السبت، 25 أكتوبر 2014

العالم الإسلامي منطقة ذات حضارة


إن منطقة العالم الإسلامي منطقة ذات حضارة وذات علم ، وذات ثقافة وذات تاريخ    وهي غنية بالآثار وجليل الأعمال وعظيم المنجزات الحضارية ، والحضارة تعني في أصل اللغة : إقامة مجموعة من الناس في الحضر أي في مواطن العمران مدناً أم قرى ، لكن معناها توسع عند المؤرخين والباحثين ،حتى صار شاملاً لجميع أنواع التقدم والرقي  الإنسانيين وكل ما يخدم ذلك ، والإسلام هو الدين القادر على قيادة الإنسانية وإسعادها وعلى السير بها إلى آفاق جديدة ، وله من تاريخه الحضاري وماضيه الخالد في قيادة العالم ومن مبادئه وقيمه ومثله براهين قوية على أنه القائد المنتظر للعالم .
إن تاريخ الإسلام الحضاري ، قد بهر العلماء والباحثين والمفكرين الغرب رغم تعصبهم الديني ومحاولتهم تزييف الحقائق ، إلا أنهم ما فتئوا يمجدون حضارة المسلمين ، وينوِّهون بها إلى حد يثير الإعجاب ، ويدعو للفخر ويبعث على الكبرياء . فقد وقفوا مبهورين أما حضارة العرب في الأندلس ، ممثلة في قصر الحمراء ،حتى قيل للإسبان إنهم يملكون بهذا القصر إحدى عجائب الدنيا ، التي تجلب إليهم المسلمين من كل مكان  يقول غوستاف لوبون في كتابه حضارة العرب : " الحق إن أتباع محمد ظلوا أشد من عرفتهم أوروبا من الأعداء إرهابا عدة قرون ، وعندما كانوا لا يرعدوننا بأسلحتهم كانوا يذلوننا بأفضلية حضارتهم العربية الساحقة ، ونحن لم نتحرر من نفوذهم إلا بالأمس "  . 
لقد أنشأ العرب بسرعة حضارة جديدة لهم   فأبدعوا من فورهم حضارة أفضل من جميع الحضارات التي كانت قبلها ، وإذا قرأنا ما كتبه الغربيون عن تاج محل ، الأثر الإسلامي العظيم في الهند ، راعنا وصفهم له ، يقول باحث أوروبي : " إن كل ما يمكن أن يجود به الفن من الكمال   صبه في تاج محل الساحر الذي بناه شاهجهان ليكون ضريحاً لزوجته ويعد من عجائب الدنيا "  وهو من المباني الإسلامية النادرة ، التي أفلتت من أيدي التخريب الإنجليزي المنظمة ، الذين هدموا أثراً رائعاً من آثار الحضارة الإسلامية في الهند وهو قصر المغول ، ويسمى قلعة شاهجهان المسلم الذي بناه،  وكان من أجمل القصور الإسلامية في بلاد الهند وفارس ، فهدموا جميع أجزائه تحت مرأى ومسمع من العالم ، الذي أقام الدنيا وأقعدها هذه الأيام لهدم الآثار البوذية في أفغانستان ، لماذا حرام علينا حلال لهم .
إن هذه القصور وتلك المساجد في طول بلاد العالم الإسلامي ، والتي ما زالت تتحدى وتثير في النفس ذكريات الماضي لتاريخ الإسلام المجيد   الذي خلد ذكر أولئك الرجال الذين كانوا يجاهدون في الله حق جهاده ، ويهدرون كل شيء قي سبيل مرضاته ، يخوضون معارك الفتوح  كسعد وخالد وموسى وطارق وقتيبة ، وآخرين يذيبون حشاشات القلوب دفاعاً عن العلم ورسالته ، كما لك وأبي حنفية والبخاري والطبري والغزالي ، وألوفاً مؤلفة من سدنه التفسير والحديث والفقه ، وعلوم الدنيا من هندسة ورياضة وطب ، وجموعاً لا حصر لها من البناة والمعلمين والحرفيين ، ناهيك عن الخلفاء والرجالات العاملين الذين هانت عليهم الدنيا فأهانوها لرضوان ربهم ، لم يشغلهم عن ذلك مال ولا ولد .
لقد كان تأثير العرب وحضارتهم في الغرب عظيماً جليلاً ، حتى ليقول غوستاف لوبون :     " إن أوروبا مدينة للعرب بحضارتها ، وقد ظلت كتب العرب المترجمة إلى اللغات الأوروبية ولا سيما الكتب العلمية ، مصدراً وحيداً تقريباً للتدريس في جامعات أوروبا خمسة أو ستة قرون"   ونتيجة للفتوحات الإسلامية في كل مكان   أصبح العالم بمثابة مدينة إسلامية واحدة لهم لغة واحدة وفنون واحدة ، ولم يتفق لأمة ما اتفق للعرب من الفنون ، على الرغم من مقاومة الصليبية والتتار والاستعمار .
ويرجع كل ذلك لفضل الدين الإسلامي ، الذي وضع أصولاً خالدة لإصلاح جميع مجالات الحياة ونواحي النشاط الإنساني ، وساوى بين الأجناس والعناصر والألوان ودعا إلى اخوة بشريه عامة   لا تفاضل فيها لأحد على أحد إلا بالتقوى والعمل الصالح ، وإلى العدالة والشورى ، والإخاء والرحمة والمحبة بين الناس ، وذلك بفعل الرسالة العظيمة ، شريعة السماء شريعة البقاء  شريعة الله الخالدة ورسالته إلى الناس كافة .
إن امتنا بما لديها من عقيدة ، ومن مقومات وإمكانات ، تستطيع أن تستعيد مجدها وترفع الظلم عن نفسها . وما يدّبر لأمة الإسلام يثير العجب ، لأن الأعداء والمتآمرين معهم من المسلمين ، أوهموا الأمة أنها لن تحرز نصراً على الأعداء ، وألقوا في روعها أنها لا تصلح للحرب   فانطلق المهزومون في قلوبهم ، يبشرون بالاستسلام ويدعون الأمة أن تقبل من عدوها ما يمنّ به عليها ، من بقية حياة ومن ذليل عيش .
أمةٌ طغى عليها الغرور ، وتملكتها الغفلة واستحكمت فيها الأنانية والأثرة ، وراح كل واحد يعمل على تأمين مصالحه الذاتية وملذاته الخاصة ، جاملوا الظالم في ظلمه ، ونافقوا الباغي في بغيه ، وزينوا للفاسد أعماله ، ولم يجد المعوج من يقوم اعوجاجه ويردعه عن خطأه ، ناسين أنه ليس من مبادئ الدين ، أن يسكت المسلم على الشرك والمنكر وفعل السوء واستحسان الرذيلة   قال تعالى : )كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون(. كما تناسوا أننا كنا أعز أمة يوم جعلنا الدين نبراساً ومنارا ، وكان حالنا حال عزٍّ وفخار وقوةٍّ ومنعة .
أما اليوم فسيظل المسلمون يتخبطون لا معين يساعدهم على الخروج من المحنة التي يعيشون إلا

  بالرجوع إلى القرآن ، روى الترمذي عن علي عن أبي طالب رضي الله عنه قال : " سمعت رسول الله يقول  : ( ستكون فتنٌ كقطع الليل المظلم " قلت  وما المخرج منها يا رسول الله ؟ قال : " كتاب الله ، فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم ، هو الفصل ليس بالهزل   من تركه من جبار قصمه ، ومن ابتغى الهدي في غيره أضله الله ، وهو حبل الله المتين وهو الذكر الحكيم ، وهو الصراط المستقيم   هو الذي لا تنقضي عجائبه ، وهو الذي لم تنته الجن إذ سمعته أن قالوا : إنا سمعنا قرآناً عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به ، من قال به صدق   ومن حكم به عدل ، ومن عمل به أُجر  ومن دعا له هدى إلى صراط مستقيم ) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق