السبت، 25 أكتوبر 2014

الدعوة إلى الصلح وذم الفرقة


قال تعالى :{وإما ينـزغنَّك من الشيطان نزغٌ فاستعذ بالله إنه سميع عليم ، إن الذين اتقوا إذا مسهم طائفٌ من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون} الأعراف200 .

 النـزغ لا يكون إلا في الشرّ ، والمطلوب من المسلم أن لا يحركه إلى الشر أو يستخفه إلى فعله غضب أو شيطان موسوس ، وقد جعل الله العفو بمثابة ثمن عظيم يأخذه صاحبه مقابل الإساءة المؤلمة التي يلقاها من غيره   فهو جوهرةٌ ثمينةٌ جداً يضيفها إلى مكارم الأخلاق ، إضافةً إلى ذلك الثواب العظيم عند الله تعالى ، الذي لا يستطيع أن يملكه لو سلك مسلكاً آخر غير العفو. ولنا في رسول الله (ص) أسوةٌ حسنه في التحلي بخلق الصفح وهو الإعراض عن مواجهة السيئة بمثلها ، فقد كان (ص) أجمل الناس صفحاً يتلقى من قومه الأذى فيعرض عن تعنيفهم ويعود إلى دعوتهم ونصحهم كأنما لم يلق منهم شيئا ، وفي تأديب الله لرسوله بهذا الأدب أنزل الله عليه قوله : {فاصفح الصفح الجميل} الحجر 15 .
ومما أدب الله به رسوله أن يدفع بالتي هي احسن وهو موجه أيضاً لكل المؤمنين قال تعالى : {ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه وليٌ حميم}فصلت 4. ومع ضبط النفس وإيثار الدفع بالتي هي أحسن تأتي وساوس الشيطان ونزغاته فتحرك النفس إلى الانتقام ، وتوسوس بأن الشر لا يُدفع إلا بمثله وقد أبان الله الدواء الصارف لهذه الوساوس

والنـزغات وهو الاستعاذة بالله من همزات الشياطين فقال تعالى :{وأما ينـزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم}فصلت 35.

كما أوصى الإسلام بالعفو والصفح والمغفرة حتى يستحق الناس من الله الغفران والرحمة فقال تعالى : {وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم}التغابن 64.

وقد علمنا الإسلام أن نزن المواقف بميزان العقل والحكمة ، ونتخذ من الوسائل ما هو أقرب إلى تحقيق غاية الإصلاح والتآلف بين المسلمين وأجب على المؤمنين أن يصلحوا بين الذين يختصمون منهم فقال تعالى:{إنما المؤمنون اخوة فأصلحوا بين أخويكم}الحجرات 9 .

وقد أهتم الإسلام بوحدة جماعة المسلين وحرص على أن لا يدب الخلاف بينهم ولا تقع الفرقة بين صفوفهم فجاء النهي عن القبائح الاجتماعية التي من شأنها بذر بذور الفرقة والعداوة والبغضاء وهي : السخرية واللمز والتنابز بالألقاب واتهام المؤمنين بالظنون والتجسس والغيبة للمؤمنين والمتقين .

كما حذر من التحاسد والتباغض والتدابر والظلم والتحقير ، وقررّ أن كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه ، فلا يجوز للمسلم أن يؤذي أخاه المسلم أو يعتدي عليه
وقد جعل الإسلام المحبة بين الناس عنصراً من عناصر الإيمان أو ثمرة من ثمراته ، لما ثبت في الصحيح أن رسول الله
قال : ( والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا ، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم ؟ أفشوا السلام بينكم ) .

و أبان الرسول أن من ثمرات حب الله ورسوله والحب في الله بين المؤمنين أن يكافئ الله المحبين بالحب فيحبهم الله ويظلهم يوم القيامة في ظله يوم لا ظل إلا ظله ويؤويهم إلى كنف محبته ، ففي الصحيح أن رسول الله   قال : ( إن الله تعالى يقول يوم القيامة : أين المتحابون بجلالي ؟ اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي ) .
كما أن  الإسلام بطبيعته يجعل من المسلمين كتلة واحدة ويجمعهم على عقيدة واحدة وعبادة واحدة وشريعة واحدة وغاية واحدة  وأي صدعٍ في هذه الوحدة وأي هزةٍ في هذا الكيان يعتبر جريمة ، لأن الفرقة هي القاضية على الدين والدنيا قال تعالى : { ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم } الانفال 46 .
وقد أعلن الإسلام براءته من دعاة التفرقة فقال تعالى : { إن الذين فرٌَّقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء }الأنعام 159 . لهذا على المسلمين أن يسارعوا إلى إصلاح ذات البين  وتقوية الروابط الأخوية بالكلمة الطيبة التي تجمع الشتات وتوحد الكلمة وترأب الصدع فال تعالى : { لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس }النساء 114 .   



                       

                                               
               

               

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق