ذكرى الخامس من
حزيران
لقد مرَّ المسلمون في التاريخ المعاصر ،
بمصائب وكوارث سببها تولّي الكفار ، والإرتباط بعجلتهم والإبتعاد عن الإسلام
والتنكر له .
ورغم
توالي الصدمات والضربات ، وأعمال النهب والسلب لخيرات المسلمين من قبل
الأعداء فإن الغالبية العظمى من أبناء
المسلمين ، لم تتنبه إلى ما يراد بهذه الأمة ، فتعرف أن الحروب التي تُفْرَضُ على
المسلمين ، هي جزء من معركة الكفر والإسلام ، وما حرب حزيران إلا واحدة من أسوأ
المؤامرات التي مرّ بها الإسلام والمسلمون
وبدلاً من الإستعداد وإعداد العدة لإستعادة ما فقد من الأرض ، إذا بنا
نواجه الأعداء بهمة فاترة وعزيمة خائرة ، حتى راح البعض منا يتلمس حلاً في مقالةٍ
حماسية أو قصيدة نارية ، أو فيما هو أسوأ من ذلك ، إذ صرنا ننتظر الفرج من
أعدائنا نعلِّق آمالاً على وعودهم وقراراتهم
الظالمة.
والذكرى
تمرُّ في وقتٍ ، لم يشهده تاريخ المسلمين من قبل ، ولم يحصل أن تنازل المسلمون
طواعية واختياراً عن أرضهم إلى الأبد لشعبٍ آخر
وحتى أيام الحروب الصليبية ، لم يخطر على بال أحد من المتنفذين في ذلك
الوقت ، أن يتنازل للصلبية ولو عن شبر واحد من الأرض ، وعندما اضطروا إلى مصالحة
الصليبين ، كانت المصالحة لمدة معينة ، كما حصل مع صلاح الدين في صلح الرملة الذي
كان لمدة ثلاث سنوات فقط ، وكما حصل مع بيبرس في الصلح مع مملكة بيروت الصليبية
لمدة عشر سنوات ، وكانت نتائج هذه الهدن النهائية ، تطهير البلاد من أثر الصليبين
.
أما
ما يحصل اليوم من صالح دائم مع اليهود
ومنحهم معظم فلسطين إلى الأبد ، تحت شعار الصلح الدائم والعادل كما يدّعون
، فإن ذلك تفريط في حقوق المسلمين وممتلكاتهم لا يجوز بل إن اعتراف المسلمين بحق اليهود في
فلسطين يُعَدُّ جريمة أكبر من قيام دولة
إسرائيل ، لأن ذلك منحهم الشرعية القانونية .
ذُكِرَ
عن يوسي سريد رئيس حركة ميرتس اليهودية اليسارية ، أيام الإتصالات السرِّية بين
العرب وإسرائيل قوله :" إن إسرائيل اليوم خلقت من جديد ، فمنذ إنشائها لم تكن
الدولة شرعية في المنطقة التي قامت فيها … وفي 13 أيلول سنة 1992 اكتسبت دولة
إسرائيل شرعية الإعترف بها " .
إن الصلح مع اليهود خيانة للأمة وتعاون مع
الكفار ، لأن اعترافهم بإسرائيل يعني التنازل والتفريط بالأمانة ، والتفريط بأية
أمانة خيانة فكيف إذا كان التفريط بمصير
البلاد والعباد والأجيال القادمة ؟ كما أن زرع جسم خبيث في داخل بلاد المسلمين ، يحول
دون وحدة الأمة ويبقيها متفرقة مشتتة في
أوطان ممزقة ، فهل يا ترى تُفيق الأمة من غفلتها وتعي ما يُدَبَرُ لها .
ليس
بدعا أن تهزم أمة في معركة من المعارك الحربية ، فيحتل جزء من أرضها وديارهها ولكن الخسارة أن تخسر الأمة ذاتها ، فتتنكر
لمبادئها التي من أجلها حاربها الكفر وأعوانه .
وإن
كل انتصار يحرزه أعداء الإسلام في المجال المادي ، لا يخيفنا بقدر ما يخيفنا أن
تُنكر ذاتنا وأن نتخذ الإسلام وراء ظهورنا ، وأن نهجر القرآن والسنة ، لأن الأمة
أتيت من قبل نفسها فقد عظم البلاء وجاءت الطامّة ووقعت الواقعة فقد نعي القرآن على بعض الأمم ما آل اليه أمرها
بعد طول الأمد ، من إنحراف عن الكتاب السماوي ، وابتعاد عن رسالة السماء .
وأنذر
الأمة أن يكون صنيعها صنيع أولئك فتحل
قسوة القلب محل الخشوع ، فيرتد الناس فاسقين بعد أن كانوا مؤمنين ، حدّث ابن مسعود
قال : لم يمض على إسلامنا أربع سنين حتى نـزل قوله تعالى :{ألم يأن للذين آمنوا أن
تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ، ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل
فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثيرٌ منهم فاسقون}الحديد 16
إننا
ونحن نواجه المأساة بالأنفس ، والمشردين الذين أصبحوا بين عشيّةٍ وضحاها ملهاه
الزمن حيث تحاك المؤامرات وتنتهك المقدسات
ويتسلط الأعداء ، لنشعر بالألم الشديد على أمةٍ صنعت التاريخ المشرق تحت راية لا
إله إلا الله ، أن تبقى رهينة الخرافة التي صنعها الأعداء ، والبسها كذباً وتضليلاً
ثوب الحقيقة ، تلك الخرافة التي تدعو المسلمين إلى التنكر للرّاية الأولى ،
وأعتقاد أن الخير كائن حيث يريد الأعداء أن يكون ، في وقت يحاول أعداؤنا بشتى
الوسائل ، وهم في موطن القوة اليوم ، أن يصوغوا لحياتنا منهاجاً فكرياً وسلوكياً ،
يضمن لهم بقائنا على ما نحن عليه ، وذلك لن يتحقق لهم إلا بقطع كل الأسباب التي
تصلنا بالإسلام ، وتُسْتبدل الإستجابة لله والرسول بالإستجابة للكافرين الغاصبين .
إن
واجبنا في هذه الذكرى ، العمل على استعادة هذا الحق ، بدلاً من تكريس الاحتلال
بالتفاوض مع اليهود والاعتراف بهم ، وإن رجوعنا الى الإسلام من جديد ، هو الذي يُهئ
لنا أسباب النصر ويحقق لنا معادلة النصر
{إن تنصروا الله ينصركم } .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق