الثلاثاء، 28 أكتوبر 2014

لابد للحق أن ينتصر



إن ذهاب الباطل ناجياً في معركةٍ من المعارك ، ليس معناه ان الله تاركه ، أو أنه لا يُغلب ، ولا يعني بقائه ضعيفاً فترةً من الزمان ، أن الله مُجافيه أو ناسيه ، إنما هي حكمة الله ، يُملي للباطل ليمضي الى نهاية الطريق ، وليرتكب أشد ألآثام ، حتى ينال العقوبة من الله باستحقاق . وقد يُبتلى الحقُ ، ليميز الخبيث من الطيب ، ويعْظُمَ ألأجر ، لمن يَثْبُتْ ويمضي مع الابتلاء ، وذلك كسب للحق وخسارةٌ للباطل ، قال تعالى: { ولا يحزُنْكَ الذين يُسارعون في الكفر ، إنهم لن يضروا الله شيئا يريد الله ألا يجعل لهم حظاً في ألآخره ، ولهم عذاب عظيم } فالذين يسارعون في الكفر ، ويلتجأون الى دول الكفر ، إنهم يحاربون الله بذلك ، لكنهم أضعف من أن يضروا الله شيئا ، أو يضروا حملة دعوته ، مهما سارعوا في الكفر ، ومهما أصابوا أولياء الله بالاذى . أما لماذا يتركهم الله سالمين وهم أعدائه المباشرون ؟ إنه يريد ألا يجعل لهم حظاً في ألآخره ، يريد لهم أن يستنفذوا رصيدهم كله وأن يحملوا وزرهم كله ، وأن يستحقوا عذابهم كله ، لقوله تعالى ولهم عذاب عظيم . إنه يريد بهم هذه النهاية الفظيعه ، لأنهم استحقوها بشرائهم الكفر بالايمان ، وانهم لن يضرّوا الله شيئا ، ولن يوقفوا دعوة الله ، ولن يضروا أولياء الله ، ومهما أوقعوا بالمؤمنين من أذى وقتي ، فهو الى حين ، أما لماذا نرى أعذاء الله ، وأعداء الحق متروكين ،لا يأخذهم العذاب ، ممتعين بالقوة والسلطة والجاه والمال ، حيى يظن ضعاف النفوس أن الله - حاشاه - يرضى عن الباطل والشر ، والجحود والطغيان ، فيملي ويرخي له العنان ، أو يحسبون ان الله لا يتدخل في المعركه بين الحق والباطل ، ويدع الباطل يتغلب على الحق ، ويدع الظلمه الطغاه ، يسارعون في عتوهم وكفرهم ، ولا يوجد من يقوى على الوقوف في وجههم . إن مثل هذه التسائلات وهم باطل ، لأن ألأمر ليس كذلك ، والله يحذّرُ الذين كفروا أن يظنوا هذا الظن ، فإذا كان الله لا يأخذْهم بكفرهم الذي يُسارعون فيه ، وإذا كان يُعطيهم حظاً في الدنيا ، يستمتعون به ، ويلهون به . وإذا كان يأخذهم بهذا الابتلاء ، فإنما هي الفتنه ، وإنما هو الاستدراج والكيد المتين . قال تعالى : { ولا يحسبن الذين كفروا أنما نُملي لهم خير لأنفسهم إنما نُملي لهم ليزدادوا إثما } فلو كانوا يستحقون أن يُخرجهم الله من غمرة النعمه ، بالابتلاء الموقظ لابتلاهم ، ولكنه لا يريد بهم خيرا ، وقد أشتروا الكفر بالايمان ، وسارعوا في الكفر ، واجتهدوا فيه ، فلم يعودوا يستحقون أن يوقظهم الله من غمرة النعمه بالابتلاء ، ولهم عذاب مُهين . إن الاهانة هي المقابل لما هم فيه ، من مكانة ونعماء ، وفي هذا دلاله على أن الابتلاء من الله نعمه ، لا تُصيب إلا من يريد الله به الخير ، فإذا أصابت أوليائه ، فإبما تُصيبهم لخيرٍ يريده الله لهم . وقد يسأل سائل : أليس هذا الدين من عند الله ؟ فلماذا لا ينتصر ؟ إن الله قادر على تبديل فطرة الانسان ، لكنه شاء أن يخلق الانسان بهذه الفطره ، وشاء أن يجعل لهذا الانسان إراده واستجابه ، وشاء أن يجعل الهدى ثمرةً للجهد والتلقي والاستجابه ، وشاء أن يتم تحقيق منهجه في الحياة ، عن طريق الجهد البشري ، وفي حدود الطاقه البشريه ، وشاء أن يبلغ الانسان من هذا كله ، بقدر ما يبذل من الجهد ، وليس لأحد من الخلق أن يسأل لماذا شاء هذا ، ما دام ليس إلها .  إن على الانسان ان يؤمن  بالمنهج ألألهي ، الذي يُمثله الاسلام ، كما جاء به محمد ( ص ) وهذا لا يتحقق بالقهر الالهي ، إنما يتحقق بأن تحمله مجموعه من البشر ، تؤمن به إيماناً كاملا ، وتستقيم عليه ، وتجعله وظيفة حياتها ، وتجاهد من أجل تحقيقه في قلوب الآخرين ، وفي حياتهم العمليه ، تجاهد الذين يدفعهم الضعف ، والهوى ، والجهل ، للوقوف في وجه هذا المنهج ، وهناك عنصرٌ آخر هو مدى تمثيل هذه المجموعه لحقيقة منهج الله ، في ذات نفسها ، ومدى ارتباطها بالله ، وثقتها به ، وتوكلها عليه .  ان ترك المنهج الالهي ، يعمل ، ويتحقق عن طريق الجهد البشري  ، الذي هو خيرٌ في عمومه ، وهو يُصْلِحُ الحياة البشرية ، ولا يُفسِدُها أو يُعطِلها .  إن حقيقة الايمان ،لا يتم تمامها في جماعه ، حتى تتعرض هذه الجماعه ، للتجربة والامتحان والابتلاء ، والصبر على الاذى والهزيمه ، وحتى يتميز الصف ، وتستقيم الجماعة على الطريق ، متوكلةً على الله ، متمسكةً بالعقيده ، التي تجمع بين قلوب المسلمين .  لا كما يتصور الذين استعمر الغرب أفئدتتهم وأرواحهم ، ومن خسروا أنفسهم ودينهم ، وارتضوا أن يُصبِحوا ذيولاً ذليلة ، لا حول لها ولا قوه ، مع أنه لا يجوز لهم أن يكونوا للكافرين أولياء ، ولا للمعتدين بطانه ، وأن يوادوا من حاد الله ورسوله ، ومن قاتلوا المسلمين ، واخرجوهم من ديارهم ، كما لا يجوز لهم أن يسيروا في ركابهموهم أطوع لأوامرهم ، من الخادم ألأمين ، علماً بأن الله يُحرِّمُ عليهم ، أن يمدوا أيديهم ، الى الذين آذوا المسلمين ، وأخرجوهم من ديارهم ، وظاهروا على إخراجهم . قال تعالى : { إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين ، وأخرجوكم من دياركم ، وظاهروا على إخراجكم ، أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظلمون } فلا مهادنة ولا معاهدة ولا تعاون مع ملة الكفر ، لأن ذلك حرام شرعا . وليعلم المسلمون ، أن المستقبل لهذا الدين ، ولهذه العقيده ، وأن الحقيقه ، تقتضي انتصار أفكار الاسلام ، أمام أفكار الكفر وتحدياته ، ولا يمكن لسفاهة سفيه ، أن تنال من عقيدتنا ، التي تكفل الله بحفظها . ومهما حارب الكفر هذا الدين ، فلن يُيفلح في النهايه ، لأن الكفر من الأرض والدين  تحميه وتحرسه قوةٌ السماء ، التي لا بد لها أن تغلب .  إن ديننا يدعوا الى نظام ، الحاكمية فيه لله ، ديناً يحقق المساواه ، ولا يكون لحاكم فيه حقوق زائده على حقوق الفرد العادي ولا يكون هناك من هو فوق القانون ، ديناً يجعلُ لجميع أفراد ألأمة ، حقوقاً في ثروات الدوله ، لأن الملكية أصلها للجماعة المسلمه ، مستخلفةٌ فيها عن الله ، ديناً يقوم على أساس التكافل الاجتماعي وتقوم علاقاته الدوليه على أساس المسالمه ، بينه وبين من لا يحاربونه ، ولا يؤذون معتنقيه ، ولا يُفسدون في ألأرض ، ولا يظلمون الناس ، لأنه لا يُحارب إلا المفسدين الظالمين ، ديناً هذه نظمه ، ومبادئه ، لا بد أن يسود ، ويحكم العالم من جديد ، وما ذلك على الله ببعيد . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق