الأحد، 26 أكتوبر 2014

بلاد المسلمين بلا حدود ولا شعب ولا ماء ولا تراب


أما أنها بلا حدود فلأن هذه الحدود تنقص كل يوم عن الذي قبله ، تبتلع الدول منه شبراً واليهود متراً   والجوار هكتاراً ، لذلك ليس لها حدود خارجية ثابتة   فهي تتناقص يوماً بعد يوم ، لأنه لا يوجد من يحمي حدودها من الطامعين والمعتدين .
وأما أنها بلا شعب ، فلأنها لو كان فيها شعباً لقام وحارب كل معتدٍ ... ونظرة إلى الشعوب التي فيها نجدها تركض وراء الطعام والشراب ، وقد يأتي اليوم الذي تركض فيه  فلا تجد ما تركض إليه ، لأنه مقهور مستغل مستهلك مكاناً وزماناً ، لصالح القائمين على أمره لتمجيدهم وحمايتهم من أهل الوطن ، والعدو الأجنبي لا يخاف منهم فهم يحمونه  وإذا ما طلبوا فتح باب الجهاد ولو بدون سلاح على طريقة أهلنا في فلسطين ، كان لسان الحال أنهم يريدون سلاماً ، وحتى هذا لا يجدون أذناً صاغية تستجيب له  .
وأما أنها بلا ماء ، فلأن مياهها محرمه عليهم فليس لهم فيها حرية الملاحة إلا بموافقة خارجية ، حتى صيادو السمك بحاجة لموافقة ، وهاهي الأساطيل المدمرة تحل الموت بشعبنا تجول في مياهنا من الخليج الأحمر إلى الأبيض المتوسط .
وأما أنها بلا تراب فلأن ترابها أصبح أرخص تراب في الكون ، لا قيمة ولا ثمن له  تدنسه أقدام الصهاينة والأوروبيين بحجة الدعم والمساعدة والحماية ، بين كل دولة ودولة مخافر أمنية وحواجز تفتيشية تشدد على المسلمين ، وقد يعبر الأعداء  بدون سؤال ، فأي أرض أرخص منها ، وقد يحذر على قواتها التواجد على أرضها وضمن حدودها ، فقد ذهبت أرض المسلمين في فلسطين والفلبين وسوريا وغيرها من بلاد المسلمين ، وسكت المسلمون على ذلك ، ولم يبذلوا المهج والأرواح في سبيل إعادتها ، ذهبت الأرض يوم فقدت حارسها وحاميها وسيدها ، فبكت هذه الأرض على الأعزة والعزَّ ، وهي تنادي هبوا فقد استأسد الجبناء ، و أغيثوني فقد نكص على أعقابهم الأبناء ، وانجدوني فقد غشيني الألداء وأدركوني فإن ذهبت فمالكم بعدي من بقاء ، واسقوني من دمائكم ففي سبيل الله يهون كل عناء ، فأنا أنا أرض الأنبياء ... أنا أرض الإسراء لا بل أنا أرض الإسلام ، ألا يكفيكم الفشل إثر الفشل واللطمة تتلوها اللطمات  .    
وأما منابع الخيرات والثروات فلا فائدة منها ... بترولنا لعدونا وربحه لأعدائنا ، يعود لصدورنا أسلحة وصواريخ وطلقات ، تصوب إلى صدور المسلمين في  أنحاء متفرقة من بلاد المسلمين فلا يتحركون   ويسمعون صيحات الثكالى والأرامل والأيتام فلا يأبهون ، وكأن الصمت على جرائم اليهود من متطلبات حسن الجوار .
وكل ما يستطيعون فعله الشكوى والتشكي ، اللذان لا يردان حقا ولا يرفعان ضيما   فلماذا حادوا عن درب العزم والإرادة والمثابرة ، هذا الدرب الذي سلكه أجدادنا العظام حاملين ألوية الحق والعدل فاتحين بلاد الله لنشر دينه ، فقد كانوا يتمتعون بخبرةٍ فائقة في   فتح البلاد . شاور عمر بن الخطاب الهرمزان في أيها يبدأ الفتح أولاً بأذربيجان أم  بلاد فارس وأصبهان فقال له ، إن فارس وأذربيجان الجناحان وإن أصبهان هي الرأس ، فإن قطعت أحد الجناحين قام الآخر ، وإن قطعت الرأس وقع الجناحان   فابدأ بالرأس يا أمير المؤمنين ، فانتدب عمر بن الخطاب خير القادة لهذه المهمة النعمان بن مقرن   وكان دعاؤه في المعركة : اللهم إني أسألك أن تقرَّعيني اليوم بفتح يكون فيه عزُّ للإسلام وذلُّ للكفار ، ثم أقضي بعد ذلك إليك على الشهادة ، فأمن المسلمون وبكوا ، وكان النصر العزيز واستشهد النعمان .
لماذا لا يسير ولاة أمور المسلمون على هذا النهج ولماذا لا تكون لهم هذه المواقف .
  نسمعهم يقولون : يجب علينا أن نتضامن ، يجب أن نوجد الجهود والكلمة ، من يمنعهم مما يقولون ، أهو الشعب ؟ أهم أنفسهم ؟ هل هم حكام بشر أم رعاة غنم ؟ إن رعاة الغنم عندما يهجم الذئب عليهم وليس معهم سلاح ، يجمعون غنمهم بقطيع واحد  ويقف كل راع على جهة ، فليحسبنا حكامنا غنما ويجمعوا أمرهم ، ويدافعون عنا ونحن معهم ، وإذا كانوا يخافون على الكراسي فليجلسوا آمنين ، ويدعونا ندافع عن أنفسنا بالحجارة والعصي والتضحية بالمهج والأرواح .
ألم يعلموا أن عوازم الأمور أفضلها ، ليقولوا الحق حتى يُعْرَفوا به ، ويكونوا من أهله . وليغضبوا لله حسب ما تمليه العقيدة والإرادة ، ليغضوا غضب رسول الله على قريش يوم نقضت عهدها الذي جاء بالفتح العظيم . وغضب أبي بكر الذي وأد الردة وأعاد للإسلام هيبته وأعاد النائمين إلى صوابهم    وغضب المعتصم لله يوم حرق عمورية وما حولها وذاد عن عرض المسلمين ، ليغضبوا غضب أولئك ، لا الغضب الخالي من العمل والإرادة ، ولا الغضب الضعيف الذي يهمل مراقبة الله ، ويرجوا من الأعداء أن ينصفوه ولا إنصاف .
 لماذا يكونوا عار الحياة وزبد الوجود ، ولماذا يبررون استسلامهم بعدم قدرتهم على الأعداء لامتلاكه أفتك الأسلحة ، لماذا لا يجاهدون في سبيل الله ، فهو أفضل من حياة الذل والقهر ولاستعباد ، لماذا لا يطلبون الموت في سبيل الله ، لأن ميتتة في سبيل الله خير من حياة في معصيته .
لما كان يوم اليمامة في حروب الردة ، جُرح أبو عقيل الأنصاري ورُمي بسهم فوقع قريباً من فؤاده ، فأخرج السهم وقد وهن نصفه الأيسر فجُر إلى الرحل ... فلما حمي القتال وانهزم المسلمون أمام جيش مسيلمة ، وانحازوا إلى رحالهم وأبو عقيل واهن في جراحه فبينما هم كذلك ، إذ نادى مناديا للأنصار الله الله ، الكرة على عدوكم أخلصونا واخلصوا إلينا ... فنهد الأنصار رجلاً رجلاً .. يقول ابن عمر فنهض أبو عقيل يريد قومه للجهاد ... فقلت إلى أين تريد يا أبا عقيل ؟ أفيك قتال ؟ قال: قد نوه المنادي باسمي ... قال عبد الله بن عمر له : إن المنادي يقول : الأنصار وليس الجرحى !! فقال : أنا رجل من الأنصار أجيبه وألبي ولو حبواً ... فتحزم أبو عقيل وأخذ السيف بيمينه مجرداً ، ثم جعل ينادي يا معشر الأنصار كرة كيوم حنين !! فاجتمعوا واقتحموا على عدوهم الحديقة ، واختلطت السيوف بالأجساد ، وقطعت يد أبي عقيل المجروحة من المنكب  فوقع على الأرض وبه من الجراح أربعة عشرة جرحاً كلها قد خلصت إلى مقتل ... وقتل عدو الله مسيلمة ... قال ابن عمر : فوقفت على أبي عقيل وهو صريع بآخر رمق ، فقلت يا أبا عقيل قال لبيك بلسان ملتاث ... ثم قال لمن الدَّبْرةُ أي الهزيمة ؟ قلت أبشر ورفعت صوتي قُتل عدو الله ، فرفع إصبعه إلى السماء يحمد الله والتحق بركب الشهداء ... هؤلاء هم آباؤنا ... وهاهم رجالنا . 
فيا معشر المنهزمين أمام عدوكم ... يا معشر المبررين لهزائمكم واستسلامكم ألا تتأسون بهؤلاء الجرحى المشرفين على الموت من صناديد المسلمين . ثم بماذا تفسرون الأعمال الهمجية ومعاناة المسلمين من القتل والتشريد والتدمير لمقدرات الأمة ، ها هو شعب فلسطين يعاني من قهر العدو الإسرائيلي له بالحديد والنار ، يلجأ الى التضحية بالنفس لإرهاب أعداء الله وزرع الخوف في قلوبهم ، لأنه آمن بقول الله تعالى : ) إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون ( التوبة111 فليتأمل العاقد مع الله هذا التبايع ما أعظم خطره وأجله ، فالله هو المشتري والثمن جنات النعيم ، وما أعظم التضحية بالنفس إن كان فيها مصلحة للمسلمين ونكاية لأعدائهم ، وفي مثل هذا المضحي أنزل الله قوله : ) ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله والله رءوفٌ بالعباد ( البقرة 207 . ولا يفوتني أن أنبه في هذا المجال إلى أن أدلة قتال الكفار جاءت مطلقة وجاءت عامة في القتال دون تقييد بأسلوب أو وسيلة ، وعليه فكل أسلوب أو وسيلة يستعملها المسلم في قتال الكفار تكون جائزة ما دامت قتلاً للعدو الكافر ، وقد دلت النصوص على ذلك قال تعالى : ) يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة ( وقال ) واقتلوا المشركين كافة ( .
إن إنزال القتل بالعدو هو الوسيلة الوحيدة التي يفهمونها ، وهذا ما يضطرهم إلى إعادة النظر في مواقفهم الإجرامية وسياساتهم الهمجية ، حتى يأذن الله بنصره بعز عزيزٍ أو بذل ذليل ، ولن يكون ذلك إلا بالجهاد والاستشهاد والمقاومة .    
 

       



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق