الأحد، 26 أكتوبر 2014

تهديدات الأعداء لبلاد الإسلام


قال تعالى :{كيف وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلاً ولاذمة يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبُهم وأكثرُهم فاسقون}التوبة 8 . إن ما يجري على الساحة هذه الأيام ليس بغريب ، لأن أعداءنا يتعاملون معنا بمنطق القوه والجبروت ، فلا يجوز لنا أن نعارض أو نناقش القرارات الدولية  بينما غيرنا يضرب بها عَرْضَ الحائط , ولا يُلْقي لها بالا, ونحن علينا أن نقبل بها , ونحترمها ونطبقها وإلا تعرضنا لأشدِّ العقوبات . لأننا ضُعفاء وهم أقوياء , ضُعفاء لأننا تخلينا عن ديننا وعقيدتنا  وهذا ما أخبرنا به الحق سبحانه  بقوله { كيف وإن يظهروا عليكم }.
إنهم لا يعاهدونا إلا في حالة عجزنا ، وعندما تكون لهم الغلبة والقوه ، يفعلون الأفاعيل من  غير مراعاةٍ لعهدٍ قائم ، إنهم لا يقفون عند حد التنكيل , بل يوجهون حقدهم وانتقامهم للمسلمين ، لأن صفة الاعتداء أصيلة فيهم , تبدأ من  نقطة كرههم للإسلام , وتنتهي بالوقوف في وجهه .
إن العالم اليوم ينقسم إلى كتلتين : أمريكا في كفة وبقية العلم في كفة ، هذا ما يبدو لنا ، وما يعتقده عامة الناس ، لكن الحقيقة أنه انقسامٌ ظاهري لا حقيقي ، وأنه انقسامٌ على المصالح لا على المبادئ ، وأنه صراعٌ على السلع والأسواق لا على العقائد والأفكار ، فطبيعة التفكير الأمريكي الأوروبي ، لا تفترق في حقيقتها عن طبيعة التفكير الروسي ، كلتاهما تقوم على تحكيم الفكرة المادية للحياة ، فلا اختلاف في طبيعة التفكير ، إنما الاختلاف في الظروف الاقتصادية والاجتماعية ولا يخدعنا أن نرى الصراع عنيفاً وقوياً بين الشرق والغرب ، إنهما لا يتنازعان على مبدأ أو فكرة  إنما يتنازعان النفوذ في العالم  والربح في الأسواق ، ونحن هذه الأسواق .
إن الصراع الحقيقي هو بين النظام الذي يجعل العبودية لله وحده ، ويخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد وهو الإسلام ، وبين سائر الأنظمة التي تقوم على أساس عبودية العباد للعباد    لأن الإسلام هو القوة الحقيقية التي تقف لقوة الفكرة المادية ، التي تدين بها أوروبا وأمريكا وروسيا والصين على السواء ، وان هذه الدول مجتمعةً ، رغم ما بينها من منافسات ومن متناقضات ، تعمل على حرب الإسلام في كل مكان .
والسؤال الذي يَطْرَحُ نفسه , ما هو الحل وما العلاج؟
إنه بالرجوع إلى منهج الله ، وإعداد العدة  وإعلان الجهاد تحت راية الإسلام , وعندها تكون الغلبة للإسلام  .
وهناك خطر آخر أشد  من خطر الأعداء الأقوياء  انه في  الأتْباع السذَّج , الذين يقبلون من أعداء الله أن يَتَتَرْسَ بلافتةٍ خادعةٍ من الإسلام , بينما يرمون الإسلام من وراء هذه اللافتة الخادعة , مما يُمَكِّنُ الأعداء من الهيمنة على الإسلام والمسلمين ومن هنا خاطب الله كلّ ذي عقيدة , بالتهديد والوعيد فقال تعالى:{إلا تنفروا يعذبكم عذاباً  أليما  ويستبدل قوماً غيركم ولا تضروه شيئا}التوبة 34 . ليس العذاب الذي يتهدد هم عذاب الآخرة  وحده   إنه كذلك عذاب الدنيا , إنه عذاب الذلة التي تُصيبُ القاعدين عن الجهاد , وما من أمةٍ تركت الجهاد , إلا  ضرب الله عليها الذل ، تدفع مرغمه صاغرة ، أضعاف ما كان يتطلب منها جهاد الأعداء , إنها ضريبة الذل ، يؤدونها من نفوسهم وأقدارهم وسمعتهم ، ومن اطمئنانهم  وفي هذا يقول الله سبحانه : {أولئك الذين طبع الله على قلوبهم فهم لا يفقهون}النحل 108 .
إن المسلمين يواجهون في هذا العصر أعداءً يتربصون بهم الدوائر ، ولا  يقعدون عن  الفتك بهم بلا شفقة ولا رحمة إلا إذا عجزوا عن ذلك هم أئمة  الكفرِ لا أيمان لهم ولا عهود ,  إنهم حرب على دين الله اعتقاداً وسلوكاً , حرب على المسلمين , لأنهم لا  يريدون للإسلام أن يحكم  ولا يطيقون ذلك , لأن الإسلام حين يحكم سَيُنْشِئُ الشعوب نشأةً أخرى , وسًيُعلِّمُ الشعوب أن إعداد القوة ، فريضة لاستعادة كرامة المسلمين  وإلا فما معنى  صمت الأمة على هذه المذلة  والذي سيزيد من عجرفة الأعداء ورفضهم لكل نوايا السلام المزعوم .
إن الله عزّ وجل يأمر بنصر الحق ، ومجاهدة الكافرين بالنفس والنفيس , ويوصي عباده ألا يستكينوا للظلم , ويحرضهم على مقابلةِ  العدوان بمثله . قال تعالى :{ فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم }البقرة 194 .
إن على المسلمين ألا يتركوا الضلال يستكبر  ولا يجد من يقمعه ويردعه , وإن الإيمان والإرادة الصادقة ، أقوى من أسلحتهم وأدوات دمارهم  فلم التخاذل والجبن .
إن رسالة الله أعزّ في حقيقتها واعزُّ لدى حملتها  من أن تضعف أمام الباطل . ولهذا نجد أن الآية القرآنية {وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى  التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين} البقرة 195 . هذه الآية  تمتاز بأنها تضمنت تهديداً خطيراً ، لمن يَجْبُنُ عن الجهاد ويبخل عن النفقة ، فالآية اعتبرت الفارّ بنفسه وماله ، ملقياً بنفسه وماله في الهلاك ، وأشارت إلى أن الأمة التي تتراجع عن المواقف الواجبة في ميدان الجهاد والاستشهاد  أمةٌ لا تلبث قليلاً حتى تذل وتخزى .
إنه نداء للامةِ بردِ العدوان , والبذل في سبيل الحق  وإلا فالتسليم للعدوان ، والشحُّ  بالأموال طريق الضياع  والفناء والتهلكة , فلا تلقوا بأيديكم إليها . ألا ليت المسلمين يدركون هذه السنة في ازدهار الأمم واندثارها , لا سيما و هم مع اليهود والصليبين ، في حرب حياةٍ أو ممات , غير أن فريقاً  من المسلمين ظلم هذه الآية  أقبح  ظلم وفهمها  أغبى فهم ، وظن أن  الله يقول لعباده احرصوا على أعماركم فلا تعرضوها للاستشهاد في سبيل الله , وبهذا لا يكفيهم أنهم عصوا  الله وخالفوا أمره معرضين عن الجهاد , حتى ذهبوا يتلمسون الفتاوى لمعاصيهم وتخاذلهم ، ومواقفهم المخزية المخالفة  لشرع الله . إن أعداء الله وأعداء الحق لا يخلو منهم جيل  ,  ولئن كان الهجوم المسلح غير مطلوب ديناً كما يزعمون , فان السلم المسلح من أركان ديننا وصلب عقيدتنا .
لذا يجب على الأمة أن تأخذ أهبتها كاملة  فلا تبخل على عُدد الحرب بمال , وأن تبقى على حذر واستعداد , فإذا بوغتت ردت المعتدين وهي عزيزة قادرة . أما الأمة التي تنام على تفريط وتضنُ على حماية نفسها ورسالتها بالأرواح والأموال ، فهي لاشك هالكة في عالم لسان حاله " إن لم تكن ذئباً وإلا أكلتك الذئاب" .
إن الإسلام ليس مجموعةً  من  الوصايا  الخلقية والعبادات  الشخصية وانتهى الأمر , إنه  نظامٌ شاملٌ للتحرر السياسي , والعدل الاجتماعي  وضمان  وثيق لحقوق الإنسان وكرامات الأمم . وإذا كان لصلاح النفس  حجر الزاوية في  كل دين فأن الإسلام ينشئ هذا الصلاح إنشاءً عن طريق خلق البيئة الفاضلة , ولا ننسى أن الحكم  في  نظر الإسلام أداةً  مهمةً من أدوات هذا التكوين العام , فإذا نسيَ وظيفته أو فرط فيها  كان مصدر خلل في الكيان الإسلامي.
إن هوان المسلمين في هذا العصر ، راجعاً إلى النتيجة الحتمية لفساد كثير من أنظمة الحكم القائمةِ في بلادهم .
إن الأمم أثبت من الدول ، وإن الجاهل أعدى على أمته من أعدى أعدائها , وما نكب الإسلام قط من حرب صليبية أو استعماريةٍ ، كما نكب من أبنائه الجهلاء , ومهما يكن الخطر فالجهل من أخطر الأخطار , فإن بقي للإسلام أيمانه والمؤمنون به على هدى وبصيرة , فلا خطر عليه من أقوياء اليوم مهما بلغوا من العدة والتقدم التقني ، وأخطر من كل الأخطار أن تتخلف مكانة العلم والبصيرة ، وتتقدم  مكانة الجهل والغباء ، وهذا  ما  يلاحظ عند قطاع كبير من المسلمين ، الذين يركزون على السنن والمندوبات والمستحبات في الدين ، حيث يحتدم الجدل  على التحريم والتحليل ، وقد  تطول الأقاويل وتتشعب  فيما لا داعي له ولا أهميه في صلب العقيدة .
 أنا لا أُمانع في البحث في الحلال والحرام في تلك الأمور ، ولا فيما هو  صحيح أو باطل في عقائد المعتقدين ، لكني أقول بأنه إذا بذل في هذه الجانبيات من الجهد فوق حقه ، وأضعاف حظه   فذلك لعمري الخطر الأكبر ، والطيبون أو السذج  البسطاء ، الذين يأخذون بسفاسف الأمور ويعيشون في دوامة  الأفكار الغربية ، التي تمنعهم من رؤية العلاج ، هؤلاء وأمثالهم سوف يستمر ضلالهم إذا استمر هذا الجدل حول هذه الأمور .
إن الفساد في هذه الأنظمة ، يرجع إلى البعد عن منهج الله ، والحكم بما أنزل الله , لأن كل حكم غير حكم الله لا بد وأن يكون  طاغوتاً مسلطاً على رقاب العباد , لأن الفساد في بنية النظام ذاته  لا في الأداة المنفذة له ، ولا في وسائل التنفيذ  والعلاج يكمن في تغير النظام من أساسه بالرجوع إلى منهج الله دون سواه قال تعالى :{وأن احكم بينهم بما أنزل الله } ومن هنا لا يمكن لدول الكفر التنازل عن سلطانها ، وإتاحة الفرصة لأمة الإسلام أن تسلبها  ذلك السلطان ، ولا يمكن بحال من الأحوال أن تتيح لنا أيَّ عمل يتعارض مع  مصلحتها ، أو يسلبها سلطة تشريعها ، كلا لن يحدث ذلك قط ، إلا بالرجوع إلى شريعة الله كمنهج للتغيير قال تعالى :{إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}الرعد 11 .  
  


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق