الأحد، 26 أكتوبر 2014

أين الإسلام


أين الإسلام في بلد الإسلام ؟ بل أين المسلمون في بلاد المسلمين أسأل عن الإسلام ولا أسأل عن المسلمين عدداً ، فما أغنت الكثرة المفككة الهزيلة أمام من احتلوا الأرض وانتهكوا الحرمات وهم يتفرجون على مصائبهم وآلامهم غثاء لا غناء فيه ولا وزن ولا قيمة ، لا أسأل عن الإسلام دولاً وشعوباً تنتمي إليه بشهادات الميلاد ، ولكني أسأل عن الإسلام دين المروءة والشهامة والنجدة و الصدق والوفاء والأمانة ، لأننا إن وجدنا ذلك فقد وجدنا الإسلام ووجدنا المسلمين الذين يحسب حسابهم . أسأل عن المسلمين دولاً إسلامية تجمعها عقيدة وتوحد بينها روحه في السياسة و الاقتصاد و التقاليد و العادات ، تقوم المعوج و تصلح الفاسد وتعلي كلمة الحق وتحارب الطاغوت و تحقق في عالم الواقع العبودية لله .
أسأل بمرارة أين الإسلام بين من غلب الكذب على حديثهم والغش في معاملاتهم فلم يلتزموا بعهد ولم يوفوا بوعد ، ضاعت بينهم الحقوق وفسدت الطباع وانحطت الأخلاق وامتلأت القلوب حقداً وحسداً بين من انصرفوا عن واجباتهم وأهملوا أعمالهم استخفوا بأحكام شريعتهم وتجرؤا على المعاصي والوقوع في محارم الله واستعباد عباد الله والإمعان في الشهوات والإسراف في المتع والملذات قال تعالى : ) وإن بروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا (.الاعراف 146
و بعبارة أخرى فإن حال المسلمين اليوم حال لا يرضى عنها الإسلام ولا يرتضيها أهل الإيمان و التقوى فيهم ، صغرت عندهم أنفسهم وهانت عليهم كرامتهم ونسوا الله فنسيهم الله وأنساهم انفسهم ، حتى غزاهم المستعمرون واحتلوا البلاد وأذلوا العباد و فرضوا عليهم أنظمتهم واخذوا يرمون المسلمين بالتهم التي يتذرعون بها ليبرروا بقائهم في بلاد المسلمين ونهب ثرواتهم .
وفي تقديري ان هذا الكيد للإسلام ولأهله ليس وليد هذا العصر بل إنه حلقه في سلسلة طويلة من حلقات الكيد لدين الله والذين يدينون بهذا الدين وإذا كان المسلمون يريدون الخلاص مما هم فيه من خوف و قلق ، فلا بد لهم من العودة إلى ماضيهم المشرق يتلمسون قوتهم و أسرار صحوتهم ويقظتهم ونهضتهم من كبوتهم ، وأن يعودوا إلى أن يكونوا خير أمة أخرجت للناس ، يحملون دعوة الإسلام إلى العالم أجمع ، لأنه الرسالة الوحيدة التي تقدم للبشرية منهجاً يتميز بالتوازن والتكامل .
عن رسالة الإسلام هي الرسالة القادرة على بناء إنسان قوي الشخصية متكامل الشخصية يمشي على الأرض و يتطلع إلى السماء و يعايش الواقع ، يعمل للدنيا ولا ينسى الآخرة ويجمع المال ولا ينسى الحساب ، ياخذ الحق ولا ينسى الواجب ، يتعامل مع الخلق ولا ينسى الخالق ، يصلح نفسه ولا ينسى إصلاح غيره ، ينتهي وينهى داع إلى الخير آمر بالمعروف ناه عن المنكر حافظ لحدود الله .
والمسلم بلا إسلام يقتل نفسه ويظلمها والإنسانية بلا إسلام تدمر نفسها وتهدم سعادتها ، وتعيش حياة الشقاء الدائم في هذا العالم الذي لا يدوم ومن العجيب ان بعض الناس كفروا بالإسلام ولم يعودوا مسلمين أو استخفوا به لدرجة أنهم بدلاً من أن يحاربوا من لا يطبقه يدافعون عن تصرفاته الباطلة ولو بتهديم الإسلام .
وهو ما يريده أعداء الإسلام الذين يقفون في وجه أي توجه يعمل للخروج على هيمنتهم أو يحاول الاستقلال عنهم ، ويعملوا جاهدين لأن يكون المسلمين تابعين لهم يلهثون وراءهم لا يخرجون في أعمالهم وتصرفاتهم عن إرادتهم ورغباتهم .
والسؤال هنا ماذا على المسلمين أن يفعلوا أو ما هي طريق الخلاص ؟
إن الإسلام هو وحدة القادر على أن ينقذنا مما نحن فيه في كل مجالات الحياة فالعامل كي يتقن يحتاج إلى الفكر الذي يوجهه والصانع الذين يتقن عمله لا بد له من مجموعة أفكار تكون سلوكه وتكيف حياته ولا يكون ذلك إلا بعقيدة والعقيدة عندنا هي الإسلام فإذا فرعنا الناس من العقيدة لم بجد الصانع الذي يحسن صنعته ولا العامل الذي يتقن عمله نحن بحاجة إلى الإسلام بأفكاره ومفاهيمه في كل أمور حياتنا لنستقر و نشعر بالطمأنينة بدلاً من الهزات النفسية والاجتماعية و السياسية التي يتعرض لها المسلمون .
فالإسلام وحده هو القادر على إنقاذنا مما نعاني من مشكلات وويلات في كل جوانب الحياة وهذا ما ينادي به منظق الواقع ، لأننا جربنا الأنظمة و الأفكار والمذاهب المستوردة فلماذا لا نجرب الإسلام الذي وضع منهاجاً ينظم كل شؤون الحياة التي لا يصلحها إلا التمسك بالعقيدة ، حتى نقيم حياةً إنسانية فاضلة ، تعطينا الوازع الذاتي الذي يصنع الضمائر الحية التي توجب علينا الرجوع إلى الإسلام والقرآن والسنة ، إسلام الصحابة ومن تبعهم ، إسلام القرون الأولى الإسلام كما جاء به القرآن الكريم ودعا إليه رسول الله r هذا الإسلام الذي يريده الله لهذه الأمة ، ويوم يحكم هذا الإسلام حياتها فإنها ستسعد في الدنيا قبل الآخرة أما إذا أصبح المسلمون لا يعنيهم أمر الدين وأفكاره ولا يهمهم مصير الإنسانية ومستقبل العالم ، ولا تهمهم إلا الفوائد المادية الحاضرة التي تعود إلى أشخاصهم ، فحبلهم على غاربهم وأمرهم بيدهم ولكن ليعلموا أن سفينة الجاهلية التي اختاروها لسفرهم قد أحيط بها ، وليعلموا أن هذه السفينة إذا غرقت فإن تغرق ركابها ، وكل من وصل أسبابهم بأسبابها ، ولا عاصم من أمر الله إلا من رحم قال تعالى : ) ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من جون الله من أولياء ثم لا تنصرون (. هود 112
نسأل الله أن يردنا إلى الإسلام رداً جميلاً وأن يعيدنا إلى هذا الدين نطبقه كله عقيدةً وشريعة حتى نعود أمة إسلامية كما أمر الله .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق