الأحد، 12 أكتوبر 2014

إسرائيل والأوضاع العربية

إسرائيل والأوضاع العربية

لقد أقام أعداء الإسلام دولة إسرائيل على أرضنا   وقد رافق ذلك تفتت العرب ، وإبعادهم عن دينهم ، كما عملوا على تحويل اليهودية إلى عقيدة بعث وبذل وفداء وإخاء ، ثم كرَّسوا جهدهم ليضمنوا لهم التفوق والنصر .
أما العرب فيمضون منحدرين إلى القاع ، العقيدة تذبل وتنكمش ، وروح الجهاد مفقودةٌ ، وقد أعرضوا عن تعاليم الإسلام وشرائعه أو إهانة حدوده وحقوقه ، الأمر الذي أدى إلى انهزامهم   أمام اليهود في الحروب التي خاضوها معهم ، إن صح أن نعتبر أن العرب خاضوا حروباً حقيقية مع اليهود .
إن السبب الحقيقي لما نعاني ، يرجع إلى استهانتنا بديننا ، وتهوين قيمه ومثله وأحكامه ، إضافةً إلى نجاح الغزو الثقافي ، الذي أفلح في خلق شباب يُقاد من غرائزه الجنسية ، ويُغرى بعبادة الحياة الدنيا ، وينسى ربه وآخرته ، ومع شدَّة وقع مطارق الهزيمة ، التي مُني بها العرب ، سواء على مستوى المعارك أو المفاوضات ، واستماتة البعض في الإعراض عن دينهم مصدر قوتهم ، والذي بدونه لن يكون هناك توفيق ونصر على عدونا رغم أننا أكثر منهم عدداً وأقوى عُدَّةً ، إلا أننا لم نحسن القتال بما حملنا من سلاح ، ولا ثبتنا به  ولا استطعنا إيذاء عدونا ، لذلك كانت هزائمنا فريدة ، فيما نتركه من إنطباعات مُخزية .
إننا نستطيع أن نرد مآسينا إلى أسباب خلقية ودينية ، وبما ابتليت به الأمة ، بمن يكذب عليها  فيحدثونها عن تفوق العدو الأسطوري زوراً وكذبا ، فهم والحالة هذه يساعدون عدونا ، على ضياع أرضنا وشرفنا ، ويومنا وغدنا ، كما أحدثوا تخريباً شديدا في ضمائرنا وأفكارنا  فأوجدوا نفوساً تحسب حساباً لكل شيء إلا لله وحده .
إن مما يدعو للأسى أن نتخلى عن رسالتنا ، وننفذ ما يحلو لنا ونهمل مالا تهوى أنفسنا ، في الوقت الذي تعمل اليهودية عملها ، في إذلال المسلمين  تفرض عليهم سياسة التجويع ، وتدوس رؤوسهم بالنعال ، وأبواق الدعاية في الشرق والغرب  تسكت عن هذه الممارسات .
مما يدعوا للتساؤل : هل يباح لليهود أن يفعلوا ما بدا لهم ولا يُباح للمسلمين  رد الأذى ؟ أم يا ترى صار القضاء على الإسلام هدفاً مشروعاً  وأصبحت المطالبة بدفع الأذى عن المسلمين عملاً مستهجناً  ؟  أي لغوٍ وأي إفك هذا  ؟
إن اليهود وراء جميع الأزمات المادية والروحية  التي تدوخ العالم ، وتميل به عن الصراط المستقيم   إن الذين يُحسنون الظن بإسرائيل ، يعلمون أن الوجه الديني لهم ، يخفي وراءه نيات سوداء للبشرية ، وإن إسرائيل تجسيد لكل الأحقاد التي طفحت ضد الإسلام والمسلمين ، وإن تفريط المسلمين ونسيانهم لرسالتهم ، وتحولهم إلى شعوبٍ مُتعطلة مُتبلدة ، هو الذي أوجد هذه الأوضاع المأساوية .
إننا لم نخف الله فخوفنا الله بذباب الأرض   وجعل الأقربين والأبعدين ينظرون بشماتة وازدراء إلي جراحاتنا ، التي لا ينقطع لها نزيف .
إن المصائب تصب على المسلمين من أعدائهم   في وقت توجد فئةٌ منهم ، لو تَسلْلَتَ إلي ضمائرهم لوجدت حالهم يقول بأن اليهود أولى بالأرض من أصحابها ، تلك هي سريرة البعض  الذين يحكمون علينا لا لنا …لماذا  ؟ في تقديري إنه أرفق عقاب ينزله الله بأمةٍ تخلت عن دينه  وأدارت ظهرها لتعاليمه .
إن اليهود يوقنون ببقائهم فوق أرضنا ، بل فوق صدورنا إلي آخر الدهر ، لأنهم في اعتقادهم  انتصروا على المسلمين ، مع أنهم لم ينتصروا بقواهم الخاصة ، بقدر ما انتصروا بفراغ قلوبنا من الإيمان ، لقد تسلل اليهود إلي بلادنا عن طريق شهواتنا ، وإخلادنا إلي الأرض وحبنا للدنيا .
إن المتع التي استوردنا من الغرب ، خلال السنوات الأخيرة ، تكفي لتدمير أمة ناهضه  فكيف بأمة عليلة ؟ إنه ليُخيلُ إلّيَّ أن اليهود لو كشفوا عن خباياهم ، لمنحوا بعض المسئولين في البلاد العربية جوائز سخية ، لأنهم هم الذين مهدوا طريق الغزو ، واطفأوا نار المقاومة   ودمروا روح الإيمان ، ومزقوا أواصر الوحدة  وربوا أجيالاً متنكرةً لدينها ، ولغتها وتقاليدها ومُثلها ، في الوقت الذي يبني فيه اليهود كيانهم على اللغة والدين والتقاليد العبرانية  .
وهنا سؤال : هل هناك نجاةٌ مما نعاني ؟ وكيف ؟ إن النجاة تكمن في معالجة الأمور على منهاج النبوة ، ويوم يكون الدين سلاحاً روحياً ومادياً   يكون الإسلام مطبقاً بالفعل ، وإلا كيف يطلب من المسلمين أن يتجردوا من دينهم في لقاء عدوهم ؟ وهل يصمد المسلمون بقلوب خربة  أمام اليهود الذين لهم دينهم ، الذي يلهب حماسهم ويُغريهم بصنع العجائب  .
أما بقية دول الكفر فما الذي يدفعهم إلى عداوتنا وإيذائنا ؟ إنها بالطبع أسباب دينية ، تجعلهم يجورون علينا ، ويهشون لمصائبنا ، ويشمتون من هزائمنا ، بل يشاركون في صنعها ، إذ بسلاحهم نُقتل ، وبسياستهم نُخْذَل ، في الوقت الذي ابتلينا فيه ، بجماعةٍ مَرَدوا على النفاق ، ولم يعرفوا إلى التوبة طريقا ، واخذوا يُمَنون الأمة بكلام كذب  لا يزيدها إلا خبالا ، وينقلها من كبوة إلى أخرى أسوأ وأبشع ، ومن هنا كان السبب الأول والأخير لهزائمنا المتلاحقة أمام اليهود ، فقدان العقيدة ، وعدم الالتزام بالمنهج ، ونضوب معين الإيمان من قلوبٍ تعلَّقت بالشهوات ، ونسيت المثل والمبادئ .
إن الأمر لا يحتمل الميوعة ولا التسويف ، وعلى المسلمين أن يستيقظوا من غفلتهم ، ليدافعوا عن دينهم وأرضهم وتاريخهم في وجه الهجمة القذرة  التي تأخذ طابعاً يهودياً مكشوفاً لا ريب فيه.
إننا نواجه هجمة عقائدية ، تستهدف إجتثاث جذورنا ، والتطويح برسالتنا ومكانتنا . وإنه لن يحمينا من عدونا إلا الإسلام ، يوم نعتصم به خُلقاً وشرعاً ، وسيرةً ونظاما ، لأنه لا قيمة لأحدث الآلات ، إذا تولت إدارتها قلوبٌ خربة  ولا قيمة لأفتك الأسلحة ، عند قلوبٍ مقطوعة عن الله ، مولعةٍ بالشهوات .
إن بناء النفوس والضمائر ، يسبق بناء المصانع والجيوش ، وكلاهما لا يتم إلا وفق تعاليم الإسلام  تنشئةً تصوغ الأجيال الجديدة ، وتقاليداً تحكم العلاقات السائدة ، ورعاية لظاهر الإسلام وباطنة  للعبادات المفروضة ، ومقاطعةً حاسمةً لكل ما يتنافى مع مبادئ الإسلام .

إن إعادة الحياة إلى العقيدة الإسلامية ، لتحتل مكانها أولاً في الضمير ثم في الشريعة ، لترسم خط السير في المجتمع الكبير ، وهو وحده طريق الخلاص مما نحن فيه قال تعالى :{وما لنا ألا نتوكل على الله  وقد هدانا سُبُلنا ، ولنصبرنَّ على ما آذيتمونا وعلى الله فليتوكل المتوكلون}إبراهيم 12.        

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق