الحمد
لله رب العالمين الذي جعل تحقيق الأمن مقروناً بالإيمان الخالص من الشرك والطغيان
قال تعالى : ] الذين آمنوا ولم
يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون [
. فالأمن مطلب نبيل يحتاج إليه
الفرد في حياته وقد جعلت الشريعة الإسلامية الحفاظ على الدين والنفس والعقل والنسل والعرض والمال
ضرورة لا تستقيم الحياة إلا بها ، وقد بلغ
من عناية الشريعة أن حرمت الاعتداء عليها بأي صورة من صور الاعتداء ، وشرعت عقوبات
فكان تشريع الحدود والقصاص للزجر والردع ، فبالقصاص تحقن الدماء وينقمع الأشقياء ، لأن من علم أن من قتل نفساً
قُتل بها يرتدع وينـزجر عن القتل فيحفظ حياته وحياة من أراد قتله ، وبذلك تصان
الدماء ، وتحفظ النفوس ، ويأمن الناس على أرواحهم ، ذلك هو شرع الله الحكيم ودينه القويم ، ولشدة عناية الشريعة للنفس
والمحافظة عليها ، فإن الشارع حكم بأن تقتل الجماعة بالواحد إذا اشتركوا في قتله ،
فأُهدرت نفوسٌ من أجل نفس واحدة حتى لا يتطاول أحد على أحد إخواني
الأعزاء الجاهة الكريمة : إننا نجتمع بسبب جريمة قتل العمد
التي ذهب ضحيتها ابننا يوسف رحمه الله ، إنها لجريمة شنيعة يقصر
دونها كل عذاب وعقاب ، وأي جريمة بعد أن قام المجرم باستعمال البلطة ، وألحقها
بطعنات أخرى بالسكين ، في أماكن تدل على التمثيل بالجثة جريمة تفجع الأهل وترتجف لها القلوب وتتصدع لها الأفئدة وينـزعج منها أولو العقول وما كانت لتصدر من
مؤمن لمؤمن قال تعالى: ] وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ
يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً [ ثم قال في الآية التي تليها : ]وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ
اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا [ فأي وعيد أبلغ من هذا
الوعيد ، فالقتل العمد ذنب عظيم لا تقوى عليه الكفارة ، وهو إزهاق لنفس عمدًا بغير حق فكان جزاؤه القصاص ، وهو قتل القاتل جزاءً
وفاقًا ، وإن ما حصل
لجريمة بشعة ، تحرق الفؤاد ، ولذلك لا يجوز التساهل مع القاتل ليقتل من شاء في
الوقت الذي يشاء ، لأن للدماء حرمة وللحياة حرمة ، فهذا عبد الله بن عمر يقول :
" إن من ورطات الأمور ، التي لا مخرج لها لمن أوقع نفسه فيها ، سفك الدم
الحرام بغير حله " ولعظم حرمة الدماء في دين الله قال r : ( قتل المؤمن أعظم عند الله من زوال
الدنيا ) وإن ديننا لا يجيز التساهل مع هذه النفوس المطبوعة على الشر ، ولذلك
اعتبر جريمة قتل النفس الواحدة كبيرة تعدل
قتل الناس جميعاً ، لذلك كان القصاص من مرتكب هذه الجريمة ، صيانة لحق الحياة الذي
تشترك فيه النفوس جميعا وهذا ما أكده
قوله تعالى : ]
من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض
فكأنما قتل الناس جميعا [ . ولذلك اعتبر القصاص حياة فقال تعـالى : ] ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب [
.
إخواني ؟ الجاهة الكريمة : إن ما شاهدناه على جثة ابننا
المغدور ليدل على أنه تعرض للتعذيب وان
ذلك لم يكن عملاً فرديا ، وإننا لا نقبل بأي حال ، الإشاعات التي قيلت وكتبت في
الصحف بخصوص الحادث لأنها محض كذب وافتراء ، ومن الجدير بالذكر أن التمثل بالجثة
جعل من العسير جداً ، التساهل أو التنازل عن حقنا بالقصاص من القاتل ، بل إن ذلك
أمراً مستبعداً وخارجاً عن دائرة التفكير .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق