الأحد، 26 أكتوبر 2014

إلى متى


قال تعالى :}إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصُمَّ الدعاء إذا ولَّو مدبرين وما أنت بهادي العُمْىِ عن ضلالتهم إن تُسْمِعُ إلا من يؤمنُ بآياتنا فهم مسلمون{.النمل 80
هل يمكن لعاقل أن يرجو خيراً من الأموات ؟ وهل نتوقع ممن لا يسمع ولا يرى أن يقدم لنا شيئا ؟ً وإن لم يكونوا أمواتاً ويسمعون ويشاهدون فما أدري ماذا ينتظرون ؟ وحتى متى هم صامتون ؟ ولماذا لا يحركهم الجور الذي فشا والعدل الذي عفا وطغيان اليهود الذي غلا وعتا ؟ وتجاوز كل الحدود وتجرأ على البلاد والعباد  بل أمعن في الطغيان والعناد ، والعرب والمسلمون يتفرجون وقد استحوذ عليهم شيطان الخيانة فأضلهم أعمالهم  أما آن لهم أن يخرجوا عن صمتهم غضباً لله ؟ أما يحرِّك ضمائرهم سفك الدماء وانتهاك محارم الله ؟ أما يستفزهم النهب والسلب والتقتيل والتهديد والتشريد ؟ ألا يكفي كل هذا لتحريكهم وإخراجهم عن صمتهم ؟ أم أنهم اعتادوا عادة الأذلاء والتولي يوم النـزال مع الأعداء ؟ ألا يؤمنوا بقول الله تعالى :}قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل وإذا لا تمتعون إلا قليلا{.الأحزاب 19 ،  ألا يكفيهم أنهم تركوا الجهاد في سبيل الله  ومداهنة الظالمين في أمر الله وهناً وذلا ، ولكنهم كما قال القائل :
جاروا عن القصد والإسلام واتبعوا  ديناً يخالف ما جاءت به النُذُرّ
أيها المسلمون   
إن لكل شيءٍ آفة ولكل أمر عاهة ، وإن آفة هذه الأمة هؤلاء العيابون الطعانون يرونكم ما تحبون ويسرّون ما تكرهون ويقولون لكم ما لا يفعلون  أمثالهم أمثال النعام يتبعون كل ناعق ولا يقوم لهم رائد ، أعيتهم الأمور ووضعوا أيديهم بيد من وطئهم برجله وضربهم بيده وقمعهم بلسانه  فدانوا له بالخيانة والعمالة والنذالة ، وتركوا الدين والدنيا واسلموا الحلائل والبنينا ، وتجاهلوا أن شرّ الناس عند الله إمامٌ جائر ضلَّ وضُلَّ فأمات السنة المعلومة وأحيا البدعة المتروكة ، عن علي بن أبي طالب أنه سمع رسول الله e يقول : } يؤتى يوم القيامة بالإمام الجائر وليس معه نصير ولا عاذر  فيلقى في جهنم فيدور في جهنم كما تدرو الرحا ثم يرتطم في غمرة جهنم { .
لقد خذلنا المسؤولين عن أمر هذه الأمة في الحرب التي تشن علينا ، يكادون ولا يكيدون وينتقصون ولا يتحاشون لأنهم في غفلة ساهون لاهون تولى زمام أمرهم الكافرون يصدق فيهم قول القائل :
ومن رعى غنماً في أرض مسبعةٍ     ونام عنها تولى رعيها الأسد
إن أشد بلاء أصيبت به الأمة هو عزلها عن دينها الذي يدعوها للقيام بواجبها الجهادي لتقف في مواجهة قدرها عارية من وازع الشرف وحافز الإيمان ، فلا تتقي البلاء ولا تدفع عن نفسها المكارة ، فتعثرت في خطاها وضاعت هويتها الذاتية ، واتسعت الشقة بينها وبين حاكميها ولم تستنفر جيوشها لقتال الأعداء بل لحماية الحكم والحكام ، تداعوا لعقد المؤتمرات ، والعدو يعتقل ويفتك ويقتل ، تناسوا الواجب وغضوا الطرف عن الخطر الداهم ، ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة يستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير ، كل حزب بما لديهم فرحون . ليس لهم مثيل في تبرير الهزائهم وافتعال الانتصارات ، يكذبون على أنفسهم يكذبون ويكذبون حتى يصدقوا الأكاذيب ، يناقشون ويجادلون في الصين لنتخلى عن فلسطين يناضلون كلاماً وخطباً لا جداً وجهاداً ، لذا كانت كل المساعي فاشلة والآمال باطلة وكل جهد خائب  لأنهم لم يعرفوا معنى حي على الجهاد .
يتنادون للجد وهم يضمرون الهزل في ردهات الجامعة ، مسكينة هذه الجامعة فما هي إلا صورة لدولنا ومجتمعاتنا ومؤسساتنا ، جلسوا فيها لستر الخذلان ببعض القرارات المترهلة والعدو يدق الأبواب ويدك المدن والقرى والمخيمات ، وكأن القرارات وضعت لأمة أخرى في معركة مصيرها  اجتمعوا لشيء وقرروا عكسه ، بل لمسنا تملص القادة من مسؤولياتهم ، يظهرون الإشفاق ويضمرون التشفي والإهانة والإذلال ، أليس في ذلك ضحك على الذقون ؟ أليست هذه واجهات تخفي وراءها الخيانات التي يندى لها الجبين تجاه أكبر تحد تواجهه أمتنا وحضارتنا وعقيدتنا ؟ يقفوا إزاء ما نواجه مشلولين هازلين بل متفرجين على الجرحى والمقتولين والمحاصرين ، الذين استغاثوا بهم فأصموا الآذان وأغمضوا العيون ، لم يستثيرهم هتك الحرائر والممارسات الفاضحة  ولم يستفزهم لبوس الخزي والعار ، إنهم يتآمرون بسكوتهم ضد أنفسهم مع عدوهم ، وهو ماض في الاحتلال  والاقتحام ، يعدُّ العدة ثم يشن الغارة ويستكين ثم ينقض ، يتقدم ونتراجع   يتوسع ونتقلص ، يزهو علينا ويستهين بنا ، ولو كانوا رجالاً ما زها ولا استهان ، يقول الله تعالى :}وأما تَخَاَفَنَّ من قوم خيانة فانْبِذْ إليهم على سَوَآء { الأنفال 58 . يكره الإسلام الخيانة ويحتقر الخائنين الذين يتفرجون على الهجوم الغادر   بحجة المحافظة على العهود والمواثيق المبرمة ، فلا يجيزون لأنفسهم نقضها أو نبذها ، وتحف الخيانة فلا ننبذ على سواء ، بل ننشد مكاناً قصيّاً قال تعالى :}و أخذت الذين ظلموا الصيحةُ فاصبحوا في ديارهم جاثمين { هود 94.
مضوا وأصرّوا على مواقفهم غير مبالين بطي صفحتهم في الوجود وفي القلوب ، لأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة ،  لكن المؤمنين في فلسطين لا يقنطون من رحمة ربهم يجاهدون هذا العدو اللئيم ، وقد سطروا ملاحم البطولة والفداء   لسان حالهم يقول للعرب والمسلمين كفاكم عاراً أن الدويلة المسخ قد هزمتكم وأنتم أربع عشرة دولة ومليار من الخليج إلى المحيط ، ويذكرهم بخيبتهم وقلة حيلتهم .
فيا أهل فلسطين لا ترجو الخير إلا من الله ، لأن من حولكم زُينت لهم الضلالة وزرع في قلوبهم حب الفتنة   فزادهم الله رجساً إلى رجسهم   لقد برهنتم وأنتم تقاتلون الطغاة أعداء الله أنكم لا تخشونهم فكيف تخشونهم وفي أيديكم كتاب الله ، آمنتم بما جاء فيه   }أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين   قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصُرْكُمْ عليهم ويَشْفِ صُدورَ قوم مؤمنين{. التوبة 13
إن الله قد دلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم ، تشرف بكم على الخير والإيمان بالله وبرسوله e والجهاد في سبيله ، وجعل ثوابه مغفرة الذنب ومساكن طيبة في جنات عدن وابشروا بحب الله ، لأنه أخبر أنه يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنهم بنيان مرصوص واستعينوا بالصدق والصبر ، فإن الله ينـزل النصر بعد الصبر .
وإن المتخاذلين الخائنين لأمتهم ولدينهم إن سلموا من سيف العاجلة فلن يسلموا من سيف الآخرة ، ولا يهولنكم أيها الأخوة ما ترونه من صبر إخوانكم في فلسطين ، فوالله ما ترون فيهم إلا حمية العرب والمسلمين ، وصبراً تحت راية لا إله إلا الله ، وإنهم لعلى الحق يجاهدون محتسبين  حتى يحكم الله بينهم وبين اليهود وهو خير الحاكمين .
إن عدائنا لليهود هو عداء مزدوج لا هوادة فيه  وإنهم يستخفون بعقولنا ويستهزئون بنا

فمنذ سنة 1948 صدرت ألوف القرارات التي تدين إسرائيل ، ولكن دون جدوى  فهم مستمرون اليوم وغداً بالاستهزاء بنا والاستخفاف بعقولنا ، يتباكون على السلم ويفجرون الصراع  يريدون سلماً بشروطهم هم وإلا فهم ماضون دون هوادة في عدوانهم   يحاورون ويداورون ويطاولون ونحن نلهث وراء السراب ، نؤمن بعدالة الدول الكبرى وقدسية ميثاق الأمم المتحدة  ونتصعلك على عتبات البيت الأبيض ، فيا أيها المخدَّرون إن كان عندكم استعدادا لأن تسمعوا  إن لم نكن ذئابا أكلتنا الذئاب ، وما أخذ اقتدارا لا يسترد إلا اقتدارا ، ذاك هو منطق التاريخ في دنيا مجنونة ، وكل منطق خلافه خورٌ وجبنٌ وانحلال ، أما آن لكم أن تتحركوا ؟ إنكم إن لم تفعلوا لن يبقى وطن ، أم أنكم تعتبرون أهل فلسطين كبش فداء لترموهم بدائهم وتنسلّوا  ولكن شعب فلسطين أثبتوا للعام أجمع أنه مهما غلا الثمن وعظمت التضحيات ، ورغم وسائل القمع والتعذيب والاضطهاد الذي يمارسه اليهود ضد هذا الشعب الصامد ، إلا أنهم فشلوا في ثلم صلابة الإيمان في نفوس المجاهدين في فلسطين الذين قرروا أن يموتوا عند مقدساتهم في وطنهم الجريح  وقد برهنوا للعالم بأنهم أكثر صموداً وثباتاً من مجموع الدول العربية التي واجهت إسرائيل ، فهم أصحاب القضية وقد تولوا أمرهم بأنفسهم مؤمنين بالمثل السائر : ما حك جلدك مثل ظفرك .    

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق