الأحد، 26 أكتوبر 2014

خطر القروض الأجنبية

                                  
إن القروض التي تقدمها الدول الكبرى لدولنا ، هي نوع من أنواع الاستعمار ، حتى أن سياسة الدول الكبرى ، تقوم على إثارة القلاقل ، في البلاد التي تمتنع عن أخذ هذه القروض .
ثم إن تمويل الدول الكبرى ، للمشاريع في بلادنا ، هي أخطر طريق تسلكه دولنا ، وما استُعْمِرَتْ البلاد إلا عن طريق هذه الديون .
وقد كانت الدول الغربية ، قبل الحرب العالمية ، تسلك أسلوب إعطاء المال قرضاً ،ثم تدخل عن طريق هذا القرض ، لتتغلغل في البلاد .
أما هذه الأيام فإن  الطريقة التي تُعطى فيها هذه القروض ، تتم بإرسال خبراء ، لمعرفة مقدرة البلاد المالية ، أي معرفة أسرارها الاقتصادية ، وتحديد المشاريع التي تُنْفَقُ عليها هذه القروض ، فهي تعطي القروض ، وتنتظر ارتباك الدول المقترضة ، وتتخذ ذلك وسيلةً ، لوضع يدها على مقدرات البلاد ، بل قد تحدد الطريق التي يَحْصُلُ بها الارتباك ، بعرض مشاريع معينه ، وبشروط معينه ، حتى تؤدي هذه القروض إلى الفقر والفوضى ، وهذا ما نلاحظه من أن القروض الأجنبية ، ما سببت إلا الفقر والضيق والبطالة في البلاد المقترضة .
وقد صرح مسئولون غريبون ، بأن قروضهم سببت الفقر  للبلدان التي اقترضت منهم ، فهذا وليام دوغلاس أحد قضاه المحكمة العليا الأمريكية ، يقول في خطاب له في اجتماع ما سوني : إن هناك دولاً كثيرةً ، ازدادت حالتها سوءاً ، نتيجةً  لتلقيها  مسا عدةً أمريكية … وتابع قائلاً : لقد أصبح كبار المسؤولين في تلك الدول ، أثرياء نتيجةً للمساعدة الأمريكية ، وفي الوقت ذاته ، أخذ أفراد عامة الشعب يهلكون جوعاً .
إن القروض الأجنبية ، ما هي إلا أسلوبٌ من أساليب الاستيلاء على البلاد المقترضه ، وبسط النفوذ والسيطرة عليها . وهذه القروض إما أن تكون طويلة الأجل ، أو قصيرة الأجل ،  أما القصيرة الأجل  فإن المقصود منها ، ضربُ عملات البلاد ، لإيجاد اضطرابٍ فيها ، وحين تُسْتَحَقُ هذه القروض  فإنهم لا يقبلون السداد ، بالعملات المتداولة في البلاد المقترضه ، بل يشترطون أن يكون السداد بالعملات الصعبة ، وهي الدولار أو الجنيه الإسترليني . وعندما تعجز هذه البلاد عن التسديد بالعملات الصعبة ، لحاجتها إليها ، مما يضطرها إلى شراء هذه العملات ، بأسعارٍ عاليةٍ بالنسبةِ إلى  عملتها ، مما يُؤدي إلى هبوط قيمة العملة ، المتداولة في البلاد المقترضة ، ويضطرها إلى أن تلجأ إلى صندوق النقد الدولي ، والذي يتحكم في عملاتها ، حسب السياسة التي تراها الدول المقرضة لأنها المالكة لأسهم صندوق النقد الدولي ، وهي التي تُسيطرُ عليه .
  أما القروض الطويلة الأجل ، فهي تُعْطى لآجال طويلة ، فتتراكم هذه الديون ، وتصبح مبالغ ضخمه ، فتعجز البلاد عن تسديدها نقداً ، أو أموالاً منقولة ، فتضطرُّ إلى تسديدها أموالاً غير منقولة من أراضٍ وعقارات ، وبذلك يُصبح لهذه الدول الدائنة ، مصالح تُؤدي إلى بسط نفوذها ، على الدول المدينة .
هذا هو واقع ديون صندوق النقد الدولي ، وحكم الشرع فيها أنها حرام ، من حيث كونها ربا .
إن الصراع في العالم اليوم ، القائم على الفكرة المادية عن الحياة ، وهو قويٌّ وعنيف ، وإن دول الكفر تتنازع النفوذ في العالم ، بهدف إيجاد أسواقٍ رابحةٍ لها ، ونحن هذه الأسواق .
وهناك صراعٌ آخر ، وهو الأهم في نظرهم ، إنه الصراع بين الإسلام ودول الكفر ، لأنه القوة الحقيقية التي تقف في وجه الفكرة المادية ، التي تدين بها هذه الدول , ولأن الإسلام هو الذي يتضمن التصور الكلي ، عن الوجود والحياة ، ويقيم التكافل الاجتماعي ، مقام الصراع والنزاع ، ويجعل للحياة قاعدة روحية ، تصلها بالخالق سبحانه وتعالى في السماء ، وتسيطرُ على اتجاهها في الأرض  ولا تنتهي بالحياة إلى تحقيق أغراضٍ مادية بحتة .
إن الإسلام هو وحده ، الذي يقف في وجه تلك التيارات ، التي لا يوجد لديها أية فكرةٍ عن الحياة الإنسانية ، لأنه نظامٌ شاملٌ ، فيه العقيدة ، والتشريع ، والتنظيم الاجتماعي والاقتصادي ، الخاضع للتشريع ، والقابل للنمو في الفروع والتطبيقات ، كما يقدم للبشرية ، تصوراً شاملاً كاملاً عن الوجود والحياة ، ونظاماً عملياً واقعياً للمجتمع ، وشريعة مفصَّلةً ، قابلةً للنمو الذي تتطلبه حاجات المجتمع المتجددة ، ويُقيم نظامه على هذا الأساس ، كما يُقيم السلوك على أساس مزج المادة بالروح    ويرفض الفكرة التي تجعل المنفعة عقيدة ، مما يُؤكد لنا أن الصراع الحقيقي ، في المستقبل القريب  سيكون بين الإسلام ، الذي يجعل العبودية لله وحده ، ويُخرج الناس من عبادة العباد ، إلى عبادة الله وحده ، وبين سائر الأنظمة في العالم ممثلةً في الرأسمالية ، التي تقوم على أساس عبودية العباد ، مما دفع دول الكفر للعمل على سحق حركات البعث الإسلامي ، في كل مكان .
إن على كل مسلمٍ أن يُدْرِكَ هذه الحقيقة ، وأن يُدركَ أن الإسلام هو القوة الحقيقية ، التي تحسب حسابها دول الكفر . مما يوجب على المسلم ، أن يسلك طريق العمل لتحكيم كتاب الله بعد توقف  أما الطريق الذي تسلكه بعض الفئات ، التي تظن أن الإسلام قائم ، بدليل السماح لهم ببعض الممارسات الإسلامية بحرِّيه ، ظانين أنهم بذلك ، قد أدوا واجبهم تجاه ربهم ، إن هؤلاء الذين يدَّعون الإسلام ، ويتسمون بأسماء المسلمين هم فعلاً مسلمون ، وأن الأوضاع العلمانية السائدة في الأرض  هي أوضاعٌ إسلامية ،كالوضع الذي أقامه أتاتورك ، يوم أن عمل على هدم الخلافة الإسلامية  والدعاة على مفترق الطريق ، فإما أن يلقوا ما لقيته الجماعة المسلمة الأولى ، من الاضطهاد والتعذيب ، ومن الصبر والمصابرة حتى تم لها النصر والتأييد ، ومكن الله لها في الأرض في نهاية المطاف  وإما أن تسير وراء سراب كاذب ، تلوح لها فيه من بعيد ، فئاتٌ تحَّرفُ الكلم عن مواضعه     وترفع راية الإسلام على مساجد الضرار ، وتضع لافتات اسلاميه على معسكرات الفجور والانحلال  إن أملنا بالله كبير ، أن يفتح البصائر على الحق ، وان يفتح العيون على الواقع ، لتثبيت مفاهيم الإسلام ، والمطالبة بدستور الهي ، لا يعتريه تغيير أو تبديل ، ألحا كمية فيه لله وحده ، ولا طاعة فيه لمخلوق في معصية الخالق ، ولا فضل فيه لإنسان على إنسان إلا بالتقوى .
إننا في جاهلية عمياء ، وواجب المؤمن ، أن يصدع بأمر الله ، إننا إن فعلنا ذلك انتصرنا ، وإلا توالت هزائمنا ، والعياذ بالله من ذلك وهو المستعان .



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق