الثلاثاء، 28 أكتوبر 2014

معنى التوحيد


 التوحيد : هو واجب الله على بني الإنسان ، بأن يعبدوه ويوحدوه ، في أُلوهيته وربوبيته ، ولا يشركوا به شيئا ، لقوله تعالى :{وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}الذاريات 56 . والتوحيد تحقيق لمضمون لا إله إلا الله ، الكلمة التي تجمع دين الله ، والتي قامت عليها رسالات الأنبياء جميعاً ،كما أخبر تعالى :{وما أرسلنا من قبلك من رسولٍ ، إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون}الأنبياء 25 . إنه العبادة التي كلف الله بها عباده ، أمراً بكل ما فرضه الله تعالى وأوجبه ، أو رغب فيه من الطاعات وحظراً بكل ما نهى عنه ونفَّر منه ، أو كرهه الله تعالى من المحرمات .
 وسبب التكليف هذا ، هو الابتلاء من الله ، ليظهر به المحسن من المسيء ، لقوله تعالى : {ليبلوكم أيكم أحسن عملا }هود 7. ومشروعية التكليف هذه ، مبنية على الزام الرب ، والتزام العبد .إلزام يتمثل بفعل المأمور ، وترك المحظور بلا تفريط . والتزام يتمثل بما يوجبه العبد على نفسه لربه ، بطريق النذر .
 ما هي أركان التوحيد ؟
هي الإسلام ، والإيمان ، والإحسان ، فالإيمان به : هو التصديق بما جاء به الرسول مما علم من الدين بالضرورة ، وقد فسره النبي عليه السلام ، في الحديث الطويل الذي رواه مسلم ، عن عمر بن الخطاب ، عندما سأل جبريل النبي عليه السلام قال : (فأخبرني عن الإيمان ، قال : أن تؤمن بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله واليوم الآخر : وتؤمن بالقدر خيره وشره ).
 وأما الإسلام له ، فيكون بالامتثال والانقياد لما جاء به النبي عليه السلام ، مما علم من الدين بالضرورة ، أو قام عليه الدليل اليقيني . وقد فسره رسول الله (ص ) في حديث جبريل الذي رواه البخاري (قال:يا محمد أخبرني عن الإسلام ،قال : الإسلام أن تشهد أن لا اله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا) . إن الإيمان ، من الباطن الذي يستقر في القلب ، نيةً واعتقاداً . وإن الإسلام هو الظاهر الذي يتجلى في عمل الجوارح . وإن كمال الإيمان وتمام الإسلام ، هو الإحسان الذي فسره النبي عليه السلام بقوله : (أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك ).
فما هي مراتب العبادات إذن في دين التوحيد ؟
إنها مندرجةٌ من الأهم إلى المهم ، وقد قسمت المأمورات تبعاً لذلك ، إلى الركن والفرض والواجب والمسنونات . كما قسمت المحظورات ، إلى الكبائر والصغائر والمكروهات .
ومن أكبر الكبائر الكفر ، وهو على أربعة أنحاء :   
 الأول : كفر إنكار : بأن لا يعرف الله أصلاً ولا يعترف به ، بأن يكفر بقلبه ولسانه ، ولا يعرف ما يُذكرُ له من التوحيد ، كما في قوله تعالى : { إن الذين كفروا سواءٌ عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون }البقرة 6 ، أي الذين كفروا بتوحيد الله .
الثاني : كفر جحود : بأن يعترف بقلبه ، ولا يقرَّ بلسانه ، فهو جاحدٌ كافر ككفر إبليس ، ومنه قوله تعالى :{ فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به}البقرة 89 
الثالث : كفر معاندة : أن يعترف بقلبه ويُقرَّ بلسانه ، ويأبى أن يقبل كأبي طالب عم رسول الله (ص )
الرابع : كفر النفاق : بأن يقرَّ بلسانه ويكفر بقلبه ولا يعتقد .
واعلم يا أحي المسلم ، أن من سب الله أو دينه ، كما هو حال كثيرٍ من الناس ، ومنهم من يرتاد المساجد ، ويحافظ على الجمع والجماعات ، ليعلم هؤلاء أن من أتى بلفظ الكفر حبط عمله ، وتقع الفرقة بين الزوجين ، ويجدد النكاح بعد تجديد الإيمان ، والتبرّي من لفظ الكفر ، ولو أتى بالشهادة عادةً ولم يرجع عما قال ، لا يرتفع الكفر عنه ، ويكون وطؤه زنا ، وولده ولد زنا .   
ما هي أقسام التوحيد؟
توحيد الربوبية ، و الألوهية ، والأسماء والصفات .
فما هو توحيد الربوبية ؟
هو توحيد الله بجمع أفعاله ، من الخلق والرزق ، والإماتة والإحياء ، وإمساك السموات والأرض من الزوال
أما توحيد الألوهية :
هو توحيد الله من عباده ، بجميع ما يفعلونه ، ومما شرع لهم من العبادات التي تعبدهم بها ، وهذا ما جحده الكفار ، وخاصموا رسلهم من أجله ، فأوجب الله جهادهم ، وأباح دمائهم وأموالهم .
وأما توحيد الأسماء والصفات :
فهو الإيمان بكل ما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية ، من صفات الله ، نصفه بها كما وصف نفسه ، وكما وصفه رسول الله ، بلا تكييف ولا تعطيل ، ولا تشبيه ولا تمثيل ، ولا تحريف ولا تأمين ،لأن ذلك خروج بها عن حقيقتها ، إلى الميل والإلحاد في معانيها ، قال تعالى :{وذروا الذين يلحدون في أسمائه ، سيجزون ما كانوا يفترون}الأعراف 130 .
وأخيراً ما هي أصول التوحيد ؟
 هي معرفة العبد ربه ودينه ونبيه ، وذلك يكون بمعرفة آياته ومخلوقاته ، وأثار قدرته في كل شئ . وطريق الوصول إليها يكون بكتاب الله ، وسنة نبيه وهذه الأصول هي :
   أولاً : الأيمان بربوبية الله .
   ثانيا : الأيمان بملائكته .
  ثالثاً : الأيمان بكتبه . 
  رابعاً : الأيمان برسله . 
 خامساً : الأيمان باليوم الآخر . 
 سادساً : الأيمان بالقدر : نؤمن به ولا نحتج به ، فلوا كان القدر حجه للعباد ،لم يعذب أحداً من الخلق ، لا في الدنيا ولا في الآخرة ، ولما أقيم الحد على ذي جريمة ، وعندما سئل النبي عليه السلام عن هذا قال ( ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة ، ومقعده من النار . فقيل يا رسول الله ، أفلا ندع العمل ؟ ونتكل على الكتاب ؟ قال : لا . اعملوا فكل ميسر لما خلق له ) ثم قرأ{ فأما من أعطى واتقى ،وصدَّق بالحسنى ، فسنيسره لليسرى ، وأما من بخل واستغنى ، وكذب بالحسنى ، فسنيسره للعسرى }الليل 6 . فالله سبحانه علم الأمور ، وكتبها على ما هي عليه ، بناءً على علمه المسبق بأفعال العباد ، فقد كتب الله ما يصير إليه العباد ، من الشقاوة والسعادة ، وجعل الأعمال سبباً للثواب والعقاب .
سابعاً : الإخلاص في العمل : وحقيقته النية بسلامتها ، وذلك بطمأنينة القلب ، وحُسن القصد والسكينة واليقين ، مع التسليم للمأمور ، والرضى بالمقدور ، والإعراض عن المحظور .
ثم الكلمة بصدقها ، بعيداً عما يهدم الأعمال كلياً وجزئياً ، من النفاق والكذب ، والخيانة والرياء والسمعة والشك والشبهة .
   ثامناً : الحب والكره لله وفي الله ، وكره من كرههم الله ، وذلك من ثمرات الإخلاص .
   تاسعاً : الخشية والرجاء .
    فالخشية : تعظيم الله خوفاً من عقابه .
 والرجاء : إحسان الظن بالله تعالى ، أملاً في ثوابه ، ودفع النفس إلى الطاعة ، ومنعها من المعصية .                  العاشر : الولاء . ويقصد به الدخول في الإيمان والإسلام والطاعة ، ونصره الله ورسوله للمؤمنين وطريق الموالاة لله ، تكون بإتباع كتابه الكريم ، وللرسول بالإقتداء بسنته ، وللمؤمنين بالتذلل لهم وخفض الجناح ولين الجانب ، وإخلاص النصح وبذل المشورة .   
 الحادي عشر : التبرؤ من الجاهلين : والتبرؤ الخروج من الكفر ، والشرك والمعصية .
الثاني عشر : الدعاء : وهو إعلان من العبد عن عبوديته ، وضعفه وعجزه ، وإعلان عن ربوبية الله وقدرته وحمديته  الثالث عشر : وهي الرجوع عن المعصية والدخول في الطاعة .
 الرابع عشر : ابتغاء الوسيلة وطلب الشفاعة : وهي التقرب إلى الله بعمل صالح وطلب الشفاعة وهي التقرب إلى الله به تعالى ، أو بكرامة عمل صالح ، أو بدعاء كريم عند الله من نبي مرسل ، أو ولي صالح من المؤمنين ، وقد اتفق المفسرون على أنها القربة والطاعة . و شفاعة الله معينته ورحمته ورضوانه ومغفرته ، أما شفاعة الملائكة ، فهي استغفارهم لمن في الأرض ، والصيغة المشروعة في طلب الشفاعة : أن يتوسل إلى ربه فيقول : اللهم اشفع لي ، أو يقول اللهم شفِّع فيَّ ملائكتك ، وكتبك ورسولك المصطفى محمد .
 الخامس عشر : الحلف بالله . 
السادس عشر : النذر لله : وهو أن يوجب العبد على نفسه لربه ما يفعله ، أو يتركه بصيغة النذر والوفاء به واجبٌ شرعاً ، ولا يقبله الله إلا بشرط التقوى والإخلاص ، لقوله تعالى {إنما يتقبل الله من المتقين }المائدة 27 .
 السابع عشر : الذبح لله : وهو من النسك ، وهو عبادةٌ تصرف لله وحده ، ومن صرفها لغير الله فقد أشرك ، لقوله تعالى : {إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له}الأنعام 162  وتعظيم الله في الذبح ، يكون بذكر أسمه عليها دون غيره ، والتقرب بها إلى الله وحده دون سواه .
 الثامن عشر : الجهاد في سبيل الله : وهو بذل الجهد في القتال ، لدفع الظالمين المستكبرين ، والدفاع عن المظلومين من المستضعفين ، لإعلاء كلمة الله على الأرض كلها .
التاسع عشر : الهجرة في سبيل الله : وهي الانتقال في مرحلة الضعف والعجز ، من دار الكفر والظلم إلى دار الإسلام والعدل ، فرارا بالدين وطلباً لنصره المسلمين .
العشرون : الحكم والتحاكم : الحكم بما أنزل الله ، والتحاكم إلى ما أنزل الله ، والحكم في الإسلام يقوم على أسس وأصول ، من الالتزام بالشورى ، والحق والعدل ، وتحقيق المساواة ، والحرية والإخاء ، ورعاية شؤون الناس ، من جلب المنافع لهم ، ودفع المضار عنهم ، وتنفيذ الحدود وإعلان  الجهاد ، وإظهار الشعائر ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
الحادي والعشرين : شعائر الإسلام وشعائر الكفر : شعائر الإسلام : هي العبادات التي يعرف بها المسلم ، أو يحكم له بوصف الإسلام ، وتتمثل في الأركان من المسنونات .
 أما شعائر الكفر : فهي معاصٍ صغيرة وكبيرة ، يعرف بها الكافر ، و أعظمها نقص الأركان ، وقول الزور والزنى ، وقتل النفس وأكل الربا .
الثاني والعشرون : البسملة والحمد له : والبسملة هي أول ما أمر الله به نبية : في أول ما أنزل من قرآن . قال تعالى {اقرأ باسم ربك الذي خلق} وفي البسملة تعظيم لمقام الرب بذكر اسمه ، ونسبة الفعل إليه ، وفيه تأدبٌ وخضوعٌ من العبد ، وأما الحمد له ، فيدخل فيه الثناء ، وهو حمد باللسان والشكر حمدٌ في مقابل النعمة ، ويعمّ الحمد فيكون على النقمة كذلك ،لأن الله يبتلي عبده بالنعمة والنقمة ، يشكر في الأول ، ويصبر ويحتسب في الثانية .
وإذا كان الحمد مطلوباً في السراء والضراء ، فإن الشكر مطلوب لتدوم النعم وتزيد لقوله تعالى :             
{لئن شكرتم لأزيدنكم } إبراهيم 7 ، ومن شكر النعمة إعلانها والتحدث بها ، لقوله تعالى :{ وأما بنعمة ربك فحدث }الضحى ، وذكر الله أن كفران النعمة يؤدي إلى الهلاك قال تعالى : { وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا }الإسراء 16           
     
 
             


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق