الأحد، 12 أكتوبر 2014

الاستعاذة

الاستعاذة
إن التعوذ بالله من الشيطان الرجيم هو أفضل العبادات ، والاستعاذة أحصنُ حِصْنٍ لدين المؤمن من كيد الشيطان الرجيم ، وأحرز حرز من وساوسه . والمستعيذ بالله من الشيطان الرجيم  معتصمٌ بحبل الله المتين ، ذكر بن الجوزي أن النبي r قال : ( من استعاذ بالله في اليوم عشر مرات من الشيطان الرجيم ، وكلّ الله به ملكاً يذود عنه شر الشيطان ، كما تذاد الغريبة من الإبل عن الحوض ، فكيف لا يسلم المستعيذ بالله من الشيطان ، والملك يذود عنه بأمر الملك الديان).
ومن أراد أن يقرأ القرآن فليستعذ بالله ، لأن التعوذ بالقرآن هو الشفاء من آفات الشيطان وكان النبي r يتعوذ من آفات كثيرة تواترت بها الأخبار , فقد تعوّد من البخل والجبن والكسل وعذاب القبر ، وتعوَّذ من الشيطان الرجيم الذي نهى الله عن طاعته لأن من أطاعه خذله وصده عن هدى الله ، وفتح في قلبه أبواب الضلالة والردى وقد دلت الأحاديث على أنه ما من أحد إلا ومعه شيطان ؟ لما روت عائشة أنها قالت : قلت يا رسول الله ما من لأحد إلا ومعه شيطان ؟ قال : نعم , قالت : وأنت يا رسول الله قال : وأنا إلا أن الله أعانني عليه فأسلم ) رواه مسلم .    
فإذا أراد الله بعبد خيراً أبعد عنه شيطانه وأعانه عليه ، ونشّطه للطاعة وأزال عن بدنه الكسل فاقبل على الله وآثر رضاه على هواه .
 وقد أخبر الرسول r أن الشيطان  يفرح بالإنسان العاصي لربه عندما قال : ( إذا بلغ الرجل أربعين سنة ولم يغلب خيره على شرّه قبله الشيطان بين عينيه , وقال : فديت وجهاً لا يفلح أبداً ) .
أما معصية الشيطان فهي من خصال الخير قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه :" من جمع ست خصال لم يدع للجنة مطلباً ولا عن النار مهرباً أولها : من عرف الله فأطاعه والثانية : من عرف الشيطان فعصاه , والثالثة : من عرف الحق فاتبعه   والرابعة : من عرف الباطل فاجتنبه والخامسة : من عرف الدنيا فأعرض عتها والسادسة : من عرف الجنة فطلبها .
عن أبي سعيد الخدري قال : رأيت إبليس اللعين في المنام منكوساً فهممت أن أقرعه بالعصا فقال لي : يا أبا سعيد أما علمت أني لا أخاف من العصا ولا من الأسلحة ، فقلت له : يا ملعون فما الذي تخافه ، قال : أخاف من شيئين : أحدهما استعاذة المستعيذين والثاني : شعاع معرفة الصادقين .  وللوقاية من شرّ الشياطين أمر الله بالاستعاذة بالله منها فقال تعالى : )وإما ينـزغنّك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم( فصلت 46.
كما علمنا رسول الله r الدعاء الذي يعصم من الشياطين فقال : ( من قال حين يصبح وحين يمسي : أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم قال قرينه عوفي هذا العبد مني اليوم ) .
وجاء الأمر بالتعوذ في آية أخرى قال تعالى :
) فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم ( النحل 98. ويمكن أن نتجنب شرّ الشياطين فنصنع كما صنع رسول الله r ليلة كادته الشياطين كما رُوِيَ أنها تحدّرت ليلة على رسول الله r من الأودية والشعاب وفيهم شيطان بيده شعلة نار يريد أن يحرق بها وجه رسول الله r فهبط إليه جبريل عليه السلام فقال : يا محمد
قل ،  قال ماذا أقول ؟ قال : ( قل أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق وذرأ ومن شرّ ما ينـزل من السماء ، ومن شرّ ما يعرج فيها ومن شرّ فتن الليل والنهار ومن شرّ كل طارق إلا طارقاً يطرق بخير يا رحمان ، فطفئت نارهم وهزمهم الله ) .
وروى عن بعض السلف أنه قال لتلميذه : " ما تصنع بالشيطان إذا سوّل لك الخطايا ؟ قال : أجاهده قال : فإن عاد ؟ قال أجاهده قال : فإن عاد قال : أجاهده قال هذا يطول أرأيت إن مررت بغنمٍ فنبحك كلبها أو منعك من العبور ما تصنع ؟ قال أكابده أو أرده جهدي قال : هذا يطول عليك ، ولكن استعن بصاحب الغنم يكفه عنك " . وقد ذُكر عن أبي سعيد أنه قال في قوله تعالى : ) إن عبادي ليس لك عليهم سلطان( 
كأن يقول إن كان لك عليهم سلطان أن تلقيهم في معصية الله ، فليس لك عليهم أن تمنعهم من مغفرة الله .
وقد دلت الأحاديث على أن للشياطين أعوانٌ من بني آدم فقد روى عن النبي r أنه قال : إن للشياطين أعوانٌ من  بني آدم يبعثهم الملعون إلى المؤمنين ، يشغلونهم عن الصلاة وعن الصدقة   وعن ذكر الله ، ويحبب إليهم كسب السحت والحرام ، والذي بعثني بالحق ليعبدوا الدنيا والدرهم أشد عن عبادة الأوثان  ) .
جاء في البحر المديد عن ابن جزي أن وسوسة الشيطان أنواعٌ كثيرة منها : فساد الإيمان والتشكيك في العقائد ، فإن لم يقدر ثبط عن الطاعات ، فإن لم يقدر على ذلك أدخل الرياء في الطاعات ليُحْبِطها ، فإن سَلِمَ أدخل عليه العُجْب بنفسه واستكثار عمله ، ومن ذلك أنه يوقد في القلب نار الحسد والحقد والغضب ، حتى يقود الإنسان إلى سوء الأعمال وأقبح الأحوال   وعلاج وسوسته بثلاثة أشياء وهي : الإكثار من ذكر الله  والإكثار من الاستعاذة منه ، وأنفع شيء في ذلك قراءة سورة الناس .
اللهم إنا نعوذ بك من شرّ الشياطين وأعوانهم من الآدميين اللهم آمين .




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق