معنى
الزكاة لغةً : النمو و البركة و زيادة الخير .
وشرعاً
: إسمٌ لقدرٍ مخصوصٍ من المال ، يجبُ صرفهُ لأصنافٍ مخصوصة .
وهي
الركن المالي و الاجتماعي ، من أركان الإسلام ، و الزكاة و إن ذُكِرَتْ في باب
العبادات باعتبارها شقيقة الصلاة ، فهي في
الحقيقة تُعَدُ جُزءاً من النظام المالي و الاجتماعي في الإسلام حتى أن الإنسان في نظر القرآن، لا ينالُ
البِرَّ ولا يستحق و صف الأبرار
الصادقين ، ولا بدخلُ في زمرة المتقين ،
ولا ينتظمُ في سلك المؤمنين ، إلا بإيتاء الزكاة ، وبغيرها لا يستحقُ رحمة الله ،
التي أبى أن يَكْتُبَها لمانعي الزكاة . قال تعالى :{ورحمتي وسعت كلَّ شئ
فسأكتبها للذين يتقون و يؤتون الزكاة }الأعراف 156 وبغيرها لا يستحقُ ولاية
لله ، و لا رسولهِ ولا المؤمنين ، قال تعالى :{إنما وليكم الله و رسوله والذين
أمنوا الذين يقيمون الصلاة ، و يؤتون
الزكاة وهم راكعون }المائدة 55 .
وبغيرها لا يستحقُ نصر الله الذي وعد به
من نصره،قال تعالى:{ولينصرنَّ اللهُ من ينصره ، إن الله لقوي عزيز ، الذين إن
مكناهم في الأرض ، أقاموا الصلاة ، وآتو الزكاة، و أمروا بالمعروف ، و نهوا عن
المنكر }الحج40 .
و قد أنذر الله مانعي الزكاة ، بالعذاب الغليظ
في الآخرة ، لينبه بهذا الوعيد ، القلوب الغافلة وَيُحرِكَ النفوسَ الشحيحة إلى
البذل ، يسوقها بعصا الترغيب و الترهيب ، إلى أداء الواجب طوعا ، وإلا سيقت إليه
بعصا القانون ، وسيف السلطان كرها .
لقد
هدد الله مانع الزكاة بالعذاب الأليم . روى البخاري عن أبي هريرة أن رسول الله صلى
الله عليه و سلم قال : ( من أتاه الله
مالاً ، فلم يؤد زكاته ، مُثِلَ له يوم
القيامة ، شجاعاً أقرع ، له زبيبتان ، يُطَوِقَهُ يوم القيامة ، ثم يأخذُ
بِلِهْزِمَتَيهِ ، أي شدقيه، ثم يقول أنا مالك أنا كنزك ) ثم تلا النبي عليه
السلام قوله تعالى : {ولا يحسبن الذين يَبْخَلونَ بما آتاهم من فضله هو خيراً
لهم بل هو شرُّ لهم ، سَيُطَوَقون ما
بخلوا به يوم القيامة }آل عمران 180 .
كما
ورد التهديدُ ، بالعقوبة الدنيوية ، لكلِّ من يَبْخَلْ بحق الله ، و حق الفقير في
ماله ، قال عليه السلام :( ما منع قوم الزكاة إلا ابتلاهم الله بالسنين )
أي المجاعة و القحط . رواه الطبراني في الأوسط .
وروى
البيهقي وغيره أن رسول الله ( ص ) قال : ( يا معشر المهاجرين ، خصال خمس ، إن
ابتليتم بهنَّ ونزلت بكم ، أعوذ بالله أن تدركوهنَّ ، لم تظهر الفاحشة في قومٍ قط
حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الأوجاع التي لم تكن في أسلافهم ، ولم ينقصوا المكيال
والميزان إلا أُخذوا بالسنين ، وشدَّة المؤنة وجور السلطان ، ولم يمنعوا زكاة
أموالهم إلا منعوا المطر من السماء ، ولولا البهائم لم يمطروا ، ولا نقضوا عهد
الله وعهد رسوله إلا سلط عليهم عدوٌ من غيرهم فيأخذ ما في أيديهم ، وما لم يحكم
أئمتهم بكتاب الله إلا جعل الله بأسهم بينهم ) .
أما
كيف تؤدى ، فالمال الحرام لا زكاة فيه حتى
لو خلطت بأموال حلال ، بحيث لا تتميز عنها
ففي الحديث الصحيح (لا يقبل الله صدقة من غلول ) حتى أن المرء لا
يعد غنيا بالمال الحرام وإن بلغ
القناطير المقنطرة ، وقد فصَّل الفقهاء كيفية إخراج الزكاة على النحو التالي :
1-زكاة الدين : جمهور الفقهاء يرون أن الدين نوعان . دين مرجو
الأداء : و هذا تعجل زكاته من ماله الحاضر .
ودين غير مرجو أخذه ، وهذا فيه ثلاثة أقوال . قولٌ يزكيه إذا قبضه ، لما
مضى من السنين ، وقول أخر ، يزكيه لسنة واحدة
وقول ثالث ،لا زكاة عليه لما مضى من السنين بل يزكيه عند قبضه ، أما الدين الميئوس منه : فلا زكاة عليه ، وهناك
قول بتزكيته عند قبضه لسنة واحدة ، وقد يكون لموظف مكافآت أو مُدَّخرات ، فهذه
بمنزلة المال الذي في يده ، تجب فيها الزكاة إذا بلغت نصابا ، وتوفرت شروط السلامة
من الدين ..
2- بلوغ
النصاب : وهو شرطٌ لا بد منه لوجوب الزكاة
في كل حال ، ويشترط فيه أن يكون
فاضلاً
عن الحاجة الأصلية لمالكه ، وقد فسر علماء الحنفية الحاجة الأصلية ، بأنها ما
يَدْفَعُ الهلاكَ .
عن
الإنسان تحقيقا كالنفقة ، ودور السكن
والثياب المحتاج إليها ، وأثاث المنزل ، وما يلزم الركوب والتنقل ، وكتب
العلم ، لقول رسول الله (ص) . ( لا صدقة إلا عن ظهر غنى ) رواه البخاري
معلقاً .
ومن تصدق وهو محتاج ، أو أهله محتاجون ، أو عليه دين ، فالدين أحق أن
يُقْضى
3- السلامة من الدين : فلا بد أن يكون
النصاب سالما من الدين ، فان كان المالك مدينا بدين يستغرق نصاب الزكاة ، أو يُنْقِصُهُ ، فان
الزكاة لا تجب عليه . لحديث رسول الله (ص) (هذا شهر زكاتكم ، فمن كان عليه دين
فليؤده حتى تخرجوا زكاة أموالكم ) .
وفي لفظ رواه مالك ( من كان عليه دين فليقض دينه وليزكي بقية ماله ) ولهذا
ذهب جمهور الفقهاء ، إلى أن الدين يمنع وجوب الزكاة ، أو ينقص بقدره في النقود
وعروض التجارة ، بخلاف المواشي والزروع
فقد ذهب بعض الفقهاء ، إلى أن الدين فيها
يمنع وجوب الزكاة . .
4- المال المستفاد : إن كان نماء المال
عنده وجبت فيه الزكاة ، كربح مال التجارة
، فإن الزكاة تجب فيه عند استفادته ، إذا
بلغ نصاباً بدون خلاف . .
5- حُلي
المرأة : ويشمل الذهب والفضة واللؤلؤ
والمرجان والزمرجد والماس ، وهي لا زكاة فيها لأنها مال غير نام ، وهي حلية ومتاع
للمرأة أباحها الله بنص كتابه ، حين ذكر
البحر فقال تعالى :{وتستخرجون منه حلية تلبسونها}النحل 14 وحلي النساء ، لم يرد في شأنها شيء في كتب
الصدقات الواردة عن النبي عليه السلام ، ولم يرد نص صريح ، بإيجاب الزكاة فيها أو
نفيها عنه ، وإنما وردت أحاديث ، أختلف الفقهاء في ثبوتها ، كما اختلفوا في
دلالتها ، وليس هذا مقام التوسع في ذلك ، ومن المستبعد في حكم الشريعة العادلة ،
أن تعفى من الزكاة ،حلي اللؤلؤ والماس والجواهر الثمينة ، التي يقدر الفص الواحد
منها ، بآلاف الدنانير ، ولا تتحلى بها عادة إلا النساء الثريات المقتدرات وزوجات الأثرياء وبناتهم . نعم من المستبعد أن
تعفي الشريعة هؤلاء وتوجب الزكاة في حلي الذهب والفضة ، التي تتحلى بها عادةً متوسطات الحال ، بل الكثيرات من الفقيرات في الريف والقرى ، وزوجات الفلاحين والعمال .
وهل يعقل أن تبيح الشريعة ، لتلك النساء
الاستمتاع بحلي الذهب والفضة ، ثم تفرض عليهن إخراج ربع عشر في كل عام ، على حين
تعفى ربات اللؤلؤ والماس والمرجان ، والذي نعقله هو إعفاء هؤلاء جميعا ، لأن هذا
وذاك متاع شخصي ، وليس مالا مرصدا للنماء ، أما إذا اتخذت الحلي للكنز والادخار ،
فهذه بمنزلة الدنانير المخزونة ، والنقود المكنوزة ،تجب فيها الزكاة .
6- مال
التجارة : كيف يزكي التاجر ثروته على
التاجر المسلم إذا حل موعد الزكاة ،أن يضم ماله بعضه إلى بعض ، رأس المال ،
والأرباح والمدخرات ، والديون المرجوة
، يقوم بجرد تجارته ويقوِّم البضائع ،
ويضيف قيمتها إلى ما لديه من نقود ، والى ما له من ديونٍ غيِر ميؤسٍ منها ، ويخرج
زكاة ماله كله ، بنسبة 2,5 بالمائة ، أما بأي سعر يُقَوِّم ، فالمشهور من
الآراء ، يقوم بالسعر الحالي الذي تباع به السلعة في السوق ، عند وجوب
الزكاة .
ويجوز للتاجر أن يخرج الزكاة ، من عين
التجارة كسائر الأموال ، والأرجح لمصلحة
الفقير، القيمة لا العين ،لأنه يشتري ما يلزمه بالقيمة ، أما العين فقد لا تنفعه ،
ويكون في غنى عنها .
7- المستغلات كالدور والعمارات والسيـارات .
اتفق
الفقهاء على عدم وجوب الزكاة في الدور والثياب ، وآلات الحرف اليدوية ،أما المصانع
فان الزكاة تفرض في موجوداتها ، من آلات وماكينات ، أما الدور والثياب ، فلا زكاة
فيها لأنها مشغولة بالحاجة الأصلية ، وأنها غير نافعه وان ما اتخذ منها للنماء ولغير الاستعمال في
الحاجة الأصلية ، صبح صالحاً لوجوب الزكاة
أما
كيف تزكى هده المستغلات: أوجب الإسلام الزكاة ، في نوعين من الأموال النامية مما تؤخذ
الزكاة من أصله ونمائه معا ، أي من رأس المال وغلته عند كل حول ، كما في
زكاة الماشية وعروض التجارة ، وهذا لتمام الصلة بين الأصل وفوائده وغلاته ، بزكاةٍ
مقدارها ربع العشر .
أما ما تؤخذ الزكاة من غلته وإيراده فقط
كالعمائر ، وأدوات الصناعة ، فأن الزكاة تؤخذ من صافي الغلال ، بمقدار العشر ، لأن
النبي عليه السلام اخذ الزكاة بالعشر من الزرع ، الذي سقي بالمطر والعيون ، فكأنه
أُخذ من صافي الغلة ويمكن الأخذ بالرأي
القائل بتزكية المال المستفاد دون اشتراط
حولان الحول ، والذي يتفق وعدالة الإسلام ، أن يعفى ما يعتبر حداً أدنى
للمعيشة وان تجب الزكاة في الباقي من
إيراد السنة إذا بلغ نصابا ، وهذا بالنسبة لمن ليس له إيراد آخر يكفيه حاجاته
،كراتب أو نحو ذلك .
8- زكــاة
الذهب والفضة .
تجب
الزكاة في الذهب إذا بلغ نصاباً، وحال عليه الحول ، ونصابه عشرون مثقالا،ً وزكاته
ربع العشر ، لحديث علي رضي الله عنه أن
النبي عليه السلام قال :( إذا كانت لك مائتا درهم وحال عليها الحول ففيها خمسةُ
دراهم وليس عليك شئ -يعني في الذهب- حتى يكون عشرون ديناراً فان كان لك عشرون
ديناراً ، وحال الحول ففيها نصفُ دينار ) رواه أبو داود .
وروى ابنُ ماجة والدار قطني عن ابن عمر وعائشة (
أن النبي عليه السلام كان يأخذ من كل عشرين دينار نصف دينار ، وعن الأربعين
دينار ، دينارا ) .
وأما الفضة :
فنصابها مائتا درهم ، فإذا بلغت مائتين ففيها خمسة دراهم " والعمل على هذا عند أهل العلم ..
9- زكــاة الزروع والثمــار .
أجمع
الفقهاء ، على وجوب العشر ، أو نصفه فيما أخرجته الأرض في الجملة ، بشرط أن يكون
مما
يُقتاتُ ويُدْخَرْ ويستنبته الآدميون ، ولا فرق بين الخضراوات وغيرهـا عند الحنفية
كالقمح والشـــعير والعدس والحمص والفول وفي الرطب والعنب من الثمار ، وذكر النووي
انه لا زكاة في الخضراوات أي الفواكه والبقول ، وأما الزيتون فالصحيح كما ذكر
النووي أنه لا زكاة فيه ولا عبرة للحول لقوله تعالى : { وأتوا حقه يوم حصاده .
10ـــ زكـاة النعـم .
1-الإبل . أول نصاب الإبل
خمس ، وفيها شاه ، وفي عشر شاتان .
2-البقر . أول نصاب البقر
ثلاثون ، فيجب تبيع -ابن سنه - وفي كل أربعين مسنة .
3- الغنم . أول نصاب
الغنم أربعون شاه وفيها شاة
4- الأوقاص . وهو ما بين
الفريضتين وهو عفوٌ لا زكاة فيه .
وبعد
.. إن الزكاة تطهر النفس ، من الشحِّ والبخل ، والذي يدفع الزكاة يشعر بالمسئولية
عن مجتمعه ، وعن تكافله مع المحتاجين فيه . وفيها تعبير عملي ، عن أخوة الإسلام ،
وتطبيق واقعي لأخلاق المسلم وإيثاره . والزكاة مؤسسة الَّله للتامين . تأمين
الإنسان من الفقر والعوز، إنها تأمين
اجتماعي عام ، وضمان اجتماعي للعاجزين ، ووقاية للجماعة من التفكك والانحلال .وهي تكفر
الخطايا وتدفع البلاء وتجلب رحمة الَّله ، فلو أقام المسلمون هذا
الركن من دينهم ، لما وجد فيهم فقير ، ولا ذو حاجة ولكن أكثر الناس ، تركوا هذه الفريضة ، فجنوا
على دينهم وعلى أمتهم ، فصاروا أسوأ من
جميع ألا مم ،حتى فقدوا عزتهم وشرفهم ، وصاروا عالةً على أهل الملل الأخرى ، تركوا
دينهم فضاعت بإضاعتهم لهُ دنياهم .
مصداقاً لقوله تعالى : { نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم
الفاسقون }الحشر 19 .
أما
زكاة الفطر : فقد روي أن النبي ( ص) قال :( صوم رمضان ، مُعلَّقٌ بين السماء
والأرض لا يرفع إلا بزكاة الفطر )
وزكاةُ الفطر صاعٌ من القمح ، وحتى نعرِفَ قيمته ، يجب أن نعرِفَ كم غرام يساوي
الصاع ، الصاع أربعة أمداد والمد 544 غرام فيكون الصاع 4×544=2,176
كيلو
غرام ثم تحسب حسب سعر كيلو غرام القمح في السوق ، فتكون هذه قيمة صدقة الفطر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق