السبت، 25 أكتوبر 2014

المسلمون والكفار على مدى التاريخ

قال تعالى :{ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا}البقرة 217
هذا إعلام من الله عن الحقد الذي يحمله الأعداء في قلوبهم للإسلام ، إنه حقد دائم ضد الإسلام  وإن مجرد وجود الإسلام في الأرض كافٍ لتحريك ضغائنهم وباعث لهم على التحرك ضد المسلمين ليردوهم عن دينهم إن استطاعوا .
كما أن حقدهم موجه لكل مؤمن بل للإيمان ذاته كما هو معهود من أعداء الدين على مدار التاريخ  قال تعالى :{قل يا أهل الكتاب هل تنقمون منا إلا أن آمنا بالله}.
إن قصة الاعتداء أصيلة فيهم ، تبدأ من نقطة كرههم للإيمان وصدودهم عنه وتنتهي بالوقوف في وجهه وتربصهم بالمؤمنين ، وإن المسلمين يواجهون أعداءً يتربصون بهم ولا يقعدهم عن الفتك بهم بلا شفقة ولا رحمة إلا عجزهم عن ذلك
وإن حقيقة المعركة الطويلة بين الإسلام وأعدائه تصوره هذه الآية القرآنية الكريمة {كيف وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلاّ ولا ذمة}التوبة 8 .
فماذا صنع المشركون بالمسلمين أيام غزو التتار إنهم قتلوا جميع من قدروا عليه من الرجال والنساء والولدان والمشايخ والكهول والشبان وقد ذكرت الروايات التاريخية أن السيف مازال يقتل في أهل بغداد أربعين يوماً ، ولما انقضت الأربعون يوماً بقيت بغداد خاوية على عروشها  وليس بها أحد إلا الشاذ من الناس والقتلى في الطرقات كأنها التلول .       
ثم تلى ذلك الحروب الصليبية والحروب في الأندلس والتي كانت دينية في أساسها  وكانت في كل مرة تؤدي إلى خسائر كثيرة وجسيمة .
وكان لحركات التبشير دوراً هاماً في خدمة دول الكفر ، فقد كان المبشرون يقترحون على دولهم أن يشلّوا حياة المسلمين بإبعادهم عن الشواطئ ذات الأمطار الوافية وطرق المواصلات الكافية والمراكز الحربية المهمة ، تم حصرهم في الداخل وفي الصحارى على الأكثر ، وهذا يذكرّنا بما فعله الإيطاليون في طرابلس الغرب من إعطاء الشواطئ للإيطاليين وطرد العرب إلى الداخل  وأن قيام دولة إسرائيل بدأ بإخلاء الشواطئ من العرب المسلمين ودفعهم إلى داخل البلاد وإلى ما وراء نهر الأردن ، ولم يرق لهيئة الأمم يومها أن ترى عدداً كثيراً من اللاجئين الفلسطينيين ذهابهم إلى لبنان ، وكان ومازال التخطيط جارياً لإبعادهم عن شواطئها ، كما كانت حركات التبشير تمهد السبيل إلى التسلل التجاري في محاولة لانتزاع السيطرة التجارية العالمية من المسلمين ، لإضعافهم والتقوي على حربهم  فكان من أعاجيب الزمان أن يكون الرائد الذي دلَّ فاسكودا جاما وأعانه على إتمام رحلته ، هو العربي المسلم ابن ماجد الذي أمده بالمعلومات والخرائط بل قاد بنفسه سفينته نحو جزر الهند الشرقية غفلة أم قهر ؟ لست أدري ! 
وحين أتم فاسكودا جاما رحلته بمعونة ابن ماجد قال قولته المشهورة والتي تفصح عن الهدف الحقيقي للرحلة والذي اغفل عندما قرأناها أيام الدراسة بتأثير من الغزو الفكري الغربي قال: "الآن طوقنا رقبة الإسلام ولم يبق إلا جذب الحبل فيختنق ويموت " .
وقبلها كانت رحلاتٌ قام بها أعداء الإسلام في العالم الإسلامي يدرسون مداخله ومخارجه  ويرجعون إلى حكوماتهم ليدلوها على طريقة التسلل إلى بلاد المسلمين وأشهرها رحلة ماجِلاّن والتي كان هدفها الاستيلاء على الأرض الإسلامية في الفلبين وإخضاعها لحكم الصليبيين والتي درسناها وندرِّسها لأبنائنا على أنها من أعظم الرحلات العلمية الاستكشافية في التاريخ  أما أنها استكشافية فنعم ! وأما أنها علمية فذلك من أشدّ التزوير في التاريخ .
وماذا يصنع الأعداء اليوم بالمسلمين في كل مكان ، إنهم لا يرقبون في مؤمن إلاّ ولا ذمة  فما وقع من الوثنيين الهنود عند انفصال باكستان
 وما فعله خلفاء التتار في الصين الشيوعية بالمسلمين هناك ، لا يقل بشاعةً ولا شناعةً عما وقع من التتار في ذلك الزمان البعيد . لقد أبادوا من المسلمين خلال ربع قرن ستة وعشرين مليوناً وما تزال عمليات الإبادة ماضية في الطريق ، هذا عدا عن وسائل التعذيب الجهنمية التي تقشعِرُّ لهولها الأبدان .
وما حصل في البلقان غنيٌ عن الذكر لأننا سمعنا وشاهدنا على أجهزة التلفزيون الكثير عما يجري من قتل وتخريب .
أما ما جرى في روسيا فيمتاز بأنه عملية إفناء منظمة تتم بمعرفة الدولة ، فقد وصل الاضطهاد الديني إلى حدٍ لا يُتَصَوَّرْ ، فبعد القتل والنفي  أُخذَ ما بقي من العلماء الى مبنى تكرير مياه المدينة المقام على شاطئ البحر الأسود ، ثمَّ زجوا بهم في عجلات الماكينات الخلفية المعدة بطريقة خاصَّةٍ من قبل الإدارة الشيوعية لتكون مذبحة للإنسان ، وحتى هذه الصورة البشعة المروعة   لم تبلغ بشاعة الصورة الوحشية التي تمت في التركستان الغربية والشرقية ، حيث كان يقطن أربعة وأربعون مليونا من المسلمين  والذين تناقص عددهم على يد آلة الإبادة السوفيتية الشنيعة إلى ستةٍ وعشرين مليوناً فقط ، وقد ذكر لنا الأستاذ عيسى يوسف آلب تكين في كتابه  "المسلمون وراء الستار الحديدي " عن وسائل التعذيب ما تقشعِرُّ له الأبدان والتي وصلت من القذارة بحيث يُخْرِسُ ذكرها كلَّ أدبٍ إنساني .
لقد كانت روسيا ذات أسلوبٍ خاصٍ بها مستمدٌ من استبدادها ، فقد كانت تحمل المسلمين على التنصر بقوة السلاح ، وما يجري في الشيشان هذه الأيام خير دليلٍ على جبروتها واستبدادها .
إن شجاعة الشيشان في مقاومة الروس كانت وما زالت مضرب المثل في روسيا ، فقد كانت علاقات الروس مع الشيشان سيئةٌ على الدوام  وكان انعدام الثقة هو الأساس في التعامل بين الجانبين ، وذلك منذ أن قام ستالين باتهام الشيشان بالتعامل مع الألمان عند احتلالهم للقوقاز أثناء الحرب العالمية الثانية ، وأمر بنفي الشعب الشيشاني بأكمله بتهمة أن بعض أفراده يتعاون مع الألمان .
وحتى هذه الأيام حيث تُدَمَرُ مدن الشعب الشيشاني وقراه ويُجْبَرُ تحت التهديد بالإبادة على مغادرة أرضه بحجة محاربة الإرهابيين ، والأمة الإسلامية غائبة عما يجري من اضطهاد المسلمين في كل مكان على ظهر هذه الأرض ، والذي لو وقع مثله لمسيحي واحد لارتجت الأرض واندكت الجبال واتهم المسلمون بالتوحش والهمجية .
فلماذا هذا السكوت عما يجري في الشيشان ؟ وليعلم كل واحد منا أنه لا يمكن أن يُعَمِّرَ الإسلام قلباً ساكتاً على الظلم الذي يقع على المسلمين في أيِّ مكان ، وإذا رأيت المظالم تقع على المسلمين في أيِّ مكان في العالم ، ولم تجد في الأمة من يدفع الظلم عنهم ، فلك أن تشكَّ في وجود هذه الأمة ، لأنه لا يمكن لأمةٍ تؤمن بالإسلام عقيدةً ثمَّ ترضى بالظلم نظاماً ، كما لا يمكن أن ينصر الله قوماً لا ينصرون أنفسهم ولا ينفذون شريعته في الجهاد . وليعلم كل ذي عقيدة أن سنة الله توحي بعد هذه المظالم المريرة التي مرَّ ويمرُّ بها المسلمون بشيئين لا ثالث لهما إما الهداية وإما الضلال .    
وإن الجاهليات تظلُّ تعيشُ بمقدار ما فيها من خير متناثر حتى يغلب ما فيها من شرٍّ طاغٍ فيختنق الخير ، ولا يكاد يستطيع أن يتنفس  وحين تصل الأمور إلى هذا الحد من السوء تتدخل إرادة الله لتحدث التغيير ، وذلك يكون من خلال سعي البشر وحركتهم قال تعالى:{ إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم} الرعد 11
فإذا لم يتم التغيير تتدخل إرادة الله تدخلاً حاسماً لتخسف الأرض بالطغيان كله أو تهدي الناس إلى الله ، ونحن على أبواب تدخلٍ من تدخلات الإرادة الإلهية الحاسمة  لأن الطاغوت الحاكم في الأرض وصل إلى حدٍ لا يطاق ، ولن يخلص الناس من ضلالهم واضطرابهم إلا الإسلام الذي يعطي الوضع الصحيح لكل انحراف في التصور والسلوك والسياسة والاقتصاد والأخلاق وكل شيءٍ في حياة الإنسان ، ومهما يكن أمر المسلمين اليوم فالإسلام ليس مقيداً بهم ولا متوقفاً عليهم لأنه نورُ الله لكل البشرية ، قال تعالى : { وما أرسلناك إلا كافةً للناس بشيراً ونذيرا } سبأ 28 .                 
 

  

                                         

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق