الأحد، 12 أكتوبر 2014

ذكرى الخامس من حزيران

 ذكرى الخامس من حزيران
لقد مرَّ المسلمون في التاريخ المعاصر ، بمصائب وكوارث سببها تولّي الكفار ، والإرتباط بعجلتهم والإبتعاد عن الإسلام والتنكر له .
ورغم توالي الصدمات والضربات ، وأعمال النهب والسلب لخيرات المسلمين من قبل الأعداء  فإن الغالبية العظمى من أبناء المسلمين ، لم تتنبه إلى ما يراد بهذه الأمة ، فتعرف أن الحروب التي تُفْرَضُ على المسلمين ، هي جزء من معركة الكفر والإسلام ، وما حرب حزيران إلا واحدة من أسوأ المؤامرات التي مرّ بها الإسلام والمسلمون  وبدلاً من الإستعداد وإعداد العدة لإستعادة ما فقد من الأرض ، إذا بنا نواجه الأعداء بهمة فاترة وعزيمة خائرة ، حتى راح البعض منا يتلمس حلاً في مقالةٍ حماسية أو قصيدة نارية ، أو فيما هو أسوأ من ذلك ، إذ صرنا ننتظر الفرج من أعدائنا  نعلِّق آمالاً على وعودهم وقراراتهم الظالمة.
والذكرى تمرُّ في وقتٍ ، لم يشهده تاريخ المسلمين من قبل ، ولم يحصل أن تنازل المسلمون طواعية واختياراً عن أرضهم إلى الأبد لشعبٍ آخر   وحتى أيام الحروب الصليبية ، لم يخطر على بال أحد من المتنفذين في ذلك الوقت ، أن يتنازل للصلبية ولو عن شبر واحد من الأرض ، وعندما اضطروا إلى مصالحة الصليبين ، كانت المصالحة لمدة معينة ، كما حصل مع صلاح الدين في صلح الرملة الذي كان لمدة ثلاث سنوات فقط ، وكما حصل مع بيبرس في الصلح مع مملكة بيروت الصليبية لمدة عشر سنوات ، وكانت نتائج هذه الهدن النهائية ، تطهير البلاد من أثر الصليبين .
أما ما يحصل اليوم من صالح دائم مع اليهود  ومنحهم معظم فلسطين إلى الأبد ، تحت شعار الصلح الدائم والعادل كما يدّعون ، فإن ذلك تفريط في حقوق المسلمين وممتلكاتهم لا يجوز   بل إن اعتراف المسلمين بحق اليهود في فلسطين  يُعَدُّ جريمة أكبر من قيام دولة إسرائيل ، لأن ذلك منحهم الشرعية القانونية .
ذُكِرَ عن يوسي سريد رئيس حركة ميرتس اليهودية اليسارية ، أيام الإتصالات السرِّية بين العرب وإسرائيل قوله :" إن إسرائيل اليوم خلقت من جديد ، فمنذ إنشائها لم تكن الدولة شرعية في المنطقة التي قامت فيها … وفي 13 أيلول سنة 1992 اكتسبت دولة إسرائيل شرعية الإعترف بها " .
 إن الصلح مع اليهود خيانة للأمة وتعاون مع الكفار ، لأن اعترافهم بإسرائيل يعني التنازل والتفريط بالأمانة ، والتفريط بأية أمانة خيانة  فكيف إذا كان التفريط بمصير البلاد والعباد والأجيال القادمة ؟ كما أن زرع جسم خبيث في داخل بلاد المسلمين ، يحول دون وحدة الأمة  ويبقيها متفرقة مشتتة في أوطان ممزقة ، فهل يا ترى تُفيق الأمة من غفلتها وتعي ما يُدَبَرُ لها .  
ليس بدعا أن تهزم أمة في معركة من المعارك الحربية ، فيحتل جزء من أرضها وديارهها   ولكن الخسارة أن تخسر الأمة ذاتها ، فتتنكر لمبادئها التي من أجلها حاربها الكفر وأعوانه .
وإن كل انتصار يحرزه أعداء الإسلام في المجال المادي ، لا يخيفنا بقدر ما يخيفنا أن تُنكر ذاتنا وأن نتخذ الإسلام وراء ظهورنا ، وأن نهجر القرآن والسنة ، لأن الأمة أتيت من قبل نفسها فقد عظم البلاء وجاءت الطامّة ووقعت الواقعة  فقد نعي القرآن على بعض الأمم ما آل اليه أمرها بعد طول الأمد ، من إنحراف عن الكتاب السماوي ، وابتعاد عن رسالة السماء .
وأنذر الأمة أن يكون صنيعها صنيع أولئك   فتحل قسوة القلب محل الخشوع ، فيرتد الناس فاسقين بعد أن كانوا مؤمنين ، حدّث ابن مسعود قال : لم يمض على إسلامنا أربع سنين حتى نـزل قوله تعالى :{ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ، ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثيرٌ منهم فاسقون}الحديد 16
إننا ونحن نواجه المأساة بالأنفس ، والمشردين الذين أصبحوا بين عشيّةٍ وضحاها ملهاه الزمن  حيث تحاك المؤامرات وتنتهك المقدسات ويتسلط الأعداء ، لنشعر بالألم الشديد على أمةٍ صنعت التاريخ المشرق تحت راية لا إله إلا الله ، أن تبقى رهينة الخرافة التي صنعها الأعداء ، والبسها كذباً وتضليلاً ثوب الحقيقة ، تلك الخرافة التي تدعو المسلمين إلى التنكر للرّاية الأولى ، وأعتقاد أن الخير كائن حيث يريد الأعداء أن يكون ، في وقت يحاول أعداؤنا بشتى الوسائل ، وهم في موطن القوة اليوم ، أن يصوغوا لحياتنا منهاجاً فكرياً وسلوكياً ، يضمن لهم بقائنا على ما نحن عليه ، وذلك لن يتحقق لهم إلا بقطع كل الأسباب التي تصلنا بالإسلام ، وتُسْتبدل الإستجابة لله والرسول بالإستجابة للكافرين الغاصبين .
إن واجبنا في هذه الذكرى ، العمل على استعادة هذا الحق ، بدلاً من تكريس الاحتلال بالتفاوض مع اليهود والاعتراف بهم ، وإن رجوعنا الى الإسلام من جديد ، هو الذي يُهئ لنا أسباب النصر   ويحقق لنا معادلة النصر {إن تنصروا الله ينصركم } . 
        


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق