ما حقيقة الواقع الذي نعيش
إننا
نعيش في وقت ، أصبحنا فيه أمماً لا أمةً واحدة ذات
قاعدة واحدة ومصير واحد ، وبدلاً من أن نكون دولةً واحدة ، أصبحنا بسبب الفراغ
العقائدي دويلات متناقضة ممزقة الأوصال ، مشتتة الشمل .
فلا يوجد ما هو أحب إلى إسرائيل ، وآثر عندها من
هذا التفتت ...لا إلى كيانات هشة فحسب ، بل إلى جهاتٍ متباينة في مواقفها ، متناقضة في أفكارها ومفاهيمها
واتجاهاتها ، وإن هم إسرائيل كان وما يزال ، أن تجعل العرب أقل ارتباطاً بدينهم ،
لتسهيل السيطرة عليهم وتحويلهم إلى قطيع سائب ، في خدمتها . وغاب عنا في هذه
الدوامة ، التي تطحن بلا كلل ولا ملل ، فلا تقف ولا تعف وتدعو كل من عنده ذرة من
كرامة ، إلى أن الثأر ضريبة دم ، وان الجهاد في سبيل الله حتم ، حين تُهدر الكرامة
، وتُهان الحرمات وتُداَسُ المقدسات ، في
الهجمة الشرسة التي تقوم بها إسرائيل محتقرة كل الأنظمة المجاورة لها ومتحدية كل القوانين والأعراف الدولية .
لأنه يتولى أمر هذه الأمة المريضة ، حكامٌ
خائنون وقادةٌ فاشلون ، وساسةُّ تافهون ، ومفكرون مأجورون مجرورون ، كلُ ما فعلوه من
أجل استعادة الحق والكرامة ، مناشدة أعدى أعدائنا لرفع هذا الظلم والخطابة بدل التخطيط ، والكلام بدل الفعل والكراهية بدل المحبة ، والتشنج بدل
الحوار فأصبحت انتصاراتنا بهذا خطباً
مسرحيه ، لا أفعالاً حقيقية وبياناتٍ
كاذبة ، لا مروءة ولا تضحية ولا إيثارا .
إن
نظرةً إلى أحوالنا ، وما يحيط بنا ، نرى ألقاباً ورتباً وأوسمةً ، تتلألأ على
الأكتاف والصدور والله وحده عالم بما في
الصدور ، وجنرالات ومارشالات بأعدادٍ كبيرة ،
مهمتهم حماية الأنظمة ، صقور على أهليهم حمائم
أمام إسرائيل ، أشداء على قومهم ، أذلاء أمام
إسرائيل ، لا يصلحون لغير المراسم والمواسم ...والاستعراضات وشدِّ المهاميز
، ونفخ الأبواق وقرع الطبول .
إننا
نلمس واقعاً مؤلماً ، حيث السرقات والتهريب والتخريب ، ومؤتمرات مؤامرات ،
ومناورات ومساومات ، وتنازلات . تجر
علينا الهزائم وأساطير انتصارات ، نصنعها
لإسرائيل ، والكل يدعو إلى السلام والاستسلام ، والاستخذاء والركوع ، مع تنوع
الأساليب والأشكال والأهداف .
هذا
هو واقعنا ، فكل الأنظمة ، فريسة لأبطال السمسرة والتهريب ، والرشوة واستغلال
النفوذ والإثراء غير المشروع ، أما
الشرفاء الذين يتحملون تبعات الحاضر ، وأمانة المستقبل ، فلا مكان لهم في مفاوز
الزلفى و النفاق , و مفاسد الأخلاق . .
وإذا
كان هذا هو واقعنا ، فلم لا نلتزم بعقيدتنا
ونحتكم إلى شريعتنا ، التي تعطينا القدرة على ايجاد الحلول النهائية
لمشاكلنا ، وألا نكتفي بأن تتضمن الدساتير مادةً ، تقول إن دين الدولة الإسلام ، ثم نكتفي من الإسلام بشهادة ميلاد وانتماء اجتماعي فقط لا غير ، ولا نعتنق من مفاهيم ديننا شيئا ولا نطبق من أحكام شريعتنا الغراء ، الكثير أو
القليل .
إن
قوتنا الحقيقية تكمن في عزمنا وتصميمنا
على الجهاد والاستشهاد في سبيل الله ،
لاسترجاع الأرض والمقدسات ، وحماية العرض والشرف ، وهذا لا يكون إلا بالرجوع إلى
الإسلام .
إن
دول الكفر تسعى إلى تعكير أجواء الأمةِ
بالسفاهةِ والتفاهة ، وإن
العملاء يفلسفون الهزيمة بألف تحليل و
تحليل ، من المبررات الكاذبة البراقة ، خشية عودة الأمة إلى أصولها والى
إيمانها وترك ذلك سبب مصائبها ، فلو تسلح
القادةُ الذين يتولوا قيادة جيش الأمة بالإيمان بالله ، لما طغت إسرائيل وبغت .
إن
الأنظمة التي تقوم على إبعاد الدين والعقيدة
عن المواجهة مع أعدائها ، يكتر فيها الخونة والعملاء ولم لا ، وهم لا
يؤمنون بالله ، ولا يقيمون وزناً لمبادئ شريعته ، ويفضلون متاع الدنيا ، وشهوة الجاه
الرخيص ، والطموح السخيف ، على الكرامة والنخوة والجهاد .
إن
قوة العدو ، لم تكن أمراً خارقا ، بل كانت الخيانات العربية ، هي الخوارق ، التي
ليس لها نظير ولم تكن أسطورة نصر عدونا
تفوقاً معجزا بل هي انعكاسٌ للواقع الأَسود الذي نعيش .
وهنا
نتساءل : هل نتعظ ؟ وهل توقظنا العبر ؟
كلا وألف كلا . فالملهاة تختلط
بالمأساة ،كانت وما تزال والممثلون هم
الممثلون ...والمناخ العربي ما يزال مهيأً اليوم ، كما كان مهيأً بالأمس ، نراوح
مطارحنا في انتظار فرج الله والمعركة بعد
طويلة ، بيننا وبين أعدائنا ، ومنطق الرفض الإيجابي ، مع المناجزه المستمرة
والجهاد الموصول ، الذي يدعو إليه ديننا من الصدق
والإخلاص ، الذي يقوم على مبدأ التنافي بين العرب والإسلام من جهةٍ ، وبين
اليهود وأعوانهم من جهةٍ أخرى ، فلا سبيل إلى المهادنة أو المصالحة أو التنازل أو
الاستسلام .
إن
طريق النجاة ، لا ولا يمكن ، أن يكون إلا بالعودة إلى الله ، وبما أن الإسلام قد
جاء بشريعةٍ متكاملة تصلح لكل زمان ومكان
، وهو الذي يقف في مواجهة سفه الصهيونية ، وجشع الرأسمالية . فان معركته هي معركة
المصير الإنساني ، وإن أعمى البصيرة وحده ، هو الذي يرضى بواقع هذه الأمة التي قال فيها عمر بن الخطاب : "كنا أذل
قومٍ فأعزنا الله بالإسلام" .
إن
هذا العالم الفاجر الداعر ، الظالم الغادر
المنحرف عن المسار الصحيح ، لا ينقذه إلا الإسلام ، فقد شهدنا تغيرات كثيرة
، باسم شعارات متعددة ، ولكن الأمور تسير من سيئ إلى أسوأ ، لأن كل تغييرٍ
لاينبثقُ من خلال عقيدة وإيمانٍ صحيح ، فإنَّ مصيره إلى زوال أو إلى مزيدٍ من المعاناةِ والآلام .
إن
التغيير المنشود ، لا يتم إلا عن طريق تغيير
بنية المجتمع كلها من الأساس إلى القمة ، أما أن يكون البعض أسياداً والبعض
عبيدا ، والبعض جائعا والبعض متخما فإن
ذلك يتنافى مع مبادئ ديننا وعقيدتنا .
إن
المعركة مع أعداء الإسلام طويلة وشاقه ، لذا ينبغي على الفئة التي تقوم بهذا العبء
، أن تُربى لتكون طويلة النفس ، شديدة الصبر ، عميقة الإيمان بالله عميقة التوكل عليه ، مستعدة لما يتطلبه أمرها
من المعاناة ، قادرةٌ على أن تبذل من نفسها ، من جهدها ومالها ودمها وفكرها ، ما
يحتاج إلى إزالة الغربة التي ألمت بالإسلام ، ليعود مرَّةً أخرى راسياً في
الأرض وحين تكون هناك القاعدة المطلوبة
لإعادة حكم الله في الأرض ، فإنه يمَكِّنُ لدينه بمشيئته سبحانه .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق