الثلاثاء، 28 أكتوبر 2014

نقض اليهود للعهود


قال تعالى :) أو كلما عاهدوا عهداً نبذه فريق منهمٌ بل أكثرهم لا يؤمنون (البقرة 100 .
 إن اليهود جماعة مفككة الأهواء ، لا يجتمعون على رأي ، ولا يثبتون على عهد ، ولا يحفظ بعضهم عهد بعض ، وما من عهد يقطعونه على أنفسهم حتى تجد فيهم من ينقض ما أبرموا  ويخرج على ما أجمعوا .  
إن نقض العهود داء متأصل في اليهود ، فقد أخلفوا ميثاقهم مع الله ، ونبذوا عهودهم مع أنبيائه ، فلا عجب إذن من محاولات اليهود الالتفاف على الاتفاقيات ونقضها ، وعدم الالتزام بقراراتها ، والمسلم المتأمل للواقع والمطالع لكتاب الله يدرك أن في ذلك آية دالة على أن ما في كتاب الله حق ، بل لو سلك اليهود غير سلوكهم هذا لكان ذلك هو محل العجب .  ومن منطلق كتابنا ، ندرك أنهم وإن كانوا أوفياء في لحظة  فإنما ذلك لحاجة في نفوسهم يريدون الوصول إليها ، وبعد ذلك يعودون إلى سيرتهم الأولى .
إن المسلم الحق يرى الأحداث التي تدور من حوله ومع كل واقعة ، لا يملك إلا أن يقول إنهم يخدعوننا ، وسوف تكشف لنا الأيام عن هذا الخداع ، وتفضح ما انطوت عليه قلوبهم من خيانة وغدر ومكر . وهم بذلك رغم ذكائهم الشرِّير يعملون ضد صالحهم  ولكنهم لا يملكون التوقف عن العمل ضد صالحهم ، بسبب الحقد الأسود الذي يملأ قلوبهم ضد الإسلام والمسلمين  إنهم يستذلون البلاد العربية ولا يقفون في إذلالها عند حد لأنهم يريدون السيطرة ويريدون التوسع  فينشئون بذلك رد فعل دائم ،يتزايد باستمرار  ويسوِّل لهم الشيطان أن يمضوا في العدوان فلا يرجعون .
 إن الوعود التي تقدمها بعض الدول الكبرى بتحقيق آمال الأمة ، ما هي إلا مقابل إثارة الاضطرابات ، وزعزعة الأوضاع المختلفة في داخل بلاد المسلمين ، أملاً بتصحيح الأوضاع الفاسدة ، مقابل الثمن الباهظ الذي يطلب منها  من التنازلات التي لا تقف عند حد ،حتى إذا وقعت الأمة في فخ الخديعة تندم حيث لا ينفع الندم . وامتنا حين تثق بهم ، فهي بذلك تنصر الكذب وتدعم الفساد ، وتؤيد أهل الغدر والإلحاد  ولا يستغرب من أمة فقدت هويتها الإسلامية وضيّعت شخصيتها ، أن تصافح الأيدي التي أذلّت الأهل ، وداست بالأقدام المقدسات  وهدمت منازل الأهل والأحباب .
أمةٌ تستأسد حكوماتها على الصديق والقريب  وتستخذي للعدو والغريب ، أمةٌ يضيع حقها فتحتكم إلى عدوها ، وتستجدي عطف من أهانوها ومرّغوا كرامتها في التراب .
والكل إلا من رحم الله وبقيت فيه بقية من دين يتلهون بآلامنا ويتاجرون بمآسينا ويتآمرون على مصيرنا . في وقت نحن بحاجة فيه إلى تقوى الله  وأن نفهم أن روح المقاومة وسلاح الثأر وعدّه الانتقام هو الإسلام ، وأن كل ما عداه من العقائد والمبادئ والشعارات التي دوخونا بها وفرضوها علينا لم تثمر إلا الخزي ، ولم تنجب إلا عملاء وانهزاميين .
لقد استبدلنا المبادئ بالمساوئ ، والشعور بالمسؤولية بالتواكل والاستهتار ، وبدل الإخلاص للدين والعقيدة ، نرى إخلاصاً للأنظمة والقادة الذين يحكمون بغير ما أنزل الله يفعلون كل شئ عدا الجهاد في سبيل الله و تحرير المقدسات ، نلوك شعارات ونمضغ أوهاماً ونجتر باطلاً ، ثم نخلد إلى اليأس القاتل ، ونستعيض عن القدرة على قتال عدونا بالقدرة على قتال بعضنا .
فالهمم مقهورة والأيدي مغلولة ، وما ذلك إلا لأننا فقدنا دوافع الدين وأضعنا حوافز الإيمان  فتعرضنا للقمع والظلم والإذلال والعدوان  وللنهب والسلب والفساد ، واصبح الجميع عاجزين عن إنقاذ الأمة من التعفن والإهتراء  حيث ضاع كل جهد وخاب كل مسعى .
نقول في كثير من جلساتنا إن نهاية الصهيونية قدر محتَّم ومصيرها الفشل والهزيمة ، نقول ذلك ونؤمن به لأننا نؤمن بقوله تعالى :)وقالت اليهود يد الله مغلولة غلّت أيديهم ولُعنوا بما قالوا والقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله( المائدة 64 .
نحن نؤمن بقول ربنا ، ويقودنا إيماننا إلى أننا بالجهاد نحرز النصر أو الاستشهاد ، وذلك لن يكون نزهةً جميلة ، أو طريقاً مفروشاً بالورود  إنما هو العرق والدموع والدماء والعذاب والطريق الوعر المحفوف بالمخاوف ، وبالوحوش الوالغة في الدماء ، يسقط فيها الشهيد تلو الشهيد ، بينما لا يتوقف الركب عن المسير .
 أما القائمون على أمرنا ، فهم متفائلون ومطمئنون ومرتاحون لمسيرتهم التفاوضية مع اليهود دون أن يحققوا شيئاً ، يهزؤون بأنفسهم ويضحكون على شعوبهم ، يقولون الأمة بخير وهي لم تعرف الخير منذ عرفتهم ، حيث ألهبت سياطهم الظهور وتضخمت أرصدتهم في البنوك  فبدلاً من التأثر لجراحات الأمة وآلامها من قبل الغزاة المتآمرين ، الذين حطموا الروح المعنوية ودمروا المبادئ الروحية ، وقوضوا حافز الإيمان عند المسلمين    فاعفوا إسرائيل من الجهد اللازم لإخماد أنفاس الشعوب الإسلامية ، وقاموا بهذه المهمة خير قيام .
علماً بأن رفض شعار دينية المعركة والتنكر لحافز الإيمان ، معناه رفض الحرب ضد إسرائيل ، وما سمعناه هذه الأيام من تصريحات تستبعد الحل العسكري لما يجري مع إسرائيل يؤيد ما نقول . لقد حرموا جيوشهم شرف الجهاد ، حتى اصبحوا يجيدون ضرب شعوبهم بقدر ما يجيدون الفرار أمام الأعداء ، حتى أن بعض الجهات ترشوا جيوشها من دم شعبها ، وعلى حساب  المعركة المصيرية مع اليهود ، لا لتحمي حدودها بل لتحمي نظامها .
إن أمريكا تلقي بكل ثقلها في دعم إسرائيل  اعتداءً على الحق واجتراءً على كل المبادئ والأعراف الدولية ، ناهيك عما تقدمه من مال وسلاح بغير حساب ، لتكون إسرائيل سيدة المنطقة بلا منازع .
فلو أفاقت الأمة من غفلتها ، وعادت إلى ينابيعها الروحية ، ووضعت طاقاتها المادية والبشرية كلها في خدمة المعركة ، لما احتجنا إلى الاستجداء ، بل لوجدنا السلاح وحصلنا على ما نريد ، لكننا بررنا تقاعسنا وتخاذلنا بإلقاء اللوم على الآخرين ونحن وحدنا الملومون .
لقد آن لنا أن نسمع ونعي بان رفع أي شعار غير شعار التحرير ، والتفكير بأي شيء غير معركة الثأر ، هو خيانة ومجازفة وتفريط .
مما جعلنا نحن الضحية في المؤامرة التي أدت إلى سلخ المسلم عن عقيدته ودينه ، فوقف أعزل عارياً صفر اليدين ، أمام الأحداث المصيرية التي تمر بها المنطقة ، واصبح فريسة سهلة أمام الهجوم المخيف ، كفلول المرتزقة التي لا تؤمن بقيمة ولا تلوي على خير ولا يستثيرها هتك الحرائر واستلاب الأوطان ، ولا يستفزها لبوس الخزي والعار ، والعدو من ناحيته ماضٍ في شن غاراته وهجماته ، يستكين ثم ينقض ، ويتقدم ونتراجع  ويتوسع ونتقلص  يزهو علينا ويستهين بنا ، ولو كنا رجالاً ما زها ولا استهان قال تعالى :)وإما تخافنّ من قومٍ خيانةً فانبذ إليهم على سواء(الأنفال 58 .
وتحف بنا الخيانة فلا ننبذ على سواء بل ننتبذ مكاناً قصياً ، مصداقاً لقوله الله :) وأخذت الذين ظلموا الصيحة فاصبحوا في ديارهم جاثمين  (هود 94 .
ذلك لأنهم يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة  فيسخرون الدنيا والآخرة جميعا . وفي غمرة هذا  كيف يطلب من المؤمن التحلي بضبط أعصابه والغض من طرفه ؟ وأن يخافت من صوته ؟ وهو يرى الشرف يُنْحَرْ والمروءة تُذْبَح ولا يدري كيف يتقيها .
قولوا بالله عليكم هل سمعتم بأمة تتآمر ضد نفسها مع أعدائها ، فغدت سلعةًً تجارها أبناؤها الذين سمحوا لإسرائيل حرية الانقضاض عليها .
إسرائيل الذي قال قائلها يوماً وقد جاء إليها من كاليفورنيا :"لقد حفزني ديني ودفعني إيماني للمجيء إلى الأرض المقدسة ، لأحقق رسالة أنبياء إسرائيل ، والسعادة التي احسها في الدفاع عن معتقداتي الدينية لا تَعْدُلها سعادة في الدنيا " .
هكذا يفهمون ويلبون حافز الدين ، أما نحن فنتسابق إلى الاستظلال بمظلة أهل الكفر  سفهنا أنفسنا فأذلنا الشيطان ، نجادل المؤمنين ولا نجادل الذين يختانون أنفسهم ويستبدلون الذي هو  أدنى بالذي هو خير قال تعالى : )وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل(. )وإذا قيل له اتق الله أخذته العزَّة بالإثم فحسبه جهنم وبئس المهاد(.
وحسبه في هذه الدنيا عار الكفر وذل الهزيمة ، إنه لا يوجد مثلنا في تبرير الهزائم وافتعال الانتصارات  حتى إننا كثيراً ما نكذب على أنفسنا ، حتى نصدّق الأكاذيب ، نناضل كلاماً وخطباً لا جداً واجتهاداً ، ندعي العدالة ونحتضن الظلم والظالمين  ونزعم الإخلاص ونطأ الإخلاص والمخلصين ، ورغم ذلك لن نيأس من رحمة الله بأن يأذن الله للأمة الضائعة بقائد مؤمن ، يرفع راية الجهاد  ويعيد قومه إلى الإيمان هاتفاً الله أكبر صدق وعده ونصر جنده وهزم الأحزاب وحده .     
    

              
  


    

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق