الثلاثاء، 28 أكتوبر 2014

وضع المرأة

                                        
إن أجيالاً كثيرة انحرفت بالمرأة ، وعطلت كفايتها وأخلَّت برسالتها ، فالمرأة المفترى عليها   أصبحت مفترية على الإسلام ، تتظلم من أحكامه  وتشكو  من شرائعه ، وما درت أنها ما سُلِبَتْ حقها ، إلا حين  شملت الجاهلية مجتمعها ، وحين غاب الإسلام عنها ، فالإلحاد والفجور ، هو الجو الذي اعْتُدِىَ فيه على النساء ، مع أن الإيمان واليقين والاستقامة ، هو الجو الذي صلُحَ فيه  أمر النساء  وأصبح لهن بجانب الرجال ، مكان النصفة والعدل .
لكنها اليوم ، في أغلب بلاد العالم تعيش على إبراز أنوثتها  للرجال ، وان احتفاظ المرأة بعملها مرهونٌ بمدى نجاحها في إبراز جسدها ، وحسن عرضه ، مما يحط من قيمة المرأة في نظر الرجل العاقل  ولا تنال إلا إعجاب الرجل الفاجر  وتبتغي رضاه .
أما الإسلام فيسمو بالمرأة إلى آفاق لا تدركها حضارة الغرب ، فإذا كانت المرأة في الإسلام أُماً ففي طاعتها رضوان الله ، وتحت أقدامها الجنة وإن كانت زوجةً صالحة ،ً فهي  أفضل ذخر  يستفيده المرءُ من دنياه بعد تقوى الله.
 أما أن تخرج لتتملق شهوات الرجال ، وتتدخل فيما لا شأن لها به ، فإن ذلك يثير في الحياة الخلل والاعوجاج ، وهناك أعمالٌ لا ينبغي في نظر الإسلام ، أن تتورط فيها المرأة ، مهما بلغت من الفاقة والاحتياج .
فما معنى أن تعمل الفتاة سكرتيرة خاصة لرجل  أولُ ما يطلبه الجمال والمظهر الحسن ، وما معنى أن تعمل الفتاة مضيفه في ملهى أو مرقص أو عارضة أزياء ، أو راقصة أو ممثلة ، في سلك الفن الجنسي السافر ، إن الفتاة في هذا كله  تؤجِّرُ أُنوثتها ، وإن المستغلين ، يلوحون للفتاة بهذه الأعمال ، لتتخلّى عن كل شئ ، وتتنازل عن كل قيمة .
إنه لا بد من حماية المرأة من هذا الاستغلال  البشع ، الملوث بتجارة الجنس ، الهادف إلى الهدم والإفساد ، مع أن الأولى بالمرأة أن تحافظ على إنسانيتها ، وتدافع عن قيمتها ، ولا تتدنى إلى مجرد الأنوثة ، والكسب من هذا  الطريق ، وأن تستعين بمبادئ الإسلام الذي يضع لذلك الضوابط والحدود ، فاهتم بتطهير المجتمع من الفوضى والفساد والتحلل الخلقي ، حفظاً للأمة من عوامل التردي في بؤرة الإباحية والفجور والدعارة والمجون ، والذي يتسبب في ضياع العرض والشرف .
إن الإسلام وهو يقرِّر العقوبة الشديدة والصارمة على مرتكبي جريمة الزنى ، لم يكن يُغْفِلُ الدوافع الفطرية أو يحاربها ، إنما أراد محاربة الحيوانية التي لا تفرِّق بين جسدٍ وجسد ، أو لا تهدف الى إقامةبيتٍ وإنشاء حياةٍ مشتركة ، لا تنتهي بانتهاء اللحظة الجسدية الغليظة ، لكنها تهدف الى إقامة العلاقات الجنسية على أساس المشاعر الإنسانية التي تربطها حياة مشتركة ، ومن هنا شدّد الإسلام في عقوبة الزنا بوصفه نكسةً حيوانية همها إرواء جوعة اللحم والدم في لحظةٍ عابرة .
إن الإسلام لا يشدّد في عقوبة الزنى هذا التشديد إلا بعد تحقيق الضمانات الوقائية المانعة من وقوع الفعل ، ومن توقيع العقوبة إلا في الحالات الثابتة التي لا شبهة فيها .
إن الإسلام منهج حياة متكامل لا يقوم على العقوبة ، إنما يقوم على توفير أسباب الحياة النظيفة ، ثمَّ يعاقب بعد ذلك من يدع الأخذ بهذه الأسباب الميسرة ، ويتمرَّغ في الوحل طائعاً غير مضطر .
إن مما يدعو للأسف أن تنشر صحفنا بلا خجل ولا وجل هذا العنوان " الحملة الوطنية الشعبية للقضاء على ما يسمى بجرائم الشرف " وما دروا أنهم بذلك تنصلوا من الشرف ولا شرف ، لأنهم ادّعوا أن المادة التي تضمنها الدستور بهذا الخصوص تتنافى مع أحكام الإسلام .
إن القائمين على هذه الحملة هم بلا شك ممن تأثروا بالثقافة الغربية ، التي ترى في الحدود والعقوبات من الشدَّة والقسوة ما لا يتفق مع روح العصر ، وما يتعارض مع الحرية الشخصية وخاصة حرية المرأة التي تنادي بها دول الكفر باسم التحرُّر والمساواة وتحت شعار الديمقراطية .
إن الإسلام يعتبر الزنى لوثةً أخلاقية وجريمةً اجتماعية خطيرة ينبغي أن تقاوم بدون هوادة ، حتى أن الإسلام اعتبر الذين يقتلون في سبيل الدفاع عن العرض في عداد الشهداء فقال : ( من قتل دون أهله فهو شهيد ) . لأن الدفاع عن الأهل يعني الدفاع عن العرض ، ولا شيئ على من قتل زوجه أو ابنته أو اخته إن وجد مع أحدهما رجلاً يمارس جريمة الزنى ، ولا شيئ عليه إن قتل الرجل  لأن واجب المسلم أن يحمي عرضه ويتولى الدفاع عنه دفاعاً زاجراً ومؤثراً ولو أدى الى القتل ، ولا يكون بذلك قد تولى الأمر عن الدولة ، لأنه يقوم بأمرٍ طلبه الإسلام منه مباشرة .
ويا ليت القائمين على هذه الحملة الذين يدّعون أن المادة التي تنص على ما يسمى بجرائم الشرف تتناقض مع أحكام الإسلام ، يا ليتهم يقومون فعلاً بالمطالبة بإلغاء كل القوانين التي تتنافى مع مبادئ الإسلام وما أكثرها . 
لقد منح الإسلام للمرأة حقوقاً ، لم تنلها في كلِّ النظم والقوانين ، التي عرفتها الإنسانية حتى يومنا هذا . قال تعالى : { ومن يعمل من الصالحات من ذكرٍ وأنثى ، فأولئك يدخلون الجنة ، ولا يظلمون نقيرا }النساء 124 .
كما ضمن للمرأة من ناحية الأهلية ، حقوقاً لم تبلغها كلُ القوانين الوضعية في العالم . قال تعالى:
{ للرجال نصيبٌ مما اكتسبوا ، وللنساء نصيب مما اكتسبن } النساء32.       


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق