قال
تعالى : { لتجدنَّ أشدَّ الناس عداوةً للذين آمنوا اليهود والذين اشركوا } المائدة
82 .
هذا
النص يدفع كل مؤتمرات التعايش بين الأديان
ووقوف الرهبان والأحبار مع المنحرفين من علماء المسلمين ، وتركيز مفهوم أن
الإسلام دين السلام بشكلٍ مغلوط ، لإبعاد الأمة عن منهج عقيدتها وما هو لازم لهذه العقيدة من وحدانية الله
وربوبيته من الولاء لعباده والبراء من أعدائه . قال تعالى : { يا أيها الذين
آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء ، بعضهم أولياء بعض ، ومن يتولهم منكم
فإنه منهم } المائدة 51 .
إن
الصراع بين الحق والباطل دائم ما دامت السموات والأرض ، واتباع فئة من الأمة
الإسلامية للمشركين من اليهود والنصارى
ووجود طائفة ظاهرة على الحق رغم كل الضغوط والمضايقات ، كل ذلك من السنن الكونية المقدرة ، ولكن
ذلك لا يعني الاستسلام وسلوك سبيل الضالين بالجمع بن المسلم والمشرك بإزالة العداوة وإيجاد روح المودة بنهما ،
وهذا ما تقوم به دول الكفر لتجعل المسلم يأخذ من دينه الجانب الذي يتناسب مع أجواء
المودة مع أعداء الله والمؤمنين اليهود والذين أشركوا .
إن
الثبات على الدين مهما قوي الزائفون وكثر المنحرفون ، له منـزلة عظيمة عند الله في
زمن للعامل فيه مثل أجر خمسين رجلاً يعملون مثل عمل الصحابة ، فقد أخرج أبو داود
والترمذي عن أبي ثعلبة الخشني عن أقوام من أمة محمد ينحرفون عن الحق صوب الباطل
يغيِّرون ويبدِّلون وعقوبتهم أنهم سيحجزون عن الحوض حينما يرده الذين استقاموا
ويشربون منه ، قال عليه السلام : ( أنا فرَطُكم – أي متقدمكم - على الحوض ،
وليُرفعن إلىَّ رجال منكم حتى إذا هويت اليهم لأناولهم اختلجوا – أي انتزعوا
- دوني فأقول : أي رب أصحابي فقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ) وفي رواية فأقول:
سحقاً لمن بدل بعدي )
إن
أعظم مظاهر التغيير والتبديل والتنكير لدين الله
اتباع اعداء الله في كل كبيرة وصغيرة باسم التآخي بين الأديان ، وتحت
شعارات التعايش السلمي والأخوة الإنسانية والنظام العالمي الجديد والعولمة ،
وغبرها من الشعارات والإحتفالات بالمناسبات المتعلقة بهم وبدينهم من قبل المسلمين
الذين قلدوهم في شعائر دينهم وعاداتهم وتقاليدهم مخالفين بذلك قول الله تعالى : {ولا
تتبع اهواءهم عما جاءك من الحق لكلٍ جعلنا منكم شرْعةً ومنهاجا}المائدة 48 .
وإذا
اغتر الكثيرون باحتفالات أعداء الله في أعيادهم ومناسباتهم ، فشاركوا فيها بحجة أن
تلك الأحتفالات في الأماكن التي تقع ضمن أراضي المسلمين ، أو بحجة اعتبارها مناسبة
عالمية وما علموا أن المشاركة بها يعتبر
مشاركة في شعيرة من شعائر المشركين ، وأن الفرح بها فرح بشعائر الكفر وظهوره وعلوه
، وفي ذلك خطورة على عقيدة المسلم وإيمانه ، فقد أخرج احمد وابو داود أن رسول الله
ﷺ
قال : ( من تشبه بقوم فهومنهم ) . فكيف بمن يشاركهم في شعائر دينهم ، علماً
بأنه لا يطلب من المسلم معرفة شعائرهم وعاداتهم ، ولا يشاركهم فيها إلا من هزموا
في أنفسهم ، ففسدت قلوبهم وضعف وازع الدين عندهم .
فترى
كثيراً من المسلمين يصفهم بالرقي والتقدم والحضارة حتى في عاداتهم واعمالهم
المعتادة فاندفعوا في تيار التقليد وانفتنوا به ولم يرد بخلدهم هذا السؤال ؟ هل هم
يدينون دين الحق من الإسلام الصحيح ؟ أم يدينون بدين الباطل ؟
إن
كثيراً من المسلمين انساقوا وراء التقليد الأعمى
بالإنسلاخ عن آيات الله فأخلدوا إلى أرض الأهواء والشهوات فغفلت قلوبهم عن
ذكر الله واتبعوا الأهواء فكانوا من الغاوين ، لأن إهتمامهم منصبٌ على طلب
الرئاسات وكثرة الأتباع ومتع الحياة الدنيا ، فسلكوا في سبيل ذلك كل طريق يوصلهم
إلى غاياتهم ، وإن تشوهت صورة الدين الحق الذي هو معرفة الله والإيمان به وعمل كل ما يقتضيه ويستلزمه هذا الإيمان والذي انعكس عندهم إلى الإيمان بالمشركين
وكتبهم المحرفة حتى تملكهم ذلك ، ووجههم إلى العمل بكل ما يقتضيه دينهم المحرّف ،
واتخاذ اقوالهم وأهوائهم شرائع بحيث تقدّم على شرع الله مما كان له أسوأ الأثر في توجيه المجتمع
الإسلامي في طريق الضلال بعيداً عن العزة والقوة والفلاح والهدي والتمكين في الأرض
، حتى تكالب عليهم الأعداء من كل جانب فاستهانوا بكل مقدرات هذه الأمة التي اصبحت
كغثاء السيل لما ضربها من الوهن والضعف والصغار والذل باعراضها عن الإسلام الحق ،
وبإعلانها المشاقة لله ولكتابه ولرسوله ولدينه من كل ناحية ، عقيدة وعملاً وخلقا
وحكما في استهتار مهين ، وفي ظل هذه الاحوال أصبحت العبادات تقاليد ورسوم آلية لا
تزيد النفوس إلأ رجسا ولا القلوب إلا قسوة وظلمة ولا الأخلاق إلا إنحلالا ، جاهروا
بالفسق والعصيان ، وقطعوا ما أمر الله به أن يوصل وتحاكموا إلى الطاغوت ، وعملوا
بعادات الجاهلية وتقاليدها . والطامَّة الكبرى أنهم يزعمون أن ذلك من الإسلام
وأنهم يسيرون على الدرب الذي ينالوا به رضى الله ونصره في الدنيا والآخرة 3ناسيين أن سنن الله وآياته تنادي بأنهم على
غير هدى ، لأن الله لا يخلف وعده فقال : {ولن
تجد لسنة الله تبديلا } وقال : { ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين
سبيلا } النساء 141.
هذه
الآيات وامثالها في كتاب الله تشهد عى أنهم من أشد المحاربين للإسلام والهادمين
لقواعده ، إنها تناديهم لعلهم يرجعون إلى العقل والرشد والصواب ، ويطلبوا الإسلام
الصحيح من مصدره كتاب الله وسنة نبيه ﷺ وسيرة أصحابه ، لتعود لهم العزة التي
كانت لأمة الإسلام من قبل .
ولكننا نلاحظ وللأسف أن الآيات والنذر
لا تزيدهم إلا بعداً عن الإسلام ، وبعداً عن الهدى والرشد ، لأن مصيبتهم تكمن في
التقليد الأعمى الذي لا يرتضون عنه بديلا والذي قتل عقولهم وسلبهم انسانيتهم
المفكرة ، فاسلموا قلوبهم وانفسهم لما زين لهم الشيطان بأنهم سائرون في الطريق
الصحيح الذي رسمه الإسلام ، وزاد في تماديهم ما تمدهم به حاشية السوء وبطانتهم
الغاوية من لابسي ثياب العلماء الذين يحرِّفون القول الصحيح عن موضعه ، وسعوا إلى
رضاهم أكثر من سعيهم لمرضاة الله عز وجل ، وقد حذّر الله من هؤلاء أشد التحذير
فقال تعالى : {فلا تطع المكذبين وَدُّوا
لو تُدْهن فيدهنون} القلم 9. وقال تعالى : {فاصدع بما تؤمر وأعرض عن
المشركين إنا كفيناك المستهزئين الذين جعلوا القرآن عضين }الحجر 94.
لقد بالغ النبي ﷺ
في أمر أمته بمخالفة المشركين في كثير من المباحات وصفات الطاعات لئلا يكون ذلك
ذريعة إلى موافقتهم في غير ذلك من أمورهم ، ولتكون المخالفة في ذلك حاجزاً ومانعاً
99من سائر امورهم .
وكان من شروط عمر رضي الله عنه والتي
اتفقت عليها الصحابة وسائر الفقهاء بعدهم أن أهل الذمة من أهل الكتاب لا يظهرون
أعيادهم في دار 99الإسلام .
وإذا كان المسلمون قد اتفقوا على منعهم
عن اظهارها ، فكيف يسوغ للمسلمين اظهارها والمشاركة بها ، وإنما منعوا من اظهارها
لما في ذلك من الفساد إما لأنها معصية أو شعار للمعصية والمسلم ممنوع من المعصية
ومن شعائر المعصية .
روى البهيقي باسناد صحيح قول عمر رضي
الله عنه :"لا تعلموا رطانة الأعاجم ، ولا تدخلوا على المشركين في كنائسهم
يوم عيدهم فإن السخطة تنزل عليهم ".
وروي عنه قوله "اجتنبوا اعداء الله
في عيدهم". أليس في هذا نهياً عن لقائهم والاجتماع بهم فيه ؟ فكيف بمن عمل
عيدهم ؟ وكيف إذا اقتضت المشابهة إلى ما هو كفر بالله من
الترك بالصلب والتعميد ؟
كما أن التهنئة بشعائر الكفر المختصة
محرم ، مثل أن يهنئهم بأعيادهم كأن يقول عيد مبارك عليك فهذا ان سلم قائله من الكفر فهو من
المحرمات وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده
للصليب ، وذلك أعظم إثماً عند الله من التهنئة بقتل النفس ، ومن هنأ أحداً بمعصية
أو كفر فقد عرض نفسه لمقت الله . ذكر ابن القيم أن تهنئة الكفار بأعيادهم الدينية
حراما لأن فيه اقراراً لما هم عليه من شعائر الكفر ورضى به لهم ، وإن كان هو لا
يرضى بهذا الكفر لنفسه لكنه يحرم لمنع المسلم أن يرضى بشعائر الكفر أو يهنىء بها
غيره لأن الله تعالى لا 99يرضى بذلك كما قال :{إن تكفروا فإن الله غنئٌ عنكم
ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم} الزمر7.
وإجابة المسلم دعوتهم بهذه المناسبة
حرام ، لأن هذا أعظم من تهنئتهم به لما في ذلك من مشاركتهم فيها ومن فعل شيئاً من
ذلك فهو آثم سواء فعله مجاملة أو تودداً
أو حياءاً أو لغير ذلك من الاسباب ، لأنه من المداهنة في دين الله ومن اسباب تقوية
نفوس الكفار وفخرهم بدينهم . أما الذين يجيزون ذلك باسم التسامح والأخوّة
الإنسانية ، فإن ذلك مردود ولا حيلة لنا إلا أن نذكر بأن ذلك عين الضلال والشك في
الإسلام من اناس اتهموا الإسلام بتسامحه
واجازة المشاركة في شعائر الكفر ، وحتى لا نجرح مشاعر الكفار ونكدِّر عليهم صفو
احتفالاتهم والتي تحصل في وقتٍ شهد دماءً إسلاميةً غزيرة نزفت في ارجاء المعمورة
على أيدي المعنيين بهذه الأعياد في حروب عقائدية دينية غير متكافئة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق