السبت، 25 أكتوبر 2014

الإعلام

لا بد من الحديث عن الإعلام في وقتٍ نرى فيه قدرة أعدائنا على تسخير وكالات الأنباء والأجهزة المرئية وغير المرئية ضد أمتنا ، مما يوجب على أمتنا أن تعمل لتكون لها أجهزة إعلام واعية تعمل لصالحها ، وعلى أساس عقيدتها الإسلامية ، وتدفع عنها غائلة التورط  في الارتباط ارتباط مصيرٍ بأمم الكفر ، والتي تعمل ما وسعها ، لأن يقتصر عمل أجهزة الإعلام ، في الترويج للمهرجانات الغنائية الخليعة الماجنة ، في تحدٍ سافرٍ لمشاعر المسلمين الغيورين ، مما يُشكل دعايةً مسمومةً لأساليب الحياة الغربية ، ودعايةً للإباحيين الذين يسعون لإفساد الأمة ، بتنظيم هذه المهرجانات .
 إن ما يهم المسلم في مجال الإعلام ، أن يوجد الفكر الإسلامي ، فلو سُخِرَتْ أجهزة الإعلام ،لخدمة الإسلام ومبادئه وأهدافه ، لكان لها شأن آخر ،كما يجب العمل على تغيير أفكار القائمين ، على أمر الوسائل الإعلامية ، وملء عقولهم بالمفاهيم الإسلامية  وذلك عن طريق إعداد القائمين على أمر الإعلام  إعداد إسلامياً ، وإقناعهم بأهمية الإسلام ونهجه  وفائدته للبشرية .
إن الإعلام في بلاد الإسلام ، يجب أن يقوم به مسلمون عاملون بدينهم ، متفهمون لطبيعة الإعلام ووسائله الحديثة ، ومتى كان القائم بالإعلام الإسلامي  عاملاً بعلمه وبأمور دينية ، فإنه يكون متحمساً له  ويكون علمه بالدين هو دليله ومرشده ، في إعداده لبرامجه وأحاديثه ، وصياغته لسائر المواد الإعلامية التي يقدمها .
إن العمل الإعلامي ، لا بد وأن تحكمه مرجعية فكرية  والتي تكمن في الاستمساك بما أنزل الله ، لأن المسلم الحق ، يؤمن بأن الله قد تكفل لمن خلصت عقيدته  وصلح فكرة ، بالسعادة في الدنيا والآخرة  وتوعد من أعرض عنه ، وفسدت عقيدته ، بالشقاوة في الدارين ، وعليه أن يدرك أن عقيدته ، هي العقيدة الحق ، التي حفظها الله عز وجل ، وبدون ذلك لن يتحقق أي نصر للمسلمين .
إن تطبيق أوامر الله  واستلهام أجهزة الحكم ، وقنوات الفكر ، ووسائل الإعلام ، وروح الشريعة يرجع إلى إيمان المسلم بعقيدته ، وأنها تستطيع أن تحقق له الإشباع الروحي والعقلي ، بعد أن أخفقت العقائد الأخرى في إسعاد الإنسان ، لأن هذه العقائد ، تترك علامات استفهام حائرة ، في نفوس أهلها ، فلم تستطع أن تحل مشكلاتهم الاجتماعية أو الاقتصادية  ففقدت مصداقيتها ، ووجد أصحابها أنفسهم في ضياع ، فغرقوا في ملذاتهم ، وانساقوا وراء غرائزهم  وعاشوا عيشة البهائم  وارتفعت معدلات الانتحار كما زادت نسبة الجريمة في مجتمعاتهم .
وهنا يجد الباحثون الرد على تساؤلاتهم ، حول سبب تمسك المسلمين بعقيدتهم ، على الرغم من الفقر والمرض والجوع ، حتى أن كثيراً من ساسة الغرب وعلمائهم ، نصحوا حكوماتهم ، بالتعامل مع المسلمين بصورة واقعية ، وعدم بذل الجهد والمال  لتحويل المسلمين إلى غير عقيدتهم ، بعدما فشلت محاولات احتوائهم و إغرائهم ، من خلال وسائل التبشير والتنصير، المزودة بالتقنيات والكوادر المدعومة  بأفضل الإمكانيات .
إن المسلمين يتطلعون إلى اليوم  الذي يجدون فيه إعلامهم ، يتفق مع دينهم وعقيدتهم ، لأن دماءهم من نبع هذا الدين ، مما يوجب على الأمة الإسلامية  أن تدرك هذه الحقيقة ، إذا أرادت أن تحقق الأهداف الإنسانية النبيلة ، التي جاءت بها الشريعة الإسلامية  بدلاً من المذاهب والأفكار التي تتنافى مع ديننا وعقيدتنا ، وإن أي نشاط إعلامي ، ينسجم مع روح الشريعة ، ويتقيد بأوامر الله ، سيلقى القبول والرضا من أمة الإسلام ، فهل آن الأوان للرجوع إلى الحق والتعامل مع الواقع ؟ أما آن لنا أن نستفيد من تجارب الماضي ؟
لقد جربت بعض الأنظمة في العالم الإسلامي النهج الاشتراكي  تارةً ، والنظام الاستبدادي تارةً أخرى  ولم يسفر ذلك إلا عن ضياع وقت الأمة ، وإهدار طاقاتها ، والقضاء على ثرواتها ، علما بأنه يوم كان المسلمون يلتزمون فيه بمنهج الحق ،كان النجاح والنصر حليفهم ، مما يؤكد قوة تأثير العقيدة في حياة المسلمين . فلم لا يتعامل القائمون على أجهزة الإعلام بالمرجعية الإسلامية في القول والنشر؟  في وقتٍ نرى فيه هذه الأجهزة تدور في دائرةٍ مفرغة ، وتعمل في إطار محدود لها ، وتخدم أشخاصاً مكنتهم الظروف من السيطرة أو النفوذ .
إن الواقع الحالي ، الذي يعيشه العرب والمسلمون  يدعو للأسف ، لأنهم يعتمدون على وكالات الأنباء العالمية في نقل المعلومات ، وينقلوها نقلاً حرفياً دون تفهم وتبصر ، ويقبل المسلمون اليوم على شراء التقنيات ولم يحاولوا تعلمها ، فكان موقفهم من هذه التقنيات موقف الزبائن ، فوقع إعلامهم في أخطاء قاتله ، ومارس دوراً لا يتفق مع حركة الأحداث . وما يزيد الأمر تعقيداً ويدعوا للبحث والدراسة  إشكالية البث المباشر عبر الأقمار الصناعية ، التي تشكل غزواً جديداً ، لا مجال للرقابة والمنع في مواجهته ، مما يزيد هيمنة الدول الكبرى على وسائل الاتصال ، ومراكز المعلومات  ووكالات الأنباء  وأجهزة صناعة الفكر في العالم ، مما أدى إلى تأثر الشعوب الإسلامية ، بالأفكار والعقائد الفاسدة  وسيكون هذا التأثير كبيراً على الأطفال ، في مراحل حياتهم الأولى ، لأن تعرضهم إلى سبيل لا ينقطع ، من مشاهد العنف والجنس والجريمة ، إضافةً إلى العقائد الفاسدة ، والأفكار المنحرفة ، التي تحملها وسائل البث المباشر ، سوف يترك الأثر الأكبر ، على سلوك أبناء المسلمين  والذي قد يدفعهم  إلى تصرفاتٍ غير مسئولة ، وأعمالٍ عدوانية ، بفعل غريزة التقليد والمحاكاة ، لذا ركَّزَ الإسلام على أهمية البيت والأسرة  في تكوين شخصية الإنسان ، فقال تعالى :{يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا } كما أن صلاح الوالدين والكبار ، وقيامهم بفرائض الدين  وبعدهم عن المنكرات والآثام ، والتزامهم حدود الفضيلة والأدب ، وتعليم الصغار وتلقينهم مبادئ الدين ، وغرس بذور الاعتقاد والإيمان في نفوسهم  مطلوبٌ شرعاً ، قال عليه السلام : (الزموا أولادكم وأحسنوا أدبهم ) ، ونبه على أن الإهمال فيه أثمٌ كبير  فقال عليه السلام : ( كفى بالمرء إثماً أن يُضيع من يقوت ) .
وهنا تساؤلات : لماذا يتوجه بعض الدعاة إلى الأمة  قبل أن يتوجهوا إلى الدولة ؟ ولماذا لا يُنظر إلى فساد بعض القائمين على أمر هذه الأمة ، نظرتهم إلى غيرهم من العامة ؟ ولماذا يُقتصر في معرفة المعلومة أو الخبر عن المسلمين عن طريق وكالات الأنباء الأجنبية ؟ ولا نعرف عن بعض الدول الإسلامية ، إلا أنها دولٌ تكثر فيها الصراعات والقلاقل  ويسودها التخلف  متجاهلين الوجه الإيجابي لها . إن هذه المفارقات المخزية ، ما هي إلا صورةٌ من صور المعاناة التي يعيشها العالم الإسلامي  بسبب اعتماد وسائل الإعلام لدينا ، على المصادر التي لا تقدم من الواقع ، إلا ما يتعلق بالكوارث والحروب ، والقلاقل والخلافات ، أما الأخبار التي تسر وترفع المعنويات  سواء بما يتعلق بالتقدم الصناعي أو النهضة الاقتصادية في طول العالم الإسلامي وعرضه ، فإنها تتجاهلها ولا تحفل بها  ولهذه المعاناة صورة أكثر إيلاماً ، وأبشع تأثيراً ، لأن وكالات الأنباء الأجنبية ، هي التي تصنع الرأي العالمي  وتشكل رؤيته عن العرب والمسلمين  ومن ثم لا غرابة ، أن ينظر العالم إليهم نظرة ازدراء واحتقار .  وهناك تأثير أشد أنكى من الوكالات الأجنبية على العمل الإعلامي ، إنه يتمثل في سيطرة المنافقين  وغير المؤهلين من العناصر الانتهازية ، التي تجيد التملق والرياء والمداهنة . مما أدى إلى سيطرة بعضهم على أجهزة الاتصال ، الأمر الذي أدى إلى تدهور الأوضاع الإعلامية في العالم الإسلامي ، وقد دفعت الأمة الثمن غالباً ، من حاضرها ومستقبلها  بسبب تأثير هذه الفئة على صناع القرار ، وإلا فما هو تفسير الظواهر السلبية ، والأوضاع المختلفة ، التي تسود بلدان العالم الإسلام ؟ وما تفسير انتشار ظاهرة الفقر ، في مجتمعات تتوافر لها كل أسباب الثراء  وعوامل الرفاهية ؟ وما تفسير انتشار الأمية والجهل   في أمة حملت رسالة العلم ، وعَّلمت الدنيا كلها ؟ وما هو تفسير الضعف ، في أمة توافرت لها كل عناصر القوة ؟ لهذا نستطيع القول بان أعمال المنافقين   ونشاط الفسقة ، وجهود المرائين ، هي التي أثمرت أوضاعاً سلبية ، تدفع الأمة تمنها غالباً ، وتجني ثمارها المريرة ، وكم كان القرآن عظيماً ، حين وضع المنافقين في الدرك الأسفل من النار ، وبوأهم أحط مكانة في جهنم فقال تعالى : { إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار } . وقال في آية أخرى {إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم }. وحين يسيطر المنافقون على أجهزة الإعلام ، فإنها لا تؤدى المهمة التي قامت من أجلها ، وهي التعبير الحقيقي عن إرادة الأمة ، ومعالجة مشاكلها ، وتناول قضاياها المصيرية  وما يحصل عكس ذلك تماماً ، فإنها تمارس التضليل والخداع ، والرضا بالأمر الواقع ، وتعمل على غرس المفاهيم الخاطئة ، والأفكار المشوهة في أذهان الناس . إن سيطرة هذه الفئات ، على منابر الفكر   وقنوات الأنصال ، تعتبر حجر عثرة في إيصال الحقائق إلى الأمة ، التي تخلفت بسبب التسلط والقمع  الذي يمارس ضدها في هذا الميدان  . علماً بأنه ليس في الإسلام كبتٌ للرأي ، ولا إجبارٌ على السكوت  ولكل مسلمٍ أن يتحدثَ بما يشاء ، سواء أُخِذَ برأيه أم لم يُؤخذ ، لأن منابر الدعوة وأجهزة الإعلام ، هي الروافد الفكريةُ المؤهلة ، للرد على التساؤلات التي تثارُ حول هذا العالم ، كما تستطيع مواجهة اتهامات المعاندين ، والرد على تساؤلات المتشككين ، مما يوجب على رجال الإعلام ، أن يتزودوا بذخيرةٍ قرآنيةٍ قويةٍ ، تحسن توظيف العقل والبرهان ، وتجادل بالتي هي أحسن مصداقاً لقوله تعالى : { وجادلهم بالتي هي أحسن }

إن أجهزة الإعلام تتحمل تزويد المسلمين وغير المسلمين بحقائق الدين الإسلامي ، للقضاء على المعتقدات الخاطئة ، والمفاهيم المغلوطة ، التي تسود أغلب دول العالم عن الإسلام والمسلمين . وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العلمين .   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق