السبت، 25 أكتوبر 2014

التآمر على المسلمين والمقدسات

إن القدس التي تئن تحت نير الأسر والتدنيس بأيدي قتلة الأنبياء ، ينبغي أن تظل في القلب   مهما  عمل اليهود على تغيير حقيقتها الإسلامية  وإن أي تفريطٍ في القدس هو تفريط في عرضنا وشرفنا ، لأن للقدس مكانة عظيمة في الإسلام وفي قلوب معتنقيه ، لما لها من أهمية إسلامية  ولأنها أرض الجهاد والتضحية ، وفي الحديث:( لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لعدوهم قاهرين ، لا يضرهم من خالفهم حتى يأتيهم أمر الله عز وجل وهم كذلك ، قالوا يا رسول الله وأين هم؟  قال: ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس ) .
إن قضية القدس ، ستظل دائماً وأبداً هي التحدي الأكبر ، الذي يواجه المسلمين في كل زمانٍ ومكان ، كما أن المحافظة على القدس وبقائها تحت سلطان المسلمين ، أمانةً دينية في عنقهم والله محاسبهم عليها . أما ماذا عمل المسلمون من أجل القدس هذه الأيام ؟
إن كل ما عملوه ويعملونه هو الإدانة والاحتجاج وتقديم الشكاوى إلى مجلس الأمن ، وحكام إسرائيل يُصَرِّحون بأن لا تراجع عن القدس الموحدة ، يا للعجب العجاب ، أصحاب الحق تائهون وغافلون ، واليهود يعلنون في تبجح سافر  عن أحلامهم في تهويد القدس ، يا أسفاه وحسرتاه على قومٍ غفلوا عن حقهم ، وأعطوا الدنية في دينهم .
إن حقيقة وجوهر الصراع على القدس ليس صراعاً حول الأرض ، وإنما هو صراع بين الإسلام كعقيدة وشريعة ومنهج حياة ، وبين الصليبية الحاقدة ، التي تؤازر اليهود على التمسك بالقدس ، وموقف مليار مسلم ، موقف الذل والهوان ، لأن هذه الكثرة المسلمة ، انسلخت من حبل الله فصارت غثاء كغثاء السيل ، وتداعت الأمم عليها ، وفقدت هيبتها ، وقُذِفَ في قلوب المسلمين الوهنُ ، الذي فسره النبي (ص) : ( بأنه حب الدنيا وكراهية الموت ) .
إنها حقيقة مرة مؤلمة ، لقد فقد المسلمون سرَّ قوتهم وعزتهم ، فأصبحوا كثرةً بلا هدف ولا عقيدة ولا منهج حياة . إنهم  يعيشون واقعاً مريراً  افتقدوا فيه دولتهم وعزتهم وكرامتهم  ويعيشون متفرقين ، الفرقة التي أغرت أعداءنا  فسلبونا كياننا ، ومسخوا شخصياتنا ، وتجرؤا على مقدساتنا ، وما قدسنا العزيز ببعيد  .
إن الإسلام ليعتبرُ إنقاذ القدس واجباً إسلامياً وفرضاً دينياً ، وذلك لا يكون إلا بالجهاد ، وليس بالاستنكار والاحتجاج ، الذي لا يُقام له وزنٌ  في الوقت الذي تريد إسرائيل أن تفرض أمراً واقعاً  وذلك بسعيها إلى تغيير المعالم والأوضاع في القدس لصالحها ، عن طريق نزع الأراضي  والاستيلاء عليها ،  لبناء مساكن للمستوطنين اليهود ، وطرد العرب من منازلهم ، وعدم السماح لهم ببناء مساكن لهم ومصادرة أراضيهم  وبناء المستوطنات عليها ، على مشهد من المسلمين ، وبشكل استفزازي مؤلم ، واعتداء صارخ على حقوق المسلمين ، وقدسية أماكنهم المقدسة ، كل ذلك والمسلمون في عزلةٍ وتخاذل وتنازع واختلافٍ وعداءٍ ، لأنهم لا يعيشون إلا لأنفسهم ، ولا يفكرون في غيرهم ، حتى أصبحت غالبية الشعوب الإسلامية ، تعبد المال والمركز والجاه والسلطان ، فصاروا ضعفاء بعد أن كانوا أقوياء ، وأذلاء بعد أن كانوا أعزاء ، ولن يستعيدوا مجدهم ، إلا بالإيمان الصادق ، واتحاد الكلمة ، والتعاون المخلص ، والقضاء على الفساد ، ونبذ الأهواء ، والمنافع الخاصة التي يجرون وراءها ، ولن تستعيد الأمةُ مجدها وقوتها  إلا إذا رجعت إلى كتاب ربها ، طريقةً ومنهج حياة ، ونظام حكم ، عندها لن يستطيع اليهود فرض مخططاتهم علينا ، والتمادي في إذلالنا  واكل حقوقنا ، ولن تستطيع  أية أُمةٍ في العالم أن تستهين بالمسلمين ، وتتحكم فيهم ، وتسيطر عليهم  ويومها ينتصر المسلمون على الأعداء المغتصبين ، كما انتصر المسلمون الأوائل  .
إن فلسطين بلدٌ إسلامي ، فتحه الصحابة الكرام  وارتوى ثراه بدمائهم الزكية الطاهرة ، وسيظل بلداً إسلامياً ، إلى أن تقوم الساعة ، ولتحقيق ذلك لا بد من إعلان الجهاد ، في الوقت الذي  توحدت فيه دول الكفر ، على عداوتنا ومقاومتنا  الأمر الذي لا يجيز لنا التخاذل أمامها ، وكيف يتخاذل من يشاهد تكالب الكفر ، بقضه وقضيضه ، للبطش بإخوان لنا ، يعانون من الاحتلال  والمسلمين من حولهم ، لا يلقون بالاً لما يحدث ، وكأن ما يجري يقع على سطح كوكب آخر ، مع أن الأمة هي نفسها الضحية ، وهي المتآمر عليها ، وخيراتها هي موضع السلب والنهب ، ودماؤها هي التي تنزف ، وأبناؤها هم الذين يقتلون ، ومقدساتها هي محل البحث . وعقيدتها هي المتآمر عليها بالدعوة للجمع بين المسلم واليهودي ، بأزالة العداوة وإيجاد روح المودة بينهما  .
إن الكافر يعمل جاهداً لجعل المسلم يأخذ من دينه الجانب الذي يتناسب مع أجواء الحياد والمودة مع أعداء الله ، اليهود والذين أشركوا  الذين قرّرَ الله عداوتهم بقوله : {لتجدن أشدَّ الناس عداوة للذين لآمنوا اليهود والذين أشركوا}المائدة 82 . هذا النص القرآني الكريم  يدفع كل مؤتمرات التعايش بين الأديان ، ووقوف الرهبان والأحبار مع المنحرفين من علماء المسلمين  وتركيز مفهوم أن الإسلام ، دين السلام بشكل مغلوط ، وغير ذلك من المواقف الخبيثه الظاهرة والخفية ، لإبعاد الأمة عن منهج عقيدتها ، وما هو لازم لهذه العقيدة ، من وحدانية الله ، وربوبيته والولاء لعباده  والبراء عن اعدائه قال تعالى :{إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين و أخرجوكم من دياركم ، وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ، ومن يتولهم ، فأولئك هم الظالمون }الممتحنة 9 .
إن الأمة تنتظر المخلصين الأوفياء ، للعمل لتخليصها مما هي فيه ، لنزع ثياب المذلة والمهانة والوضاعة  في وقت المت بالأمة المحنُ من كل صوب ، وأحدقت بها الأخطار من كل ناحية  والكفار يسيطرون على بلاد المسلمين ومقدراتهم  من خلال خنوع وخضوع الفئة المتسلطة التي ترزح تحت سيادة أنظمة الكفر ، وتعاني من الذلة والانكسار ، مما يَفْرِضُ علينا كمسلمين ، البحث عن الرؤية الواضحة الصادقة ، التي يتلوها العمل الجاد والحازم، لتغيير هذا الواقع ورد كيد الكافرين والمنافقين وأشياعِهِمْ  وإعادة الأمة إلى سابق عزها ومجدها ، خير أمةٍ أُخرجت للناس .
وأخيراً يسوءني أن الكرة وتفاهاتها تسيطر على قلوب الناس ، وما علموا أنها وسيلة من وسائل الصهيونية للسيطرة على الشعوب ، ألا ترون أن الكل مشغول بمتابعة المباريات ، وإسرائيل تخطط للسيطرة التامة على فلسطين ، وحكام المسلمين اكتفوا بالإهتمام بجولات أبناء الأمة في ساحة الوغى الكروية  وكفى ، سواء ذهبت القدس أو لحقتها فلسطين ، علماً بأن الأمة لن تنال حقها  وتسترد ما فقد منها إلا بدماء الشهداء ، ولن تسترد كرامتها وعزتها ، إلا في ساحات الجهاد  لا بالركض وراء الكرة .
يا عجباً والله متى كان اللعب يحقق للأمم عزّاً ومجدا  ولو تصفحنا تاريخ الأمم ، لما وجدنا أمة منها وصلت الى القمة بالتلهي الفارغ ، وإنما بالجد والمثابرة والعمل المستمر ، وما استسلمت أمة  للترف  والنعيم      والتسلي بسفا سف الأمور إلا هانت ، تلك هي قوانين الحياة ، وما درى العاكفون على الكرة وتفاهاتها أنهم يضرون بمصلحة الأمة أو دروا ولكنهم ماكرون خادعون يريدون لهذه الأمة أن تبقى في سباتها وصدق الله القائل : { وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها   ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا }الإسراء 16 .  

                    

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق