدف إلى تدويل سياسات السوق ، لفتح أسواق سائر
دول العالم أمام منتجاتها المتفوقة .
إن واجب المسلمين أن يرفضوا سياسات السوق لتناقضها مع الإسلام
، ولأنها من أبرز الشعارات التي تدعو اليها دول الكفر للقضاء على الإسلام ، وتشويه
مفاهيم الإسلام وتحريفها ، بمساعدة عملائها في البلاد الإسلامية .
لقد آن للمسلمين أن يكونوا على جانب عظيم من اليقظة لما
يخططوا ويدبروا ، ولا نخافهم ونخشاهم لأننا نؤمن بالله الذي يأمرنا بعدم الخوف
منهم قال تعالى : {فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين}. وقد وعد الله من فعل ذلك
بالنصر قال تعالى : {إن تنصروا الله ينصركم ويثبِتْ أقدامكم}.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق