الثلاثاء، 28 أكتوبر 2014

ما الحل وما المخرج مما نحن فيه

           

  في وقت تتبرأ حكوماتنا من نية الحرب وحتى من نية الاستعداد له ، وتصرِّح دون خجل بأن الحرب ليست حلاً ، علينا أن نرجع إلى الله ، لأن بعدنا عنه والعياذ بالله لن يجدي ، بل سوف يزيدنا ضعفاً على ضعف ، كما يزيد طمع الطامعين ، ذلك أن الدول الكبرى منحازة إلى جانب المعتدي وتكيل بمكيالين ، بخصوص المشاكل التي تقع في أنحاء متفرقة من العالم .
فما حصل في زائير والملايين التي تموت جوعا وفي الصومال والبوسنة والشيشان ، وما يحصل في كوسوفو ، دليل واضح على أن لعاب هؤلاء المتحضرين يسيل شراهة وحقداً على الشعوب الضعيفة ، ثم يعلنون بأنهم يريدون إحلال السلام الذي يعرفون أنه ليس له وجود .
فما أن تخلصت الأمة من الاستعمار العسكري القديم ، وما كادت تنتهي من عصور الانتداب والوصاية ، حتى حلَّ مكان ذلك السيطرة على العالم الإسلامي ، بأساليب أكثر دهاءاً وخداعاً  إن عدونا لم يكتف بما حققه من هيمنة سياسية وسيطرة اقتصادية ، ولم يقف عند حد نهب ثروات الشعوب الإسلامية ، التي تدفع أحد عشر دولاراً مقابل كل دولارٍ تحصل عليه على صورة مساعدات ، والعمل على مصِّ دماء هذه الشعوب ، إذا علمنا أن ثلاثين ألف شخصٍ هم عدد الموظفين الأندنوسيين لمصنع نايك للأحذية الرياضية ، والذين يقلُّ إجمالي مرتباتهم السنوية عما يتقاضاه نجم كرة السلَّة الأمريكي مايكل جوردان لقاء ظهوره في الإعلان عن هذه الأحذية  وهذا مما نشرته مجلة تايم الأمريكية .
كما أن عدونا يحاول الدخول إلى عقل كل واحد من المسلمين ، فلا يعود المسلمون يرون المعالجات لواقع مشاكلهم إلا من زاوية حقوق الإنسان والتعددية والديمقراطية والحريات وسياسات السوق والعولمة وما إلى ذلك من المفاهيم الرأسمالية ، إلى جانب ما يجري من تحريفٍ لمفاهيم الإسلام وأحكامه ، تحت شعارات الوسطية والاعتدال والتسامح ، ونبذ التشدد والتطرف والتعصب ، بالإضافة إلى تسخير وسائل الإعلام العالمية إلى تشويه صورة الإسلام ، واستعداء العالم على المتمسكين به ، بوصفهم بالتشدد والتطرف والعنف والإرهاب ، كما تسخِّر لذلك عملاءها ومن يسيرون في ركبهم من المنافقين ، بل وحتى ممن يتظاهرون بالحرص على الإسلام .
إن استعمار الأمة الإسلامية والسيطرة عليها   ليس المقصود منه الوجه المادي أو نهب الخيرات والثروات ، إنما المقصود الأساسي هو الحيلولة دون عودة الأمة إلى حمل رسالتها إلى العالم .      
فما المطلوب منا إزاء ما يجري ؟ إنه الإعداد والاستعداد ، وتثقيف الأمة تثقيفاً سياسياً والسياسة : هي رعاية شئون الأمة ، وتزويدها بالمعرفة الصحيحة في حمل الدعوة الإسلامية  وحشد الإمكانات لمواجهة هذا المصير المؤلم  وعدم التخوف من التفوق التقني لدي الأعداء  وتاريخنا خير شاهد على ما نقول ، فالنصر ليس دائماً للأكثر سلاحاً أو عتادا ، فالروم والفرس كانوا أكثر من المسلمين عدداً وعتاداً حينما هُزموا ، لأن أسباب النصر والهزيمة من عند الله  وما علينا إلا أن نُعدَ العدةَ كما طلب الله سبحانه منا ، لأنه ليس عند الله أزمة وسائل ، فهو يحي ويميت ، وعنده القدرة على أن ينصرنا عليهم يقول الرسول والمؤمنون : متى نصر الله ؟ استبطاءً لمجيء النصر ، وكان الإنسان عجولا ، وهنا يطمئن الله العباد بقوله :{ألا إن نصر الله قريب}. بشرط أن نؤمن به كما طلب منا ، لأن الإيمان هو القوه التي تصنع الإنسان ، وتصنع الأمل وتستجلب النصر .
إن الذين يؤثرون الدنيا ويحبون الحياة ، سوف يغادرونها رغم أنوفهم ، فلم الخوف والجبن ، إن الإيمان لا يريد منا أن نقف مكتوفي الأيدي ، أمام البغي الأكبر ، وأن نلتمس الأمان في أحضان الكفر ، بل يريد منا أن نجد في مواجهة الأخطار  وأن نكف عن الاسترخاء ، وأن نصحوا ونُفيق ؟ إذا علمنا مثلاً أن أمريكا تعتبر أن كثرة النسل في عالمنا ، يشكل خطراً عليها كما زعم كسينجر عندما قدَّم تقريراً منذ سنوات إلى الرئيس كارتر  مشيراً فيه إلى ارتفاع معدل المواليد في العالم الثالث ، وأن ذلك يُشكِّل خطراً على الأمن القومي الأمريكي ، ونتيجة لذلك بادرت أمريكا إلى عقد مؤتمرات السكان ، وقد جرى في البرازيل وحدها ، تعقيم خمسة وعشرين مليون امرأة في سن الإنجاب .
كما يجب أن نعلم بأن في إسرائيل تيارات مختلفة  منها التيار العلماني ، الذي يذكرنا بأن الصهيونية علمانية لا دينيه ، فهم لا دينيون ويطالبون بأرض الميعاد ، وأكبر دليل على ذلك الاحتفال المئوي بالصهيونية في مؤتمر بال في سويسرا ، لم يذهب رئيس دولة إسرائيل ولا رئيس وزرائها لحضوره وظل رئيس الحركة الصهيونية يلف على الموائد ليجمع التبرعات لتصب في خزائن إسرائيل .
إننا نذكر بأن سياسة نتنياهو ما هي إلا وجه من أوجه السياسة التوسعية ، التي مارسها التيار العلمانيّ ممثلاً في حزبي العمل الإسرائيلي . وأن سياسة إسرائيل تقوم على التوسع والعدوان  وضرب القوانين الدولية عُرض الحائط ، مما يدل على عداوتها المريرة الدائمة للإسلام ، مصداقاً لقوله تعالى : { لتجدنَّ أشدَّ الناس عداوةً للذين آمنوا اليهود }المائدة 83 .
إن اليهود كانوا وراء إثارة النعرات القومية في دولة الخلافة الأخيرة ، ووراء الانقلابات التي ابتدأت بعزل الشريعة عن الحكم ، وانتهت بإلغاء الخلافة جملةً على يدي أتاتورك اليهودي ، وليس هناك ما يماثل معركة اليهود مع الإسلام إلا معركة الصليبية ، لذا حذَّر الله الأمة المسلمة من اليهود والنصارى على حدٍ سواء فقال:{يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء}المائدة 51 .
وهاهم يتولون محاربة حركات الإحياء والبعث الإسلامية في كل مكان على وجه الأرض  يساعدهم حكام يسالمونهم ويذلّون شعوبهم مخالفين بذلك تعاليم الإسلام ، الذي يتحقق بإقامة منهج الله في الأرض ، خضوعاً وطاعةً وإتباعا ، ويرفض أن يتحوَّل الإسلام إلى شعائر وعبادات أو تهذيباً خلقياً أو إرشاداً روحياً وكفى   بل يجب أن يتبع ذلك كله التطبيق العمليّْ الممتمثل في منهج الحياة الموصول بالله سبحانه وتعالى الذي تتوجه إليه القلوب بالشعائر والعبادات ، هذا هو الإسلام كما يريده الله ، ولا عبرة بما تريده أهواء البشر أو يصوره أعداؤه المتربصون به .
إن الإسلام دينٌ وعقيدةٌ ونظام ، دينٌ الهي وعقيدةٌ أخلاقية ، ونظامٌ متكامل يجمع بين اقتصادٍ عادل ومجتمعٍ سليم ، وتشريعٍ مدنيٍ وجزائي ودولي .. وهو قطعاً صالح للحاضر والمستقبل ، كما كان صالحاً للماضي ، وهو يجمع في الحكم ما بين عدل الحاكم وطاعة المحكوم  . . . ألحا كمية فيه لله وحده ، وإن وظيفة الحاكم في الإسلام ، تنفيذ شريعة الله    فإن أحسن وجبت له الطاعة ، وإن أساء انتقضت طاعته ووجب تقويمه .
إن العودة إلى الدين هي زاد المجاهدين ، يشعر معها المؤمنون أنهم جند الله لا جند الطواغيت وأنصار الحق لا أنصار زيد وعمرو ، سلاحهم الإيمان وزادهم التقوى ، ويجري هذا النسق في كل مجرى وفي كل اتجاه ، فالقيادة بلا إيمان خيانة والسياسة بغير إيمان دجل ، والتجارة بلا إيمان غش ، والجندية بلا إيمان جبن ، وكل ما عدا ذلك باطل يدفع باطلا ، وشبهة تسوق شبهات  انه حتمية فوق كل الحتميات ، وروحيةٌ تصنع الأعاجيب وتحقق المعجزات .
إن من الظلم أن تُحرم هذه ألأمه من تطبيق كتاب ربها وسنة نبيها ، وألا تحتكم إليهما فيما يعرض لها من أحداث وشئون ، وإن من الضلال أن يصبح الإيمان بالله سبحانه لغوا .
إن دول الكفر تأبى علينا ذلك ، ونحن نأبى إلا ذلك ، ومما يؤسف له أن هذا الإباء لا يأتي من الخارج فقط ، فإن بيننا أُناس يضيقون بحكم الله ويحتكمون إلى الطاغوت ، وعندما وقعت السلطات في بلاد الإسلام في أيدي هؤلاء  أوقعت بالإسلام أبلغ الضرر . وإن هذه الفئات الضالة المضلة ، هي التي تستفيد من إفساد دين الله ودنيا الناس ، ويهمها أن تفسد سياسة الحكم والمال ، وتؤذيها الصحوة الإسلامية ، ورغم ذلك تجدُ من يتملقهم ويتزلّف إليهم كذباً ونفاقا . وقد يكون بعض هؤلاء من العلماء المعنيين بما ورد في الحديث : ( أن أناساً من أمتي سيتفقهون في الدين ويقرءون القرآن ، يقولون نأتي الأمراء فنصيب من دنياهم  ، ونعتزل بديننا ، ولا يكون ذلك . كما لا يجتنى من القتاد إلا الشوك كذلك لا يجتنى من قربهم إلا ... كأنه يعني الخطايا ) . وعن جابر بن عبد الله أن النبي (ص ) قال لكعب بن عجرة : ( أعاذك الله من إمارة السفهاء . قال وما إمارة السفهاء ؟ قال أمراء يكونون بعدي ، لا يهتدون بهدي ، ولا يستنون بسنتي ، فمن صدَّقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم ، فأولئك ليسوا مني ولست منهم ، ولا يردون على حوضي ، ومن لم يصدّقهم بكذبهم ولم يعنهم على ظلمهم ، فأولئك مني وأنا منهم  وسيردون عليَّ حوضي ) .
 إنا لنأمل أن يقوم للإسلام رجال لا يخافون في الله لومة لائم ، يردون عادية الإلحاد والفسوق   ويرفعون أعلام اليقين والمرحمة .                                                                                                                            ولله أوسٌ آخرون وخَرْرَجُ        فيدرك ثأر الله أنصارُ دينه  
إنهم قادرون على الخلاص مما هم فيه من ذلٍّ وهوان ، والأعداء يدركون هذه الحقيقة ، لذا يشيعون بين المسلمين أجواء الخوف والرعب والإرهاب الذي حذَّرنا الله منه بقوله :{فلا تخافوهم وخافونِ إن كنتم مؤمنين}آل عمران 175 .













                  





            





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق