مقاومة الشعب الأعزل لليهود
قال
تعالى :{لتجدنَّ أشدَّ الناس عداوةً للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا}المائدة82 .
إن
المتمعن في هذا النص القرآني ومقارنته بالواقع التاريخي منذ مولد الإسلام وحتى هذه
الأيام ، التي يدنس فيها اليهود أرضنا
ليدل على أن عداوتهم للمسلمين هي أشد و أقسى وأعمق إصراراً وأطول أمداً من
عداء الذين أشركوا .
ولا
يستغرب ذلك من اليهود ، فما نراه اليوم من أحداث في فلسطين ، حيث تسفك في كل يوم
دماءٌ الأبرياء الذين انضموا إلى أسلافهم ، في دير ياسين وكفر قاسم وتل الزعتر
وغيرها من المذابح التي ارتكبت بحق شعب فلسطين .
ولا
يستغرب ذلك إذا علمنا أن الغدر اليهودي ، طبيعة جنس وخصائص دم وميراث أجيال ،
وحقيقة لا يمكن إنكارها ولا التغاضي عنها ، واليهود يعلمون من أنفسهم هذا وهم
مستعدون لقتل مزيد من الأبرياء لأن هذه طبيعتهم
ولا ألومهم ، لكني ألوم الصف المختل والعين النائمة ، من الذين نسوا الله
فأنساهم أنفسهم ، فاصبحوا في أوضاع متردية مهينة ، تجعل الأوغاد يركبوا شعباً
بكامله وهم آمنون على مرأى ومسمع من العرب
والمسلمين ، الذين لم تحرك الأخوة الإسلامية عندهم ساكناً ، وفيهم من يعيش للكبر
والرفاهية والشذوذ وسوء الخلق ، وإذا كان هذا حالهم فكيف يرتقب منهم الخير ؟
والإسلام نفسه في محنة .
ثم
ماذا يُنْتَظَرُ من أناس إذا ملكوا المال استغلوه في خراب الذمم وشراء الشهوات
واقتناص الملذات . وما دام هذا حالهم فلن يستحقوا من الله نصراً ، ولكي يستحقوا
النصر ويدخلوا بيت المقدس ،عليهم أن
يسألوا أنفسهم هذا السئوال : هل سيكونوا كالجبابرة الذين سكنوا بيت المقدس قديماً
فبعث الله إليهم يوشع بن نون ، فدَمَّرها عليهم واستوقف الشمس ، فلم تغرب حتى ألحق
بهم الهزيمة ؟ وهذا ما أخبرنا به رسول الله (ص) في الحديث الذي رواه البخاري عن
أبي هريرة قال : قال رسول الله (ص): (غزا نبي من الأنبياء فقال لقومه : لا
يَتْبَعْني رجل مَلَكَ بُضْع امرأة وهو يريد أن يبنى بها ولمّا يبن بها ، ولا أحد
يبني بيوتاً ولم يرفع سُقوفها ولا أحد
اشترى غنماً أو خَلفاتٍ وهو منتظر أولادها
فغزا فدنا من القرية صلاة العصر أو قريباً من ذلك ، فقال للشمس : إنك
مأمورة وأنا مأمور ، اللهم احْبسها علينا فَحُبِستْ حتى فتح الله عليه ) .
فإذا
تخلقّ العرب بأخلاق الجبابرة الأقدمين ، فليأخذوا مصير الجبابرة الأقدمين ، أما
متى يدخل العرب بيت المقدس ؟ يوم يرون رجلاً كصلاح الدين الذي قالوا بأنه جمع
الغبار من معاركه ، وأوصى أن يكون وسادة له في قبره ، حتى إذا حوسب قال للملائكة :
هذا الغبار كان في سبيل الله !
ولكي
ينتصر العرب مرة أخرى ويسيطروا على فلسطين والمقدسات ، عليهم أن يعلموا أن راية
الإسلام وحدها هي التي تجمع الشمل ، وغير ذلك يكون سراباً خادعاً وأملاً كاذباً ،
لأن التفريط في دين الله سينتهي بأصحابه إلى الضياع والدمار ، فلا يد من عقيدة
دينية تغذّي القتال مع اليهود لأن قتال
اليهود ليس قتال أيام قلائل ، لا أيها الأخوة فما فسد في خمسين سنة أو أكثر أو أقل
، لا يصلح في خمسين ساعة أو خمسين يوماً أو خمسين شهراً ، فالزمن جزء من العلاج
وامتنا محتاجة إلى علاج طويل .
فلا
بد للمسلمين أن يتناصروا على الإيمان ، لأن الدولة في الإسلام تقوم على أن أخوة
الدين تناصرٌ وتلاحم وتماسك وأن المسلم أخو المسلم حيث كان ، فقد روي التاريخ قصة
المرأة التي أسرها الروم ، وعندما أهينت صرخت وامعتصماه تقصد الخليفة العباسي
القائم في بغداد ، فلما رويت القصة للمعتصم جمع المسلمين وهو يقول : يا لبيكاه !
لبى
لنداء واقتحم بجيش كثيف ارض الروم ، ودخل في حرب مدمرة معهم حتى استنقذ المرأة
الأسيرة بأخوة الإسلام .
أما
الآن فإن صرخات المطاردين والمعتقلين والجرحى من أبناء فلسطين لم تجد أذاناً صاغية
، ربَّ وامعتصماه انطلقت لم تصادف نخوة المعتصم ، فقد تلاشت أخوة الإسلام ، فالناس
غير الناس والتوجيه غير التوجيه ، ونحن المسلمين نجني العلقم من أناس لا يعرفون في
معاملتنا إلا الفتك والاستئصال ففي كل يوم نستمع إلى أنباء القتلى في الانتفاضة
وما من متحرك لنجدة هؤلاء ، الذين تُرِكوا وحدهم ليواجهوا مصيرهم .
لماذا
لا نكون كاليهودي الذي يغضب لمصاب أخيه في أي مكان في العالم ؟ أتدرون لماذا ؟ لأن
اليهودية موجودة والولاء السياسي لها قائم
، والتنادي باسمها مسموع ، بينما نحن تركنا العدو يمحو ويثبت كيف يشاء من تعاليم
ديننا وتقاليدنا وأفكارنا ومشاعرنا ، واصبحنا لا نحس بما يجري حولنا ، وما يحاك
ضدنا ، وتخلينا عن قيادة الدعوة العالمية للإسلام ، بل تسلمت السلطةَ في أقطار
العالم الإسلامي حكومات ترفض الإسلام دولةً وتكرهه نظاما .
إن
السبب الحقيقي لما نعاني ، يرجع إلي استهانتنا بديننا وتهوين قيمه ومثله وأحكامه ، إضافةً إلى نجاح
الغزو الثقافي الذي افلح في إيجاد شباب يُقاد من غرائزه الجنسية ، ويُغرى بعبادة
الحياة الدنيا وينسى ربه وآخرته ، ومع شدَّة وقع مطارق الهزيمة التي مُني بها
العرب ، فإنهم يُعْرضون عن دينهم مصدر قوتهم ، والذي بدونه لن يكون هناك نصرٌ على
عدونا ومع أننا أكثر من عدونا عدداً وأقوى عُدَّةً ، إلاّ أننا لم نحسن القتال بما
حملنا من سلاح فكانت هزائمنا فريدة ومخزيةً .
فما
أحوجنا لأن نكون من أنصار الله ، ونعود إلى الإسلام به نقاتل وبه ننتصر ، وبه نعيش
ونحيا وبه نتوحد ، وتحت رايته نقاتل ، عسى أن يأتي الله بالفتح أو أمر من عنده ،
وسيندم كل من تعاون مع اليهود أو قدَّم لهم العون أو المساعدة أو تآمر معهم ضد
أمته ودينه .
إن
الجولة مع الإسلام آتيةٌ لا محالة ، وستخلع كلَّ باطل ، وتزلزل كلَّ ظالم وخائن
حصل في عهده الخزي والعار ، لأن الأمة التي تؤمن بالإسلام عقيدة وشريعة ومنهج حياة
، لا تحرص على حياة الذل والهوان والمسكنة والاستسلام .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق