إسرائيل
والأوضاع العربية
لقد
أقام أعداء الإسلام دولة إسرائيل على أرضنا
وقد رافق ذلك تفتت العرب ، وإبعادهم عن دينهم ، كما عملوا على تحويل
اليهودية إلى عقيدة بعث وبذل وفداء وإخاء ، ثم كرَّسوا جهدهم ليضمنوا لهم التفوق
والنصر .
أما
العرب فيمضون منحدرين إلى القاع ، العقيدة تذبل وتنكمش ، وروح الجهاد مفقودةٌ ، وقد
أعرضوا عن تعاليم الإسلام وشرائعه أو إهانة حدوده وحقوقه ، الأمر الذي أدى إلى
انهزامهم أمام اليهود في الحروب التي
خاضوها معهم ، إن صح أن نعتبر أن العرب خاضوا حروباً حقيقية مع اليهود .
إن
السبب الحقيقي لما نعاني ، يرجع إلى استهانتنا بديننا ، وتهوين قيمه ومثله وأحكامه
، إضافةً إلى نجاح الغزو الثقافي ، الذي أفلح في خلق شباب يُقاد من غرائزه الجنسية
، ويُغرى بعبادة الحياة الدنيا ، وينسى ربه وآخرته ، ومع شدَّة وقع مطارق الهزيمة
، التي مُني بها العرب ، سواء على مستوى المعارك أو المفاوضات ، واستماتة البعض في
الإعراض عن دينهم مصدر قوتهم ، والذي بدونه لن يكون هناك توفيق ونصر على عدونا رغم
أننا أكثر منهم عدداً وأقوى عُدَّةً ، إلا أننا لم نحسن القتال بما حملنا من سلاح
، ولا ثبتنا به ولا استطعنا إيذاء عدونا ،
لذلك كانت هزائمنا فريدة ، فيما نتركه من إنطباعات مُخزية .
إننا
نستطيع أن نرد مآسينا إلى أسباب خلقية ودينية ، وبما ابتليت به الأمة ، بمن يكذب
عليها فيحدثونها عن تفوق العدو الأسطوري
زوراً وكذبا ، فهم والحالة هذه يساعدون عدونا ، على ضياع أرضنا وشرفنا ، ويومنا
وغدنا ، كما أحدثوا تخريباً شديدا في ضمائرنا وأفكارنا فأوجدوا نفوساً تحسب حساباً لكل شيء إلا لله
وحده .
إن
مما يدعو للأسى أن نتخلى عن رسالتنا ، وننفذ ما يحلو لنا ونهمل مالا تهوى أنفسنا ،
في الوقت الذي تعمل اليهودية عملها ، في إذلال المسلمين تفرض عليهم سياسة التجويع ، وتدوس رؤوسهم
بالنعال ، وأبواق الدعاية في الشرق والغرب تسكت عن هذه الممارسات .
مما
يدعوا للتساؤل : هل يباح لليهود أن يفعلوا ما بدا لهم ولا يُباح للمسلمين رد الأذى ؟ أم يا ترى صار القضاء على الإسلام
هدفاً مشروعاً وأصبحت المطالبة بدفع الأذى
عن المسلمين عملاً مستهجناً ؟ أي لغوٍ وأي إفك هذا ؟
إن
اليهود وراء جميع الأزمات المادية والروحية التي تدوخ العالم ، وتميل به عن الصراط
المستقيم إن الذين يُحسنون الظن بإسرائيل
، يعلمون أن الوجه الديني لهم ، يخفي وراءه نيات سوداء للبشرية ، وإن إسرائيل
تجسيد لكل الأحقاد التي طفحت ضد الإسلام والمسلمين ، وإن تفريط المسلمين ونسيانهم
لرسالتهم ، وتحولهم إلى شعوبٍ مُتعطلة مُتبلدة ، هو الذي أوجد هذه الأوضاع
المأساوية .
إننا
لم نخف الله فخوفنا الله بذباب الأرض
وجعل الأقربين والأبعدين ينظرون بشماتة وازدراء إلي جراحاتنا ، التي لا
ينقطع لها نزيف .
إن
المصائب تصب على المسلمين من أعدائهم في وقت توجد فئةٌ منهم ، لو تَسلْلَتَ إلي
ضمائرهم لوجدت حالهم يقول بأن اليهود أولى بالأرض من أصحابها ، تلك هي سريرة البعض
الذين يحكمون علينا لا لنا …لماذا ؟ في تقديري إنه أرفق عقاب ينزله الله بأمةٍ
تخلت عن دينه وأدارت ظهرها لتعاليمه .
إن
اليهود يوقنون ببقائهم فوق أرضنا ، بل فوق صدورنا إلي آخر الدهر ، لأنهم في
اعتقادهم انتصروا على المسلمين ، مع أنهم
لم ينتصروا بقواهم الخاصة ، بقدر ما انتصروا بفراغ قلوبنا من الإيمان ، لقد تسلل
اليهود إلي بلادنا عن طريق شهواتنا ، وإخلادنا إلي الأرض وحبنا للدنيا .
إن
المتع التي استوردنا من الغرب ، خلال السنوات الأخيرة ، تكفي لتدمير أمة ناهضه فكيف بأمة عليلة ؟ إنه ليُخيلُ إلّيَّ أن اليهود
لو كشفوا عن خباياهم ، لمنحوا بعض المسئولين في البلاد العربية جوائز سخية ، لأنهم
هم الذين مهدوا طريق الغزو ، واطفأوا نار المقاومة ودمروا
روح الإيمان ، ومزقوا أواصر الوحدة وربوا
أجيالاً متنكرةً لدينها ، ولغتها وتقاليدها ومُثلها ، في الوقت الذي يبني فيه
اليهود كيانهم على اللغة والدين والتقاليد العبرانية .
وهنا
سؤال : هل هناك نجاةٌ مما نعاني ؟ وكيف ؟ إن النجاة تكمن في معالجة الأمور على
منهاج النبوة ، ويوم يكون الدين سلاحاً روحياً ومادياً يكون
الإسلام مطبقاً بالفعل ، وإلا كيف يطلب من المسلمين أن يتجردوا من دينهم في لقاء
عدوهم ؟ وهل يصمد المسلمون بقلوب خربة
أمام اليهود الذين لهم دينهم ، الذي يلهب حماسهم ويُغريهم بصنع
العجائب .
أما
بقية دول الكفر فما الذي يدفعهم إلى عداوتنا وإيذائنا ؟ إنها بالطبع أسباب دينية ،
تجعلهم يجورون علينا ، ويهشون لمصائبنا ، ويشمتون من هزائمنا ، بل يشاركون في
صنعها ، إذ بسلاحهم نُقتل ، وبسياستهم نُخْذَل ، في الوقت الذي ابتلينا فيه ،
بجماعةٍ مَرَدوا على النفاق ، ولم يعرفوا إلى التوبة طريقا ، واخذوا يُمَنون الأمة
بكلام كذب لا يزيدها إلا خبالا ، وينقلها
من كبوة إلى أخرى أسوأ وأبشع ، ومن هنا كان السبب الأول والأخير لهزائمنا
المتلاحقة أمام اليهود ، فقدان العقيدة ، وعدم الالتزام بالمنهج ، ونضوب معين
الإيمان من قلوبٍ تعلَّقت بالشهوات ، ونسيت المثل والمبادئ .
إن
الأمر لا يحتمل الميوعة ولا التسويف ، وعلى المسلمين أن يستيقظوا من غفلتهم ،
ليدافعوا عن دينهم وأرضهم وتاريخهم في وجه الهجمة القذرة التي تأخذ طابعاً يهودياً مكشوفاً لا ريب فيه.
إننا
نواجه هجمة عقائدية ، تستهدف إجتثاث جذورنا ، والتطويح برسالتنا ومكانتنا . وإنه
لن يحمينا من عدونا إلا الإسلام ، يوم نعتصم به خُلقاً وشرعاً ، وسيرةً ونظاما ،
لأنه لا قيمة لأحدث الآلات ، إذا تولت إدارتها قلوبٌ خربة ولا قيمة لأفتك الأسلحة ، عند قلوبٍ مقطوعة عن
الله ، مولعةٍ بالشهوات .
إن
بناء النفوس والضمائر ، يسبق بناء المصانع والجيوش ، وكلاهما لا يتم إلا وفق
تعاليم الإسلام تنشئةً تصوغ الأجيال
الجديدة ، وتقاليداً تحكم العلاقات السائدة ، ورعاية لظاهر الإسلام وباطنة للعبادات المفروضة ، ومقاطعةً حاسمةً لكل ما
يتنافى مع مبادئ الإسلام .
إن
إعادة الحياة إلى العقيدة الإسلامية ، لتحتل مكانها أولاً في الضمير ثم في الشريعة
، لترسم خط السير في المجتمع الكبير ، وهو وحده طريق الخلاص مما نحن فيه قال تعالى
:{وما لنا ألا نتوكل على الله وقد هدانا
سُبُلنا ، ولنصبرنَّ على ما آذيتمونا وعلى الله فليتوكل المتوكلون}إبراهيم 12.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق