الاثنين، 27 أكتوبر 2014
عودة الخلافة
قال
عليه الصلاة والسلام : ( إن أول دينكم نبوة ورحمة ، فتكون فيكم ما شاء الله
أن تكون ثم يرفعها الله جل جلاله ، ثم
تكون ملكاً عضوضا فتكون فيكم ما شاء الله
أن تكون ، ثم يرفعها الله جل جلاله ، ثم
تكون ملكاً جبرية ، فتكون فيكم ما شاء الله أن تكون ، ثم
يرفعها الله جل جلاله ، ثم تكون خلافة على
منهاج النبوة تعمل في الناس بسنة النبي ﷺ وَيُلْقِيَ الإسلام بِجِرانِه _أي يستقيم
ويقرُّ قراره _في الأرض يرضى عنها ساكن
السماء وساكن الأرض ،فلا تُبْقِي السماء من قطرها إلا أنزلته ، ولا تبقي
الأرض من خيراتها ونباتها إلا أخرجته ) .
إن
الحديث يخبر عن الواقع الذي تعيشه الأمة
من الضعف والتفرق والذلة هذه الأيام ، ويُطمئن بعودة الخلافة في الأرض ،
وأنها لا بد قائمة طال الزمان أم قصُر ، فكما أخبر رسول الله ( ص ) أن أول عهدنا
نبوة كان الرسول فيها يسوس الناس بهديه ،
ويدبر أمورهم بما يوحى إليه ، ثم جاء عهد الخلفاء الراشدين ، عهد الرحمة وهم قدوة
لمن جاء بعدهم ، وهدايةً لمن سار على طريقهم . ثم يكون السلطان بعد هؤلاء ملكاً
عضوضا_ أي يصيب الرعية عسفٌ وظلم - نتيجة لإساءة تطبيق أحكام الإسلام ، ثم أخبر
الحديث أنهم سيفترقون شيعاً وأحزابا ، وأوصاهم بالتزام الجماعة وعدم الخروج من
الطاعة ، ولو لحقهم ظلم وجور ، ونهاهم عن الدخول في الفتن ، فقد كان الناس يتمتعون
في ظل الإسلام بالعدل .
أمّا
هذه الأيام حيث أُبعد الإسلام عن الحياة
وطبقت أحكام الكفر ، فقد ورد ذم ذلك على لسان رسول الله ( ص ) في الحديث
الذي رواه الإمام أحمد في مسنده أنه عليه السلام قال لكعب بن عجرة: (أعاذك الله من إمارة السفهاء ، قال : وما إمارة السفهاء ؟ قال
: أُمراء يكونون بعدي ولا يهتدون بهديي ، ولا يستنون بسنتي فمن صدقهم بكذبهم
وأعانهم على ظلمهم فأولئك ليسوا مني ولست
منهم ولا يردون على حوضي ، ومن لم يصدقهم بكذبهم ولم يعنهم على ظلمهم ، فأولئك مني
وأنا منهم وسيردون على حوضي ، يا كعب الصيام جُنة ، والصدقة تطفئ الخطيئة ،
والصلاة قربان أو قال برهان يا كعب الناس
غاديان فمبتاع نفسه فمعتقها أو بائعٌ
نفسه فموبقها )
. هذه هي حال الناس هذه الأيام ، حيث تُركت السنة ، وانتشرت الموبقات ، وتحكَّم
التافه في رقاب الناس ، وهو ما أخبر عنه رسول الله ( ص ) بقوله :
{ سيأتي على الناس
سنواتٌ خدّا عات ، يُصدَّقُ فيها الكاذب ، ويُكَذَّبُ فيها الصادق ، ويؤتمن فيها
الخائن ويُخوَّنُ فيها الأمين ، وينطق فيها الرويبضة قيل وما الرويبضة ؟ قال :
الرجل التافه ينطق في أمر العامة } . لقد ذلت الأمة وضعفت واستولى
عليها اليأس ، حتى غدت لا تثق بنفسها ، حتى أذلها ألعن خلق الله ، وما دروا أن ذلك
غضبٌ من الله ، لما ورد في الحديث القدسي عن رب العزة : (من عرفني وعصاني سلطت عليه من لا يعرفني ولا يخشاني )
.
لقد تسلط علينا اليهود لا لأنهم كريمون على الله
بل كما قال : لا يعرفونني ليكون تسلطهم خالياً من الرحمة بعيداً عن الحق ، فيه
إذلال ٍوإخضاع ليكون عقاباً لنا في الدنيا ، وذلاً لا نجاة منه إلا بإتباع منهج
الله ، وصدق رسول الله عندما قال : (فإن أنتم تركتم سنتي سلط الله عليكم من لا يخافه ولا
يرحمكم ، فلا ينزع خوفه من قلوبكم حتى تعودوا لسنتي ) .
وإذا
كان لا خلاص لنا مما نحن فيه إلا بذلك
فلم لا نعود إلى كتاب ربنا وسنة نبينا ، أما آن للمسلمين أن يفيقوا من
غفوتهم ، وينفضوا غبار الذل عن وجوههم ، ويستهينوا بوعيد الكافرين لوعد ربهم ،
فيقبلون على الكتاب والسنة يحيونهما بالتمسك بما جاء فيهما ، وتعلمهما وتعليمهما
الناس ، وحثهم على العمل بهما ، وهذا ما أمرنا به رسولنا صلى الله ﷺ
حيث قال :( إن السلطان والقرآن
سيفترقان ، فلا تفارقوا الكتاب ، إلا أنه سيكون عليكم أمراء مُضُلون يقضون لأنفسهم ما لا يقضون لكم ، إن عصيتموهم
قتلوكم وإن أطعتموهم أضلوكم قالوا :يا رسول الله كيف نصنع ؟ قال:كما صنع أصحاب
عيسى نشروا بالمناشير ، وحملوا على الخشب ، موتٌ في طاعة الله ، خيرٌ من حياةٍ في
معصيته )
.
لهذا
فليعمل العاملون وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ، لأن الدور الذي أخبرنا عنه الرسول ﷺ آت
لا محالة ، دور يبشر بأن عزة الإسلام ستكون على أيدي الداعين الى حياةٍ على منهاج
النبوة حياةٌ تأتي بعد هذا الدور الذي نحن
فيه وفي الطريق عقبات ومشقات ، وهو ما
أخبر به الرسول ﷺ : من أن قسماً من الناس سيأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويتعرضون للأذى وتسؤ الأحوال ، وفي هذا الصدد
يقول الرسول ﷺ : ( ليت شعري كيف أمتي بعدي حين يتبختر رجالهم
وتمرح نساؤهم ، ليت شعري كيف هم حين يصيرون صفين : صفاً ناصبي نحورهم في سبيل
الله وصفاً عمالاً لغير الله ) .
فريق يتحمل الأذى في سبيل الوقوف إلى جانب الحق ومعاداة الباطل مستهينين بوعيد الظالمين لوعد الله ، أمروا
بالمعروف ونهوا عن المنكر ، أما الفريق الثاني
الذي انصرف إلى الدنيا ، لا يهمه إلا نفسه
غافل عن آخرته ، أغرته المظاهر الزائفة ، يفتخر بما يجمع ويغترُّ بما يملك
، فهذا فريق يصدقُ فيه وفي أمثاله ، قول رسول الله ﷺ: (من أصبح وهمه غير الله
فليس من الله ، ومن انقطع إلى الدنيا وكله الله إليها ) . فهو لا يعرف للحياة
إلا معاني المتع الجسدية ، ولا يقيم لعمل وزناً إلا من خلال المنافع المادية ، إن
أصابه منها خير اطمأن به ، وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ،
وذلك هو الخسران المبين وهؤلاء هم العمال
لغير الله ، يعملون لغيرهم ليصيبوا حظاً
وافراً من هذه الدنيا فضلوا متاعها الزائل على نعيم الجنة الدائم ، باعوا أخرتهم
بدنيا غيرهم ، فهم وأمراؤهم الأخسرون أعمالا
الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا ، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا .
إن
المستقبل في الدور القادم للإسلام ولهذه العقيدة ، التي يقوم عليها بناء الإسلام ،
وإن العودة إلى راية لا إله إلا الله التي
مزقها الاستعمار ذات يوم ، ليسهل عليه الهيمنة على العالم الإسلامي جزءاً جزءاً ، وأخرجوا فريقاً من المسلمين من
ديارهم ، وظاهروا على إخراجهم هؤلاء
يحِّرم الله علينا أن نُمدّ أيدينا لهم ، نسالمهم ونعاملهم ونتعاون معهم ، مصداقاً
لقوله تعالى :{إنما ينهاكم الله عن
الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من
دياركم وظاهروا على إخراجكم ، أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون}الممتحنة
9.
إن
كل معاهدةٍ أو تعاون مع عدونا الذي أحتل
أرضنا يحرِّمها الإسلام ، ويعد الذي
يتعاون معه خارج عن نصٍ إسلامي صريح ، وإنه منكر لا تجب الطاعة فيه ، وعلى الأمة
أن ترده بكل وسيلة ممكنة ، وما ينطبق على الدول في هذا المجال ، ينطبق على الشركات
والأفراد والمؤسسات المالية والتجارية ، فأي تعاون أياً كان هذا التعاون ، هو خروج
على الإسلام ومخالفة لأوامر الله وخروج على مصلحة الأمة . وكل جهة من هذه الجهات
في كل بلد إسلامي عليها أن تجاهد قوي
البغي والظلم ، بكل الوسائل المستطاعة ، لأن المسلمين في حالة حرب دائم مع هذا
العدو حتى يزول عدوانه عنا ، هذا هو موقف
الإسلام بصراحةٍ ووضوح ، يقود البشرية إلى الخلاص
ويرسم لها طريق السلام الشامل ، المبرأ من البغي والفساد والعدوان .
إن
الإسلام قوة تنطلق في الأرض لتحرير البشر
من قوى البغي والظلم وتمنحهم الحرية والنور والكرامة . قوة تجاهد قوى الشر
والفساد والعدوان في الأرض ، حتى تمحوها وتعيد للإسلام مجده وعزته . حرب على
الاستبداد وعبودية البشر ، وعلى الطغيان والظلم ، حرب تحمل معها المساواة والعدالة
، تحققها في عالم الواقع ، في التشريع والتنفيذ ، وإلا فستظل البشرية تعاني من
الظلم والطغيان والانحراف ، وهو من صنع الحضارة الكافرة الضالة عن الله ، إلى أن
يتسلم الإسلام الزمام ، فيقود البشرية الحائرة إلى عدل الإسلام والنظام والسلام ،
ويومئذٍ يفرح المؤمنون بنصر الله ألا بنصر الله تطمئن القلوب .
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق