الترغيب
في الإنفاق
ندب
الله أغنياء الأمة لمؤازرة المصالح العامة ومعاونة المحتاجين ، والإسهام في تخليص
الأمة من الفقر والجهل والمرض ، وذلك لا يكون إلا بالإنفاق المشروع الذي يحقق
المنفعة العامة قال تعالى : )
يا
أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتِىَ يومٌ لا بيع فيه ولا خُلّةٌ
ولا شفاعةٌ والكافرون هم الظالمون (
البقرة 254 .
إن
كل نداء من الله يبدأ بقوله تعالى)
يا
أيها الذين آمنوا (
يدل
على أن ما يأتي بعده هو تكليفٌ لمن آمن بالله وليس تكليفاً للناس على إطلاقهم .
فأنت تفعل ما كلفك الله به لماذا ؟ لا تقل لأن حكمته كذا وكذا ، ولكن قل لآن الله
الذي آمنت به أمرني بكذا .
والله
يقول : ) يا أيها الذين آمنوا
أنفقوا مما رزقناكم (
أي لا أطلب أن تنفقوا علي ، ولكن أنفقوا من رزقي عليكم ، لأن الرزق يأتي من حركة
الإنسان ، فإن حصل للإنسان خير فالله لا يقول إنه لي ، بل أمنحه لك أيها الإنسان ،
ولكن أعطني حقي فيه ، وحقي لن آخذه لي ولكن هو لأخيك المسكين قال تعالى : )
ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يُطْعِمون (
الذاريات
57 .
وقد
يقول قائل وما دخلي أنا بالمسكين ؟ المسكنة يا أخي عَرَضْ ، ومن الممكن أن يلحق بك
، فلا تُقدِّر أنك معطٍ دائماً ، ولكن قدِّر أنه ربما حدث لك ما يجعلك تأخذ لا أن
تعطي ، والله يقول لك أعط وأنت غني ، لأنه سيقول للناس أن يعطوك وأنت فقير ،
فقدِّر حكم الله ساعة يُطلب منك ليحميك ساعة أن يُطلب لك ، ومع أن الله هو الذي
يرزق ، فهو يريد من عباده أن يتعاونوا وأن يحب بعضهم بعضا ، حتى تُمحى الضغائن من
القلوب ، لأن الإنسان الضعيف ضعفاً طبيعيا ً ، أي ضعف عدم القدرة على العمل وليس ضعف التسول أو الكسل هو مسئولية المؤمنين
، لأنه سبحانه يجعل القوي مسئولاً عن مساعدة الضعيف ، وحين يرى الضعيف الأقوياء
الذين قدروا لم ينسوه وذكروه بما عندهم ، عندها يعلم أنه في بيئة متساندة تحب
الخير , فإذا ما نالته نعمة عند العجز ، فإنه يتمنى لو أن الله قدره ليردها بذلك يكون المجتمع مجتمعاً متكافلاً متضامناً
، وحين يقول الله )
أنفقوا
مما رزقناكم ( فأنتم لا تتبرعون لذات الله بل تنفقون مما
رزقكم الرزق الذي نسبه لكم فهـو يقـول : )
من
ذا الذي يقرض الله قرضاً حسنا فيضاعفه له أضعافا (
البقرة
245 .
اعتبر
الله النفقة في سبيل الله هي قرضٌ من العبد لله الوهاب لكل رزق ، فهو ينبهنا أن
ننفق من رزقه لنا من قبل أن يأتي اليوم الآخر الذي لا بيع فيه أي لا مجال فيه
لاستبدال أثمان بسلع أو العكس ، فلا نملك في الآخرة ثمناً نشتري به ولا يملك غيرنا
سلعة ، فهذه وسائل غير موجودة لا بيع ولا خلة ولا شفاعة ، فإذا أنفقتم اتقيتم ذلك
اليوم قبل أن يأتي ، اليوم الذي يظهر فيه فقر العباد إلى الله ، إنها الفرصة التي
ليس بعدها بيع تربح فيه الأموال وتنمو ، وليس بعده شفاعة أو صداقة ترد عنه عاقبة
التقصير ، ثم يشير إلى الموضوع الذي يدعوهم إلى الإنفاق من أجله ، إنه الإنفاق
للجهاد لدفع الكفر ودفع الظلم المتمثل في هذا الكفر قال تعالى : )
والكافرون
هم الظالمون (
ظلموا الحق فأنكروه وظلموا أنفسهم
فأوردوها موارد الهلاك ، وظلموا الناس فصدوهم عن الهدى وفتنوهم عن الإيمان ،
وحرموهم الخير الذي لا خير مثله ، خير السلم والرحمة والصلاح واليقين .
إن
الذين يحاربون حقيقة الإيمان أن تستقر في القلوب
ويحاربون منهج الإيمان أن يستقر في الحياة ، ويحاربون شريعة الإيمان أن
تستقر في المجتمع ، إنهم أعدى أعداء البشرية وأظلم الظالمين لها ، ولو أننا نحرص
على رضى الله لرصدنا لحربهم كل ما نملك من الأنفس والأموال ، وهذا هو واجب الجماعة
المسلمة التي يناديها الله بقوله : )
يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم (
.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق