إن
الخلاف بين السنة والشيعة لم يكن اختلافاً على الكتاب والسنة بل هو على فهم الكتاب
والسنة أما وقد أصبحت هذه الأيام كلمة الشيعة والسنة تعنيان التفرقة والطائفية
البغيضة فإننا ننكرها ونتبرأ منها أمام الله ورسوله ﷺ
لأننا كمسلمين لسنا طائفتين وإنما نحن أمة واحدة خصوصاً في هذا الظرف الذي نعيشه
ونتألم من واقعة المرير كما كان يتألم الإمام الباقر أحد أئمة الشيعة عندما قال :
" إياكم والخصومة في الدين فإنها تُحدث الشك وتورث النفاق " ، والخصومة
التي قصدها هي التي تنبعث من التعصب الطائفي وليس
الاختلاف في طريقة استنباط الأحكام التي تُعرف في وجهات النظر المختلفة والتي كلما
كانت واسعة باختلاف العلماء كلما كانت الدراسة أكمل ولهذا قال أبو حنيفة "
أعلم الناس هو أعلمهم باختلاف العلماء " وقد اعتبر الإمام جعفر الصادق إمام
الشيعة أعلم أهل عصره لأنه كان أعلم الناس بوجوه الاختلاف وقد قال أبو حنيفة :
سألته عن أربعين مسألة فكان يقول :" الحجازيون يقولون كذا وانتم معشر
العراقيين تقولون كذا ونحن كذا أما بدايات الخلاف فكانت بين السنة والشيعة على
الخلافة هل هي وصيه أم بيعه والخلاف الذي
وقعوا فيه خلاف في السياسة فالشيعة يفسقون من لا يفضل علياً على باقي الصحابة ،
والسنة يحكمون بالضلال على من يقدم علياً على أبي بكر وعمر .
والخلاف الثاني في الفروع الفقهية والحق أنه لا
يوجد فرق كبير بين المذهب الجعفري وبين المذهب الحنفي خصوصاً إذا علمنا أن الإمام
أبا حنيفة والإمام مالكاً درسا عند الإمام جعفر الصادق .
وعلى
المسلم ألا يتخذ موقفاً سلبياً من الشيعة كمذهب ويحمّله وزر الحركات المنحرفة التي
انتحلت اسم التشيع لآل البيت وأهل البيت منها براء ، والتي تبرا منها الإمام جعفر
الصادق إمام المذهب الشيعي ، كالكيسائية والخطابية ، الذين استحلوا المحارم
ورخّصوا فيها ، كما وجدت طوائف أخرى كالخوارج والمرجئة والجبرية والمعتزلة
والقدرية التي تستهين بالحقائق الإسلامية فسنت
لنفسها مذاهب متنوعة لا تتفق مع حقائق الإسلام
كقولهم : لا يضرّ مع الكفر طاعة .
وقد
نُقل عن الإمام زيد قوله : " أبرأ من المرجئة الذين أطمعوا الفسّاق في عفو
الله " .
لهذا علينا أن ندفن الخصومات المميتة التي يجري
فيها التخاصم في الدين لأن أعدائنا يريدون منا أن نشغل أنفسنا بهذه الخصومات
ليوسّعوا الثغرة التي ينفذون منها لتمزيق شمل الأمة ولا مطمع لهم إلا بتفريقنا
وإيجاد الخصومات الدينية بيننا ، مما يوجب علينا أن لا ننظر إلى الشيعة نظرتنا إلى
المتطرفين منهم الذين يسيئون إلى الدين شأنهم شأن المتطرفين من السنة ، والدارس
المنصف المخلص لربه وإسلامه يعرف عند الدراسة مقام أهل بيت رسول الله وشيعتهم ،
ويعرف مقام أولئك الصحابة الكرام ويجد في نفسه حرجاً في سبهم وقد قال الإمام محمد
الباقر لجابر أحد الصحابة : يا جابر بلغني أن قوماً من العراق يزعمون أنهم يحبوننا
ويتناولوا أبا بكر وعمر رضي الله عنهما ويزعمون أني أمرتُهم بذلك فأبلغهم أني إلى
الله برئٌ منهم والذي نفسُ محمد بيده لو وُلِّتُ لتقربتُ إلى الله بدمائهم ".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق