السبت، 25 أكتوبر 2014

الرصاص الإسرائيلي الغادر


كان الإرهاب الإسرائيلي وما يزال أحد المقومات الأساسية للحركة الصهيونية ، ومن أهم الأساليب التي لجأت إليها لتحقيق أغراضها ، وقد اقترن انشاء دولة اسرائيل باستخدام أبشع أشكال الإرهاب ضد الفلسطينين ، من طرد وتعذيب ومصادرة للأراضي ، وقد أخذت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة الإرهاب فكراً وممارسة ، ولم يكن من المستغرب أن يكون الإرهاب هو السمة البارزة للكيان الصهيوني ، فقد برع زعمائه بما لهم من خبرة في هذا المجال بداية من بيغن وانتهائاً بشامير ، وتتواصل هذه الممارسات حيث أوغلت إسرائيل في عدوانها على الشعب الفلسطيني   فقتلت وهدمت واقتلعت وحاصرت وأرهبت وصادرت ، وكان رد الفعل أن أشبعها العرب والمسلمون نقداً ، وهي تواصل عملها ويواصلون كلامهم ونقدهم ، يقفون عند هذا الحد ولا يتعدونه ، فما العمل ؟
لا أحد يستطيع الإحاطة بتفاصيل الجريمة المروعة   فالدم يمتد على مساحة فلسطين بامتداد الرصاص الإسرائيلي الغادر ، وما ترصده وسائل الإعلام من جرائم وعمليات قتل ليس سوى جزء يسير من ممارسات اليهود البشعة بحق الشعب الفلسطيني الأعزل ، فما يروى من قصص دامية ومشاهد تهز المشاعر والقلوب في فلسطين ، ليس على مستوى ذلك الاستنكار الغريب ، لما جرى في أميريكا وحتى ذلك فإنهم يشيروا بأصابع الاتهام إلى الإسلام والمسلمين ، مع أنهم يعلمون أن الجماعات التي تقوم بعمليات العنف في العالم  وراءها أصابع صهيونية ، فهي التي تقوم بتصعيد العنف ، وهي التي تهيء المسرح العالمي للظهور بأنها الضحية ، مما يستلزم وجود ردات فعل يائسة   والصهيونية تجرجر شعوب العالم ، والمسلمون من بين هذه الشعوب إلى مواقف خطرة ، تدفعهم إلى اليأس والإحباط ، فتاتي ردود فعلهم على شكل إرهاب . مع أنه يمكن أن نعتبر أن جذور الفتنة والإرهاب ، تكمن في الربا الذي يتخذه اليهود وسيلة لاستعباد البشر ، وهو أساس العنف والإرهاب في عالم اليوم . لذلك فإن الانتفاضة في ايرلندا توقفت بعد 900 عام عندما نسف الثوار الايرلنديون مركز المال في لندن ، لايمانهم أن كل الشرور في العالم تعشش في حي المال في لندن ، والذي يشعر أربابه بالسعادة عندما تقتل الشعوب بعضها البعض , وبذلك نجحوا في تحديد مكان العدو الحقيقي ، فكان تفجير حي المال في لندن هو التفجير الوحيد المبرر بالنسبة لهم لأنه لم يكن موجهاً ضد الناس الابرياء وإنما ضد رأس الأفعى .
 إن الإسلام يواجه أكبر حملة إعلامية ظالمة ضده   واكبرها من الغرب الذي يصف اتباع الإسلام بالتطرف ، اضف إلى ذلك تشويه الكثير من أحكام الإسلام ، ورغم ذلك يشق الإسلام طريقه بقوته ، وليس بفضل الأموال التي تنفق ولا الكنائس الفخمة التي تُشاد ، ثم لا تجد من يزورها   حتى قيل : إن النصرانية دعوة بلا دين والإسلام دين بلا دعوة .
إننا على ثقة بأن الإسلام سيسود يوماً ، رضي الأعداء أم سخطوا ، اتهموا المسلمين بالإرهاب أم لم يتهموا ، فوعد الله بنصر دينه قائم قال تعالى :{سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق , أو لم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد } فصلت 53 . إنهم يعاملونا أسوأ معاملة ، فكل حسن مأخوذ من الغير   وكل قبيح يشنّع به علينا ومع أنهم يعلمون أن الإسلام ينبذ الإرهاب ولا يقرّه ، لكنه يحارب الظلم والاعتداء فلماذا تقام الدنيا وتقعد إذا ما نالهم اعتداء ، بينما لا يحرّك ساكناً إذا كنا نحن المعتدى علينا .
سمعنا عن انفجارات في ايرلندا ومنذ نصف قرن   كما سمعنا عن انفجارات الأمس القريب ، فلماذا لا يقال هذا إرهاب كاثوليكي أو بروتستانتي   وما يفعله اليهود في فلسطين أليس إرهاباً واعتداءً صارخا ؟ فلماذا لا يقال إرهاب صهيوني , بينما إذا ما استعمل السلاح مسلماً صرّح الإعلام بأن ذلك إرهاب إسلامي ، وكأن الأرهاب صار حكراً على المسلمين في الإعلام الغربي ، وحيثما حصل انفجار أو اطلقت رصاصة يسارعوا إلى اسناد الفعل للمسلمين ، قبل أن يعرف الفاعل   فلماذا يحصل هذا ؟
يحصل هذا في تقديري لأنها شهادة مزورة تتعافى منها رائحة العنصرية النتنة ، ولأن الأمة من جهة أخرى واقعة في مناخ الفتنة والهزيمة النفسية   وتربية حواس الذل في الأمة ، والتطبيع على الهزيمة والمنكر وتأليفه للنفوس ، وانعكاس هذا التطبيع على فهم النصوص الداعية إلى القوامة على الحق والتضحية في سبيله والجهاد من أجله ، وتأويل النصوص الشرعية بما يكرِّس الهزيمة ويوطِّن الفساد   ويمكن له في الأرض ، ويؤذن بتتابع الأزمات وخراب البلاد ، في وقت تتلاعب الدول الكبرى بالقوانين وفقاً لحاجاتها ، ولإثبات شرعية هيمنتها إذا ما تعرضت لأي اهتزاز ، مما هيء الظروف لليهود أن يمارسوا القتل والتخريب دون رادع ولأن الساحة خلت من رجلٍ كصلاح الدين الذي التزم الصمت وما ضحك أبداً والقدس في قبضة الصليبين ، وعندما سأله احد قادته عن ذلك قال : إنني استحي من الله أن أضحك ومدينة القدس اسيرة بين يدي الصليبين ، السلطان يستحي من الله ، وفي أيامنا هذه لا يستحي الكثير من قادة الأمة من الله ولا من الناس ولا من أنفسهم حين الغوا كلمة الجهاد في المؤتمر الذي عُقد في داكار عاصمة السنغال .

إن الأمة غافلة عما يراد بها من كيد ، وما دامت في غمرة الرجفة ، فعسير إن لم نقل مستحيل أن تدرك واقعها . وما دام الذي يبرز في الميدان هو صورة الإسلام لا حقيقته  فلا غرابة أن تنهزم الصورة ، وإن اعتقد الناس أنها هزيمة الإسلام وخذلانه ، فذلك لأن الناس تجاهلوا أن حقيقة الإسلام لم تتقدم الى الحرب منذ أن هدمت الخلافة . لذا فإن المسلمين بحاجة الى حكومة تمثله تمثيلاً صحيحا ، وتقوم على أساس الدعوة والهداية المستمدة من كتاب الله وسنة رسوله عليه السلام .  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق