الأحد، 12 أكتوبر 2014

السلام الضائع

السلام الضائع
إن قضية فلسطين لم تكن أعمق ولا السلام أبعد إلى هذه الدرجة التي وصلت لها اليوم فعمليات القمع و التهديم والتخريب ضد الفلسطينيين قد بلغت حداً لم تبلغه من قبل ، ويحمل إليهم كل يوم جديد نصيبهم من القتلى والجرحى والمنازل المدمرة والحقول والشوارع المخربة ، وإسرائيل تحاصر شعباً شارف على المأساة ، وهو يختنق داخل أراضي محاصرة معزولة لا تواصل فيما بينها ، وأما عن سؤ المعاملة والتعذيب والإذلال على نقاط العبور والاغتيال فهي دليل على عذاب شعب بأكمله ، وقد تخلى عنه المجتمع الدولي وتخاذل المسلمون عن القيام بواجب الجهاد المفروض عليهم ، ليردعوا هذا العدو عن غيبة وضلاله ونسو أنهم استحقوا عقاب الله بهذا الإهمال ، وأن الجهاد فرض عين على كل مسلم لمقاومة هذا العدو ، امتثالاً لأمر الله بالنفير العام }انفروا خفافاً وثقالاً وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله{التوبة 41
قال صاحب الجواهر في تفسير الآية : " إذا داهم المسلمين عدو يخشى منه على بيضة الإسلام ، أو يريد الاستيلاء على بلاد وأسرهم وأخذ أموالهم ، إذا كان كذلك وجب الدفاع على الحر والعبد والذكر والأنثى والسليم والمريض والأعمى والأعرج إن احتيج إليهم بل على كل من علم بذلك ، وإن لم يكن الاعتداء موجهاً إليه كاتفاقهم على وجوب الصوم والصلاة والحج والزكاة " .
فماذا نعمل وقد ابتلينا باليهود أولاً وكبريات الدول ثانياً الذين قتلوا وسجنوا وشردوا الألوف ، علينا أن نجاهدهم بكل طاقاتنا فذلك خير لنا لقوله تعالى }إن كنتم تعلمون{. وإن كل مسلم لديه أدنى معرفة من الفقه ، يعلم أن جهاد إسرائيل فرض ديني ويعلم كذلك أن الذي يمنعنا من القيام بهذه الفريضة هم من أبناء جلدتنا ، مما يوجب علينا مجاهدتهم قبل كل شيء لأنهم علة العلل ، ولولا خيانتهم لدينهم وأمتهم ما كان لإسرائيل دولة ولا كيان .
ولو انتظر الشباب الاستشهاديون الأذن لعملياتهم لما قاموا بواجبهم الجهادي ، وهم بعملهم عملوا بقوله تعالى :}لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم والله عليم بالمتقين{. التوبة 44
فلا داعي إذن لطلب الإذن ما دام العدو يحتل أرض المسلمين ويستقر فيها ، لأن الجهاد في هذه الحالة واجب على جميع المسلمين ، وهم يبذلون المهج في مرضاة الله ورسوله لأنهم آمنوا بقول رسول الله r ( وتكفل الله للمجاهد في سبيله إن توفاه أن يدخله الجنة ) رواه البخاري . قال الزهري خرج سعيد بن المسيِّب إلى الغزو وقد ذهبت إحدى عينيه فقيل له : إنك عليل ، فقال : " استنصر الله الخفيف والثقيل ، فإن لم يمكنّي الحرب كثّرت السواد وحفظْت المتاع "  وروى أن بعض الناس رأى في غزوات الشام رجلاً قد سقط حاجباه على عينيه من الكِبَر فقال له يا عم إن الله قد عذرك فقال : يا ابن أخي قد أمرنا بالنّفر خفافاً وثقالاً من يحبه الله يبتليه ثم يعيده فيبقيه .
وإلى الذين يقفون من أحداث فلسطين موقف المتفرج أسوق هذه القصة " روي أن بعض الملوك عاهد كفاراً على أن لا يحبسوا أسيراً ، فدخل رجل من المسلمين جهة بلادهم فمّر على بيت مغلق ، فنادته امرأة أني أسيرة ، فأبلغ الملك خبري ، فلما اجتمع به تجاذبا الحديث وذكر له خبر الأسيرة ، فقام الملك من فوره غازيا ، وذهب إلى مكان أسرها واستولى عليه وأخرجها من الأسر " قال ابن العربي بعد سرد هذه القصة لقد نزل بنا العدو فجاس ديارنا وأسر خيرتنا وتوسط بلادنا ، في عدو هال الناس غزوة وكان كثيراً وإن لم يبلغ ما حددوه فقلت للوالي والمولى عليه هذا عدو الله قد حصل في الشرك والشبكة فكلتن عندكم بركه ولتظهر إلى نصرة الدين المتعينة عليكم حركة وليخرج إليه جميع الناس حتى لا يبقى منهم أحد في جميع الأقطار فيحاط به ، فإنه هالك لا محالة إن يسركم الله له ، فغفلت الذنوب ورجفت القلوب بالمعاصي وصار كل أحد من الناس ثعلباً يأوي إلى حجره وإن رأى المكيدة بجاره .
ليبق المتخاذلون في جحورهم واليهود يكيدون وهم يستمعون إلى الأنباء التي يراق فيها الدم الإسلامي بلا حساب ويذبح فيها النساء والأطفال والشيوخ بلا حقوق ولا حياء وتُهدم البيوت وتدَّمر المخيمات على أهلها العزل بلا مبالاة والعرب خاصة والمسلمون عادّة في مشرقهم ومغربهم عاجزون عجز الموتى والعالم المتحضر يتفرج على المأساة ولا يحرِّك ساكناً ولا يسكن متحركا ناسين أن الله توعد أمثالها الذين تقاعسوا عن النفير فقال عز من قائل :}إلا تنفروا يعذبكم عذاباً أليماً ويستبدل قوماً غيركم ولا تضروه شيئاً{. التوبة 39 .
فإنهم يأملون من الله ان ينصرهم ويعينهم عدوهم ، وقوله تعالى يعذبكم فإن الخطاب هنا ليس لقوم معينين لكنه عام في مدلوله لكل ذوي عقيدة في الله والعذاب الذي يتهددهم ليس عذاب الآخرة وحده فهو كذلك عذاب الدنيا عذاب الذله التي تصيب القاعدين عن الجهاد والغله عليهم للأعداء مع ذلك الذل أضعاف ما تتطلبه منهم الكرامة لو قدموا لها الفداء وما من أمةٍ تركت الجهاد إلا ضرب الله عليها الذل فدفعت مرغمة صاغرة لأعدائها أضعاف ما كان يتطلبه منها جهاد الأعداء .           

   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق