الأحد، 26 أكتوبر 2014

النصح لأعداء الإسلام


قال تعالى :{ولا يزالون يقاتلوكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا}البقرة 217 . وقال :{ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم}البقرة 120 .
لقد ركز القرآن الكريم ، على أعداء الإسلام   حيث نلمس ذلك ، إذا ما نظرنا إلى الحال الذي وصل إليه المسلمون في شتى بقاع الأرض ، من ضعف وسقوط وذله ومسكنه ، وتحكُّمٍ من قبل الأجنبي المستهتر بديننا وإسلامنا ، الأمر الذي لا يقبله مؤمن يوحد بالله .
وإذا ما أمعنا النظر ، نجد أن العداء للأمة الإسلامية ، هو حديث الماضي والحاضر والمستقبل ، علماً بأن الإسلام وضع حلولاً  ومنهجاً للمسلمين في تقرير مصيرهم ، بعيداً عن الذلة والمهانة ، إلا أن واقع المسلمين ، وما هم عليه من جهلٍ وخلاف ، وبعدٍ عن الله ، يشكِّلُ حاجزاً أمام نور الإسلام ، ليراه الناس ويستفيدوا منه
إن العالم من حولنا ، يحاكم الإسلام بأعمال المسلمين ، وهذه المشكلة لا علاج لها ، إلا بصلاح البيت الإسلامي نفسه ، وهذا يحتاج إلى جهد كبير ، من العلماء والقادة والمفكرين ، بأن يتقوا الله في دينهم وأمتهم ، وأن يرتفعوا عن مستوى الخصومات والأحقاد بينهم .
أعجبني قول ذلك الرجل الصالح الذي قال : لو كان يعلم أن له دعوةً مستجابة ، لوجهها للأمراء ليصلحهم الله ، لأنه بصلاحهم تصلح الدنيا ، ولا جدال في أن الأمراء الصالحين ، يستطيعون أن يؤثِّروا في المجتمع ، ويختصروا الطريق حتى على العلماء ، وقد صدق القائل :  يزع بالسلطان مالا يزع بالقرآن .
إن من كبرى المشاكل التي تعاني منها الأمة  تكمن في الفجوة الكبرى بين العلماء والحكام   في الوقت الذي يتطلع فيه الناس إلى العلماء  ليقدموا النصح للحكام ، وإقناعهم بأن الدين وحده هو القادر على استنهاض الهمم ، والوقوف في وجه الباطل وأعوانه .
ولا ينبغي أن يكونوا مجرد أداة طيعة في أيديهم  يبررون تصرفاتهم وما يريدون ، مما يفقد هيبة العالم عند الناس ، فلا يسمع كلامه ويفقد احترامه .
إن من واجب العلماء أن  يكونوا كما كان سلفنا الصالح ، ينصح علماؤهم الحكام ، بالكلمة الطيبة الصالحة ، ويكون عند الحكام الاستعداد للاستماع للنصح ، فيجتمع الجميع على كلمة الحق ، وعدم الوقوع في الأخطاء التي تضرُّ بالأمة  والابتعاد عن التملق ، والثاء الكاذب والمديح الباطل ، الذي يؤدي إلى الاستخفاف بالإرادة  والإعراض عن النصيحة .
إن الصدق فضيلة ، والشجاعة فضيلة ، ومن الصدق والشجاعة ، تنبعث فضيلة الصراحة  والجهر بالحق ، والنصح للأصدقاء والحكام ، فمن كان عظيم الهمة ، راجح العقل ، لم يترفع عن نصح الناصحين ، وموعظة الواعظين ، مهما عظمت مكانتهم ، وعلت أقدارهم ، وقوى سلطانهم . ولا تسؤ أوضاع الأمة وأحوالها ، إلا من ترك واجب النصح والجهر بالحق .
ومن استعرض التاريخ قديمه وحديثه ، واستعرض عظماء الرجال في الشرق والغرب ، أيقن أن سرَّ عظة الأمة ، يكمن في وفائها للحق ، مع من تحب من الزعماء وتطيع من الرؤساء ، فلا تبخل بتأييدهم حين يصيبون ، ولا تتردد عن نصيحتهم يوم يخطئون ، حتى إذا تخليت الأمة عن هذا الواجب ، آذن مجدها بالانهيار ، وكرامتها بالضياع والامتهان .
كان عمر بن الحطاب يوماً مع أصحابه ، فقال له رجل : يا أمير المؤمنين ؟ اتق الله ، فقال بعض الحاضرين : أتقول ذلك لأمير المؤمنين ؟ فيقول عمر : دعوه فليقلها ، لا خير فيكم إن لم تقولوها ولا خير فينا إن لم نقبلها .
والرسول يقول : (إذا رأيت أمتي تهاب أن تقول للظالم يا ظالم فقد تودِّع منهم ) رواه الحاكم .
فعلى المسلمين أن يكونوا للحق أنصارا  وللمخطئين ناصحين ، وللظالمين مقاومين منكرين إذا أرادوا أن يكونوا أمةً لها كرامتها ، ومكانتها  وحقها الذي لا يهضم ، وإرادتها التي لا تحتقر وشخصيتها التي لا تطمس ، وإلا إن التف المنافقون حول الحاكمين ، والأقلام المأجورة أن تمجد المجرمين ، فذلك عين الفساد والخراب ، لأن عدالة الله تأبى أن تمنح الكرامة لمن يضيعها بيديه  قال تعالى :{إن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون}يونس 44 .
       

         






 

          ما الفرق بين الإسلام والمسلمين 
 إن الإسلام اسم للدين الإسلامي ، أي اسم للقرآن والسنة النبوية ، والمسلمون هم الذين يعتقدون هذا الدين ، ويفعلون ما يؤمرون من الطاعات والصالحات ، ويطبقونه على أنفسهم  ويَدْعون سواهم إلى العمل به ، وتطبيقه بالحكمة والموعظة الحسنة .
قال تعالى :{ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين}فصلت 33 .
إن من يتربى التربية الإسلامية ، يكون أقدر على احتمال التبعة ، واكثر جداً في أخذ الأمور وتصريفها ، لأن له من ضميره عاصماً ، ومن دينه سنداً ، ومن قرآنه هادياً . قال تعالى :{إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم} الإسراء 9.
إن الإسلام عقيدة ينبثق منها سلوك المجتمع  ويقوم عليها نظام الحياة ، الذي يحكم علاقات الإنسان في كل الميادين ، ويضع الشرائع التي تنظم هذه العلاقات ، فكان لا يمكن الفصل بين العقيدة والشريعة التي تحكم الحياة ، لأن الشريعة لا تقوم إلا على أساس العقيدة .
إننا نلاحظ أن علماء المسلمين ومفكريهم  يفكرون ويكونون الآراء ، ويطلقون الأحكام   وينظرون للأشياء والوقائع والأحداث ، بعيداً عن أحكام الإسلام ، وهذا ما نجح الغرب في تحقيقه بدليل رضاء المسلمين بالحلول الوسط ، وأنصاف الحلول ، حتى أن المسلم أصبح يشعر بأنه يعيش في جوٍّ فقد مقياس الجلال والحرام ، لأعماله وتصرفاته ، والذي استبدل بمقياس المنفعة أو المصلحة    حتى أصبح المجتمع في بلاد المسلمين  لا يسهم بتحقيق القيم التي يحتاجها ، والتي تضمن رفعته ورقيه وسعادته ، بل اتبع خطى الغرب ، الذي جعل القيمة المادية هي الأساس . 
وقد وجد من بين الشباب ، من يستحي من الانتساب إلى الإسلام ، أو يكره أن يُرى وهو يقوم بشيء من شعائره ، خصوصاً بين طبقات المثقفين بالثقافة الغربية ، والذين وصلوا إلى  درجة الحكم والنفوذ ، وإدارة المناصب العليا .
لقد زلزل الغزو الثقافي ، ثقة فئة كبيرة من الشباب بدينها ، حتى أصبحت مسلمة بالاسم فقط ، إن العقلية التي زرعها الكفار ، هي التي أوصلت الناس إلى هذا الحال ، حتى أن الأمة أصبحت تتبع ذليلة خطى الغرب ، وتسلمِّ له بحل قضاياها ، وتستبعد الإسلام عن مشاكل الحياة  وعلاقات المجتمع ووجد في هذه الأمة من يفصلون بين الدين والحياة ، كأن هذه الحياة ليست مخلوقة للخالق وكأنه ليس هناك حساب ولا عقاب .
إنه ليس من طبيعة الإسلام أن يعوق سير الحياة  ويسد الطريق على الآخذين بأسباب الوجاهة والجاه ، ومن الظلم أن يفهم الدين بهذا الفهم   بل من الخيانة لدين الله ، أن تكون للإسلام هذه المنزلة في الحياة .
لقد أصيب المسلمون بعلل أفسدت حياتهم  وأنزلتهم منازلتهم منازل الهوان في دنيا الناس  حتى تصور فريق من الناس ، بأن الدين هو السبب فيما وصلنا إليه من تأخر ، ونظروا للدين  والمتدينين نظرة ازدراء واحتقار ، حتى أصبح من المحال تغيير الحال ، إلا برد الاعتبار لدين الله باحترامه والاعتماد عليه في كل شؤون الحياة .
هذا هو حال المخدوعين بالغرب وحضارته ، فما هو حال بعض الفئات الإسلامية الأخرى ؟
إننا نجدهم وكما أشرت أكثر من مرَّةٍ ، يركِّزون اهتمامهم على الأحكام المتعلقة بالفرد ، كالصلاة والصوم والزكاة والوضوء ، والصفات الأخلاقية  والسنن والمندوبات ، وغيبوا أحكام نظام الحكم والنظام الاقتصادي والاجتماعي والتعليم  وأحكام السياسة الخارجية ، والتفاصيل المتعلقة بذلك  كله ، وكما نرى الكثيرين يركزون على اللحية وحكمها ، والدخان والطهارة ، وآداب الأكل ،  ودخول المساجد ، وآداب دخول الخلاء  وما يقال عند لبس الثياب الجديدة وعند النوم  حتى أنهم لم يتركوا شيئا متعلقاً بالفرد ، إلا فصَّلوه ودققوا فيه ، أو بحثو كلَّ جوانبه ، وأهملوا الأحكام المتعلقة بأنظمة المجتمع ، وفروض الكفاية المطلوبة من الأمة .
إن العقلية التي غرسها الكفار ، منذ أن احتلوا بلاد المسلمين ، جعلت مفهوم المنفعة ، من المفاهيم التي جعلت الأنانية وحب الذات ، هي الطاغية في المجتمع ، مما قضى على الروح الجماعية التي أرادها الإسلام ، وعبرت عنها النصوص الشرعية . كقول رسول الله (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) . وقوله : ( من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم)
كما جعلت المسلمين ، يقصرون حياتهم على الركض ، وراء حياةٍ يُقْذف لهم فيها بالفضلات  مما فاض على موائد المترفين والمسرفين ، بل وصل الحد بالبعض ، إلى تقديم الروابط المنحطة ، من رابطة قبلية أو عائلية أو وطنية أو مصلحيه ، على رابطة المبدأ وما تتطلبه الآية القرآنية : {قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تحشون كسادها ومساكنٌ ترضونها أحبَّ إليكم من الله ورسوله وجهادٍ في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين }التوبة 24 .
إن الأمة الإسلامية ، أمةٌ مبدأ يحمل في باطنه السعادة للبشرية ، والهناء والاستقرار ، وهي مكلفةٌ بإيصال هذا المبدأ إلى الناس ، والعمل على تحرير البشرية من عبودية العباد ، إلى عبودية الله  وعلى تنظم حياة البشر بالعدل ، وما يحقق لهم الخير ، ويجنبهم ويلات الفتن والحروب .
إن الأمة مكلفة أن تنقذ نفسها باتباع الهدى الرباني ، والعمل على إنقاذ البشرية من التية والضياع ، وإخراجها من الظلمات إلى النور  ومن القهر والإذلال والاستعباد ، إلى العز والسعادة والسلام .
إن سياسة تمويت الإسلام  ومخاصمة أهله والافتراء عليه ، ومحاربة دعاته وإعمال القتل والتعذيب والملاحقة لمعتنقيه ، لم يحقق لأعداء الإسلام رغباتهم ، فلا الإسلام مات ، ولا قرآنه باد ، ولا أمته هلكت ، وإذا أصابهم الذي أصابهم  إنما ذلك إلى حين ، ولا بد من استئناف المسيرة   إن تابوا من تقصيرهم وثابوا إلى رشدهم .
إن سياسة تمويت الإسلام ، لا بد من إفشالها  ولن يكون حظ الصليبية الجديدة ، بأحسن من حظ سابقتها القديمة ، وإن طال الزمن أم قصَّر  لأن الله تكفل بحفظ دينه ، ونصر أتباعه  ولينصرن الله من ينصره .                                        







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق