أحكام
تتعلق بالمرأة
لقد رفع
الإسلام من شأن المرأة ، وجعل لها نصيب في كل التشريعات التي جاء بها ، كما سوّى
بينها وبين الرجل ، إلا فيما تدعو إليه طبيعة كلٍّ من الجنسين ومراعاة المصلحة العامة للأمة والحفاظ على تماسك الأسرة ، ومنفعة المرأة
ذاتها ، كما أعطى لها الحق في الحياة والميراث والتملك ، وحرية التصرف في
الأموال وإبداء الرأي فيمن تتخذ شريكا
لحياتها ، والحق في العمل والتعليم وغير
ذلك من الحقوق والواجبات التي تهدأ معها
النفوس وتطمئن إليها القلوب .
فهي السكن
وعنوان المودة والرحمة .قال تعالى:{ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً
لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة ، إن
في ذلك لآيات لقومٍ يتفكرون}الروم 21 وقال:{والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا ، وجعل
لكم من أزواجكم بنين وحفدة}النحل 72 . إن المهمة الأساسية للمرأة ، أن يسكن إليها
الرجل ، تُعِدُّ له ما يرتاح في بيته وسكنه
وتكون وعاءً للتكاثر ، وحضانة الأطفال ، وهي أشرف مهمة في الوجود .
أما رغبة
المرأة في العمل ، بحجة زيادة الدخل
وتحسين مستوى المعيشة للزوجين ، فهذا خطأ ، لأن المفروض أن يُحَدَّدَ مستوى
الحياة ، على قدر الدخل ، لا أن يُحَدِّدَ الزوجانِ مستوى الحياةِ أولاً الأمر الذي قد يؤدي إلى الانحراف .
إن الإسلام لا
يمنع المرأة من العمل ، لأن الذي خلق الإنسان
يعرف أن هناك ظروفا ،ً قد تضطر المرأة للعمل ، والإسلام يُعَرِّف هذه
الضرورة ، في قصة سيدنا موسى ، عندما ورد ماء مدين ووجد عليه أمةً من الناس يسقون ، ووجد امرأتان
تذودان بمعنى تمنعان ما ترعيان من الماء ، وما دامتا تمنعان ما ترعيان من
الماء فلأي شئ خرجتا ؟ قال لهم سيدنا موسى
: ما خطبكما ؟ قالتا : لا نسقى حتى يُصْدِرَ الرِعاء وقفنا بعيداً حتى ينتهي الرجال ، من سقى
ماشيتهم وبعد ذلك يخلو البئر منها ، فهما
أخذتا الضرورة بالقدر ، وليس معنى أن الضرورة ، التي أخرجتهما أن يتناسيا نوعَهُما
، إنهما نوعٌ لا يصح أن يحتك بالنوع الآخر ، وكان التبرير للخروج لهذا العمل ،
وأبونا شيخ كبير . فالمرأة إذا خرجت يُلْزِمُها الشارعُ ، أن تجتنب أماكن الزحام ،
وأن تكون على هيئةٍ غير مثيرة إن طبيعة الإسلام التشريعية ، تجعل الأعمال التي
يقوم بها الإنسان بوصفه إنسان ، مباحةً لكلٍ من الرجل والمرأة ، فالحكم والسلطان مثلاً ، للرجال دون
النساء وحضانة الأولاد ، للنساء دون
الرجال .وعمل المرأة الأصلي هو الأمومة ، وتربية الأولاد ، لكن ليس معنى ذلك أنها
محصورة في هذا العمل ، وَتُمْنَعُ من مزاولة غيرة من الأعمال ، فالله خلق المرأة
ليسكن اليها الرجال ، وَلْيوجَدَ منها النسلُ والذُرِّية .
ويجوز للمرأة
أن تعمل في الحياة العامة ، كما تعمل في الحياة الخاصة ، فيجب عليها حمل
الدعوة وطلب العلم ، ويجوز لها البيع
والتجارة ، والإجارة والوكالة كما يجوز
لها أن تزاول الزراعة والصناعة ، وأن تتولّى العقود ، وأن تملك كل أنواع التملك ،
وأن تنمي أموالها ، وأن تكون أجيرةً وشريكة ، وأن تقوم بكافة المعاملات ، لعموم
خطابات الشارع ، وعدم تخصيص المرأة بالمنع
إلا أن تتولى الحكم ، فإن ذلك لا يجوز
لقوله ( ص ): ( لن يُفلح قومٌ ولوا أمرَهُمْ امرأة) .
كما لا يعني
إباحة العمل للمرأة ، أن يكون ذلك وسيلةً للخروج
الذي يجعلها وسيلةً للفتنة .
إن الدعوة
لتحرير المرأة ، من أجل أن تعمل في أي مكان ، تخرج حين تريد ، وتعود حين تريد وتختلط بالرجال في كل صعيد تحت عنوان الدعوة لمشاركة المرأة الرجل ، في الوظائف
والأعمال وهي في الحقيقة ، دعوة للحصول
على المرأة ، التي تذهب إلى العمل ، أو إلى الجامعة أو المعهد ، وقد تزينت
كالراقصة ، بحجة طلب العلم ، علماً بأن العلم لا يتطلب هذه الملابس والحركات والضحكات المثيرة ولا يتطلب أحمر الشفاه ، والجلوس مع
الطلبة والتمشي في الساحات والطرقات ولا يتطلب المواعيد الخَلوية بحجةِ الاستذكار ولا استذكار .
إن ما يجري
عند نسبة كبيرة من الفتيات ، ليس رغبة في العلم
بقدر الرغبة في الاختلاط الذي
يحرِّمه الإسلام .
إن التساؤلات
التي تطرح ، حول وضع المرأة في المجتمع المسلم
والدور الذي تقوم به هي : هل تخرج إلى الشارع ، أو تبقى في المنزل ؟ هل
تذهب إلى الجامعة والمعاهد لتتعلَّم ؟ وهل يجوز لها أن تعمل وبأية كيفية ؟
إن الإجابة
على هذه الأسئلة ، يجب أن يتطابق مع وجهة نظر الإسلام ، والالتزام بتوجيهاته ، حسب
النصوص الشرعية ، وبقوة القانون ، لأن الوعظ والإرشاد وحده لا يكفي ، إذا كان
المجتمعُ فاسداً والنظامُ منحلاً ، مما يتطلبُ العملَ ، لإقامة نظامٍ اجتماعيٍ
متوازن ، وسياسيٍ راشد ، على أساس الإسلام .
وحتى يكون المجتمعُ مسلماً ، لابد أن يشتمل على
الحكومةِ المسلمة ، والمدرسةِ والأسرةِ والفرد
والإذاعةِ والصحيفة ، والكتابةِ والسينما ، والإعلان والفن ، والاقتصادِ
والفكر المسلم ، بل كلُ شيءٍ ينبثقُ من الإسلام ، ويخضعُ لمنهج الإسلام .
فإذا وجِدَ هذا المجتمع ، الذي يُحَكِمُ نظام
الإسلام ويستمدُ منه منهج الحياة ، ويسيُر
على هديه الذي ارتضاه ، يعبد الله فعلاً لا قولاً ، متمثلاً قولَ رسول الله ( ص ):
( ليس الإيمان بالتمني ولكن ما وقر في
القلب وصدَّقه العمل) .
مجتمعٌ لا
يفعل الفاحشة ، ولا يسمحُ بوقوعها ، مجتمعٌ يقوم على المودةِ والنصيحة ، لا يسرق
ولا يكذب ولا يغتاب ، ولا يغمز ولا يلمز ، مجتمعٌ تتعامل فيه مع التاجر لا
يَغِشُكْ ، ومع الموظف لا يستهتر بمصلحتك
مجتمعٌ نشيطٌ مفكر .
ذلك هو المجتمع المسلم ، الذي يوفِّرُ للمرأة
ضمانات الحياة ، ولا يحوجها أن تعمل ، لكفالة نفسها وأسرتها لكي تتوفر على أخطر مهمةٍ في حياة البشرية ،
وهي مهمةُ الإنتاج البشري ، ورعايتهِ وصيانتهِ من الفساد ، وإنها لحماقة ما بعدها
حماقة ، أن تُنْزَعَ المرأةُ من اختصاصها ، الذي لا يحسنه غيرُها ، لكي تشترك في
الإنتاج المادي ، الذي ينبغي أن يقوم به الرجل .
إن الإسلام لا
يمنع العمل للضرورة ، ولكنه لا يجعله الأصل ، لأن طبيعة الإسلام ، لا تريد تجنيد
طاقة المرأة في غير ميدانها الأصيل فإن
التدريس والتمريض والتطبيب ، يفرضه الإسلام فرضاً على النساء وفي مجال العلم ، فإنه فريضة ليس لها حدود ولا
قيود وأما خروج المرأة ، في أماكن ترى
الرجال ويرونها فإنه ليس هو الممنوع في
ذاته ، إنما الهدف هو موضوع السؤال .
هل تخرج المرأة لتتعلم أو تعمل ؟
نعم ذلك مباح ومشروع ، باللباس الذي عينه الشرع بلا
تبرج ولا ابتذال ، وألا يكون موضع إثارة وفتنة
أما إذا كان العمل أو العلم ستاراً لذلك ، فهذا هو الممنوع ، لأن هذا أول
الطريق ، الذي نهايته ما نراه في الغرب المنحل ، وفي الشرق المفتون .
إن الرجل
والمرأة في نظر الغرب سواء ، إن الرجل عندهم ليس قواماً على المرأة ، إنها هي
القوامة عليه يتملقها ويطلب رضاها وفي أغلب الأحيان يكون تابعاً لا متبوعاً .
ولعمري إن الرجل عندما يكون عبداَ في بيته ، لا
يهش ولا ينش هذا الصنف من المخنثين يستحيل أن يصلح ما فسد ، وأن يصنع مجداً ، إنه
ثمرة الأفلام والمسلسلات الفاسدة ، والأقلام المأجورة التي تعنى بالتوجيه الفاسد .
إن المعركة مع عدو الدين والإنسانية ، لن
يستطيعها المختالون في أزيائهم ، من الشباب الناعمين ولا المشغوفون بلذاذاتهم ، من أشباه الرجال ولا
رجال هناك لون من الأفلام والمسلسلات
والكتابات السافلة ، ككتاب صانع الحب ، وبائع الحب وغيرها الكثير
الكثير ، وما يكتب في بعض الصحف والمجلات
، ساهم مساهمة فعّالة ، في انحلال الأمة وفساد الدين ، بما يقدمونه من غذاء
للأجيال الناشئة والأجيال المكلفة ،
باسترجاع المقدسات .
وخلاصة القول
، فيما يتعلق بعمل المرأة ، تمنع من أي عملٍ ، فيه خطر على الأخلاق ، أو فساد
المجتمع دليل ذلك ما روى عن نافع قال : (
نهانا رسول الله (ص) عن كسب الأمة إلا ما عملت بيديها ، وقال : هكذا بإصبعه نحو
الخبز والغزل والنقش ).
فكل عمل يقصد
منه استغلال أنوثة المرأة ممنوع ويباح لها
باقي الأعمال ، وهذا الفهم من قوله إلا ما عملت بيديها ، أي مما يُقصد فيه استغلال
جهدها ومفهومه ، منع استغلال أنوثتها ،
على أن القاعدة الشرعية : الوسيلة إلى الحرام محرَّمه ، فالمرأة تمنع من كل عمل
يوصل إلى الحرام ، وإن كان العمل مباحا لها
لأن القاعدة الشرعية تنص : على أن الشيء المباح إذا أدى فرد من أفراده إلى
الضرر يمنع ذلك الفرد ويبقى الشيء مباحا
إن الإسلام هو
نظام الحياة الوحيد ، الذي يحقق للمجتمع الإنساني
برجاله ونسائه ، الحياة السعيدة
وإن أمتنا اليوم ، أحوج ما تكون
لما يحقق لها العزة والكرامة ، وليس كالإسلام نظاماً للحياة يحقق ذلك .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق