الأحد، 12 أكتوبر 2014

الترغيب في الإنفاق

الترغيب في الإنفاق

ندب الله أغنياء الأمة لمؤازرة المصالح العامة ومعاونة المحتاجين ، والإسهام في تخليص الأمة من الفقر والجهل والمرض ، وذلك لا يكون إلا بالإنفاق المشروع الذي يحقق المنفعة العامة قال تعالى : ) يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتِىَ يومٌ لا بيع فيه ولا خُلّةٌ ولا شفاعةٌ والكافرون هم الظالمون ( البقرة 254 .
إن كل نداء من الله يبدأ بقوله تعالى) يا أيها الذين آمنوا (
يدل على أن ما يأتي بعده هو تكليفٌ لمن آمن بالله وليس تكليفاً للناس على إطلاقهم . فأنت تفعل ما كلفك الله به لماذا ؟ لا تقل لأن حكمته كذا وكذا ، ولكن قل لآن الله الذي آمنت به أمرني بكذا .
والله يقول : ) يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم ( أي لا أطلب أن تنفقوا علي ، ولكن أنفقوا من رزقي عليكم ، لأن الرزق يأتي من حركة الإنسان ، فإن حصل للإنسان خير فالله لا يقول إنه لي ، بل أمنحه لك أيها الإنسان ، ولكن أعطني حقي فيه ، وحقي لن آخذه لي ولكن هو لأخيك المسكين قال تعالى : ) ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يُطْعِمون ( الذاريات 57 .
وقد يقول قائل وما دخلي أنا بالمسكين ؟ المسكنة يا أخي عَرَضْ ، ومن الممكن أن يلحق بك ، فلا تُقدِّر أنك معطٍ دائماً ، ولكن قدِّر أنه ربما حدث لك ما يجعلك تأخذ لا أن تعطي ، والله يقول لك أعط وأنت غني ، لأنه سيقول للناس أن يعطوك وأنت فقير ، فقدِّر حكم الله ساعة يُطلب منك ليحميك ساعة أن يُطلب لك ، ومع أن الله هو الذي يرزق ، فهو يريد من عباده أن يتعاونوا وأن يحب بعضهم بعضا ، حتى تُمحى الضغائن من القلوب ، لأن الإنسان الضعيف ضعفاً طبيعيا ً ، أي ضعف عدم القدرة على العمل   وليس ضعف التسول أو الكسل هو مسئولية المؤمنين ، لأنه سبحانه يجعل القوي مسئولاً عن مساعدة الضعيف ، وحين يرى الضعيف الأقوياء الذين قدروا لم ينسوه وذكروه بما عندهم ، عندها يعلم أنه في بيئة متساندة تحب الخير , فإذا ما نالته نعمة عند العجز ، فإنه يتمنى لو أن الله قدره ليردها   بذلك يكون المجتمع مجتمعاً متكافلاً متضامناً ، وحين يقول الله ) أنفقوا مما رزقناكم (  فأنتم لا تتبرعون لذات الله بل تنفقون مما رزقكم الرزق الذي نسبه لكم فهـو يقـول : ) من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسنا فيضاعفه له أضعافا ( البقرة 245 .
اعتبر الله النفقة في سبيل الله هي قرضٌ من العبد لله الوهاب لكل رزق ، فهو ينبهنا أن ننفق من رزقه لنا من قبل أن يأتي اليوم الآخر الذي لا بيع فيه أي لا مجال فيه لاستبدال أثمان بسلع أو العكس ، فلا نملك في الآخرة ثمناً نشتري به ولا يملك غيرنا سلعة ، فهذه وسائل غير موجودة لا بيع ولا خلة ولا شفاعة ، فإذا أنفقتم اتقيتم ذلك اليوم قبل أن يأتي ، اليوم الذي يظهر فيه فقر العباد إلى الله ، إنها الفرصة التي ليس بعدها بيع تربح فيه الأموال وتنمو ، وليس بعده شفاعة أو صداقة ترد عنه عاقبة التقصير ، ثم يشير إلى الموضوع الذي يدعوهم إلى الإنفاق من أجله ، إنه الإنفاق للجهاد لدفع الكفر ودفع الظلم المتمثل في هذا الكفر قال تعالى : ) والكافرون هم الظالمون ( ظلموا الحق فأنكروه   وظلموا أنفسهم فأوردوها موارد الهلاك ، وظلموا الناس فصدوهم عن الهدى وفتنوهم عن الإيمان ، وحرموهم الخير الذي لا خير مثله ، خير السلم والرحمة والصلاح واليقين .
إن الذين يحاربون حقيقة الإيمان أن تستقر في القلوب   ويحاربون منهج الإيمان أن يستقر في الحياة ، ويحاربون شريعة الإيمان أن تستقر في المجتمع ، إنهم أعدى أعداء البشرية وأظلم الظالمين لها ، ولو أننا نحرص على رضى الله لرصدنا لحربهم كل ما نملك من الأنفس والأموال ، وهذا هو واجب الجماعة المسلمة التي يناديها الله بقوله : ) يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم ( .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق