أحكام
الجنائز
كثيرٌ من
الناس يجهل الأحكام المتعلقة بالجنائز ، حسب هدي رسول الله ﷺ لذا أحببت أن أوجز هذه الأحكام بدأً من المرض وحتى التعزية .
ماذا يجب على
المريض ؟
يجب عليه أن
يرضى بقضاء الله ، ويصبر على قدره ويحسن الظن بربه ، وذلك خيراً له . قال رسول الله
ﷺ (عجباً
لأمر المؤمن ، إن أمره كله خير ، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن ، إن أصابته سراء شكر
فكان خيراً له ، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له) رواه مسلم .
ولا يجوز
للمريض أن يتمنى الموت ، مهما اشتد مرضه لحديث
أم الفضل أن رسول الله ﷺ دخل عليهم وعباس عم رسول الله ﷺ
يشتكي ، فتمنى عباس الموت ، فقال له عليه السلام : ( يا عم لا تتمن الموت ،
فإنك إن كنت محسناً فأن تؤخر تزداد
إحساناً إلى إحسانك خيرٌ لك ، وإن كنت مسيئاً فأن تؤخر فتسعتب من إساءتك خبرٌ لك فلا تتمن الموت ) أحرجه الحاكم
وإن كان عليه
حقوق . فليؤدها إلى أصحابها ، إن تيسَّر له وإلا أوصى بذلك . لقول رسول الله ﷺ :
(من كانت عنده مظلمة ، لأخيه من عرضه أو ماله ، فليؤدها إليه قبل أن يأتي يوم القيامة لا يقبل فيه دينار ولا
درهم ، إن كان له عملٌ صالح أُخذ منه ، وأعطي صاحبه ، وإن لم يكن له عملٌ صالح ،
أخذ من سيئات صاحبه فحملت عليه ) أخرجه البخاري .
وإن كان ينوي السداد ، فالحكم يختلف . قال رسول
الله ﷺ :
( الدين دينان ، فمن مات وهو ينوي قضاءه فأنا وليه ، ومن مات وهو لا
ينوي قضاءه ، فذاك الذي يؤخذ من حسناته ، ليس يومئذٍ دينارٌ ولا درهم ) ولا بد من الاستعجال بالوصية ، يوصي لأقربائه
الذين لا يرثون ولا وصية في أكثر من الثلث
، ويحرم الإضرار في الوصية وأن يشهد على
ذلك رجلين عدلين ، ويوصي بان يجهز ويدفن
على السنة ، فقد كان أصحاب رسول الله ﷺ يوصون بذلك .
وإذا حضر
المريض الموت ، فعلى من عنده ، أن يلقنوه الشهادة لقوله ﷺ : ( لقنوا
موتاكم لا إله إلا الله ) كما عليهم أن يدعوا له ، ولا يقولوا في حضوره إلا
خيرا ، أما قراءة القرآن ، وبالتحديد سورة يس عند الميت ، فلم يصح فيه حديث . أما
بعد الموت . فعليهم أن يدفنوه ، في البلد الذي مات فيه ولا ينقلوه إلى غيره ، لأن ذلك يتنافى مع
التعجيل بتجهيزه ودفنه . لحديث أبي هريرة مرفوعاً
(أسرعوا بالجنازة ، فان تك صالحة فخيرٌ تقدمونها عليه وإن تك غير ذلك فشرٌّ تضعونه عن رقابكم )
أخرجه الشيخان . وعليهم قضاء دينه من ماله ، ولو أتى عليه كله . فإن لم يكن له مال
، فذلك على الدولة ، ويمكن أن يبادر أي مسلم لقضاء الدين ، وان القضاء يرفع العذاب
عنه ويحرم على أقارب الميت النياحة ،
بخلاف البكاء فإنه جائز ، ويستحب للمخبر عن الميت ، أن يطلب من الناس أن يستغفروا
له .
ومن علامات
حسن الخاتمة ، النطق بالشهادتين عند الموت ، لقوله عليه السلام : ( من كان آخر
كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة ) أخرجه الحاكم . ومنها رشح الجبين ،
لقوله عليه السلام : ( موت المؤمن بعرق الجبين ) أخرجه أحمد والنسائي .
ومنها الموت ليلة الجمعة ، لحديث ( ما من مسلم يموت يوم الجمعة ، أو ليلة
الجمعة ، إلا وقاه الله فتنة القبر ) أخرجه أحمد . ومنها الشهادة أو الموت
بداء أو غرق أو هدم أو نفاس بالنسبة
للمرأة ، أو الحرق أو المرابطة في سبيل الله .
أما الغسل .
فإنه يتولى ذلك ، من كان أعرف بسنة الغسل ولا يجوز إدخال القطن ، في دبر الميت وحلقه
وأنفه ، ولا يجوز الجهر ، بالذكر أثناء الغسل ، ولمن يتولى الغسل أجرين ، بشرط أن
يستر عليه ، ولا يحدث بما قد يرى وأن
يبتغي بدلك وجه الله تعالى ، ثم يكفن ، وتكاليف الكفن من مال الميت ، ويستحب في
الكفن البياض .
ومن حق الميت
على المسلمين . حمل الجنازة وإتباعها
للحديث الذي رواه البخاري أن رسول الله ﷺ قال :
( حق المسلم على المسلم خمس : رد السلام ، وعيادة المريض ، وإتباع
الجنائز ، وإجابة الدعوة ، وتشميت العاطس ) . وإتباع الجنازة ، من عند
أهلها حتى الصلاة عليها ، وحتى يُفْرغ من
دفنها ، فيه ثوابٌ عظيم . لقول رسول الله ﷺ : ( من
شهد الجنازة -من بيتها - وفي رواية : من اتبع جنازة مسلم إيماناً واحتسابا ، حتى
يصلي عليها فله قيراط ، ومن شهدها حتى تدفن ، وفي رواية : يفرغ منها فله قيراطان -
من الأجر - قيل : يا رسول الله وما القيراطان ؟ قال : مثل الجبلين العظيمين
وفي الرواية الأخرى : كل قيراط مثل أحد
) أخرجه البخاري .
ولا يجوز رفع
الصوت بالذكر ، خلف الجنازة ، أو قراءة القرآن ، أو القول الله أكبر أو اذكروا
الله .
أما الصلاة
على الجنازة ، فهي فرض كفاية ، وإذا اجتمعت جنائز عديدة ، من الرجال والنساء ،
صُلِيَ عليها صلاةً واحدة ، وجعلت الذكور مما يلي الإمام ، والإناث مما يلي القبلة
.
ولا تجوز
الصلاة عليها ، ودفنها في أوقات الكراهة ، إلا للضرورة لما روى مسلم أن رسول اللـه
ﷺ قال
:
( ثلاث
ساعاتٍ كان رسول الله ﷺ ينهانا أن نصلي فيهن أو أن نقبر فيهن موتانا : حين تطلع الشمس بازغةً
حتى ترتفع ، وحين يقوم قائم الظهرة حتى تميل الشمس وحين تضَيَّف الشمس للغروب حتى تغرب ) أخرجه
مسلم .
ويسن للذي يضع
الميت في لحده ، أن يقول : بسم الله وبالله
، وعلى ملة رسول الله ﷺ .
ويسن أن لا
يلقن الميت ، إلا كما فعل عليه السلام فقد
كان يقف على القبر ، يدعوا له بالتثبيت ، ويستغفر له ويأمر الحاضرين بذلك .
ومن السنة أن
يصنع الأقرباء والجيران ، لأهل الميت طعاما
وتشرع التعزية
، بما تيسر من الكلام ، الذي يحمل على الرضا والصبر ، أو بما ورد عن رسول الله ﷺ (
إن لله ما أخذ ، ولله ما أعطى ، وكل شيء عنده إلى أجل مسمى فلتصبر ولتحتسب ) ولا تحد التعزية
بثلاثة أيام ، فقد ثبت أنه عليه السلام عزّى بعد الثلاثة .
وتشرع زيارة
القبور ، للنساء والرجال للاتعاظ بها
وتذكِّر الآخرة . ولا يشرع وضع الورود والرياحين على القبور وأما وضع جريد النخل ، كما ثبت عن النبي ﷺ
فإنه خاص به ﷺ
بدليل أنه لم يجر العمل به عند السلف .
ولا يجوز
الذبح عند القبور ، أو البناء عليها ، أو رفعها وطليها بالكلس ، أو الكتابة
والقعود عليها . فقد نهى رسول الله : ( أن يجصص القبر ، وأن يقعد عليه ، وأن
يبنى عليه . وزاد البيهقي . أو يزاد عليه وزاد النسائي أو يكتب عليه ) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق