السبت، 25 أكتوبر 2014

المسجد الأقصى في خطر

للمسجد الأقصى قدسية كبيرة عند المسلمين ارتبطت بعقيدتهم منذ بداية الدعوة . فهو يعتبر قبلة الأنبياء جميعاً قبل النبي محمد وهو القبلة الأولى التي صلى إليها النبي قبل أن يتم تغير القبلة إلى مكة.
وقد توثقت علاقة الإسلام بالمسجد الأقصى ليلة الإسراء والمعراج حيث اسري بالنبي من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى وفيه صلى النبي إماما بالأنبياء ومنه عرج النبي إلى السماء . وهناك في السماء العليا فرضت عليه الصلاة.
 ووصف الله للمسجد الأقصى بـ ) الذي باركنا حوله ( يدل على بركة المسجد ومكانته عند الله وعند المسلمين . فالأقصى هو منبع البركة التي عمت كل المنطقة حوله.
 والمسجد الأقصى هو المسجد الثالث الذي تشد إليه الرحال ، فقد ذكر النبي أن المساجد الثلاثة الوحيدة التي تشد إليها الرحال هي المسجد الحرام ، و المسجد النبوي والمسجد الأقصى  قال : ( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ومسجدي هذا  والمسجد الأقصى  . (
وللصلاة في المسجد الأقصى ثواب يعادل خمسمائة صلاة في غيره من المساجد . قال : ( الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة ، والصلاة في مسجدي بألف صلاة  والصلاة في بيت المقدس بخمسمائة صلاة .
وهو المسجد الذي أمر النبي الصحابة بالبقاء قربه روى أحمد في مسنده عن ذِي الأصَابِعِ قَال : ( قلت يا رسول الله إِنِ ابْتُلِينَا بعدك بالبقاء أين تأمرنا؟ قال: عليك ببيت المقدس فلعله أن ينشأ لك ذرية يغدون إلى ذلك المسجد ويروحون ) .
فهذه الأحاديث كلها تدل على مكانة المسجد وعمق علاقته بالإسلام   وهناك العديد من الأحاديث الأخرى التي ذكرت المسجد الأقصى وحثت على زيارته والصلاة فيه . فهو مسجد مبارك   في أرض مباركة .
ويتكون المسجد الأقصى من عدة أبنية ويحتوي على عدة معالم منها مساجد وقباب وأروقة ومحاريب ومنابر ومآذن وآبار وغيرها من المعالم . وأهم هذه المعالم : قبة الصخرة التي لا يجوز التمسح بها ولا الطواف حولها ، ولا يقال : الصخرة المشرفة ، لأنه لا دليل على تشريفها . ولم يصح أن النبي عرج به منها ، وأنها تبعت النبي  بعد معراجه ، وأن الملائكة مسكتها فبقيت بين السماء والأرض ، وهذا كله من الخرافات التي يتداولها العوام ولم يدل عليها نقل صحيح . وهي كسائر الصخور لا يجوز تعظيمها وإنما يعظمها اليهود وبعض النصارى .
 وقد ساهم اليهود وما زالوا عن طريق عدسات التلفزيون يساهمون في اللبس الحاصل بين ما يسمى بـ "مسجد قبة الصخرة" و "المسجد الأقصى". وعن دون قصد يقع الكثير من المسلمين فلسطينيين –كانوا أم من جنسيات أخرى- في الخطأ الذي تروج له الحركات الصهيونية العالمية التي تسعى إلى إعادة بناء الهيكل. وحتى عندما جاءت ما تسمى بـ "بحركة أمناء جبل الهيكل" بهذا الحجر مدعية أنه حجر الأساس لهيكل سليمان وأنها تنوي وضعه في باحة حرم الأقصى  كانت الصور التي تبثها ، عدسات الكاميرا تُظْهر مسجد قبة الصخرة وقد تجمع حوله الفلسطينيون .
لكن الأمر لا يتعدى كونه أكذوبة كبرى ومؤامرة تم الإعداد والتخطيط لها بعناية من قبل المنظمات الصهيونية . صحيحٌ أن كل ما هو داخل أسوار الحرم القدسي هو المسجد الأقصى ، لكن ما يعني اليهود هو هذا البناء بالتحديد الذي يدعى أيضاً "المسجد الأقصى" وهو يقع على مسافةٍ ليست بقليلة عن مسجد قبة الصخرة ، وهو المكان الذي ينشده اليهود تحديداً لبناء هيكلهم المزعوم ، . وإذا ما ثارت احتجاجات العرب أو المسلمين ستنبري الحركات الصهيونية لتقول للعالم: "لم يحدث شيء للمسجد الأقصى فها هو قائم"، وتبرز بالطبع صورة قبة الصخرة التي تعود الجميع على رؤيتها ، وطبعت في ذاكرة المسلم وغير المسلم على أنها هي المسجد الأقصى . وبهذا يتم لليهود ما أرادوا في حين أن المسلمين منشغلون عن أقصاهم  بأدناهم .
ويعرف المسجد الأقصى خطأً بالحرم القدسي الشريف ولا يصح تسمية المسجد الأقصى بالحرم لأنه ليس حرماً ولا تسري عليه أحكام الحرم ويعتبر المسجد الحرام ومسجد النبي هما الحرمان الوحيدان في الإسلام.   
ويعتقد اليهود أن ساحة المسجد الأقصى هي جبل الهيكل ، كما يعتقدون أن الصخرة الموجودة في مسجد القبة هي صخرة كان اليهود يستخدمونها في تقديم القرابين.
 وما يجري في باب المغاربة ليس مفاجئا، فالهدف الرئيس من الأعمال الجارية الآن ، هو بمثابة إعلان تقاسم السيادة على الحرم القدسي مع المسلمين ، كما يطمح اليهود إلى الكشف عن بوابة باركلي المخبأة تحت التلة المذكورة ، وهي تقود إلى مسجد البراق داخل الحرم على بعد أمتار من باب المغاربة . وهذه البوابة كما يدعى في التراث اليهودي التوراتي هي إحدى بوابات الهيكل ، ولقد كانت القدس محور الصراع على فلسطين في العصور القديمة كما هي في العصر الحديث ، حيث تضيع القدس أمام أعين الجميع     وكلهم يستنكرون ويشجبون ، واليهود يسيرون في تنفيذ برنامجهم ، وفي هذه المرة ظهرت الحفريات تحت المسجد الأقصى من ناحية باب المغاربة احد المداخل الرئيسية للمسجد الأقصى ، وجاءت هذه الحفريات بعد تهويد حي المغاربة والذي لا يقتصر على هذا الحي وإنما يخططون ليشمل كل مدينة القدس وفرض الطابع اليهودي ومحو هويتها العربية والإسلامية لتتخذ منها عاصمة لإسرائيل ، والهدف المعلن عن هذه الحفريات هو إنشاء جسر يربط بين ساحة المسجد الأقصى وبين الأحياء اليهودية في البلدة القديمة ، إما الهدف الخفي فهو تمكين اليهود من دخول الحرم القدسي ومواصلة الحفريات تحت المسجد الأقصى للبحث عن هيكل سليمان التائه من آلاف السنين ، وبهذا تحاول إسرائيل إضفاء طابع ثقافي وديني على أعمال الحفر والتنقيب تحت وحول وعلى أطراف المسجد الأقصى لتخفي تحت مظلة الدين والثقافة الهدف السياسي المكشوف لهذه الجريمة الساعية إلى تهويد ما تبقى من القدس   وتصل في هذه المرة إلى ساحة المسجد الأقصى ، بحثاً عن هيكل سليمان التي أثبت البحث العلمي خرافتها   يوم أن كلف إسحاق رابين فريقا من الخبراء والعلماء في الآثار بالبحث في باطن أرض فلسطين عن ما يثبت بأنها هي أرض الميعاد ، وأن ينقبوا تحت المسجد الأقصى عن آثار يهودية بما في ذلك قواعد هيكل سليمان وقُدِم التقرير إلى نتنياهو ، وجاء فيه بأنه لا توجد أي دلائل على أن فلسطين هي أرض الميعاد ، ولا توجد أي آثار يهودية تحت المسجد الأقصى وإنما وجدت آثار رومانية وإسلامية ، ولم يوجد أثر لقواعد هيكل سليمان تحت المسجد الأقصى ، وفضحت هذه الحقيقة برسالة صحفية بعث بها من تل أبيب مراسل مجلة نيوز ويك التي نشرت الخبر ووعدت بنشر تفاصيل كاملة  ولكنها سارعت إلى نشر تكذيب الخبر وادعت أن مراسلها استخدم بالخطأ أداة النفي بدلاً من الإثبات ، وادعت أن هناك أدلة على أن هناك آثارا تثبت بأن فلسطين أرض الميعاد وان تحت المسجد الأقصى توجد قواعد هيكل سليمان ، وهو قول باطل لأن نص التقرير العلمي المقدم لنتنياهو مثبت في ملفات مجلس الوزراء الإسرائيلي فلتعلن عنه إسرائيل إن كانت من الصادقين.
 وإن التحذيرات الإسرائيلية التي تقول إن أسوار القدس الشرقية تواجه خطر الانهيار في أي لحظة ليست بريئة ولا تأتي في سياق الحرص على هذه الأسوار بمقدار ما تعني شيئاً ما يدور في ذهن الإسرائيليين وخصوصاً المتطرفين منهم لتدمير المسجد الأقصى المبارك ، الأقصى الذي أحزنه ضعف الساجدين الذين ينتشرون في أرجاء المعمورة.. فهل من معتصم جديد وهل من عزمة جادة كعزمة صلاح الدين؟ وهل أريد للأقصى أن يدفع الثمن بحرمان المصلين من دخوله تحت حجج وذرائع لا أساس لها من الصحة ،لإقامة هيكلهم المزعوم .
أما قصة هذا الهيكل وخرافة البقرة الحمراء
ففي عيد الأنوار اليهودي سنة 1996 اجتمعت لجنة حاخامي المستوطنين في الضفة الغربية وغزة  وأصدرت بناء على اقتراح الحاخام حغاي يكوتئيل   فتوى تحث الناس على الحج إلى "جبل الهيكل" وجاءت هذه الفتوى مفاجئة لجمهور اليهود المتدينين، وانقلابا في موقف الحاخامين، لأن التقليد الديني سار على منع اليهود، ماعدا الكاهن الأكبر من زيارة "جبل الهيكل" قبل تطهيره برماد بقرة حمراء مقدسة ، وكانت الأوامر الدينية تمنع اليهود من زيارة المكان خشية وطء قدس الأقداس بالأقدام لأن مكان الهيكل غير معروف على وجه الدقة ، وفي قدس الأقداس يوجد تابوت العهد ، وفي مستوطنة بيت شلومو توجد الآن مزرعة أبقار، وفي هذه المزرعة معهد للتجارب وظيفته إجراء البحوث الوراثية التي من شأنها التوصل إلى إنتاج بقرة حمراء "لاشية فيها " لاستخدام رمادها في تطهير جبل الهيكل قبل إعادة بناءه ، وتعكف عائلة نتيف في القدس على إنتاج أدوات العبادة ، وتقوم أسرة ألفي بإعداد كسارة الحجارة التي تملكها في جنوب البلاد لإنتاج مواد بناء الهيكل من عناصر طبيعية لم تمسسها مطرقة أو أزميل وأنجز بعض العاملين في مصانع البحر الميت طرازا مثيرا لمذبح جبل الهيكل. وخاطت أسرة تسورفيم أدوات الهيكل القماشية من نوع واحد  ويعرض "معهد أبحاث الهيكل مجسما للهيكل ولأدوات العبادة وملابس الحاخامات وصور ذبح القرابين وبوق المناداة. وجلبت حركة أمناء جبل الهيكل في تشرين الأول 1997 صخرة كبيرة لم تمسسها مطرقة أو إزميل ووزنها نحو أربعة أطنان استعدادا لصنع العرش وتحولت مستوطنة يتزهار  إلى مركز روحي للخلاص اليهودي حيث تحتل مسألة بناء الهيكل المكانة الأولى في تفكير المستوطنين فيها.
وتشير هذه الشواهد إلى نوع من الاستعداد الجدي لتدمير مسجد قبة الصخرة والمسجد الأقصى معا  فالأمور لم تبق عند حدود النيات والتصريحات فقط  بل تجاوزت إلى التهيئة العملية لتنفيذ هذا الشأن الخطير ، فالتنظيم السري اليهودي في الضفة الغربية يكدس كميات كبيرة من المتفجرات في الحي اليهودي في القدس استعدادا لهذه الغاية .  
لقد صح منهم العزم ، فثمة جماعة يهودية أنجزت تصميم هيكل سليمان وهو موجود الآن في إحدى مناطق البحر الميت بانتظار نقله إلى القدس، ويثور الجدل اليوم بين المتدينين اليهود على خرافة البقرة الحمراء التي يعتقد اليهود أنها إشارة إلى بدء بناء هيكل سليمان في موضع الحرم القدسي وعلى الحاخام الأكبر أن يقوم ، عند بلوغها ثمانية أشهر بتقديمها قربانا ليهوه ، ثم ينثر رمادها في المكان لتطهيره قبل القيام بعملية البناء ، ويجري الآن حفر نفق ثان تحت المسجد الأقصى في الوقت الذي تعمل فيه وزارة الأديان "الإسرائيلية" على تحويل رباط الكرد وهو جزء من الأقصى إلى المبكى الصغيرة " الذي سيخصص لصلاة النساء المتدنيات . إنهم يستعدون لذاك اليوم ، فماذا أعدالعرب للحيلولة دون ذلك ؟


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق