الأحد، 12 أكتوبر 2014

الخلاف المذموم

 الخلاف المذموم
إن تراثنا  الذي قاد العالم دهرا ،ً يجب أن ينهض من كبوته ويتمسك برسالته ، ليغسل الأرض من أدرانها ، ولو أن انظمة الحكم أهدى والحق أقوى ما كنا نسقط في براثن الاستعمار الذي اجتاحنا ويعمل جاداً على محو وجودنا ورسالتنا ، ومع ذلك نسمع من هنا وهناك من يتكلم عن النهضة التي لا قيمة لها ، ما دامت لا تعرف اسباب هزائمها وكبوتها .
وما دامت هناك خلافات علمية تشغل الكثير من ابنائها ، والتي تسرُّ أعداء الأمة والموالين لهم في بلاد المسلمين ، ويتمنون لو غرق جمهور المسلمين في هذه القضايا ولم يخرج منها ، في الوقت الذي يشعر بقلق شديد إذا ما ساد شعور بين أفراد الأمة عن التفكير في واجبات الدولة ، وهل وجدت لخدمة الأفراد أو المبادئ ؟ وعن المال ولماذا يكون دولة بين البعض من الناس ؟ وعن الناس وهل ولدوا أحراراً أم ولدوا لتستعبدهم سياط الفراعنة حيناً ، والبحث عن لقمة العيش حيناً آخر ؟
كان سلفنا الصالح ملتزماً بالمنهج وإن الذي خاطب الفرس يوماً قائلاً : "جئنا لنخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة الله ، كان بفطرته الصادقة يعلم ما هي الحقائق الكبرى في المنهاج الإسلامي فيفتح البصائرعليها .
آلمتى جداً أن هناك من يهتم بمسائل لا يؤئر تركها على مستقبل الأمة كمسألة لمس المرأة هل ينقض الوضؤ أم لا ؟ وقد لمست الاهتمام الاشد والاحد بمثل هذه المسائل عند بعض فئات المسلمين   وغير ذلك من القضايا النانوية التي استحوذت على الافكار ، لحساب فئة عرفت من الإسلام قشوره وليست جذوره ، فاعتمدت على مرويات لا تعرف مكانها من الكيان الإسلامي المستوعب لشؤون الحياة ، فأرسلوا الفتاوى التي تزيد الأمة بلبلة وحيرة ناسين أنه لا فقه بلا سنة ولا سنة بلا فقه ، ثم لماذا لا نتدبر القرآن أولاً وقبل كل شيء حتى نعرف أبعاد التكاليف التي ناطها الإسلام باعناقنا ؟ ولماذا لا نعرف طبيعة الدنيا التي نعيش فيها والاساليب التي يتبعها خصومناً لكسب معاركهم ضدنا ؟ ولماذا لا نختار للناس أقرب الأحكام إلى تقاليدهم إذا اختلفت وجهات نظر الفقهاء المسلمين في تقرير حكم ما .
فمن الناس من يهتم بقضية التراص اثناء الصف للصلاة أكثر مما يهتم بتوفير الخشوع والقنوت بين يدي الله ، ومن الناس من يهتم بمسألة النقاب مع أن ذلك رأي لم يقل به كثرة من المفسرين والمحدثين والفقهاء ، فماذا عليهم ترك الترجيح الذي اعتمدوا لمصلحةٍٍٍ أهمّ تخدم الإسلام والمسلمين ، ولماذا يصرُّ هؤلاء على رأيهم بأنه الأصح ولا حياة لرأي آخر ولا مكان له ، إن أعداء الإسلام يعلمون تماماً بأن أهل الوعي والفقه إذا اتيح لهم المجال فهم لا بد منتصرون ، ولذلك يفتحون الف طريق لأولئك الغلاة الذين يركزون على القشور التي يضيع معها اللباب. ونصيحتي لهؤلاء أن يتقوا الله في أنفسهم وامتهم ، وأن يجمعوا ولا يفرقوا وأن يمهِّدوا الطريق لعودة الإسلام بدل أن يضعوا أمامه العوائق والعقبات  ويجعلوا الأحكام الفرعية المختلف فيها حجر عثرة أمام عقائد الإسلام وأركانه الكبرى ، وإني على يقين لو بذل هؤلاء في محاربة اعداء الإسلام والمبطلين ، عشر ما يبذلونه في الدفاع عن رأيهم الذي يتبنون ، لانتصر الإسلام ولكان الحال غير الحال ، ثم لحساب من يعلو صوتهم في قضايا هامشية ولا يسمع أبداً في قضايا أساسية ؟ ولحساب من يرى بعضهم رأياً أو يحترم تقليداً ثم يزعم أن الإسلام هو رأيه ؟ مع أنهم في الحقيقة يعلمون ويكرهون من يعلم ولا يعملون ويكرهون من يعمل ، بل ويشكلون سداً أمام تيار الإسلام  يعكرون صفوه ويمنعون ورده ويصدّون الأمم عنه   إنهم من أبناء المسلمين ولكنهم في الحقيقة أخطر على دين الله من الأعداء الحاقدين .
وليعلم كل ذي علم بأن الحفاظ على ديننا وأمتنا   يحتاج إلى العقل المؤمن أو الإيمان العاقل ولا يصلح له أنصاف المتعلمين ، الذين يحسنون الهياج ولا يستطيعون الإنتاج .
وإن القضايا التي يثيرونها ويشددون على التمسك بها لا تتصل بعقائد الإسلام ولا بعباداته وإن أعداء الإسلام لهم مكرٌ سيء في استغلال أقوال هؤلاء من أدعياء الفقه الذين لا شغل لهم إلا الاهتمام بأمور جانبية ، لا وزن لها ولا خير فيها إذا ما قورنت بمصاب الأمة وما وصلت اليه. كقول القائل أن صوت المرأة عورة ناسياً أن النساء كانت على عهد رسول الله (ص) كانت تروي الأحاديث وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ، ولمن يزعمون أن صوت المرأة عورة نقول بأن العورة قد تكون في اصوات النساء والرجال عندما يكون الكلام مريباً مثيراً له رنين رديء   مع العلم بأنه لا يوجد بين رجال الفقه من قال : صوت المرأة عورة ، وإن ذلك اشاعة كاذبة .
ومما يؤسف له أن بعض الناس يتحدث عن الإسلام وهو قاصر النظر ويتطاول على أهل العلم  والفضل ، وإن مصيبة الإسلام في هذا العصر من أولئك الأدعياء مما يدعوا لمعرفة طبيعة شريعتنا   حتى يكون وعينا بأحكامها فيه صوناً لحياتنا الخاصة والعامة ، وليعلم هؤلاء أن التحليل والتحريم ليسا إلى أهواء الناس وفتاواهم قال تعالى :{ولا تقولوا لما نصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب } .
فالتتضافر الجهود إلى انهاض الأمة التي تعاني من الهزائم العلمية والخلقية والصناعية والتجارية حتى تصحوا من الخدر الذي جمد الافكار والقى بالأمة وراء قوافل الأمم السائرة .
ولنبتعد بالأمة عن المجادلات الفارغة والاهتمام بالفروع التافهة ، والاقتصار على تلاوة آيات البر وأحاديث الرحمة ، فذلك لا يغني ولا يسمن من جوع على مستوى الأمة ، لأنه لا بد من جهاد جماعي مكثَّف متصل ، حتى نتمكن من  إغاثة الملهوفين وتأمين حياتهم وحماية عقائدهم وإننا نشكوا الى الله المتدينين الذين قست قلوبهم على عباد الله ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .

                

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق