الاستعاذة
إن التعوذ
بالله من الشيطان الرجيم هو أفضل العبادات ، والاستعاذة أحصنُ حِصْنٍ لدين المؤمن
من كيد الشيطان الرجيم ، وأحرز حرز من وساوسه . والمستعيذ بالله من الشيطان
الرجيم معتصمٌ بحبل الله المتين ، ذكر بن
الجوزي أن النبي r
قال : ( من استعاذ بالله في اليوم عشر مرات من الشيطان الرجيم ، وكلّ الله به
ملكاً يذود عنه شر الشيطان ، كما تذاد الغريبة من الإبل عن الحوض ، فكيف لا يسلم
المستعيذ بالله من الشيطان ، والملك يذود عنه بأمر الملك الديان).
ومن أراد أن
يقرأ القرآن فليستعذ بالله ، لأن التعوذ بالقرآن هو الشفاء من آفات الشيطان وكان
النبي r
يتعوذ من آفات كثيرة تواترت بها الأخبار , فقد تعوّد من البخل والجبن والكسل وعذاب
القبر ، وتعوَّذ من الشيطان الرجيم الذي نهى الله عن طاعته لأن من أطاعه خذله وصده
عن هدى الله ، وفتح في قلبه أبواب الضلالة والردى وقد دلت الأحاديث على أنه ما من
أحد إلا ومعه شيطان ؟ لما روت عائشة أنها قالت : قلت يا رسول الله ما من لأحد إلا
ومعه شيطان ؟ قال : نعم , قالت : وأنت يا رسول الله قال : وأنا إلا أن الله أعانني
عليه فأسلم ) رواه مسلم .
فإذا أراد
الله بعبد خيراً أبعد عنه شيطانه وأعانه عليه ، ونشّطه للطاعة وأزال عن بدنه الكسل
فاقبل على الله وآثر رضاه على هواه .
وقد أخبر الرسول r أن الشيطان
يفرح بالإنسان العاصي لربه عندما قال : ( إذا بلغ الرجل أربعين سنة ولم
يغلب خيره على شرّه قبله الشيطان بين عينيه , وقال : فديت وجهاً لا يفلح أبداً ) .
أما معصية
الشيطان فهي من خصال الخير قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه :" من جمع ست
خصال لم يدع للجنة مطلباً ولا عن النار مهرباً أولها : من عرف الله فأطاعه والثانية
: من عرف الشيطان فعصاه , والثالثة : من عرف الحق فاتبعه والرابعة : من عرف الباطل فاجتنبه والخامسة : من
عرف الدنيا فأعرض عتها والسادسة : من عرف الجنة فطلبها .
عن أبي سعيد
الخدري قال : رأيت إبليس اللعين في المنام منكوساً فهممت أن أقرعه بالعصا فقال لي
: يا أبا سعيد أما علمت أني لا أخاف من العصا ولا من الأسلحة ، فقلت له : يا ملعون
فما الذي تخافه ، قال : أخاف من شيئين : أحدهما استعاذة المستعيذين والثاني : شعاع
معرفة الصادقين . وللوقاية من شرّ
الشياطين أمر الله بالاستعاذة بالله منها فقال تعالى : )وإما ينـزغنّك
من الشيطان نزغ فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم( فصلت 46.
كما علمنا
رسول الله r
الدعاء الذي يعصم من الشياطين فقال : ( من قال حين يصبح وحين يمسي : أعوذ بالله
العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم قال قرينه عوفي هذا العبد
مني اليوم ) .
وجاء الأمر
بالتعوذ في آية أخرى قال تعالى :
) فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله
من الشيطان الرجيم (
النحل 98. ويمكن أن نتجنب شرّ الشياطين فنصنع كما صنع رسول الله r
ليلة كادته الشياطين كما رُوِيَ أنها تحدّرت ليلة على رسول الله r
من الأودية والشعاب وفيهم شيطان بيده شعلة نار يريد أن يحرق بها وجه رسول الله r
فهبط إليه جبريل عليه السلام فقال : يا محمد
قل ، قال ماذا أقول ؟ قال : ( قل أعوذ بكلمات الله
التامات من شر ما خلق وذرأ ومن شرّ ما ينـزل من السماء ، ومن شرّ ما يعرج فيها ومن
شرّ فتن الليل والنهار ومن شرّ كل طارق إلا طارقاً يطرق بخير يا رحمان ، فطفئت
نارهم وهزمهم الله ) .
وروى عن بعض
السلف أنه قال لتلميذه : " ما تصنع بالشيطان إذا سوّل لك الخطايا ؟ قال :
أجاهده قال : فإن عاد ؟ قال أجاهده قال : فإن عاد قال : أجاهده قال هذا يطول أرأيت
إن مررت بغنمٍ فنبحك كلبها أو منعك من العبور ما تصنع ؟ قال أكابده أو أرده جهدي
قال : هذا يطول عليك ، ولكن استعن بصاحب الغنم يكفه عنك " . وقد ذُكر عن أبي
سعيد أنه قال في قوله تعالى : )
إن
عبادي ليس لك عليهم سلطان(
كأن يقول إن
كان لك عليهم سلطان أن تلقيهم في معصية الله ، فليس لك عليهم أن تمنعهم من مغفرة
الله .
وقد دلت
الأحاديث على أن للشياطين أعوانٌ من بني آدم فقد روى عن النبي r
أنه قال : إن للشياطين أعوانٌ من بني آدم
يبعثهم الملعون إلى المؤمنين ، يشغلونهم عن الصلاة وعن الصدقة وعن ذكر الله ، ويحبب إليهم كسب السحت والحرام
، والذي بعثني بالحق ليعبدوا الدنيا والدرهم أشد عن عبادة الأوثان ) .
جاء في البحر
المديد عن ابن جزي أن وسوسة الشيطان أنواعٌ كثيرة منها : فساد الإيمان والتشكيك في
العقائد ، فإن لم يقدر ثبط عن الطاعات ، فإن لم يقدر على ذلك أدخل الرياء في
الطاعات ليُحْبِطها ، فإن سَلِمَ أدخل عليه العُجْب بنفسه واستكثار عمله ، ومن ذلك
أنه يوقد في القلب نار الحسد والحقد والغضب ، حتى يقود الإنسان إلى سوء الأعمال
وأقبح الأحوال وعلاج وسوسته بثلاثة أشياء
وهي : الإكثار من ذكر الله والإكثار من
الاستعاذة منه ، وأنفع شيء في ذلك قراءة سورة الناس .
اللهم إنا
نعوذ بك من شرّ الشياطين وأعوانهم من الآدميين اللهم آمين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق