الأحد، 26 أكتوبر 2014

رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه


قال تعالى:{ومن يتولَّ الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون}المائدة 56 . إن حزب الله هم أولئك الرجال الذين يعملون لعودة الحياة اسلامية   حاملين راية الهدى والحق ، وهم يشكلّون امتداداً مباركاً لصفوف المؤمنين الذين سبقوهم ، لأن حزب الله لا يقتصر على اصحاب رسول الله فحسب  بل سيمتدُ عبر الأجيال الوافده والازمنه المقبلة ، حتى يرث الله الأرض ومن عليها ، ضاماً إلى صفوفه كل مؤمن بالله ورسوله . وقد جاء الوعد بالغلب في هذه الآيه بعد بيان قاعدة الايمان في ذاتها ، وأنها هي الولاء لله ورسوله وللمؤمنين .

إن الله يريدُ من المسلم ان يسلم لمجرد أن الاسلام خير  لا لأنه سيغْلِب أو سَيُمَكْنُ له في الأرض  فهذه ثمرات تأتي في حينها ، وتأتي لتحقق قدر الله في التمكين لهذا الدين ، لا لتكون هي بذاتها للإغراء على الدخول في هذا الدين  .

إن الغلب للمسلمين قدر يجريه على أيديهم  ويرزقهم إياه لحساب عقيدتهم لا لحسابهم   فيكون له ثواب الجهد فيه ، وثواب النتائج التي تترتب عليه من التمكين لدين الله في الأرض  وصلاح الأرض بهذا التمكين  وقد يَعِدُ الله المسلمين الغلب لتثبيت قلوبهم واجتياز المحن وتخطي العقبات ، طمعاً في أن يتحقق على أيديهم وعد الله للمسلمين ، فيكون لهم ثواب الجهاد وثواب التمكين لدين الله في الأرض 

إن سنة الله تقضي أن يكون حزبه هم الغالبون  وهذا وعد من الله ولا يخلف الله وعده إن وجدت الفئه التي تتمسك بالمنهج والعقيده والشريعة   وأن الولاء لله ورسوله ، هو الطريق المؤدي لتحقيق وعد الله ، لقد ضرب المسلمون الاوائل أروع الأمثال في صدق الإيمان ، وعمق العلم وصفاء الاخوه وسمو الجهاد والاستمساك بمبادئ الإسلام حتى صنعوا بفضل الله أولاً ثم بإخلاصهم وطهارة نفوسهم نموذجاً للامه العاقلة الفاضلة المجاهدة .

إن الخيرية تتمثل بكل أبعادها في ذلك الخُلقِ الطاهر والسلوك المرضي الذي أثمرته العقيدةُ الاسلاميه في أجل معانيها وابهج صورها . كالرعيل الاول الذي تربى في مدرسة النبوه مدرسة النور والهدى ، كانوا من الطراز الفريد الذي عجب له التاريخ ، فكانت لهم اليد الطولى في كل مجالات الحياة وكان لهم من مدرسة النبوه مدداً وعطاءً لا ينضب . اننا بحاجةٍ ماسةٍ الى امثالهم في معركتنا مع قوى الالحاد والكفر  فقد كانت حياتهم خلال المعارك جهاداً بالنفير والثبات والتضحيه والفداء ، وبعد المعركه بالاصلاح والبناء والتعمير وتقويم النفوس وتطهير القلوب ، لقد جاهدوا اعداءهم لم يملّوا ولم يميلوا ولم يَخْدَعوا ولم ينخدعوا ، بل طاولوا الأيام بالطهر  وعمروا القلوب بالذكر ، وطلبوا عند الله الأجر   وظلوا أهل وفاء وفداء .

إننا نحمد الله لوجود شباب في امتنا يحيا لله ويدعو للجهاد في سبيل الله ، ويكشف حقيقة  اعداء الله  هؤلاء هم الذين يوجهنا الشرع الى موالاتهم والركون اليهم . شباب أحسنوا الجمع بين القول الجميل والعمل الجليل  تكلموا فاصابوا ، وعملوا فاتقنوا ، وامتحنوا بالشديد من الابتلاء والاختبار   فصبروا صبراً جميلاً  واحتملوا الأذى في سبيل الله   وتخلقوا بأخلاق الإسلام ، إنها صورة الداعين الذين يتعرضون للأذى والمطارده والاعتقال في سبيل العقيده  وفي سبيل العمل على تطبيق المنهج الرباني الذي قدّر الله أن يكون تحقيقه في واقع الحياة بالجهد البشري  وعن طريق هدا الجهد وبالقدر الذي يبذله المؤمنون في سبيل الله وابتغاء وجه الله ، انهم مثال الايمان الصادق والثبات على المبدأ والولاء لله والرسول ( ص )   باعوا أنفسهم لله وأخلصوا لله وثبتوا على دينهم وعقيدتهم .

إن العمل لإنقاذ الأمه بالعودة الى الحياة الإسلامية  يجب ان ينطلق من الأدراك العميق لطبيعة هذا الدين ، بحيث يصبح خطاب العاملين من أجل الاسلام للناس خطاباً عملياً لا كلامياً .

إن واقعنا اليوم  يختلف كثيراً عن الواقع النبوي وحتى العصور التي تلته وحتى الى عهد قريب حيث كانت الشفاعه تتم عبر العلماء والوجهاء والأعيان عن طريق المثول أمام الخليفه أو السلطان او الوالي ليقضي حاجات المحتاجين أو تقديم النصح لهم فأوقفهم ذلك مواقف رآها الله ورآها المؤمنون وحفظها لهم التاريخ فكانت لهم لسان صدق في الآخرين مما يدل دلالةً واضحةً على وجود فئةٍ من المخلصين من ابناء المسلمين على مدار التاريخ بامتثال أوامر الله ، فهذا مالك بن دينار الذي كان يقول” كفى بالمرء خيانةً ان يكون أميناً للخونه “ وقد روىّ أنه ذهب الى العشَّارُ وكان قد حجز سفينةً لرجل فلما رآه قال له ما حاجتك؟ فقال له حاجتي أن تُخْلوا سفينة هذا الرجل ، قالوا قد فعلنا ، قال : وكان عندهم كوز يجعلون فيه ما يأخذون من الناس من الدراهم .فقالوا أدع لنا فقال : قولوا للكوز يدعو لكم فكيف أدعو لكم والف يدعون عليكم ؟ أترى يستجاب لواحد ولا يستجاب لألف 0

  هؤلاء العلماء الذين علموا ليعملوا ، وآمنوا فظهر إيمانهم على أقوالهم وأفعالهم ، فما خافوا قسوة الحكام  وكذلك من هم على شاكلتهم هذه الايام وما يلاقون من ملاحقة وسجن  يصدق فيهم قول رسول الله :( لا تزال طائفة من امتي على الحق لا يضرها من خالفها حتى تقوم الساعة ) .

 


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق