إن
الخطط المرسومة للقضاء على الإسلام والمسلمين تُنفذ بدهاء وخبث ، في الوقت الذي
أجمعت دول الكفر على مساندة اليهود ضدنا والعمل على تمويتنا ، اليهود الذين يرون
أنهم أولى بفلسطين من أصحابها ، وقد كانت الغاية من إقامة دولة إسرائيل محو عقيدة
وجنس وإثبات عقيدة أخرى وجنس آخر ، محو تاريخ وتزوير تاريخ آخر ، وفي سبيل هذه
الغاية يساند الغرب إسرائيل ، ويمدونهم بسيل من المال لا ينقطع أضف إلى ذلك
التأييد السياسي والعسكري والدعم الأميركي
بالذات هو الذي جرَّ علينا الويلات ، ذكر
مايلز كوبلاند الذي عمل في جهاز المخابرات الأميركية في الشرق الأوسط ذكر في كتاب
لعبة الشعوب : " أن الولايات المتحدة اتبعت منذ عام 1947 في هذه المنطقة
وغيرها ، سياسة ذات وجهين ظاهر وخفي .. أما الظاهر فهو التمسك بمبادئ حرية الشعوب
واستقلالها وإيمانها بالنظم الديمقراطية والدستورية .. وأما الخفي فهو سياسة
التدخل في شؤون الدول الصغيرة خفية دون تقيد بالمثاليات والقيم الأخلاقية .. وإن
وثائق البنتاجون أو المخابرات الأميركية تعطي انطباعاً بأننا كنا مثاليين في
الظاهر وميكافيليين في الباطن .. وهذه العملية الخفية لا يمكن أن تتم إلا بتواطؤ
بين القائمين على السياسة الأميركية الخفية التي يمثلها جهاز المخابرات الأميركية
وبين بعض حكام أو زعماء الشرق الأوسط والعالم الثالث الذين يقبلون التعاون معهم في
هذه السياسة ذات الوجهين " . ويضيف قائلاً : " لقد كنا نعتقد أن العرب
يخافون من الاتحاد السوفييتي لا منا ، وعلى هذا كنا نعتقد أنهم سيرحبون بجهودنا
لحمايتهم .. ذلك أن شركاتنا البترولية تجعلهم أغنياء وهم الذين يستفيدون بصفةٍ
رئيسية من الحل السلمي للمشكلة الفلسطينية . وإن رَفَضَ بعض قادتهم أن يفهموا
الأمور على هذا النحو ، كان في نظر مخططي سياستنا سبباً كافياً ومبرراً لكي
نحطمهم" .
إن
الإسلام يمرُّ بأسوأ محنة عرضت له خلال تاريخه
وليس أعجب من تجمع أعدائه عليه إلا ذهول أتباعه وانشغالهم بقضايا لا تسمن
ولا تغني من جوع . وحين نسمع عن المجازر التي تنفذ ضد امتنا ، ونرى اليهود يساندهم
الغرب الكافر في تكثير الضحايا وكأنما يحققون أمنياتهم ، ظناً منهم أن هزيمة
المسلمين اليوم هي القاضية ، وأنه لن يبقى منهم من يأسف على ما حدث له أو لأبنائه
.
ونحن
بدورنا نقول : لا بأس فهذه هي ضريبة التخلف والفرقة والضعف ، يجب أن ندفعها وإن
كان الثمن فادحا ، وأما عن الغد فالغيب لله ولا ندري أيكون قصاصاً لنا أم امتداداً
لمحنتنا ؟ ولكن من الخسَّة والنذالة بل والخيانة لأمتنا وديننا ، أن نترك المآسي
النازلة بنا دون نكير ودون تذكير في وقت
اشتد فيه الظلم وفسدت الأوضاع واختلت الموازين عند الشعوب العربية والإسلامية حتى وصلوا إلى حدٍ يرون الظلم فلا يثورون
عليه ويرون البغي فلا تجيش نفوسهم لدفعة ،
لأنهم ألفوا رؤية الطغيان يبطش وهم لا يتحركون
حتى توهموا أن هذا هو الأصل وهو الصحيح
وأن الذي يحاول أن يدفع الظلم يتعرض للوم والتوبيخ . شعوب نسيت أو تناست أن
من الفتنة والقصور أن يتعرض إخوانهم للأذى من الباطل
و
أهله ثم لا يجدون النصير الذي يساندهم ، ولا يجدون القوة التي يواجهون بها الطغيان
بل قد يهتفون بهم ليسالموا أو يستسلموا .
إن
ما يجري في فلسطين له دلالته من شعبٍ امتلأت نفوسهم بالغيظ من الظلم والنقمة على
البغي ، والضيق بالأذى الواقع عليهم ، ومن التصرفات الشاذة التي لا يكادون يطيقون
رؤيتها فضلاً على معاناتها ، فكان اندفاع شعب فلسطين بالانتفاضة لرد العدوان
اليهودي الطاغي .
كان
المسلمون منذ مئتي سنة فقط أشدُّ هيبة وأعز نفرا ، كانت الأساطيل الأجنبية لا تمر
بالبحر المتوسط إلا بعد أن تستأمن من الدولة الإسلامية وكان المسلمون يفرضون الضرائب على السفن
المارّة بشواطئهم حتى أميركا كانت تطلب مودتهم
وهذا ما دلت عليه الرسالة التي كتبها جورج واشنطن عندما انتصر في حرب
الاستقلال إلى حاكم الجزائر يومئذٍ ليطمئن على سلامة السفن الأميركية ، وقد كان
الأسطول الجزائري سيد تلك المناطق ، وهاهي الأيام قد أوضحت بما لا يدع مجالاً للشك
، أن العرب قبل كل إنسان مسؤولون عما يقع الآن للإسلام من أحزان فكما كان تفرقهم الشائن أيام الحملة الصليبية
الأولى قد فتح الطريق إلى القدس ، فإنهم اليوم يكررون الخطأ القديم بل أضافوا إلى
تقطيع الصفوف وتوهين العقيدة وتهوين
الأخلاق وعربدة الشهوات أضافوا إلى ذلك المواقف المخزية التي تجاهلت في وضاعة
عجيبة ما يجري على الساحة ، وأن ما قدِّم من مساعدات لا يبلغ أبداً مستوى المعركة
بين الكفر والإيمان ، وأن ذلك سيسجل عليهم العار في صفحات التاريخ المعاصر .
فهل
نرجع إلى الإسلام عقيدة وجهادا لا سياسة وشعارا ، لأنه الضمان الوحيد للوجود
العربي في هذه الدنيا ، وما يستعيد العرب مكانتهم ويصونوا رسالتهم إلا إذا ساروا
على الدرب الصحيح وتمثلوا قول الله تعالى:)إن
هذه أمتكم أمةً واحدةً وأنا ربكم فاعبدون( ولنا في سلفنا الصالح خير قدوة ، كان الواحد
منهم يعترض الرسول e
وهو على ناقته يطلب أن يعلمه الإسلام
ويمسك بزمام الناقة حتى يسمع ، ويحدثه الرسول e
بما عنده فيصنع منه إنساناً جديداً عامر القلب
فلا تراه بعد ذلك إلا قذيفةً تدكُّ عروش المستبدين في فارس والروم ، وتراه
هو وإخوانه ينطلقون شرقاً صوب المحيط الهادي وغرباً صوب الأطلسي مجاهدين يسبحون
بحمد الله ويتلون كتابة الذي أخرجهم من الظلمات إلى النور .
نحن
بحاجة إلى رسالة كهذه لتصنع نفوسنا على هذا النحو ، إنها الرسالة الإلهية التي
صنعت أمتنتا أولاً والتي تنقذها مما هي فيه أخيراً . وعلينا أن نؤمن أن معركتنا هي
معركة المصير الإنساني كله
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق