الأحد، 26 أكتوبر 2014

بداية النهاية لأمريكا


من أبرز معالم الحرب الأمريكية ، أنها صليبية بتوجيهات يهودية ، وأنها ضد الإسلام والمسلمين   باعتبارهم العدو الوحيد في العالم ، ولهذا فإنها لم تقيم وزناً لما يسمى بالشرعية الدولية ، فكانت حرباً ذرائعية تتصيد الفرص أو تصطنعها عندما لم تجدها ، غير مبالية لأي معارض لها مهما كان  وقد اعتمدت أسلوب الغدر والمباغتة غير مبالية بكرامة الدول وسيادتها ، واضعةً هدفاً تسعى لتحقيقه مهما كانت النتائج ، وهو إبقاء المسلمين في مؤخرة الركب وتجريدهم من أي قدرة على المبادرة أو المبادأة .
والسؤال هنا : إلى متى سيظل هذا السيف مسلطاً على رقابنا ؟ وإلى متى تظل الأمة بكماء خرساء عمياء ، تتنكر لدينها وتذل لأعدائها ، وتخضع وتركع لكل طاغية يريد ذبحها ؟
لقد ولدت هذه الضغوط ردات فعل هنا وهناك  وكل رد تلاه ردود عنيفة عنيدة من الأنظمة   وقد لوحظ ذلك في أنحاء متفرقة من العالم ، حتى وجد الإسلاميون أنفسهم في معارك مفروضة عليهم ، مما زاد الغليان وضاعف الاحتقان   خصوصاً عندما وجد الإسلاميون أنفسهم مغضوباً عليهم ، والوصف الجاهز لهم متطرفون إرهابيون حتى ولو كان موقفهم دفاعاً مشروعاً في الدين .    
 ما أحوج المسلمين اليوم أن يدركون طبيعة المعركة ، وان يدركوا أن قوى الكفر لا يحاربون المسلمين إلا على العقيدة ، مهما تنوعت العلل والأسباب ، وما أحوجهم إلى أن يدركوا أن كل شيء بيد الله ، ينصر من يشاء ولا مقيد لمشيئته   والمشيئة التي تريد النتيجة هي ذاتها التي تيسر الأسباب ، والعقيدة الإسلامية واضحة في هذه المجال ، فهي ترد الأمر كله إلى الله ، ولكنها لا تعفي البشر من الأخذ بالأسباب التي من شأنها أن تظهر النتائج ، أما تحقيق هذه الأشياء أو عدم تحقيقها فليس داخلاً في التكليف ، لأن مرد ذلك في النهاية إلى تدبير الله . وعندما ترك الأعرابي ناقته طليقة على باب مسجد رسول الله r ودخل يصلي قائلاً :توكلت على الله . قال رسول الله r :"اعقلها وتوكل".أخرجه الترمذي 
فالتوكل في العقيدة مقيد بالأخذ بالأسباب ، ورد الأمر بعد ذلك إلى الله الذي ينصر من يشاء   وجولة في ضمير الزمان وأبعاد التاريخ ، يرينا القرآن طرفاً من سنة الله الجارية التي لا تتخلف ولا تحيد قال تعالى : } أو لم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم   كانوا أشد منهم قوة ، وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها وجاءتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون{. الروم 9
في الآية دعوة إلى التأمل في مصائر الغابرين الذين مضت فيهم سنة الله ، ولم تنفعهم قوتهم ولم يغن عنهم علمهم ولا حضارتهم ، ولقوا ما يستحقون من جزاء .
فلم لا يعتبر المتجبرون من مصارع الغابرين   الذين ذكرهم القرآن الكريم قال تعالى :}أولم يهد لهم كم أهلكنا من قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات أفلا يسمعون {. إن البشرية تخضع لقوانين ثابتة في نشوئها وضعفها وقوتها ، والقرآن ينبه إلى ثبات هذه القوانين   ويتخذ من مصارع القرون وآثار الماضين الدارسة الخربة ، يتخذ منها معارض للعبرة والخوف من بطش الله وأخذه للجبارين ، ونظره في عالم اليوم نرى نشوة التحكم الأمريكي وتربعها على صدر عالم اليوم قد بلغ اوجه ، مما يبشر بحتمية انحسار هذا التحكم وزوال سلطانه ، الذي تحول إلى سوط يسوم الشعوب الضعيفة سؤ العذاب والقتل والهوان ، وقد بلغ التحدي مداه عندما نصَّبت أمريكا نفسها الحاكم المتفرد بإدارة الكون   والمتحكم في شؤون الدول والشعوب والأفراد   إضافةً إلى امتلاكها زمام المبادرة والقرار في شؤون العالم الاقتصادية والمالية ، بعد أن أوجدت المؤسسات الدولية التي استطاعت أن تجعل الدول تقع في فخ المديونية ، والعمل على تكريس الظلم والقهر والعدوان . صحيح أن أمريكا تتربع على عرش العالم ، ولكن قواعد هذا العرش قائمة على الجماجم والأشلاء والظلم والقهر ، فاستحقت أن تحمل وسام الكراهية والعار . و في غمرة التبعية المذلة للدول والشعوب للولايات المتحدة   أصبحت الإدارة الأمريكية ترى نفسها في موضع السيد المعبود ، إذ لا مجال للاعتراض على القرارات التي تحكم فيها بالإعدام على الشعوب   فلا تسمح لأن تسأل عما تفعل وهم يسألون ونست هذه الإدارة أن الله خص نفسه ولا أحد يعرف ما في نفسه ، إلا أننا نذكر في هذا المقام قوم نوح بالطوفان ، وكذلك فرعون وجنوده بالغرق ، وقوم لوط بالزلزال ، وقوم هود بالريح إلى آخر ما ذكره الله في القرآن من ألوان العذاب الذي أنزله بالأمم الكافرة ، ليعتبر المتجبرون من مصارع تلك الأقوام قال تعالى: } أولم يهد لهم كم أهلكنا من قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات أفلا يسمعون { السجدة .
إن البشرية تخضع لقوانين ثابتة في نشؤها وضعفها وقوتها ، والقرآن ينبه إلى هذه القوانين ويتخذ من مصارع الماضين معارض للعبرة والخوف من بطش الله وأخذه للجبارين .
 قال تعالى :}أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلهم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ؟{ 
 إنها سنة الله فلا بد من الشدائد ولا بد من الكروب ، حتى لا تبقى بقية من جهد ولا بقية من طاقة ، ثم يجيء النصر بعد اليأس من كل أسبابه الظاهرة ، التي يتعلق بها الناس يجيء النصر من عند الله ، فينجو الناس من البطش والتعسف الذي يلاقوه من المتجبرين ويحل بأس الله بالمجرمين مدمراً ماحقاً ، لا يصده عنهم وليٌ ولا نصير   وإذا كان هذا كائناً بدليل النص القرآني ، فلماذا يعمد كبراء الأمة إلى تضليل شعوبهم ، باتخاذ الأنداد من دون الله ، ولماذا يسلمون القيادة لمن يتلقون شرائعهم من أهواء البشر لا من وحي الله ؟
ولماذا هذا الخضوع والخنوع والخوف منهم ومن قوتهم ومكرهم الذي سيأخذهم الله به مهما يكن من العنف والتدبير ؟ قال تعالى :}وقد مكروا مكرهم وعند الله مكْرُهُمْ وإن كان مكْرُهُم لِتَزولَ منه الجبال { إبراهيم 45 .
إن الله محيط بهم وبمكرهم وإن كان مكرهم من القوة والتأثير حتى ليؤدي إلى زوال الجبال أثقل شيء وأصلب شيء وأبعد شيء عن تصور التحرك والزوال ، فمكرهم هذا ليس مجهولاً وليس خافياً وليس بعيداً عن متناول القدرة ، فهو حاضر عند الله يفعل به كيف يشاء وصدق الله :}فلا تحسبن الله مخلف وعدِه رُسُلَه إن الله عزيز ذوانتقام{. إبراهيم 46.
ومن يشعروا بالفشل والخيبة إذا رأوا قدر الله يبطئ بهم عن الغلب الظاهر والتمكين في الأرض   ندعوهم لدراسة تاريخ الأمم القوية الغنية   كيف انتقص الله من قوتها وقدرتها  فهزمت أمام الحق وأنصاره ، والأمم اليوم ليسوا بأشد مكراً ولا تدبيراً ولا كيدا ممن كان قبلهم فأخذهم الله وهو أحكم تدبيراً وأعظم كيداً قال تعالى :}وقد مكر الذين من قبلهم فلله المكر جميعاً {. الرعد 43.
إن كل مسلم منا يستطيع أن يعرف سبب ما يحل بنا ، إذا ما عرف لمن المقام الأعلى في حياتنا و لمن الطاعة والإتباع والامتثال ؟
فإن كان لغير الله فهم في غير دينه ، وحتى يأتيهم النصر عليهم تفادي ذلك ، حتى يأذن الله للأمة الضائعة بقائدٍ مؤمن يرفع راية الجهاد ويعيدها إلى الإيمان ، هذا بلاغ للناس ولينذروا به ، وليس لما يفعلونه من أثر ، ولا يمكن بحال من الأحوال أن يعوق بحقيقة وعد الله لعباده المؤمنين بالنصر  وأخذهم أخذ عزيز مقتدر . لأن الله لا ولن يدع الظالم يفلت ولا يدع الماكر ينجو ، ولن يخلف الله وعده ، وسيكون ذلك لا محالة ولو إلى حين  ولكننا لا ندري كيف يتم هذا . ولكن الله أعلمنا بأنه لا يغيِّر نعمة أو بؤس ، ولا عزاءً أو ذلة إلا أن يغير الناس من مشاعرهم وأعمالهم ، لأن ما يحل بالمسلمين هو نتيجة مترتبة على ما يكون منهم قال تعالى : } إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم {.الرعد 11



      

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق