لقد
جاء الإسلام وسيبقى ، ما صلحت هذه الأرض للحياة والبقاء ، ويوم ينتهي الإسلام من
هذه الدنيا فلن تكون هناك دنيا ، وليعلم دعاة الهزيمة ، أن الله أبرُّ بدينه
وعباده مما يظنون . وإن الأمة لا تخلو من دعاةٍ صدقوا ما عاهدوا الله عليه يقاومون الضلال ، ولا يستوحشون من جو
الفتنه الذي يعيشون فيه ، ولا يزالون
يقومون بواجبهم حتى تنقشع الغمة ، ويخرج الإسلام من محنته وما ذلك على الله بكثير ، أن يستأنف
المسيرة يضمُ إلى أرضه أرضا ، والى
رجاله رجالا .
ذلك
ما وقع خلال أعصر مضت ، وما سيقع خلال أعصر ستجيء ، وهذا ما ينطقُ به حديث رسول
الله ﷺ
، ( بدأ الإسلام غريبا ...إلى أن قال : طوبى للغرباء الذين يصلحون ما أفسد
الناس من سنتي ) . إذن ليست الغربة ، موقفاً سلبياً عاجزاً ، إنها جهادٌ قائم
دائم ، حتى تتغير الظروف الرديئة
ويلقى
الدين حظوظاً أفضل ، وليس الغرباء هم التافهون ، من مسلمي زماننا ، بل هم الرجال
الذين يرفضون الهزائم ، ويتوكلون على الله في العمل على تلاشيها . وليس رجال
التهارش على الحكم والتقاتل على الأمارة ، ومحاولة الاستيلاء على السلطة بأي ثمن ،
وما استتبعه ذلك من إهدار للحقوق والحدود ، وعدوان على الأموال والأعراض .
يُؤيدُ
ما نقول ما نراه من التنازلات الرخيصة مع الأعداء ، والضرائب التي أثقلت كاهل
الناس والبطالة والكساد الذي نلمسه في
هذه الأيام وشيوع الخيانات بين الناس ،
وتقدم من تقدم بالمعاذير المفتعلة ، مما يوجب على المؤمن الصادق المخلص لدينه
وعقيدته الترفع والتنزه عما يجري وعدم المشاركة في معارك الجاه والمال والمطامع
والوجاهات ، وليستمسك بعروة الإيمان
متجاوزاً تلك الصغائر ، التي يهلك فيها أصحابها وهذا ما أشار إليه رسول الله ﷺ
بقوله : (ستكون فتنٌ ، القاعد فيها
خيرٌ من القائم والقائم فيها خيرٌ من
الماشي ، والماشي فيها خيرٌ من الساعي ، من تشرَّف لها تستشرفه ، فمن وجد فيها
ملجأً أو معاذاً فليعذ به) ، ولكن ذلك لا يعني ترك ألأمه دون ناصح أمين ورائد مخلص
لأن العزلة لا تصلح للأمة كلها ، وإلا كان ذلك حكماً عليها بالفناء .
إن
الإسلام الذي ساد قروناً من الزمان وتعثر حينا
لا بد وأن يسير على الدرب المحدد له ، وهو ما حدده القرآن الكريم بقوله
تعالى : { هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره
المشركون }التوبة 33 . وما ورد عن النبي ﷺ : ( إن الله زوى
لي الأرض مشارقها ومغاربها وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها ) . وما روي عن الإمام أحمد عن تميم الداري قال :
سمعت رسول الله ﷺ يقول : (ليبلغَنَّ هذا الأمرُ ما بلغ الليل والنهار
، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر ، إلا أدخله هذا الدين يُعِزُ عَزيزاً ويُذِلُ ذليلا ، عزاً يُعِزُ
الله به الإسلام وذِلاً يُذِلُ اللهُ به
الكفر ) .
إن
المستقبل سيكون للإسلام ، ولهذه العقيدة إن شاء الله ، وإن العودة إلى راية لا إله
إلا الله تقود الأمة إلى طريق الخلاص ،
وترسم لها طريق السلام الشامل ، المبرأ من البغي والفساد والعدوان إن الإسلام قوةٌ ، تُجاهد قوى الشر
والفساد والعدوان في الأرض ، حتى تمحوها
وتُعيدُ للإسلام عزّه ومجده ، إنه حربٌ على الاستبداد وعبودية البشر ، وعلى
الطغيان والظلم ، حربٌ تحمل معها المساواة والعدالة تحققها في عالم الواقع ، في
التشريع والتنفيذ ، وإلا فستظل البشرية تُعاني من الظلم والطغيان والانحراف ، وهو
من وضع الحضارة الكافرة ، الضالة عن الله ، إلى أن يتسلم الإسلام الزمام ، فيقود
البشرية الحائرة ، إلى عدل الإسلام ، والنظام والسلام ، ويومئذٍ يفرح المؤمنون
بنصر الله ، ألا بنصر الله تطمئنُ القلوب .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق