هجر القران أنواع : هجر سماعه ، هجر الإيمان
به ، هجر تحكيمه والتحاكم إليه ، هجر تديره وتفهم معانيه ، هجر الاستشفاء التداوي
به .
ومن
واجبنا نحن المسلمين أن نعرف ما ينبغي نحو القران الكريم ، بأن نسمعه ونحسن
الاستماع له والإنصات له ، ونؤمن به ونحتكم إليه في أمور دنيانا وآخرتنا ونتدبر
معانيه ونفهمها ، ونستمد منه الشفاء والبركة والدواء لجميع أمراض قلوبنا حتى لا نكون ممن اتخذوا القران مهجورا . وما
أريده اليوم هو التركيز على العلاج بالقران الكريم قال تعالى: ﴿ وننـزل من القران ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خَسَارا﴾ .
الآية
تعطينا نموذجين لتلقي القرآن : إن تلقاه المؤمن كان له شفاء ورحمة ، وإن تلقاه
الظالم كان عليه خسارا .
ومن
أهم شروط المعالج أن يكون قوي الإيمان حسن
الظن بالله وكلامه ، ذا توجه صادق إلى الله
وعلى قدر درجة الإيمان تكون درجة الشفاء .
ذكر ابن القيم في زاد المعاد : " بأن
القران هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية وأدواء الدنيا والآخرة ،
إذا احسن العليل التداوي به ووضعه على دائه بصدق وإيمان وقبول تام واعتقاد جازم ،
بهذا لا يُقاوِم الداء ، وكيف تقاوم الأدواء كلام رب العالمين الذي لو نزل على
الجبال لصدعها . فما من مرض من أمراض القلوب والأبدان إلا وفي القرآن سبيل الدلالة
على دوائه وسببه والحماية منه . ولمن رزقه الله فهما في كتابه ومن لم يشفه القران فلا شفاه الله ومن لم يكفه القران فلا كفاه الله " .
والاستفادة
من العلاج بالقران تتوقف على مدى قبول المريض وتعلقه بالله وإخلاصه له واقتناعه
بأن الشفاء إنما هو بيد الله وحده وبإرادته . وأن يكون المعالج بالقران أو الراقي
موقنا ومقتنعا بأن الآيات والتحصينات ، هي الوسيلة والغاية والسبب الذي يؤدي إلى
تحقيق الشفاء بإذن الله .
وهناك
أمر آخر مهم لتحقيق فائدة العلاج وهي أداء الفروض والنوافل والالتزام بها
كأساسيات والامتثال التام لكل الأوامر
الشرعية وعدم اقتراف النواهي الشرعية .
قال
ابن القيم :" الأذكار و الآيات والأدعية التي يستشفى بها ويرقى بها هي في
نفسها نافعة شافية ولكنها تستدعي قبول
المحل وقوة الفاعل وهمته وتأثيره . وإذا
لم يحصل الشفاء إما لضعف تأثير الفاعل ، أو عدم قبول المنفعل ، أو وجود مانع بحيث
لا ينجح الدواء كما هو الحال في الأدوية التي
يتناولها المريض وهو غير مقتنع بها ، فلا يشفى من مرضه ، وكثيرا ما يحصل أخذ الدواء
بقبول تام ، فينتفع بدن المريض بحسب ذلك القبول
كذلك الرقى إن أُخذت بقبولٍ تام وكان للراقي نفس فعّالة وهمةٌ مؤثرة زال
الداء بإذن الله
فالفعل
قد يكون واحدا ، ولكن الذي يختلف هو القابل للفعل ، وأثر هذا الفعل من شخص
لآخر فقد يشرب الماء الزلال الصحيح فيجد
له لذة وحلاوة ، ويشربه العليل فيجده مرّا ، فالماء واحد لكن المنفعل للماء مختلف
، كذلك أكل الدسم إن أكله الصحيح نفعه وإن أكله السقيم ضرّه . إذن قول الله ﴿ وننـزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ﴾ الإسراء
82 . متوقف على سلامة الطبع وسلامة الاستقبال والفهم عن الله .
والشفاء
أن تعالج داءً موجوداً لتبرأ منه ، والرحمة أن تتخذ من أسباب الوقاية ما يضمن لك
عدم معاودة المرض مرَة أخرى ، وعليه تكون الرحمة وقاية والشفاء علاج .
ومما
لا شك فيه أن القرآن شفاء لأمراض البدن وأمراض القلوب ، وليس ذلك بمستغرب لأننا حين
نقرأ كلام الله رب كل شيء الذي يتصرف في
كونه بما يشاء ويفعل ما يريد فليس ببعيد
أن يؤثر كلام الله في المريض فيشفى .
ولما
ناقش بعض المعترضين أحد العلماء بأن شفاء المريض بكلمة غير معقول ، قال له العالم
اسكت أنت حمار ، فغضب الرجل وهم بترك المكان
فنظر إليه العالم وقال : أنظر ماذا فعلت بك كلمة فما بالك إذا كان المتكلم هو الله .
وآيات
الشفاء في القرآن ست آيات : قوله تعالى :
﴿
ويشف صدور قومٍ مؤمنين التوبة 14.وقوله :﴿ وشفاء
لما في الصدور وهدىً ورحمة للمؤمنين ﴾ يونس 57 . وقوله : ﴿ فيه شفاء للناس إن في ذلك لآيات لقومٍ يتفكرون ﴾ النحل
69 . وقوله ﴿ ونـزل
من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ﴾ الإسراء 82 . وقوله
﴿ وإذا
مرضت فهو يشفين ﴾ الشعراء 80 . وقوله : ﴿ قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء ﴾ فصلت 44 .
أما
التداوي بالأدوية الإلهية من الرقى الشرعية فهذا ما سنبحثه في الخطبة القادمة
بمشيئة الله
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق